تفاجأ الرأي العام الوطني من الهجمة الاستفزازية التي قامت بها الحكومة، في شخص رئيسها، عبر بلاغ المجلس الحكومي وعبر الناطق الرسمي ، في تصريحاته عقب نفس الاجتماع. وكان مرد المفاجأة أن ما نطق به رئيس الحكومة والناطق باسمها، في قضية الأساتذة المتدربين يخرج عن منطق التداول الناضج والمسؤول في قضايا البلاد، لا سيما عندما تكون ذات عواقب غير محسوبة.
في الشكل أولا:
فغير صحيح إطلاقا ، ما ادعاه الناطق باسم الحكومة بأنه لم يتوصل بالرسالة التي بعثها الحزبان المعارضان، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب »الأصالة والمعاصرة« إلى رئيس الحكومة، باعتباره رئيس الجهاز التنفيذي المعني بقرارات الأزمة، ثم باعتباره الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي يقودها.
وتملك القيادة الاتحادية قرينة الاثبات، بتوصل الرئيس بالرسالة التي تدعو إلى إيجاد حل لمعضلة ترخي بظلالها على المنظومة التعليمية في البلاد.
في الجوهر ثانيا:
1 – للأسف درب رئيس الحكومة على الاختيار السهل،
كلما واجهته المعارضة بمقترح أو مذكرة، وعندما ينفي
توصله برسالة تخص الأساتذة المتدربين، فهو في الواقع لا يفعل سوى أن يعيد على مشاهد الرأي العام الموقف نفسه، النفي، من مذكرة الاتحاد الاشتراكي حول منظومة الانتخابات.
ولهذا فهو لم يتفاعل في السابق حول موضوع الانتخابات لكي يتفاعل مجددا في موضوع الأساتذة.
2- لم يتوقع الرأي العام من رئيس الحكومة أن يحول مجلسه الأسبوعي بالرد على أحزاب المعارضة، في قضية موثقة وتملك فيها قرينة واضحة..
3-لم تكن في نية المبادرين إلى إيجاد حل إعادة النظر في سلطته على حكومته وسلطته بها وفيها، بل كان الأمر يتعلق بدعوته إلى تقوية تدخله في قضية ترخي بظلالها على آلاف الأسر، وعلى منظومة التربية والأجيال القادمة لسنوات، لاسيما مع آفة الهدر الذي تشكل عقبة كأداء في وجه المدرسة الوطنية.
4- لقد أقر رئيس الحكومة بنفسه بأن تصريف المرسومين كان فيه خطأ، لاسيما عند شروعه في التنفيذ قبل إشهاره في الجريدة الرسمية. وهو اعتراف ، كان على الحكومة أن تذهب به إلى أقصاه وتفتح الحوار بروح جديدة تخرج القضية من معادلة الغالب والمغلوب، ولا سيما أنها لا تقبل المزايدة ولا المعالجة المتوترة التي اختارتها الحكومة إلى حد الساعة.
5- لا يمكن لرئيس الحكومة أن يهاجم أحزابا ، هي بقوة النص الدستوري تملك الشرعية في تأطير المواطنين ، وهي أيضا بقوة الدستور قوة اقتراحية ، تملك الحق في» المساهمة في تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين، من خلال الأحزاب المكونة لها«، طبقا لأحكام الفصل 7 من هذا الدستور.
كيف ينزع المجلس الحكومي عن المعارضة مهاما وصلاحيات وحقوقا منحها إياها الدستور؟
لا سيما وأن المعارضة المبادرة ، من خلال ما قامته به ، برهنت أنها تتمسك برئيس الحكومة كرئيس حكومة تتخذ القرار وعليها أن تتفاعل مع مقترحات الشركاء السياسيين في قضية تهم الجميع.