أمامنا اليوم تقرير المجلس الأعلى للحسابات، والذي يخص مجموعة من المؤسسات العمومية، وقد ورد في التقرير الكثير من الأعطاب التي تتخلل تدبير ماليتها، كما وضع التشريح الدقيق والتفصيلي للاختلالات التي تهم جزءا من الثروة المالية الوطنية.
التقرير يتحدث عن تراجع كبير في الاقتصاد الوطني سنة 2014 ، تراجع نمو الناتج الداخلي الإجمالي بما يزيد عن 200% ، وارتفاع البطالة إلى درجة كبيرة مع تراجع نسبة التشغيل في السنوات الأخيرة إلى أقل نسبة يعرفها سوق الشغل.وقد تزامن ذلك مع التقرير الصادم الذي أصدره بنك المغرب والذي حدد نسبة النمو في أقل نسبة عرفتها البلاد في العقدين الأخيرين أقل من 1%)!
وهو ما يبين أن المالية العمومية تعيش أياما صعبة للغاية، يجب على الحكومة أن تصارح بخصوصها الرأي العام وعموم المواطنين.
والحال أن التهافت الحكومي في التلويح بالإصلاحات الهيكلية وتخفيض نفقات الدولة وغير ذلك من شعارات ذر الرماد يطرح سؤالا عريضا:لماذا لم تنقذ السياسة «الإصلاحية» للحكومة مالية البلاد؟
وما الذي استفاد منه المواطن مقابل القرارات الضيقة في المالية، اذا كان عليه أن يدفع مرتين لميزانية عمومية ، من ضرائبه ومن حرمانه من حقه في الشغل مقابل وضع مالي صعب؟
تقرير المجلس الأعلى للحسابات أثبت بالملموس أن المالية العمومية مازالت تواجه مجموعة من الإكراهات ولا يمكن أن تختفي الدولة وراء غابة » كتلة الأجور« مهما ارتفعت، كمبرر لخوض «حرب طبقية» ضد المأجورين وضد مكتسباتهم، خاصة وأن المديونية غير المسبوقة في تاريخ المغرب المعاصر، التي بلغت حدودا قصوى لم تبرر بالدفع في ترخيص **المكتسبات أو حل المعضلات. فالنفقات المترتبة عن فوائد وعمولات الديْن ارتفعت بنسبة تزيد عن 10 بالمئة.
وحقيقة الواقع المثير للقلق ، بخصوص المالية العمومية هي أنها توجد بين عطب التدبير، والذي لا يخضع للمراقبة السياسية للبرلمان ، بل لرقابة إدارية ومالية تقوم بها مؤسسة من مؤسسات الحكامة، بدون أن يعرف الرأي العام مآل التقرير وما يترتب عن اختلالاته الكبيرة، وبين سياسة حكومية غير قادرة على إنتاج الثروة وتشجيع الاستثمارات واستقطاب الرأسمال الوطني والخارجي للدفع بعجلة التنمية وضخ المال الوطني في صناديقنا العمومية!
الجمعة 1 ابريل 2016