يتكفل القاتل بتأويل الدين ضد الاحياء ، وهم أحياء الى أن يُثْبت لله سبحانه عز وجل أن العكس صحيح، فيقتلهم.
أما الإمام الذي يرفض الصلاة على القتلى الذين راحوا ضحية القتل المتدين في بلجيكا، فهو أبشع من ذلك قليلا ، اذ يحرضنا على التبرم من القتيل لأنه قُتِل باسم الله في تأويل غامض!
يقول الإرهابي:هذا القتيل لا يستحق الحياة إذ يكون على قيدها.
فيقتله!
ويقول الإمام الرسمي في جبة الدولة الأوروبية:هذا القتيل لا يستحق مراسيم وفاته
ويصنفه في خانة النكرات ليموت للمرة الثانية
سليما من براءة المسلمين الفقهاء!
ليس ضروريا أن يكون الأروبي المقتول بريئا،
بل ليس ضروريا حتى أن يكون إنسانا فهو لم يحسن موته، إذ مات في التباس بين الفقه وبين الشريعة، والله سبحانه لم يرسل نبيا خاصا به الى أوروبا:
الانبياء القادمون من الشرق فقط، عجزوا عن تحويل بلدانهم الى جنة ، فكان أن قرروا تحويل جنات الاخرين الى جحيم، عندما يقتلونهم ، هنا ويحرمونهم من جنات ربهم في الاعالي..
لم يسأل الامام نفسه:لماذا يهرب السوريون والعراقيون والليبيون واليمنيون الى بروكسيل ويتركون مكة خلفهم، ويتركون تدمر وكل الممرات التي رسمها الانبياء الى السماء؟..
ففي دول الغرب كله، يفتح القتلة الأنبياء النوافذ لكي يطمِنوا على الجنة، عندما يرون الحسناوات والخريف الرخو في حدائق بابل الجديدة و الحياة الرخوة في ديموقراطيتها، ثم يحلمون .. بموت الكفرة ليخلو لهم وجه الله في الصحراء.
يريد الإمام أن يقدم تاويل ما يريده النبي في خلوده الرباني ويقدم ايضا مناجاة الله تعالى لرسوله الكريم حول أحوال العالم:فيترك الرحمة وينتزع من النبي انسانيته ليكون شبيهه في العجرفة العقدية!
انبياء المسلمين الجدد بلا تكلفة النبوة!
وملائكتهم المتأخرون بلا تكلفة الرحمة!
لا أحد يسأل، كيف يفكر خطيب أمام الموت الجماعي الذي يتم باسمه؟ لا أحد يسأل :لأن القتلة لا يخاطبون قتلاهم بغير لغة السكين!
القاتل يعرف أنه قاتل و يتوغل في القتل
والفقيه يعرف أن القتيل قتيل ويتوغل في … الفقه!
لا فرق بين السكين والحديث الضعيف!
لا فرق بين سورة الدم وسورة التوبة سوى في مكان الجريمة!
فالإمام عندما يرفض للضحية الشهيد حقه في الصلاة، يكون قد قرر حجز مقعد في الجنة للقاتل، ولا يريد للقتيل أن يمارس حقه في وخز الضمير ليسأله مجددا:لماذا قتلتني في المرة الثانية وسرقت شرفتي من قبالة الله؟.
لو كان فَقِها قليلا، لقال:هذا القتيل قتله القتال باسم الله ظلما، والله سبحانه لا يحب الظلم، لهذا سيجعل عبده شهيدا وشاهدا وشاهدة!
لو كان من فقه النبوة التي تحمل اسمها، لكان التوصيف الوحيد للقاتل هو أنه قاتل ووالوصف الوحيد للقتيل أنه شهيد!
لو كان يمقت القتل، كان سيجد نفسه خاشعا أمم الجثة الجماعية لبلاد آوته في صقيع العالم.
لكنه لا يمقت سوى القتيل
وبلاد القتلى التي سيرثها بقوة الحجة في فقه الجريمة !
هي ذي الجنة التي من أجلها يقف فقيه في قبة بروكسيل، ويوزع الخلائق على مراتب الخلد.
نعاند بشدة من أجل أن ننتزع أمة بين النص وبين القبيلة:لا دم باسم الله ولا دم في منتهى العقيدة، فيخرج من سفر اشعيا من يردد باسم محمد النبي العظيم حقا: الله امرنا ببناء مطار للجنة في أوروبا!
لا يكفي الإمام أن يُسْلم ويحفظ نصوص القرآن، بل لا بد له من إثبات أن الله يحب عباده القتلى ظلما، بما يسعفه الى رفع أمته الى مرتبة الآيات التي نزلت على نبيها!
لا أن تكون صور البيان الحكيم،استعارات للغرائز المنثورة بين بشر قتلة.
والله ليس غريزة القتلة
وكلامه
وقرآنه
وانبياؤه
ليسوا استيهامات للمجانين في كهوف الشرق أو في مفازات الغرب العصية…على الحداثة المادية والفكرية، مفازات الضواحي.
يأتي أشعيا بصفة الصحابي الجليل ويدعو القاتل:»فالان اذهب و اضرب عماليق و حرم كل ما له و لا تعف عنهم بل اقتل رجلا و امراة وطفلا و رضيعا بقرا وغنما وجملا و حمارا..«!
فأين القرآن هنا يا أشعيا الجديد؟
نحن الذين لا نتوضأ بغير الماء، لا نعرف هذا الفقيه بالرغم من أنه منا:نحن لا نعرف ملائكة يقرعون طبولا من الجماجم..
ولا خالدين يسكرون بالدم
ولا أنبياء يكرهون صنع ربهم!
نحن المسلمون البسطاء، الذين يرتجفون لذكر الجحيم ويقبلون كسرة خبز يجدونها مرمية أرضا، نحن الذين نقبل القرآن كلما انهينا سورة الخلاص..نحن الذين نعوذ برب الناس من شر الوسواس، نحن الذين يكفينا رضى الوالدين لكي ندخل كل الحروب ونخرج باسمين، نحن ،هؤلاء نحن نحب الله في خلقه..لا نحب الكوابيس ولو رواها الفقهاء على لسان نبي!
هذا النبي كان أول من عين أول المهاجرين الى ملك النصاري النجاشي
،فكنا أول أمة تخترع اللاجئين الدينيين طلبا لله في الحبشة، بعد أن منعته عنهم أمتهم في شعاب مكة.
وكنا آخر أمة تخلد إلى نوم عميق في شوارع برلين بعد أن طاردها الأرق والقتل وكوابيس الفقهاء الجنود والجنود الفقهاء في شوارع الأنبياء الشرقيين.
فهل هم فعلا حفدة الزبير بن العوام ، الذين يعيشون فوق أرض الغرب العصري هؤلاء الذين أرادوا أن يسلبوه جنته؟..
لنا أن نقول أن الفقيه ينبهنا أن العقيدة عنده تشبه الموت، وأن الأمة، بهذا المعنى تأخرت طويلا في هذا .. الموت، لتنهض!