أثارت التفجيرات الإرهابية التي شهدتها بلجيكا، مؤخرا، السؤال الكبير حول علاقة الإسلام بما حدث، بل أكثر من ذلك، فقد انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي حملة قوية وواسعة، ضد المسلمين، تتهمهم، دون تمييز، بتبني الفكر المتطرف الذي يؤدي إلى الإرهاب.
وتستند هذه الحملة إلى أبحاث وتحقيقات، تحاول الربط بين المجموعات الإرهابية، والمنابع الإيديولوجية، التي استقوا منها أفكارهم، والمراكز الثقافية الدينية التي أثرت في ارتباطاتهم وفي مسار حياتهم… حيث تخلص إلى أن الأمر يتعلق بنسخة من الإسلام المتشدد، الذي يغلب عليه الطابع الوهابي، والذي انتشر داخل أوساط الجاليات المغاربية في أوروبا، بفضل التمويلات الضخمة التي رصدت له.
ومن المحتمل أن تشتد هذه الحملة، ضد المسلمين بصفة عامة، وضد المقيمين في أوروبا، بشكل خاص، وتتمظهر في عدة أشكال من التمييز والعنصرية والإقصاء والتهجم والعدائية… التي سيغذيها اليمين المتطرف، لأنه يقتات منها سياسيا وانتخابيا.
غير أن هذا الواقع يتطلب من البلدان الإسلامية، وبالخصوص تلك التي يتواجد مواطنوها بشكل مكثف في البلدان الأوروبية، القيام بمجهود استثنائي لرفع اللبس والغموض، الذي تساهم في نشره هذه الحملات، التي لها تأثير مباشر على حياة المسلمين في هذه البلدان.
و يمكن القول، إن المغرب من بين البلدان التي لها علاقة وثيقة بهذا الملف، حيث يتواجد عدد كبير من مواطنيه في أوروبا، لذلك فقد دخل، منذ سنوات، في برنامج هام، سواء في المراكز الثقافية الدينية التي يشرف عليها، أو في تكوين الأئمة والدعاة، لمواجهة التطرف والتشدد. غير أن هذا العمل يظل محصورا في مجهود رسمي، تشرف عليه الدولة، ولاتتقاسمه بالضرورة، جهات تتغذى على الرجعية والتطرف، وتستفيد من التوتر الذي يحصل بعد العمليات الإرهابية، لتبرير النكوص والانغلاق والظلامية، مختفية تحت شعار مواجهة «الإسلاموفوبيا».
من المؤكد أن هناك من ينشر هذه «الإسلاموفوبيا»، بشكل مقصود ومدروس ومخطط له، غير أن هذا لايعفي من القيام بنقد ذاتي، من طرف كل الجهات التي تدافع عن الإسلام، لتراجع بشكل صريح وشجاع، النموذج الإسلامي الذي تم الترويج له، والذي زرع التطرف والإرهاب.