لا يسري مرسوم فصل التوظيف والتكوين بالنسبة لأساتذة الغد بأثر رجعي بل يدخل حيز النفاذ ابتداء من تاريخ نشره، لا سيما وأن عملية النشر تمت بعد استنفاد جميع مراحل الولوج إلى مراكز التكوين : الامتحانات، الاعلان عن النتائج، وتوقيع المحاضر ونيل صفة أستاذ متدرب، وهنا نتوقف على نشر القانون كشرط لنفاذه :
إن المصادقة على القوانين والمراسيم لا تكفي لصيرورتها قابلة للتنفيذ وإنما لابد من نشرها في الجريدة الرسمية. فالنشر هو الذي يمنحها القوة القانونية للنفاذ والتطبيق لأن من خلاله تتحقق عملية العلم بالقانون كشرط لمخاطبة المكلفين بأحكامه ما دام لا يعذر أحد بجهله بالقانون.
وإذا كان القانون قبل دستور 2011 لم يحسم في إلزامية النشر بالجريدة الرسمية كشرط لتطبيق القانون، فإن الفقه والقضاء قد استقرا على وجوب قيام السلطة التنفيذية بنشر القانون كشرط لتنفيذه منذ 1936.
وقد أكد القضاء المغربي منذ الحماية أن النشر شرط لازم لكي يصبح أي قانون إلزامي وحتى يصح الاحتجاج به في مواجهة الخواص -قرار محكمة الاستئناف بالرباط صادر بتاريخ 18/05/1936. ولقد أكد محكمة النقض هذا الاتجاه في قرارها الصادر بتاريخ 03/11/72 حيث جاء فيه ” إن قرار المقيم العام الصادر بتاريخ 02/9/1912 القاضي بإحداث الجريدة الرسمية في المغرب وإن كان لا يفرض بصفة دقيقة نشر النصوص في هذه الجريدة إلا أنه حدد الهدف من إحداث هذه الجريدة المتجلي في نشر النصوص والمراسيم والقرارات المتخذة بالمطابقة مع المبادئ الأساسية للقانون العام والتي تجعل من نشر النصوص شرطا ضروريا لصيرورتها ملزمة للخواص والمحاكم، وأن النشر هو الضمانة الوحيدة لإيصال العلم بهذه النصوص للأفراد والمجموعات.
ويعد النشر من المبادئ اللازمة لمبدأ المشروعية، إذ ليس من العدل أن تغير السلطة االتشريعية أو الإدارية وضعيات الأفراد، بغير علمهم، أو تخضعهم لقواعد يجهلون طبيعتها الحقيقية، وتاريخ دخولها حيز التنفيذ، لذلك فإن العلم بهذه القواعد ضروري لوعي المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وبالتالي للمنازعة في أساسها أمام قاضي المشروعية.
وبموجب الفصل السادس من الدستور حسم شرط النشر كشرط نفاذ للنص القانوني بتنصيصه صراحة على انه تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة.
ويجد النشر أساسه الشرعي في قول الله تعالى:” وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً” (الاسراء),وقد اجمع المفسرون على انه لا عذاب”أي لا جزاء” لمن لم يصله من الله خبراً، ويأتيه من الله بـيِّنة، ويبعث فيهم رسولا”.
ويشكل مبدأ حماية الحقوق المكتسبة تبعا لما ذكر كأثر لقاعدة عدم رجعية القانون، وهي اللنتيجة المباشرة لمبدأي الاستقرار القانوني والثقة المشروعة في القوانين من قبل الكافة.
ولا شك أن حل إشكالية عدم دستورية مرسوم فصل التكوين عن التوظيف يتم من خلال الإقرار بخطأ الحكومة التي تمتلك السلطة التنظيمية بإصدار مرسوم جديد يعدل أمد سريانه وذلك باستثناء فوج أساتذة الغد 2015-2016 من الخضوع لمقتضياته .