أصاب مجلس الأمن الدولي بالإحباط الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حين رفض إصدار موقف داعم له في الحملة التي قادها المغرب ردا على تصريحاته الأخيرة حول الصحراء.
وقال مراقبون إن ما زاد من إحباط بان كي مون أن الدول الفاعلة في المجلس لم تدعمه، وتعاملت مع دوره في أزمة الصحراء بما يشبه دور ضابط الاتصال الذي يلتزم بما يصله من معلومات وقرارات يتولّى متابعتها وتنفيذها ليس أكثر.
وبدا أن الأمين العام للأمم المتحدة أراد أن يصدر المجلس موقفا داعما لشخصه بعد الشعارات التي رفعت خلال مظاهرات كبرى عمّت كبريات المدن المغربية الأحد الماضي والتي رأى فيها مسّا من قيمته، واستهدافا لرمزية الأمم المتحدة ذاتها.
لكن ذلك لم يحصل وعمل المجلس على تهدئة الموقف وحث على الحوار مع المغرب لتجاوز الخلاف.
وكشف ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن أن بان كي مون يشعر بخيبة أمل لفشل مجلس الأمن في اتخاذ موقف قويّ في خلاف بينه وبين المغرب بشأن الصحراء وإنه سيثير الأمر مع الدول الأعضاء بالمجلس قريبا.
واعتبر المراقبون أن مجلس الأمن قفز عن أيّ دور مستقبلي للأمين العام في ملف الصحراء حين تعهد أعضاؤه بالتحرك للحوار مع المغرب بشكل ثنائي حول مستقبل الحل في الصحراء، ما يعني رغبة في استمالة المغرب واسترضائه للعودة إلى المفاوضات بعد أن خرّبت جولة بان كي مون المكاسب التي تحققت طيلة سنوات من التفاوص في هذا الملف.
وأعلن إسماعيل جاسبر مارتينز ممثل أنغولا التي ترأس المجلس هذا الشهر أن الدول الأعضاء أبدت قلقها، ولكنها اتفقت على التحدث مع المغرب بشكل منفرد لضمان “تطور (الموقف) بطريقة إيجابية”.
وردًا على أسئلة الصحافيين بشأن تأكيدات الأمانة العامة للأمم المتحدة على ما وصفتها بـ”التداعيات الخطيرة لقرارات السلطات المغربية” فيما يتعلق ببعثة “مينورسو”، اكتفى رئيس مجلس الأمن بالقول “أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من العمل الدبلوماسي مع المغرب لمواجهة جميع المشاكل”.
وقال دبلوماسيون إن الدول الأعضاء في المجلس التي عارضت إصدار بيان تأييد قويّ لبان وأيدت أن تتعامل الدول مع القضية بشكل ثنائي شملت فرنسا، وهي الحليف التقليدي للمغرب، وأسبانيا ومصر والسنغال. ويتعين صدور بيانات مجلس الأمن بموافقة جميع الأعضاء.
وقال دبلوماسي غربي إن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت تحدث هاتفيا مع بان بشأن هذه المسألة وعرض التوسط بينه وبين الرباط للحد من التوترات.
وأضاف الدبلوماسي أن” باريس لا تريد زيادة اشتعال الموقف بالتحيز لطرف.”
وحرص صلاح الدين مزوار، وزير خارجية المغرب على تأكيد أن بلاده “على خلاف مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وليس مع منظمة الأمم المتحدة”، وهو ما يعني تشجيع مجلس الأمن على طيّ صفحة الخلاف والعودة إلى جهوده لحل الأزمة بقطع النظر عن موقف بان كي مون وآرائه الشخصية.
واتهمت الحكومة المغربية الأسبوع الماضي بان بأنه لم يعد محايدا في الصراع بشأن الصحراء المغربية وأمرت الخميس الأمم المتحدة بسحب 84 موظفا من بعثتها الدولية في الصحراء الغربية التي تسمى اختصارا (مينورسو).
واستغرب محللون كيف يمكن لأمين عام للأمم المتحدة أن يدعم انفصال الصحراء عن المغرب، وهو الكوري الذي يعرف أكثر من غيره المآسي التي ينتجها الانفصال.
وإلى الآن يعاني الناس في شطري كوريا من إحساس دائم بخطر اندلاع الحرب في أيّ لحظة، فضلا عن المآسي الإنسانية التي خلفها الانفصال على العائلات التي توزعت بين القسمين الشمالي والجنوبي.
*عن العرب نُشر في 20/03/2016،* العدد: 10220