قال تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج)
… جاءت الديانات لتعلم الناس وتربيهم على القيم الكونية المشتركة بين البشرية والتي لها علاقة بالفطرة و المنطق والعقل والتكامل من اجل التطور والتقدم وما يترتب على ذلك بالضرورة من حفظ وتنظيم التنوع والاختلاف والخصوصيات …لان من خلق الانسان لم يشا التحكم في اراداتهم واختياراتهم وانتماءاتهم ولم يكرههم على اتباع ما يحب ويريد …بل ترك لهم حرية الاختيار حتى تكون المسؤولية الفردية واضحة لا مهرب من نتائجها في علاقتها بالمحاسبة , وذلك لحكمة عظيمة يجهلها او يتجاهلها البعض ممن يدعون العلم بالدين او يتقمصون دور الدعاة والمبشرين ..حيث يتطاولون على الحكمة الالهية بسعيهم المخالف للتشريع السماوي وطبيعة النفس البشرية من اجل اكراه الناس على الايمان بالترهيب والتقتيل من جهة , وتكفير حتى من هم على دينهم ان هم خالفوهم المذهب بل حتى الراي داخل المذهب ..وبهذا اتبعوا نفس السلوك المعتمد منذ ما قبل الاسلام والذي ينبني على قاعدة مشتركة اقصائية استئصالية… وهي ان كل من لم يكن على ديني ومذهبي ومعتقداتي فهو كافر يستحق القتل .. فالانبياء حوربوا وقتل العديد منهم بعلة انهم كفروا بديانات شعوبهم او خالفوا اعرافهم ومعتقداتهم ..
فالحياة والحقوق اللازمة والضرورية للتطور لصالح البشرية ونفعهم والمتميزة بالتحديث والتجديد.. والملائمة والمواكبة لتجدد حاجات الناس ومتطلبات عيشهم بما يتلاءم مع مصالحهم مكفولة شرعا وعقلا للناس كافة …لافرق بين مسلمهم وكافرهم ولا اناثهم وذكورهم ولا صغيرهم و كبيرهم و…لان الخالق الوهاب العادل الرحمن الرحيم لم يربط تمتع واستفاذة ذرية ادم بالنعم والخيرات في هذه الحياة بالايمان به من عدمه وبطاعته او معصيته ..وهذا من مقتضى كمال عدله سبحانه …
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) البقرة..و فسر بعض العلماء ” قليلا ” بالحياة الدنيا …وقال تعالى “..كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا…”الإسراء
…فالله خلق فسوى وقدر فهدى كل بني ادم وسخر عقلاءهم وعلماءهم وفضلاءهم لما فيه صلاح ونجاة الجميع بتدبير امورهم المادية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والتواصلية الدنيوية ..بالاسلوب والطريقة التي تقوم وتشتغل وتتحرك وتنبني على العدل باحترام تام لكرامة الجميع كما جاء في محكم التنزيل “ولقد كرمنا بني ادم ..”الاسراء ..
ان الانسان في الاسلام وفي الدولة المدنية حر في ارادته واختياراته و مامور بان يعمل ويتعاون ويتكامل مع الجميع من اجل مصلحة الجميع …وهذا يتحقق بالتربية الرصينة على كل القيم النبيلة التي ترفع من قيمة الانسان …
*تارودانت الاربعاء 16 مارس 2016