من الصعوبة بمكان أن يتصور المرء أن تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وزيارته للمنطقة العازلة، بين المغرب والجزائر، عَرَضِيَة وشخصية، لأن مثل هؤلاء الموظفين، لا يتصرفون إلا بحسابات دقيقة ومخططات مدروسة، لذلك كان الجواب المغربي، صارما وشاملا، يعبر عن يقظة وحذر، ضروريين في مواجهة ما ستأتي به الأيام.
وإذا كان الرَدُ «الرسمي»، على سلوكات بان كي مون، مسألة طبيعية وعادية، لأنها تدخل في إطار الأجوبة التي تعبر عنها الدولة المغربية، في مواجهة مواقف وتصريحات، تمثل سابقة خطيرة في تعامل الأمم المتحدة مع هذا الملف، إلا أن الحماس الشعبي، الذي عبرت عنه كل الأجيال والفئات، القادمة من مختلف المدن والقرى، في مسيرة الرباط، يوم أمس، تؤكد أمرين اثنين، مترابطين وحاسمين في مستقبل هذه القضية.
الأول، هو المشاركة الكثيفة لأجيال من الشباب والمراهقين، وهذه المسألة لها أهمية بالغة، في هذا المشهد، لأنها تكذب بعض الفرضيات التي كانت تدعي أن هذه الأجيال الجديدة فقدت المعرفة والاهتمام بملف الوحدة الترابية، غير أن مسيرة الرباط، كذبت هذه الفرضية.
الثاني، هو إصرار الشعب المغربي، على التشبث المستمر والمتواصل رغم مرور السنوات ومع كل التضحيات، بقضية وحدته الترابية، حيث يشكل هذا المعطى، أولوية وطنية، لا يمكن لأي فاعل سياسي أو حقوقي، تجاهل الدور الحاسم الذي تلعبه في تمثل المغاربة لواقع بلادهم ولعلاقاتهم، مع كل الأطراف الخارجية الأخرى.
هذه هي الضمانة الأساسية، في الاستعداد لما سيأتي، حيث يظهر بوضوح أن هناك محاولة للمرور إلى سرعة جديدة، في التعامل مع قضية الوحدة ،قضية الصحراء المغربية، وإعطاء نفس آخر للدعوة الانفصالية، عبر تغيير المعايير التي تعاملت بها الأمم المتحدة، لحد الآن، مع هذا النزاع. لذلك ستكون المعركة شرسة على المستويات القانونية والديبلوماسية، بعد أن حسمها المغرب في أرض الواقع.