ما‭ ‬صدر‭ ‬أخيرا‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬بخصوص‭ ‬إستناده‭ ‬على‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬إتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الإقتطاع‭ ‬من‭ ‬أجور‭ ‬المضربين،‭ ‬يعتبر‭ ‬خطيرا‭ ‬جدا‭ ‬ومؤشرا‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬الإنزلاقات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمضي‭ ‬إليها‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭..

..‬
وجوه‭ ‬الخطورة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬متعددة،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬أبرزها،‭ ‬أنها‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬وأخطرها‭ ‬هو‭ ‬لي‭ ‬عنق‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬لتبرير‭ ‬قرار‭ ‬سياسي‭ ‬يبتغي‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬المس‭ ‬بحق‭ ‬أساسي‭ ‬وهو‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الإضراب،‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬يترتب‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تكفير‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬لكل‭ ‬منتقد‭ ‬لقرار‭ ‬الإقتطاع‭ ‬ولكل‭ ‬من‭ ‬إختار‭ ‬طريق‭ ‬القضاء‭ ‬للطعن‭ ‬فيه،‭ ‬وكذلك‭ ‬لكل‭ ‬قاضي‭ ‬أصدر‭ ‬حكما‭ ‬بلاشرعية‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭..‬
هنا‭ ‬يصبح‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬خطابات‭ ‬التكفير‭ ‬وترتيبها‭ ‬حسب‭ ‬خطورتها،‭ ‬مجرد‭ ‬عبث‭ ‬في‭ ‬عبث‭

….‬لكن‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يقتضيه‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬دستوريا‭ ‬وسياسيا‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬التحفظ‭ ‬وإنتقاء‭ ‬العبارات‭ ‬والمفاهيم‭..‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬حمالة‭ ‬أوجه،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬تصير‭ ‬نموذجا‭ ‬وحجة‭ ‬لدى‭ ‬التيارات‭ ‬التكفيرية،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نشعر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الخوف‭..‬
بعد‭ ‬زنجاحس‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬سألت‭ ‬صحافية‭ ‬إيطالية‭ ‬مرشد‭ ‬الثورة‭ ‬الراحل‭ ‬الخميني،‭ ‬عن‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬الإعدامات‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬بالآلاف‭ ‬والتي‭ ‬ثبت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬ممن‭ ‬أعدموا،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬بالشاه‭ ‬ولا‭ ‬بنظامه‭ ‬ولم‭ ‬يصدر‭ ‬عنهم‭ ‬ما‭ ‬يفيد‭ ‬مقاومة‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬إيران‭ ‬مع‭ ‬ثورة‭ ‬الخميني،‭ ‬فكان‭ ‬جوابه‭ ‬باردا‭ ‬بالقول‭..‬إنه‭ ‬إذا‭ ‬صح‭ ‬ذلك‭ ‬الكلام‭ ‬فسيكون‭ ‬مصيرهم‭ ‬الجنة‭..

..‬
إننا‭ ‬عندما‭ ‬نضع‭ ‬الدستور‭ ‬والقوانين‭ ‬جانبا،‭ ‬ونتعسف‭ ‬على‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬التفسير‭ ‬والتأويل،‭ ‬فإننا‭ ‬نعيد‭ ‬إحياء‭ ‬شروط‭ ‬الفتنة‭ ‬الأولى‭ ‬عندما‭ ‬تواجه‭ ‬الصحابة‭ ‬والمبشرون‭ ‬بالجنة‭ ‬و‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬يحمل‭ ‬القرآن‭ ‬ويبني‭ ‬مواقفه‭ ‬على‭ ‬نصوصه،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬صراعهم‭ ‬عن‭ ‬الدنيا‭ ‬وعن‭ ‬مواقع‭ ‬الحكم‭..‬فكانت‭ ‬فتنة‭ ‬لازالت‭ ‬ممتدة‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتطوع‭ ‬من‭ ‬ينفخ‭ ‬في‭ ‬جمرها‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭.‬


مالفرق‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يسند‭ ‬أعماله‭ ‬الإرهابية‭ ‬وسبي‭ ‬النساء‭ ‬وإستعباد‭ ‬الأطفال‭ ‬وقطع‭ ‬الأعناق‭ ‬والأرزاق،‭ ‬بنصوص‭ ‬القرآن،‭ ‬ومن‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬الإقتطاع‭ ‬من‭ ‬أجور‭ ‬المضربين‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صحيح‭ ‬القرآن؟؟‭

‬مالفرق‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يهاجر‭ ‬إلى‭ ‬صحيح‭ ‬الإسلام‭ ‬كما‭ ‬يفهمه‭ ‬البغدادي،‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يكفر‭ ‬المضربين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬إستجابة‭ ‬للمركزيات‭ ‬النقابية؟‭

‬ما‭ ‬هو‭ ‬مصير‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬يؤمنون‭ ‬بخطاب‭ ‬وممارسات‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬حزبه‭ ‬وجماعته‭ ‬الدعوية،‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬كافيا‭ ‬التذكير‭ ‬بسوداعة‭ ‬ز‭ ‬أن‭ ‬الإقتطاع‭ ‬من‭ ‬أجور‭ ‬المضربين‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬ورئيسها‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صحيح‭ ‬الإسلام‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم؟‭

‭ الا‬يكون‭ ‬الجهاد‭ ‬والعنف‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬والطريق‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬سلكه‭ ‬من‭ ‬المريدين‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتهمهم‭ ‬أحدا‭ ‬بترك‭ ‬شرع‭ ‬الله؟؟

..
هل‭ ‬يدرك‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬إستمر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬لن‭ ‬يعود‭ ‬يمقدور‭ ‬المغاربة‭ ‬أن‭ ‬يميزو‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬أبو‭ ‬النعيم؟‭

‬هل‭ ‬يدرك‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬المتطرف‭ ‬لا‭ ‬يستدعي‭ ‬سوى‭ ‬خطابات‭ ‬متطرفة‭ ‬أخرى‭ ‬سواء‭ ‬عن‭ ‬يمينه‭ ‬او‭ ‬شماله‭ ‬لا‭ ‬فرق؟‭

‬لكن‭من  ‬سيدفع‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬الحماقات؟‭ ‬

إنه‭ ‬الوطن‭ ‬وإستقراره‭.‬
قديما‭ ‬قال‭ ‬علي‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه،‭ ‬لعبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬العباس‭ ‬لما‭ ‬بعثه‭ ‬إلى‭ ‬الخوارج ‭لا‭ ‬تخاصمهم‭ ‬بالقرآن‭ ‬فان‭ ‬القرآن‭ ‬حمال‭ ‬أوجه،‭ ‬ذو‭ ‬وجوه،‭ ‬تقول‭ ‬ويقولون‭…‬


*جريدة العلم

      السبت  5 مارس 2016

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…