الاتحاد يفقد هرما كبيرا بمكناس .. وداعا أيها الوطني الكبير وداعا احمد بنقليلو
* بقلم : محمد الجابري
في انتظار أربعينية رحيل المقاول الوطني الصادق ورجل المقاومة الوطنية الصادقة ورجل مدرسة العمق النضالي في أصدق معانيه ورجل الوفاء لقيم التضحيات الاتحادية السيد أحمد بنقليلو
بصفتي صديقا حميما لك ياسي أحمد وبصفتي مناضلا مخلصا إلى جانبك، عايشتك في الحلوة والمرة حوالي ثلاثين سنة وخبرتك في كل شيء، فلابد أن أنعيك لسائر المناضلين والمناضلات بمكناس، وأن أنعيك لسائر المناضلين والمناضلات بوطنك الحبيب ولسائر المواطنين والمواطنات بتازة مسقط رأسك التي استقبلتك جماهيريا استقبال الأبطال في سيارة مكشوفة عند خروجك من سجن الكفاح الذي كنت تنتظر فيه لحظة تنفيذ حكم الإعدام الصادر في حقك من محاكم الاستعمار الفرنسي الغاشم سنة 1954
في انتظار أربعينية رحيل المقاول الوطني الصادق ورجل المقاومة الوطنية الصادقة ورجل مدرسة العمق النضالي في أصدق معانيه ورجل الوفاء لقيم التضحيات الاتحادية السيد أحمد بنقليلو
بصفتي صديقا حميما لك ياسي أحمد وبصفتي مناضلا مخلصا إلى جانبك، عايشتك في الحلوة والمرة حوالي ثلاثين سنة وخبرتك في كل شيء، فلابد أن أنعيك لسائر المناضلين والمناضلات بمكناس، وأن أنعيك لسائر المناضلين والمناضلات بوطنك الحبيب ولسائر المواطنين والمواطنات بتازة مسقط رأسك التي استقبلتك جماهيريا استقبال الأبطال في سيارة مكشوفة عند خروجك من سجن الكفاح الذي كنت تنتظر فيه لحظة تنفيذ حكم الإعدام الصادر في حقك من محاكم الاستعمار الفرنسي الغاشم سنة 1954، كما أنعيك لعائلتك الكبيرة ولأصدقائك بالرباط والدار البيضاء ومكناس الأخ لحبيب الشرقاوي، والأخ كمال المرنيسي، والأخ الصنهاجي لحسن، ولإخوانك بمكناس ولعائلة رفيقك في المقاومة والنضال المرحوم محمد المكناسي، الأخ ميمون أغراز الأخ أجعجاع محمد، الأخ زركان، الأخت مليكة المرنيسي، الأخ الدكتور أحداداش، حميد بنونة، المرحوم لحسن الخضيري، الأخ عزالدين الزروالي، الأخ أحمد الدواودي، الأخ السليمانو الطيب،والمرحوم عبد الله البلغيتي ومحمد الهلالي والمرحوم سعيد واعراب ،و المرحوم ناصف صلاح، نزهة الشقروني، ونعيمة زايد، وبنتفريت لمتور، والمرحوم الحاج محمد بوبية، محمد انفي، المرحوم امحمد حريكة، الأخت فوزية حريكة، المرحوم محمد برادة، النقيب حميد الطاهري، النقيب بنحليمة، ادريس تشيش، نعيمة المتوكل، المرحوم أحمد المتوكل، المرحوم ادريس الفلوسي، المرحوم محمد لوكيلي، المختار المصمودي والمرحوم حراك حميد كما أنعيك لسائر إخوانك في السبت جحجوح للمرحوم الحاج ميمون باعدي والأخ مصطفى بنعلي ولسائر اخوانك الكروانيين ولسائر المناضلين والمناضلات بالحاجب الأخ نديم أحمد ولعائلة المرحوم القايدي والاخ العراقي وللاخوان بأزرو وعائلة عبد الرحمان نايت لحلو والأستاذ موحى، وأنعيك لهؤلاء لأنك كنت أحرص الناس على ادماج مناضلي البادية مع مناضلي الحاضرة واستطعت في ظرف وجيز عقد مؤتمر اقليمي لمكناس بالحاجب وفيه أعلن المرحوم عبد الرحيم ضرورة إنشاء كرسي الأمازيغية بكلية الآداب بالرباط معللا ذلك بكون هذه الكلية تضم ضمن كراسيها كرسي الفارسية وكرسي العبرية ولماذا لا يكون بها كرسي الأمازيغية؟ وبذلك لا يمكن أن يدعي أحد السبق في فرض الامازيغية بالمغرب قبل الاتحاد الاشتراكي، أخي سي أحمد رحمك الله وأسكنك فسيح جنانه، إنما المقصود بسرد هذه الأسماء أن نذكر أنهم لايزالون يكنون لك كل التقدير والاحترام في حياتك ويترحمون عليك ويتأسفون لفراقك ويحزنون على رحيلك.
إن المناضلين بمكناس لا ينسون لك ابتكاراتك لأساليب النضال قل نظيرها فاستطعت في سنوات الرصاص وفي ظرف وجيز مقاومة خطط الرجعية وتقف في وجه أساليب السلطات التي كانت تستهدف القضاء على الاتحاد الاشتراكي بالاعتقالات سواء في سنة 1973 أو سنة 1981 التي اعتقل فيها حوالي 12 مناضلا قضوا رهن الاعتقال حوالي سنتين وكانت شخصيتك النافذة حاضرة في التضامن المادي وفي الدفاع عنهم أثناء المحاكمة وكانت توجيهاتك النافذة وخططك النضالية تخترق كل شيء فكان الجميع ينضبط لها ويعمق معك أساليب النضال في المقاطعات والقطاعات فمازلت أتذكر كيف كنت تفرض على المناضلين في التعليم عقد اجتماعات تعليمية باستمرار حتى أصبح قطاع التعليم يعقد ما يزيد على أربعين اجتماعا في الأسبوع، تلك المجهودات التي بذلها هذا القطاع على الدوام في التنظيمات الحزبية ساهمت في تطوير التنظيم وتركيزه.
أنعيك أيها المناضل الفذ الهرم للمثقفين وجمعيات المجتمع المدني وعلى الأخص لجمعية البعث الثقافي التي يشهد لها الجميع بطول الباع في نشر الثقافة بمكناس ويشهد لها الجميع باستقطاب رجال الفكر والمثقفين وأخص بالذكر الدكتور حسن لمنيعي والدكتور ميلودي شغموم والأستاذ بنعبد القادر والمرحوم المعتصم عبد الهادي وأتذكر بالمناسبة استضافة الشاعر المصري التقدمي أحمد عبد المعطي حجازي الذي ألبسه المرحوم السلهام الفكيكي الأبيض في بادية السبت جحجوح عند المرحوم الحاج ميمون باعدي الذي كان رفقة الأستاذ الفاروقي المناضل الاتحادي الفذ، والمرحوم احمد بنقليلو والاستاذ اجعجاع والاستاذ زركان والاستاذ جابري والاستاذ بنسليمان.
أنعيك أيها المناضل الفذ اعترافا لعملك وارضاء للضمير واعترافا بجميل عطائك لتنظيم الاتحاد بالاقليم الذي بفضلك توسعت تنظيمات الحزب فيه إلى الراشيدية وإلى قمم الأطلس المتوسط معقيل موحى وحمو الزياني وإلى تخوم الصحراء.
أنعيك ياسي أحمد كما نعاك بحق المناضل الفذ الصادق الأخ محمد لخصاصي، وكان على حق عندما قلدك بنعوت صادقة، فقد كنت بحق مستشارا للعديد من اخوانك الاتحاديين وتتميز بالرأي الحر المستقبل النظيف وكنت صريحا لدرجة الغلو في الصراحة وتجهر بالحق أمام الملأ ولا تخاف بالجهر به لومة لائم وكانت نصائحك تلك نبراسا للمناضلين لكونها سديدة ومفيدة ونابعة من القلب، وكنت موجها عميقا في توجيهاتك وصائبا في خطط تنظيماتك.
إنك أيها المناضل الصادق كنت عميقا في توجهك وتوجيهاتك وتمثل مدرسة العمق النضالي الصادق. فقد رعيت على الدوام تلك المدرسة في ابعادها النضالية ومظاهرها التنظيمية الواقعية وتمثلاتها المثالية، فتجاوزت الحدود الحزبية الضيقة لتعانق رجالات الوطن المخلصين وتسبر أغوار انشغالات مسيرته النضالية أبعاده العميقة.
فقد كنت تتخذ الأخ عبد الرحيم مثالا ونموذجا لك في معارك السياسية. فبفضل توجيهاتك التنظيمية استطاعت مدينة مكناس أن تتبوأ مكانة مرموقة في المنطقة، وأن تحقق الانتصار في الاستحقاقات الجماعية لولايتين متتاليين منذ سنة 1976 وبتوجيهاتك عملنا بضرورة التنسيق مع حزب الاستقلال ورحم الله مفتش الحزب آنذاك المرحوم حماد الديغوسي والمرحوم الأستاذ أحمد عميار . لقد استطاع الحزب بهذا التنسيق الحصول على رئاسة المجلس البلدي، فتولى الأخ البلغيتي محمد مدير شركة التأمين الرئاسة وبعده الأخ المرحوم محمد المكناسي. وفي الولاية الثانية استطاع الحزب الحصول على 38 عضوا من أصل 39 باعتراف الكاتب العام آنذاك لوزارة الداخلية حسب ما صرح به الدكتور عابد الجابري لي وللأخ مالك الجداوي رئيس لجنة الخارجية للحزب وبتنسيق كذلك مع حزب الاستقلال انتخب الأخ المرحوم محمد الحوتي وبعده الأخ جلال الصافي من حزب الاستقلال نائب له وهذا بفضل المرحوم محمد بنقليلو تم التنسيق مع حزب الاستقلال قبل وحدة الكتلة الوطنية التي ضمت في عملية التنسيق بعد ذلك 5 أحزاب.
ففي عهد هذا المجلس تحققت المنجزات الكبرى في مدينة مكناس. فقد تم القضاء على الصفيح في كل من برج مولاي عمر وسيدي بابا وتاورة وإنجاز تجهيزات اقتصادية واجتماعية وإنجاز منطقة صناعية بسيدي بوزكري في حوالي 35 هكتار وإنجاز الوادي الحار بالمدينة القديمة وإنجاز مراكز ثقافية كفندق الحنة ومركز بني امحمد والمركز الرياضي قرب محطة الأمير عبد القادر وبناء مسبح بلدي مسبح السلم الدولي بعين معزة وتجهيزات ثقافية واجتماعية.
وبفضل عمل هذا الرجل، استطاع الاتحاد الاشتراكي سنة 1984 الحصول في الاستحقاقات التشريعية على أربعة مقاعد من أصل 6 في الإقليم مئة في المئة في المدينة ومقعد زهورن. ففي هذا الاستحقاق كانت وزارة الداخلية قد اتخذت إقليم مكناس إقليما نموذجيا ?”pilote?” وأقرت إذا تركت الانتخابات بدون تدخل السلطات فمن ينتصر فيها..!؟ فقد انتصر بالفعل الاتحاد الاشتراكي بحصوله في الإقليم على 4 مقاعد من أصل 6، علما بأن الحاجب وأزرو كانا ضمن إقليم مكناس.
إن سي أحمد بنقليلو رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جنانه ترك بصماته في كل هذه المنجزات لأنه كان ملتصقا بتطورات الشأن الوطني وعارفا بحقائق الأشياء وكانت له رؤية نافذة في مستقبل البلاد في أبعاده المجتمعية والسياسية والجيوسياسية كما قال الأخ لخصاص ومازلت أتذكر كيف كان يعالج الأمور بعمق المعرفة وحصافة العقل، فالأخ المرحوم عبد الرحيم بوعبيد كان قد عاب على الكتابة الإقليمية ترشيح أحد أقطاب المدينة رغم أنه من عائلة برجوازية، إلا أن المرحوم سي أحمد أقنعه هذا القطب المرشح باسم الحزب كان مرتبطا بعائلات برجوازية أخرى عريقة.ومن شأن ترشحه باسم حزب القوات الشعبية أن يخلق تناقضا فيما بينها ويحدث شرخا داخليا في خطط حملتها الانتخابية.
إن اهتمام سي أحمد رحمة الله عليه بالشأن الوطني كما قال الأخ لخصاص لم يكن حبيس إطاره الجغرافي بل كان يتجاوز الحدود الجغرافية الوطنية ليعانق تفاعلات المحيط الجغرافي الأول بأبعاده القومية والمتوسطية والدولية .
ففي أواخر السبعينيات كان قد استقبل الشاعر التقدمي أحمد عبد المعطي حجازي كما أسلفنا القول الذي كان برفقة المناضل التقدمي الأستاذ الفاروقي بقرية السبت جحجوح. وكان المرحوم قد ألبسه السلهام الأبيض الفكيكي، فالمرحوم الحاج ميمون باعدي قد استضاف الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي والمرحوم الأستاذ الفاروتي والمرحوم أحمد بنقليلو، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته. وعزاؤنا لجميع المناضلين ولجميع الوطنيين والمقاومين وإنا لله وإنا إليه راجعون.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي …السبت 5 مارس 2015
*مسارالمـقـاوم أحمـد ابن قـلـيـلـو التـازي المحكوم بالإعـدام
بقلم: مَحمد العلوي الباهي
هو المقاوم أحمـد بن الحاج الجيلالي ابن قليلـو التـازي أحد المحكوم عليهم بالإعدام في الرباط أيام الحماية الفرنسية.. من المناضلين المغاربة الذين وهبـوا أرواحهم فداء لحرية البلاد وكرامة الوطن واستقلاله..
من مواليد مدينة تازة العليا سنة: 1351 هـ/ 1932م بأقـدم درب بها.. وهو درب الزاوية الجبشيـة الذي اكتسـب الكثيـر من الإحترام والتقدير شعبيـا وبظهائر ملكية بحوزتنا، وذلـك بسبـب وجـود وسط هذا الحي ضريح المجاهد الأديب الصوفي الكبير سيدي امَحمد ابن يجبش التازي الذي جاهد الإستعمار البرتغالي بالقلم والسيف، وهو أشهر من كتب وألـف شعرا ونثرا في جهاد المستعمر (ت:920 هـ/ 1514م).
بهذا الدرب عـرفََََـت ساكنة تـازة أحمد ابن قليلـو شابا وقورا مُهـاب الجانب، يحترمه الجميع، يجتمع إليه أقرانه وينصتون لأطروحاته وأفكاره في السياسة وممارسات الاستعمار الفرنسي ضـد الوطنيـين.. كان يفضل النقـاش الذي يكون حول القضايـا الوطنية.. كان يتتبـع الأحداث والأخبار ويُـبدي رأيـه فيها بكل هـدوء.. حتى إذا غـاب عن مدينته ليتابع دراسته في الرباط مع مجموعة من توازة منهم: عزوز بن علال، عبد الرحمان الصفار وعبد القادر بوسلهام. يعود في كل عطلة ليجتمع مع زملائه في جلسات خاصة لا يبتعد موضوعها عن الشأن السياسي والثقافي.
وهو في الرباط ، ترقب أصدقاؤه في تازة منه فعـل شيئ هـام هناك؛ خاصة وأن الأحداث قد تعـاقبـت في ظروف دقيقـة وأخطرها نفـي ملك البلاد محمد بن يوسف يوم 20 غشت 1953. وفعـلا صـدق تخـميـن الأقـران.. إذ أعلنـت وسائل الإعلام أن وافـداً على العاصمة الرباط قادما من تازة، ضُـبط ضمـن خليـة سريـة؛ وقد قـام بعـدة عمليات فدائية، وتنفـيـذ قَـتْــلْ . فاعـتُـقـل وحُـكـم عليه بالإعـدام يوم: 12 أبريـل 1954.
اهـتـزت تـازة للنبـإ .. افتخـارا لا حـد له، مُـعتبـرة أنهـا تُـقـدم أبناءَهـا الواحـد تلـو الآخـر فـداء للـوطـن .. فهـذا عـلال بن عبد الله القـادم من تازة إلى الرباط ، وقد استشهـد في أروع المشاهـد الفدائية التحررية في العالم، الموثقة بصورة معبرة بتاريخ يوم: 16 شتنبـر 1953. وهذا عبد الرحمن بن سعد في السجن المـؤبـد. وإبراهيم الوزاني (ابن عبادة) مُختطـف جنان بريشة بتطوان. ومحمـد أبوعبد الله(المدير) ومَحمـد الأمراني (القائد) وغيرهمـا في المنافي والعذابات.. الخ.
وقد عجزت شرطة الاستعمـار وقـسـم استعلاماتـه تحديـد ومعرفـة سـر هـذا المَـد المسترسل الجارف القـادم من تـازة في صمـت واستماتة وإصـرار. ولمـا لـم يهتـدوا لشيئ.. شـددوا المراقبـة وتحسـسوا الأنفـاس.
وقد ربـط المستعمـر في بعض تحقيقاته بين الفدائي أحمـد ابن قليلـو والشهيـد عـلال بن عبد الله؛ الجـاعليـن من العاصمة الرباط مكـانا مفضلا لتنفيـذ العمليات الفدائيـة الجريئـة في تحـد لا مثيـل لـه؛ ونقطـة انطلاقهمـا لم تكـن إلا تــازة؟.
أبناء تـازة حينهـا بدأوا يعتبرون أن صديقهـم أحمـد ابن قليلـو يُـعـد من المفقـوديـن.. كـل صبـاح يستيقـظ الواحـد منهـم مدعـورا ظـانـا أن حكـم الإعدام قـد نُـفـذَ مع الفجـر.. وقد اختـرق الرصاص صدره وسقـط شهيـدا.
كـان لي أعظـم شـرف أحرزتـه وأنا في بداية عقدي الثاني.. أتزاحم مع شخصيات المدينة ووطنيـيها.. فأصلـه وأمـد لـه يـداي؛ فينحني ونتعانق وقبلاتنـا مبللـة بدمـوع الفرح.. ويتعاقـب على السلام عليه وتهنئتـه كل الـوَفـد القادم لاستقبالـه وسـط الهتافـات الحماسيـة والأناشيـد الوطنيـة.
حدث ذلـك لما عـاد المجـاهد الأول محمد بن يوسف (الخامس) من منفاه حامـلا للمغـرب استقلاله. وتنفيـذا للبروتوكول المرافق للتصريح المشترك المتعلق باستقـلال المغرب المـؤرخ في 2 مارس 1956 تم اطـلاق صـراح المعتقليـن السياسييـن وضمنهم أحمد ابن قليلـو.
وقد انقلبت تازة ليوم وصـوله إليها حيث خُصصـت السيارات الكبيرة والصغيرة والحافلات لحمـل كـل من أراد الذهاب لاستقباله خـارج المدينة.. فاصطفـت هذه العربات بساحة المدينـة أحراش وهي ساحة مولاي الحسن، وركب فيها الناس حتى مُـلـئـت واتجهـت نحو طريق الرباط وهتاف الراكبين وأناشيدهم الوطنية تعلو وتتصاعـد.. وعلى بعـد 12 كلم حيث باب مرزوقة، وقـف الكـل في انتظاره يردد المنظومات الحماسيـة والشعارات الثورية والأناشيـد المختلفـة.
ولمـا وصل مع وفـد يرافقـه؛ عـلا الهتـاف بكلمات الترحيب والسلامة والانتصـار والاستقلال.. واشتـد العنـاق والتقبيـل والمصافحة.. وكُـنت أصغـر المهنئين المستقبليـن مع من حضر من سكان دربنا.. ودخـل الموكـب المدينـة في ذلـك اليوم: 3 مـارس 1956، وكـان يوما مشهودا في تاريخ تـازة المناضلة.
أختـزل الأحداث.. فأسجـل استقطاب حزب الاستقلال لـ أحمـد ابن قليلـو وتعيينـه كاتبا لفرعـه في تازة.. وقـد أصـر الزعيم علال الفاسي على حضوره شخصيا في حفل زفافـه لمكانته في المقاومة المغربية وكفاءته في التسيير والتـأطيـر.. وفعلا حضر السي علال إلى بيت ابن اقليلو بمدينة تازة يوم 22 فبراير 1958. ونشرت جريدة العلم خبر ذلـك.
لم يكن المترجَـم لـه ابن قليلـو مقتنعـا في داخلـه على ما يبـدو بأهداف حزب الاستقلال وبرامجـه.. حتى إذا حـانت الفرصـة كان من المنشقيـن عنه والمؤسسيـن لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
باختصار.. حتى إذا مـر حوالـي ربع قرن على استقلال المغرب.. بدأت مذكرات المقاومييـن تُكتـب وتُُـنشـر، ومؤلفات المقاومة المغربية تَـظهـر.. حينهـا قرأنا بعض أخباره واستدركنا بعض صوره.
فهـذا المجاهـد الحسين الزعـري في كتابه: “مذكرات مقـاوم” يتساءل عن: “من هم المقاومون الحقيقيون في عاصمة المملكة الـرباط ؟” ويجيـب عن هذا التساؤل الذي طالما تردد على ألسنـة الكثيريـن وخاصة الشباب مُـبسطا مذكراتـه ذاكرا أسماء رفاقه في الكفاح والاعتقال وخاصة التسعة الذين حكمت عليهم المحكمة العليا في الرباط بـالإعـدام، وضمنهم مناضلنـا أحمد ابن قليلـو.. ولم يفت المجاهد الزعري التذكير كذلك ببعض الصحف التي نشرت أسماء هؤلاء المناضلين ووقـائع محاكمتهم..
وهذا الأستاذ عبد الرحيم الودغيري في فصل الاعتقالات والمحاكمات من كتابه “المقاومة المغربية ضد الحماية الفرنسية 1952 / 1956” أورد اسـم ابن قليلـو ضمن أسماء من أدانتهم محكمة الرباط بتهمة الهجومات المساـحة التي قاموا بها ما بين 24 نونبر1953 و16يناير1954 في الرباط وسـلا.
وسجل أسماء من دافع عنهم من المحامين وهم الأساتذة: محمد البوحميدي، أحمد رضا كديرة و بيسبيـرو كـاتي .
وقد انتهت المحاكمة بإصدار حكم الإعدام على أحمد ابن قليلـو إلى جانب ثمانية مقـاومين آخرين وهم: محمد الجوهاري،عبد الرحمان الشرقاوي، المكي بن عبدالله، عباس الزموري، عمر العطاوي، مصطفى كديرة، المعلم حمـو، الحسين الزعري.. أما الآخرون، فمنهم من حُكـم عليه بالسجن النافـذ ما بين 10 و30 سنة.
توفي أحمد ابن قليلـو في مدينة الرباط عن عـمر يناهز 84 سنة وذلك يوم السبت 19 ربيع الثاني 1437هـ الموافق لـ 30 يناير 2016 في آخر ثانية من اليوم،حتى أن هناك من عـد موته داخلة في اليوم الموالي. (يتبع)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– نزولا عند رغبة الأديب د. أحمد بوزفور، أبدأ بنشر ما أتيح من هذه الترجمة في انتظار الوصول إلى لـم أخبارها وعناصرها الكاملة ومراجعها.
تـازة: مَحمـد العلوي الباهي