نجح الإضراب العام الذي دعت إليه المركزيات النقابية أمس في شل حركة الاقتصاد الوطني.فبالرغم من الاقتطاعات من أجور المضربين ، فإن القطاعات العامة والخاصة كافة ، نفذت الإضراب بنسب مئوية بلغت المئة في المئة في أغلب القطاعات ، وبنضج نقابي وسياسي كبيرين ، حيث لم تسجل أي حوادث، بما يعني أن الشعب المغربي قادر على الممارسة الديمقراطية فعليا، وأن الإضراب كحق مشروع ليس الفوضى أو التخريب، بل فعل واع من أجل رفع مظالم الحكومة الناتجة عن قراراتها التي مست المواطنين في كرامتهم وفي قوتهم اليومي.
فقد واجهت الحكومة –بعنترية- المواطنين،سواء الذين يمارسون عملا لا يسد رمقهم ولا يستجيب لتحقيق الحد الأدنى من العيش بكرامة وإنسانية أو فئات المعطلين اللاهثين وراء شغل بل طال ظلمها حتى المتدربين والطلبة..وكلها ملفات شائكة انتفضت النقابات من أجل إعادة تصحيح الأوضاع.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد الإضراب؟ هل ستُترك النقابات والفئات الشعبية في مواجهة المجهول ؟
الأمر يقتضي أن تواجه الحكومة الحقيقة بإرادة وبتواضع المدبر للشأن العام وليس بالتطاوس ودفن الرأس في الرمال ، واعتبار النقابات وكل من يعارض الحكومة يدخل في إطار الأعداء والمتآمرين لأن لا حاجة أكثر من قرارات الحكومة، دفعت النقابات للاحتجاج. ليس في الأمر تماسيح ولا عفاريت لأن العفريت الحقيقي هو ضرب كرامة المواطنين وإنسانيتهم وفرض الخنوع عليهم . والجن الحقيقي، هو تدهور العدالة والتطبيب والتعليم ، وارتفاع الأسعار والخدمات وأزمة السكن…
استقرار الوطن مسؤولية الجميع،وليس شأنا حكوميا خاصا . ولا يمكن لباقي القوى المجتمعية أن تظل مسايرة للايقاع الحكومي بإضافة منسوب يومي من فتيل الاحتقان. وصبر النقابات لن يطول، وستعاود الخروج للشارع العام بأشكال أكثر قوة، وكافة الفئات ستخرج للاحتجاج . والحكومة اليوم، أمام مسؤولياتها التاريخية من أجل الجلوس إلى طاولة حوار وطني مع النقابات والاستماع إليها ، لأن النقابات مؤسسات دستورية، يجب التعامل مع مطالبها باحترام ، والانتصار معها لمطالب الشعب، وليس بعقلية الانتصار والقضاء عليها ، لأن لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، ولا عدالة اجتماعية بدون فرقاء نقابيين.
الخميس 25 فبراير 2016