في شريط فيديو مسرب تناقلته وسائل إعلام التواصل الاجتماعي، اعترف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أمام أعضاء حزبه بأن الحكومة فعلا ارتكبت خطأ بخصوص التوقيت الذي نشر فيه المرسومان المتعلقان بالأساتذة المتدربين، حيث يقول رئيس الحكومة بعظمة لسانه، إنه تم نشر المرسومين ثلاثة أيام بعد اجتياز الأساتذة المتدربين للمباراة.
طبعا، الاعتراف فضيلة. لكن هذا الاعتراف، ما كنا سنعرف عنه أي شيء لولا هذا التسريب، الذي لم ينفه السيد عبد الإله بنكيران لحد الآن. وهو ما كان ومازال يستند إليه الأساتذة المتدربون في معاركهم النضالية مع الحكومة الحالية. ورأينا كيف سار الوزير الثاني على رأس وزارة الاقتصاد والمالية السيد إدريس الازمي في إحدى المواجهات التلفزية مع مسؤول بالتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين ضد التيار، ودافع عن أحقية الحكومة في ما قررته ضد القانون، وكيف لم يعر اهتماما لهذه الملاحظة التي أثارها ممثل الأساتذة المتدربين بخصوص عدم رجعية القوانين.
ورغم هذا الاعتراف السري لرئيس الحكومة، فإن هذه الأخيرة مازالت متمادية في غيها، متشبثة بتطبيق هذين المرسومين المشؤومين في خرق سافر لهذه القاعدة القانونية التي هي معمول بها في العالم بأسره. والكل بطبيعة الحال يقر بعدم رجعية القوانين.
السؤال المطروح هنا، لماذا تصر الحكومة على ضرب هذا المبدأ القانوني في آخر عمر ولايتها ؟هل الأمر مرتبط برئيس الحكومة الذي اقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يتراجع عن هذين المرسومين، وبالتالي سوف يجد نفسه عاجزا عن صوم ثلاثة أيام إذا ما تراجع عن هذا القرار، أم أن الأمر امتداد للسياسة التي تنهجها حكومته منذ توليها تسيير الشأن العام. فقد راكمت، منذ مجيئها، الكثير من التراجعات في العديد من المجالات كما عملت على إفراغ الدستور ،الذي صوت عليه المغاربة في فاتح يوليوز 2011 من محتواه ، ورغم الاحتجاجات والتنبيهات والتوبيخات التي جوبهت بها الحكومة،فإنها لم ترعوِ،إذ لم تعر أي اهتمام للموضوع، واستمرت في نهجها الذي ستورثه – على ما يبدو-للحكومات المقبلة.
صحيح إن حزب العدالة والتنمية هو الذي يقود الحكومة الحالية، لكن هناك مكونات أخرى تشارك في هذه الحكومة. إذ نجد حزب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والأحرار، لكن الملاحظ أنها هي الأخرى تساير هذا الإيقاع، وتلتقي مع هوى بنكيران. ولم تحرك أي ساكن لحد الآن خاصة في هذا الظلم الذي لحق الأساتذة المتدربين. وبذلك تكون الحكومة فعلا حكومة خارقة للقانون وتستحق بكل جدارة واستحقاق لقب حكومة رجعية بامتياز.
*الاثنين 15 فبراير 2016