تلقت جمعية عدالة من اجل الحق في محاكمة عادلة بأسى شديد القرار الصادر عن المجلس الاعلى للقضاء، والمتعلق بعزل قاضي الرأي محمد الهيني وعضو المكتب التنفيذي للجمعية عن سلك القضاء، بعد تقديم شكاية ضده من قبل ثلاث فرق برلمانية إلى وزير العدل والحريات.
وإن جمعية عدالة إذ تذكر بالملاحظة الصادرة عن المقررة الاممية المعنية باستقلال القضاة والمحامين في يناير 2007، والمتعلقة بكون “مـن الأمـور الحساسة بشكل خاص حرية التعبير بشأن مواضيع متصلة بالأنشطة المهنية التي يقوم بها العاملون في النظام القضائي . فكثيرا ما تتخوف السلطات الحكومية من القضاة الذين يعبرون عن آرائهم بشأن القضايا التي لهم دور فيها ومن ضمنها تلك التي تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وهذا أمر شائع بالخصوص في البلدان التي لا توجد فيها قوانين تفعِّل المبادئ الدولية ذات الصلة.
فإن الجمعية تشير إلى التوصية الصادرة عن نفس المقررة في مارس 2009 والتي تدعو “إلى أهمية مشاركة القضاة في الحوارات المتعلقة بوظائفهم ومركزهم وكـذا الحـوارات القانونية العامة. وينبغي للقضاة والأمر كذلك حفظ هيبة منصبهم ونزاهة واستقلال القضاء، على النحو المنصوص عليها في المبادئ الأساسية ومبادئ بنغالور”، وتوصيتها الصريحة بضرورة ضمان الدول للقضاة حرية الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات بشكل فعال قانونا وممارسة.
إن جمعية عدالة وهي تشير إلى المرجعية الدولية، فإنها تعتبر ان :
قرار عزل قاضي الرأي الاستاذ محمد الهيني وقبله قضاة اخرين يربك مسار التأسيس لاستقلال السلطة القضائية ويهدد القضاة النزهاء في امنهم الدستوري والمهني ويمس بمقتضيات دستور 2011 في فصله 111 الذي يعطي الحق للقضاة للتعبير عن أرائهم بكل حرية،
ان المحاكمة التأديبية للقاضي محمد الهيني قد اخذت طابعا سياسيا بنية المساس باستقلالية القضاة وترهيبهم والإجهاز على حقهم في التعبير،
ان قرار العزل والطريقة التي جرت بها المحاكمة التأديبية للقاضي الهيني هي انذار خطير باستمرار وجود خطوط حمراء على مقاس لوبيات المقاومة والفساد وخدامهم ،
ان جمعية عدالة اذ تؤكد على:
انه وعلى العكس من الادعاء الغير المؤسس بان القاضي الهيني قد مس بواجب التحفظ فانها تعتبر ان كل الاراء التي عبر عنها في الدراسات والمقالات والندوات كانت منسجمة مع المعايير الدولية ومع روح الدستور وساهمت بفعالية في اثراء النقاش العلمي ، القانوني والحقوقي حول ضمانات استقلال السلطة القضائية وضمانات الولوج الى العدالة وتحقيق الحماية القضائية للحقوق والحريات
انه وباسم واجب التحفظ الذي عرفته المعايير الدولية بأنه ينحصر في عدم الخوض في القرارات و الأحكام القضائية بشكل يمس بمصداقيتها من منظور تحقيق العدالة ، و أيضا عدم إبداء أراء و مواقف حول قضايا مازالت رائجة و لم يتم البت فيها بأحكام نهائية ، و عدم إفشاء السر المهني ، إضافة إلى الابتعاد عن الإدلاء بأي رأي قد يزرع الشك لدى المتقاضين حول حياده و تجرده و نزاهته ، تم وللأسف عزل القاضي الهيني وقبله قضاة اخرين وانتهاك حقهم في التعبير ،
ان محاكمة القاضي محمد الهيني تمت في غياب التحري وعدم توفر الحد الادنى لشروط المحاكمة العادلة ، مما يؤكد مرة اخرى حجم الخلل الذي يشوب المحاكمات التأديبية وانتفاء ضمانات الامن القضائي لقاض بل قضاة نراهن عليهم من اجل تحقيق وتوفير هذا الامن للمواطنين والمواطنات ،
– فإن الجمعية تتضامن مع الاستاذ محمد الهيني، وعبره مع باقي القضاة و تحذر من جعله كبش فداء للقضاة الاخرين حتى لا يعبروا عن أرائهم ومواقفهم في القوانين والسياسات العمومية الجنائية، وهي حق أصلي لهم ولا علاقة له بالمواقف السياسية الحزبية الضيقة،
– تعتبر أن عزل الاستاذ الهيني سيخلق سابقة لمحاربة قضاة الرأي في المغرب بما لا يتماشى والدستور الجديد والإرادة السياسية المعبر عنها منذ خطاب 9 مارس 2011.
– تدعو كل مكونات الحركة الحقوقية والجمعيات المهنية لضبط النفس والاستمرار في تقوية اساليب الفعل النضالي والترافعي لدى كل الجهات المعنية دوليا ووطنيا .
تحيي عاليا صمود القاضي الاستاذ محمد الهيني وتعتز برقي اخلاقه وفكره المنتصرين على بؤس خصومه وقصر نظرهم .
عن المكتب التنفيذي