*حاوره: عبد الحق الريحاني
في هذا الحوار الذي أجرته جريدة «الاتحاد الاشتراكي» مع الأستاذ احمد الخمليشي مدير مؤسسة، يلامس فيه مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية موضوع التربية الدينية والتربية الاسلامية، ويبرز أهمية هذا الموضوع بالنظر لتكوين جيل المستقبل وما لها من انعكاس على نوعية سلوك الفرد داخل المجتمع ومساهمته في تنمية وتطوير البلاد، ويتطرق ذ الخمليشي للمراجعة في مجال التربية الدينية في علاقتها بالتعليم، ثم تحدث على الخلط بين ما هو سياسي وديني داخل المجتمع، ولامس في ذات السياق قضية التطرف الديني الذي تعرفه بعض الحركات الاسلامية وعلاقته بالتربية الدينية
* لاشك ذ أحمد الخمليشي تتبعتم التعليما والتوجيها السامية لجلالة الملك لكل من وزير التربية الوطنية ووزير الأوقاف والشؤون الاسلامية فيما يتعلق بالتربية الدينية والتربية الاسلامية في مؤسساتنا التعليمية وكذا الاهتمام بهذا الموضوع في علاقته لمذهبنا المالكي، كيف ترون استاذ هذا الموضوع في علاقته بالتعليم والمجتمع؟
* بطبيعة الحال الموضوع موضوع جوهري ودقيق ولا يخضع لأراء الأفراد، لان الأمر يتطلب التعاون والاستماع إلى الجميع كي يمكن الوصول إلى النتائج المرغوب فيها هي أن المواطن في المدرسة يتلقى ما يصلح مواطنته ويجعل منه فردا منسجما أولا مع المجتمع ومساهما في مسيرته وتطوره كذلك بصورة إجمالية.
التربية الدينية بطبيعة الحال لها أهميتها القسوى لان السلوك عندما يرتبط بالعقيدة الدينية يكون سلوكا سليما وسلوكا تلقائيا، يجعل من الشخص أو الفرد المنفذ والمراقب في نفس الوقت، سيما بالنسبة للمسلمين أو أغلبيتهم على الأقل اللذين يجعلون العقيدة فوق وقبل كل مصلحة شخصية أو استفادة دنيوية.
* كيف يمكن أن ترتبط التربية الدينية بمجال التربية والتكوين، وما هي أسس المراجعة لما هو سائد في المنظومة التربوية الحالية؟
* مهم جدا للغاية، بعبارة أخرى أن يربط السلوك بالعقيدة، هذا يعفي من كثير من الوسائل والنفقات التي يحتاجها المجتمع لتقويم سلوك المواطنين وإرشادهم إلى القيام بواجبات مواطنتهم.
تحديد عناصر التربية الدينية، الأمر يتطلب الاستماع إلى كل الآراء لكي يستخلص الطريق القويم في تحديد مضمون التربية الدينية بحسب سنه وبحسب مستواه الدراسي فضلا عن ما يجب أن يواكبه في التنظيم العام للمجتمع من المؤشرات المساعدة على مساعدة التلميذ للاستجابة لما يلقى عليه في دروس التربية الدينية.
الأوامر المتعلقة بالمراجعة الدينية تهدف إلى المراجعة الفعلية لهذه المواد التي تقدم في المدارس التعليمية المختلفة بالمغرب لمحاولة تخليصها مما يعتبر مؤثرا سلبا على تكوين المواطن وعلى سلامة عقيدته و وسطيتها، تعلق الأمر بالتعليم العتيق أو بغيره أو من المدارس والكليات التي يتكون فيها المواطن المغربي، ما نتمناه أن تكون المراجعة عميقة وموجهة نحو الأهداف المتوخاة منها وهي تكوين مواطن بدرك مفاهيم المواطنة ومفهوم التعايش في القرن الواحد والعشرين في ظل عقيدته الدينية التي تكون خير ضمان للالتزام بما يتلقاه في تكوينه.
* وكيف ترون اليوم الخلط الكبير الوارد بين مجال الدين والسياسة في مجتمعنا، وفي من يحاول اذكاء هذا الخلط على مستوى الساحة السياسية لاهذاف سياسية؟
* اختلاط الخطاب السياسي بالديني هو أمر واقع وسيبقى إذ يبدو من المستبعد فرض القطيعة بين المجالين، ما ينبغى التركيز عليه هو تقديم الخطاب الديني، بما يحصن المواطن من الاستلاب ومن التأثير عليه بأي نوع من أنواع الخطابات المنحرفة كما نشاهد الآن في كثير من الأقطار الاسلامية وهذا ليس أمرا سهلا ولكن إذا وجدت الإرادة والعزيمة أمكن تحقيق النتائج المرغوب فيها والعناية بما يتلقاه المواطن في المدرسة وهو ما يزال في طور الشباب، التلقي أن يكون مؤثرا جدا على سلوكه المستقبلي، وهذا ما نتمناه أن يتحقق بتقديم مضمون التربية الدينية مستندا إلى قيم الإسلام ومبادئه العليا باعتبار الدين الذي اختتمت به رسالات السماء، في المرحلة الأخيرة من حضارة الإنسان.
* نلاحظ اليوم على أن فئة الشباب أصبحت مهددة من قبل عدد من التيارات الجارفة خاصة المتطرفة منها والتي تتخذ من الدين دريعة ومطية لتحقيق أهدافها عبر غسل أدمغة هؤلاء الشباب وبالتالي استغلالهم في مخططاتهم، كيف يمكن أن نجعل من التربية الدينية حاجزا هذه التيارات الفكرية التي تختطف شباب في مقتبل العمر من اسرهم
* الحركات المتطرفة وانتشارها لا ينبغي أن يحول دون العناية بموضوع التربية الاسلامية في التكوين المدرسة بل على العكس، ما نشاهده من انتشار الحركات المتطرفة والأفكار الشاذة، يشكل حافزا لانقاد جيل المستقبل من كوارث الجيل الحاضر وخير وسيلة لذلك الاعتناء بالتكوين المدرسي وتوجيه الشباب الوجهة الصالحة التي تجعله قادرا عن الدفاع عن معتقداته ومثله العليا في الحياة، الأمر لا يبدو سهلا بالتأكيد لكنه ضروري ولا مناص منه والحياة تدافع، وممارسة هذا التدافع واجب ديني وعقلا وهو معنى التكليف الذي يجعله الدين من واجبات كل فرد.
* تم اعداد الرؤية الاستراتيجية لاصلاح للتربية والتكوين 2016- 2030 هل شاركت مؤسسة دار الحديث الحسنية في الاعداد وما هي وجهة نظركم في الموضوع؟
* نحن كمؤسسة دار الحديث الحسنية لم نكن كمشاركين في إعداد هذه الرؤية الإستراتيجية للتربية والتكوين، وهذا لا يؤثر في شيء عن مضمون الخطة الإستراتيجية والرغبة في تطبيقها باعتبار أنها أعدت بصورة تشاركية ساهمت فيها كثير من التيارات الفكرية والجهات المعنية وغيرها، فنتمنى أن يكون هنالك تخطيط ومتابعة لتطبيقها، لان المشكل التعليم واستمرار الأمية لدى المغاربة بنسبة تقارب 50 في المائة من المواطنين، سيجعل كب وسائل الإصلاح الأخرى سواء كانت اقتصادية، وفكرية غير ذات جدوى إذا عمم التعليم أمكن اذ ذاك اعتماده وسيلة لكل الإصلاحات الاجتماعية العقائدية والفكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها، أن استمرار الأمية في نسبة مهمة من المجتمع، فانه يعرقل كل مجالات الإصلاحات الأخرى.
*أحمد الخمليشي مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
السبت 13 فبراير 2016