*عن صحيفة “أنفاس بريس” : حاوره: الزكي باحسين
تغازوت هذه البلدة الواقعة على مسافة 20 كلم ونصف شمال آكادير على شاطئ المحيط الأطلسي تمتد بين البحر والبحر وعلى طول البحر تكثر فيها النوارس وتدين بالجمال…هذا الجمال بالنسبة للأهالي المحليين شبيه بقربان في مجتمع بدائي آلهته تتعيش على النظارة؛ فتغازوت الجميلة تؤخذ غصبا من
طرف” آلهة العقار ” الذين أصبحوا أسرة واحدة. لها جد وأب و أحفاد.. وتنقسم إلى فرع رئيس وأفخاذ, تستكين لممارسات إدارية وتحايلات بيروقراطية في وأد ذوي الحقوق..
يظهر الغول في لبوسات متعددة وأشكال متنوعة ويستعمل لغة ” النوف – لونغ “ Novlangue ؛ لغة حضارية متأنقة لسحب الأرض من أهلها ودوزنة ذلك كما لو كان تأليفا موسيقيا وليس جرحا في الجسد بمباشرة جرافات كاتربيلار العملاقة.
تغازوت السورف. تغازوت الرياضات المائية . تغازوت آركان , تغازوت السمك , تغازوت المخيمات الصيفية..تغازوت البشر..كل هذا أصبح من الماضي..فأهل تغازوت تُحَفَّظُ عقاراتهم من طرف الغرباء بتواطؤات متعددة ومقاصد ملتبسة؛ لقد تحولت إلى فلسطين جديدة..يملك سكانها الأصليون ذكريات أرضهم فيما الغرباء والوافدون يملكون صكوك ملكية هذه الأراضي .
السيد محمد آيت ايدير الناشط الجمعوي وابن المنطقة يبسط في هذا الحوار مع موقع “أنفاس بريس” بعض من مآساة بلدة اسمها تغازوت..
* تاريخيا لمن تعود ملكية الأرض بمنطقة تغازوت ؟
الأراضي العقارية بالجماعة الترابية تغازوت تاريخيا هي أرض في ملكية سكان و قبائل المنطقة ورثوها أبا عن جد و لآلاف السنين، يستغلونها و يدبرونها بطريقتهم، ولقد حافظوا عليها طبقا لقواعد و أعراف متوارثة عبر العصور.
بالنسبة لأهل تغازوت فإن الأرض هي حياتهم وعالمهم الخاص . فيها معاشهم …. حتى جاء الإستعمار الفرنسي فاستولى و قسم و حول أجزاء كبيرة من ملكية هذه العقارات الخاصة بالناس إلى ملكية الدولة. جزء من العقار تحول إلى ملك غابوي و أخر أصبح ملكا بحريا تحت ذريعة المحافظة على الثروات الطبيعية من شجر الأركان و أحياء بحرية، و أجزاء أخرى استولى عليها الخواص من أعوان السلطات الإستعمارية بطرق مختلفة.
* ما هي الوضعية الحالية للعقار بتغازوت ؟
الوضعية الحالية للعقار بتغازوت تعرف الكثير من المشاكل و الصعوبات الناتجة عن تداخل العديد من العوامل التي فرضتها العمليات الجائرة أيام الفترة الإستعمارية و تكرسها الدولة اليوم؛ تتجلى في تجريد الساكنة الأصلية من أملاكها بإسم المنفعة العمومية و المحافظة على الثروة الوطنية الطبيعية، علما بأن المشاكل و التراجعات التي تعرفها هذه الثروة اليوم و بشكل خطير لم تسجل حينما كانت الساكنة المحلية تتولى بنفسها أمر تدبيرها و المحافظة عليها و الدفاع عنها.
و رغم مرور أغلب عمليات الاستيلاء في عهد الإستعمار لازال المواطنون يشتكون مثل هذه التصرفات “في عهد الإستقلال”، و هذا ما تؤكده العديد من العرائض و تظلمات الساكنة و الجمعيات المحلية. وإليكم عينة من المأساة:
1- عودة القائمين على الأملاك الغابوية إلى سياسة التوسع على حساب ما تبقى من ملكية الساكنة، فإذا قارننا بين المساحات التي تم تحديدها في عهد الإستعمار و بالضبط سنة 1934 مع سنة 2009 نجد أن هناك فرق كبير بين المساحتين، و هو ما يثير الكثير من التساؤلات.
2- استمرار مشاكل الساكنة المحلية القاطنة على طول الشريط الساحلي ل “تغازوت أفتاس” التي تتوصل بين الفينة و الأخرى بقرارات تخيرهم بين تسوية الوضعية أو الإخلاء بدعوى الترامي على الملك العام البحري في حين أن سكان هذه المنطقة سكنوا هذه الأماكن لقرون، و منهم من اتخذها مكانا لبناء مستودعات للصيد قبل عملية التحديد سنة 1917.
3- النزاع العقاري بين الساكنة الأصلية و ورثة أحد قياد الفترة الإستعمارية، و الذي يعود تاريخه إلى سنوات الثلاثينات من القرن الماضي دون حل إلى اليوم، و أن اغلب الأحكام تنصب في صالح ورثة هذا القائد، مما يضع مستقبل تغازوت في كف عفريت.
4- نزع ملكية أغلب العقارات المتبقية بتغازوت في إطار تجهيز خليج اكادير و بموجب المصلحة العمومية من أجل الإستثمار السياحي، رغم أن الإجراء تم في إطار “القانون” من اجل المنفعة العامة، إلا أن السكان تم تعويضهم بأثمان بخسة لا تناسب الثمن الحقيقي للأرض بهذا الموقع الطبيعي و الجغرافي الخلاب، و تم تفويتها بعد ذلك إلى شركات عقارية قصد إنجاز مشاريع “سياحية” تحولت بين عشية و ضحاها إلى مشاريع سكنية ستذر على أصحابها أرباح خيالية.
5- الترامي على أملاك المواطنين من طرف الخواص بطرق مختلفة حسب الشكايات و عرائض السكان و جمعيات المجتمع المدني بتغازوت، تتهم من خلالها أطرافا بالإستيلاء على أراضي السكان بطرق إحتيالية، كما هو الحال في دوار ايفراضن، و دوار ازازول، و دوار ايت بيهي … في أكبر عمليات سطو على الأراضي و الدور السكنية و المساجد و المقابر…
* هل من تنمية محلية بتغازوت مرتبطة بالعدالة الترابية ؟
إن ما تعانيه المنطقة و ساكنتها في ظل استنزاف العقار لا يمكنه إطلاقا المساهمة فيتحقيق التنمية المحلية المنشودة و العدالة الإجتماعية و الترابية؛ لأن العقار يعتبر المحرك الرئيسي للتنمية، و أن الأرض هي القاعدة الوحيدة التي تنجز عليها كل المشاريع الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، و أن الوضعية الحالية لتغازوت التي تتسم بالخصاص الكبير في الوعاء العقاري أنتج جماعة قروية برصيد صفر متر مربع من الأرض، و في نفس الوقت هي في حاجة ملحة إلى العديد من المرافق الإجتماعية الضرورية التي تلبي حاجيات المجتمع من؛ دور للشباب و ملاعب رياضية و دور للثقافة و نوادي نسوية.. و مرافق اقتصادية كالأبناك و الأسواق .. و مساحات تمكن مركز تغازوت الذي يعاني الإختناق من التوسع العمراني، و كذا مجالات للمساحات الخضراء ..؛ بينما الوعود القديمة التي يطلقها القائمون على المشروع السياحي بالتخلي عن إحدى العقارات لم نر منها أي شيء إلى اليوم على أرض الواقع. فعن أي تنمية و أي مستقبل للمنطقة إذن سنتحدث، في ظل الواقع الراهن الذي يعرف خصاصا في عنصر مهم يعد الرافعة الأساسية للتنمية، و هو الأرض؟