أطلق خطيب الجمعة بأحد مساجد سلا العنان للسانه ليستهدف سكان المناطق الشمالية للمملكة ويحملهم مسؤولية الهزات الأرضية التي ضربت إقليمي الناظور والحسيمة على الخصوص، وكال لهم تهما ماأنزل الله بها من سلطان .
حالة هذا الخطيب الذي نصبته وزارة الأوقاف إماما بهذا المسجد، هي واحدة من عشرات الحالات، التي تم تسجيلها خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث كشف العديد من الخطباء عما تعج به صدورهم ومايحملون من أفكار ويضمرون من نوايا. فمن منابر الجمعة برز أن هناك تناميا لخطاب الكراهية والحقد والعنصرية وتحقير المواطنين بسبب انتماءاتهم السياسية أو العرقية أو لأنهم انخرطوا في مطالب حقوقية … من منابر الجمعة تمت الدعوة إلى التمييز ضد المرأة وإهانتها والمس بكرامتها وجعلها مواطنة من الدرجة الرابعة …
بعضهم هاجم اليسار والأمازيغية والإبداع وحرية الرأي والتعبير والبحث العلمي وحرض على ماأسماه بالجهاد في سوريا والعراق …
ودون شك، فإن اتساع هذا الخطاب ما هو إلا محصلة لخطاب يمتح من فكر أصولي ظلامي متحجر يعمل على تأويل الدين، آيات قرآنية وأحاديث نبوية ، لتنسجم مع مصالح دعاة هذا الفكر المتخلف وتخدم مصالحهم في الهيمنة على عقول الناس البسطاء وتجعل منهم أتباعا وتبعدهم عن المقاصد الحقيقية للدين الإسلامي وغاياته التي ماهي إلا كرامة البشر مهما اختلفت أديانهم وألوانهم وأجناسهم وأعراقهم . والكرامة لاتكون إلا بالمساواة والعدل واحترام الآخر…والمثير أن هذا الخطاب وجد صدى له في الخطاب السياسي والإعلامي، حيث أقدم بعض القادة السياسيين على استهداف مواطنين ووصمهم بنعوت تحقيرية وأهان بعض الصحفيين المرأة من خلال مهنة مارستها من أجل تربية أبنائها….
وليس منابر الجمعة هي التي يتسع منها هذا الخطاب المرفوض مضمونا والمدان سلوكا ، بل إن أئمة تابعين لوزارة الأوقاف سجلوا أشرطة وبثوها عبر قنوات التواصل الاجتماعي، كفروا فيها مثقفين ومبدعين وقادة سياسيين ونعتوهم بأفظع النعوت..
ودون شك، لو أنجز المجلس الوطني لحقوق الانسان -وهو مؤسسة دستورية لها كامل الاختصاص في إعداد تقارير رصدية عن الانتهاكات- لوقف على تنامي هذا الخطاب وخطورته . ألم يدع المجلس في أول تقرير سنوي له «أن ينصب النقاش العمومي على عدد من القضايا منها النهوض بثقافة المواطنة السلوك المدني ونشر ثقافة حقوق الانسان ومناهضة خطاب التمييز والعنصرية والكراهية ,…»؟؟؟
إن هذا الخطاب ومن طرف أئمة أسندت لهم الوزارة مسؤولية إلقاء الخطب والدروس في المساجد هو خطاب ينتهك الدستور الذي ينص في فصله ال 23على حظر كل تحريض على العنصرية أوالكراهية أو العنف . فكيف تصمت الأوقاف ووزارة العدل بل والحكومة وتغض الطرف عن هذا الانتهاك الجسيم الذي يتسع جمعة على صدر جمعة ؟
ماقاله خطيب مسجد سلا وغيره من الخطباء، لايجب السكوت عنه . والحكومة مسؤولة دستوريا وسياسيا ومعنويا بالدرجة الأولى ، وإلا فإنها تغمض العين عن فتن تتم الدعوة إليها من منابر، هي المشرفة على تعيين خطبائها.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الثلاثاء 2 فبراير 2016