خسر المغرب ثماني نِقاط، مقارنة بسنة 2014، في الترتيب العالمي لقياس ممارسة الرشوة والفساد، حيث صُنف في الدرجة 88 من بين 168 دولة، متعادلا مع مصر والجزائر، خلْف عدد من البلدان الإفريقية والعربية. ذلك ما ورد في تقرير حول سنة 2015، لمنظمة «ترانسبارنسي» الدولية.
هذا المعطى، الوارد من أهم منظمة دولية، مشهود لها بالمصداقية والجدية، في متابعتها لإشكالات الرشوة والفساد، على المستوى العالمي، لا يمكن إلا أن يطرح على الدولة المغربية، بمختلف مكوناتها، ضرورة مراجعة الآليات التي وظفت لحد الآن، لمعالجة هذه الآفة المزمنة.
من بين هذه الآليات، الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي تعرف حاليا جمودا مؤسساتيا، حيث مازالت تنتظر صدور قانونها الجديد، كما ينص الدستور على ذلك في الفصل 36، و يؤكد نفس الفصل على معاقبة المخالفات المتعلقة بتنازع المصالح وبالتسريبات المخلّة بالتنافس النزيه، كما ينص على ضرورة وضع الآليات من طرف الإدارات والهيئات العمومية، من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاطها وباستعمال الأموال التي توضع تحت تصرفها، وبإبرام الصفقات وتدبيرها، والاحتكار والهيمنة واستغلال مواقع النفوذ والامتياز، والممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة.
وهنا تكمن مسؤولية الحكومة، التي لم تترجم هذه المبادئ الدستورية، في قوانين وإجراءات، للحد من ممارسات الرشوة والفساد، إذ لا يكفي القول بأن هناك ميزانية مخصصة لمكافحة هذه الآفة، حتى تُبَرأً ذمتها، فالأمر أعمق من بعض الإجراءات الجزئية، من قبيل وضع بوابات إلكترونية أو رقم أخضر للتبليغ، أو القيام ببعض الحملات الدعائية للتوعية… فهذه إجراءات حسنة، غير أنها لا تكفي نهائيا لمعالجة هذه القضية الكبرى التي تعرقل التنمية و تعمق الفوارق الاجتماعية، وتزكي أوضاع طبقة طفيلية تهيمن على المصالح والمنافع.
بالإضافة إلى سن قوانين لتنظيم ما نص عليه الدستور من مبادئ في محاربة الامتيازات واستغلال النفوذ وإبرام الصفقات…، فإن هناك إجراءات ناجعة من قبيل التحقق من مصادر الثروة، التي راكمها أشخاص بشكل غير مشروع، حيث يمكن التأكد من مصادرها وكيفية تجميعها، والوسائل التي استعملت للحصول على أموال بطريقة غير قانونية. وهو ما عجزت عنه الحكومة الحالية، رغم توفرها على الإطار الدستوري والتنظيمي لتطبيق هذه الإجراءات.
*عمود بالفصيح
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الجمعة 29 يناير 2016