عن صحيفة كشك
* العالم اليوم منشغل بقضية التطرف الديني والإرهاب و”داعش”، والقيادات السياسية والحزبية العالمية تتعبأ من أجل تأطير الشباب وحمايته من هذا العنف، في المغرب الكل يناقش فشل الأحزاب في عملية التأطير ولا حزب يقوم بالتأطير. ما رأيك؟
قضية الإرهاب والتطرف الديني تتجاوز الأحزاب. نحن أمام خطر يهدد المجتمعات الإسلامية برمتها. المؤسسة الحزبية لا تكفي للتصدي لمخاطر الإرهاب. المغاربة جميعا يجب أن يدافعوا عن البعد الروحي للإسلام، عن الإسلام السمح، إسلام التسامح والتعايش واحترام الآخر.
* أين تضعون “حزب العدالة والتنمية” في سياق هذا التحليل؟
هو نفسه يعيش هذا الخطر، إذ بداخله أشخاص متشبعون بالفكر الوهابي وأيديولوجية سيد قطب، هو نفسه مهدد.
* من الناحية السياسية، كيف تفسرون تمدد هذا الفكر في المجتمع؟
هذه مسألة أخرى. لما هبت رياح ما سمي بالربيع العربي، كان المغرب هو البلد الوحيد الذي يتوفر على بنيات الاستقبال الإيجابي، لماذا؟ لأن المغرب عاش النضال الديمقراطي ومر بسنوات الرصاص، ولما جاء شباب 20 فبراير لم يجدوا من يعارضهم بل الكل ساندهم، سواء تعلق الأمر بالحكومة أو بالأحزاب.
صحيح أن المغرب خطا خطوات إصلاحية مهمة، خصوصا مع إقرار دستور 2011 الذي نص لأول مرة على أن المغرب ملكية دستورية برلمانية. استفاد العدالة والتنمية من ظروف ما سمي بالربيع العربي ، واستفاد من السياق الديمقراطي الذي ناضل من أجله الآخرون، ومن التيار السائد داخل العالم الإسلامي، ما ساعد الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية على الفوز في الانتخابات، رغم أنها لم تحصل على الأغلبية ، ما اضطرها إلى عقد تحالف مع أحزاب أخرى، لكن المهم ما حصل في ما بعد ، وهنا أؤكد أن رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، يتبنى تكتيكا يخدم مصلحة حزبه (العدالة والتنمية) ولا يخدم مصلحة الوطن، قد ينجح فيها إلى أبعد الحدود الممكنة، لكن البلاد لن تتقدم، ويمكن أن نقول إن المغرب دخل مرحلة الانتقال الديمقراطي في 1998 مع حكومة اليوسفي واستمر الانتقال مع حكومة ادريس جطو وعباس الفاسي، لكن اليوم يمكن أن نعتبر أن حكومة بن كيران أدخلت المغرب قاعة الانتظار.
* ما هي نتائج هذا الانتظار؟
لدي مخاوف حقيقية على مستقبل المغرب. إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، أي أن يكون الاهتمام بمصالح الحزب الذي يقود الحكومة مقدم على العناية بمصلحة البلاد، فإن ثمة ما يبعث على القلق.
عملية الانتقال الديمقراطي توقفت بفعل استراتيجية تقوم على خدمة مصلحة الحزب أولا وأخيرا، ولا تستحضر مصلحة الوطن. في كل المواقف والمناسبات، وفي كل خطاباته، في البرلمان أو في لقاءات ومنتديات، يتصرف بنكيران باعتباره رئيس حزب وليس رئيس حكومة، وهذا يطرح إشكالا حقيقا قلما نلتفت إليه. لم يتمكن بنكيران من التحرر من قبعته الحزبية، حتى في المواقف التي تفرض عليه أن يتصرف كرئيس حكومة.
كان المبدأ لدى عبد الرحمان اليوسفي الذي قاد مرحلة التناوب التوافقي والانتقال الديمقراطي، هو تغليب المصلحة العليا للمغرب وليس مصلحة الاتحاد الاشتراكي، ودفع الاتحاد الثمن مقابل ذلك، لكن الأهم هو البلد، هو أن المغرب كان في السكة الصحيحة، قبل أن تنقلب الأمور في عهد الحكومة الحالية.
* الحكومة التي يقودها حزب إسلامي؟
ليس المشكل في أن يقود “العدالة والتنمية” الحكومة، بل المشكل يتجلى في توقيف مسار الانتقال الديمقراطي، بما يعنيه من تأخير إلحاق المغرب بركب الأمم المتقدمة والديمقراطية. بنكيران لم يتحدث أبدا عن الملكية البرلمانية.
* كيف قرأتم نتائج المسلسل الانتخابي لـ4 شتنبر وما هي توقعاتكم بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية المقبلة؟
بالنسبة إلى الانتخابات السابقة، حسم فيها الناخبون، أما بالنسبة إلى التشريعيات المقبلة، فكل شيء وارد. قد تنجح خطة “العدالة والتنمية” الذي يغلب مصلحة الحزب على مصلحة الوطن في استقطاب أصوات الناخبين والاستمرار في قيادة الحكومة، وإن كان سيعجز في الحصول على الأغلبية المطلقة، لكن السؤال الذي يثير القلق هو ذلك الذي سبق أن طرحته سابقا، والمتعلق بمستقبل المغرب.
* من بين الانتقادات الموجهة للحكومة، تعطيلها لحوار اجتماعي حقيقي، مارأيكم؟
منذ حكومة عبد الكريم العمراني لم يعرف المغرب أية حكومة أخلت بالحوار الاجتماعي وعطلته مثلما فعلت الحكومة الحالية. كان هناك إصرار عجيب على تجميد الحوار في الوقت الذي عملت الحكومات السابقة ليس فقط على العناية والرقي به ، بل على مأسسته، وهذا يُعطينا صورة واضحة عن شخصية رئيس الحكومة الذي لا يؤمن بشيء اسمه الحوار الاجتماعي. في ظل الحكومات السابقة كان هناك ميل واضح إلى إشراك النقابات في كل النقاشات التي تهم القضايا الجوهرية والأساسية، وكان هناك ميل نحو اعتبار الحوار الاجتماعي عنصرا أساسيا في المسألة الديمقراطية ، كل ذلك لم يعد له أثر مع الحكومة الحالية.
* ما رأيكم في ما تصفه الحكومة بالإصلاحات؟
تحقق إصلاح جزئي للمقاصة، واستفادت الحكومة، في هذا الصدد، من الانخفاض التاريخي الذي طرأ على أسعار المواد النفطية. إصلاح أنظمة التقاعد ما يزال في بدايته. ما عدا ذلك، أرى أن الحكومة قامت بإجراءات لم ترق إلى مستوى الإصلاحات التي يتم الحديث عنها، فدعم الأرامل مثلا أو رفع منح الطلبة، لا يمكن اعتبارها منجزات.
*نقلته صحيفة كشك عن اخر ساعة