بغض النظر عن التأويلات المتباينة والمختلفة، التي أعطيت لعنوان جريدة «أخبار اليوم»، حول «ابن مربية الدجاج»، إلا أن هناك جانبا إيجابيا ينبغي استثماره، حيث إن الانتقادات التي وجهت ضد ما اعتبر تحقيرا للأم، من أجل مهاجمة الابن، يمكن أن يصبح نموذجا، على الصحافة أن تنتبه إليه في ممارستها اليومية.
فالمقالات والتعليقات التي كتبت حول هذا الموضوع، يجب أن تدعو الصحافة، وليس الجريدة المذكورة فقط، إلى وقفة جدية، مع الذات، لتسائل نفسها، إلى أي حد تحرص في عملها على تجنب مصطلحات وتشبيهات وأوصاف، تحط من الكرامة، وتشكل تجريحا مجانيا في الأشخاص، وما هي المرجعيات والقواعد الأخلاقية المعتمدة والبنيات الساهرة على الضبط الذاتي الموجودة، داخل المقاولات الصحافية والمؤسسات الإعلامية ؟
حسب المعلومات المتوفرة، فإنه بالرغم من الاطلاع الواسع من طرف أغلب الناشرين ومديري المؤسسات الإعلامية والصحافيين، على مواثيق أخلاقيات المهنة، إلا أن آليات السهر والمراقبة الأخلاقية، منعدمة، مثل الوسيط و مجالس التحرير المنتخبة في إطار ما يصطلح عليه ب”ديمقراطية التحرير”، التي تُقَيم مدى احترام الأخلاقيات وتحاسب كل الذين انتهكوها.
لذلك، نجد تكرار الأخطاء الأخلاقية، من قبيل التهجم على الأشخاص، بمختلف أشكال القذف والإهانة، وترويج الإشاعات الكاذبة عنهم، والتحامل المجاني عليهم، بخلفية تصفية الحسابات، أو نشر تصريحات خارج سياقها، أو تضخيم واقعة، في إطار الإثارة أو لخدمة فكرة مسبقة… وغيرها من الأساليب التي أخذت تتناسل بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
و لا يمكن إلا أن نصفق ليقظة جزء هام من الرأي العام، المتتبع للصحافة والسياسة، في واقعة “مربية الدجاج”، وردة فعله القوية، غير أن هذا الوعي الإيجابي، ينبغي أن يصبح قاعدة في التعامل بنظرة نقدية مع الممارسة الصحافية، التي تتجاوز الحدود الأخلاقية، لأن من أنجع السلط، إلى جانب التنظيم الذاتي، التي يمكنها المساهمة في تنظيف بيت الصحافة والإعلام، ضغطُ القراء والمستمعين والمشاهدين.
و من المعلوم أن من أهم التخصصات الجديدة، التي أخذت تتطور في السنوات الأخيرة، داخل المدارس والمعاهد، التربيةُعلى الإعلام والأنترنيت، حيث خلق التطور الهائل للتكنولوجيات الحديثة، الحاجة إلى تكوين خاص للتلاميذ والطلبة، وأيضا الجمهور، لفهم وتقييم مختلف الرسائل والتمثلات، التي يتلقاها يوميا من مختلف الوسائط، وتنمية القدرات على التعامل معها بشكل جيد و بعقل نقدي.

   *عمود بالفصيح

جريدة الاتحاد الاشتراكي

الخميس 28يناير 2016

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…