فشلت الحكومة في تطويق المسيرة الجماهيرية الحاشدة التي دعت إليها تنسيقية الأساتذة المتدربين، يوم الأحد الماضي بالرباط.. وفشلت أيضا في حشد التأييد السياسي والشعبي لقرارها بمنع المسيرة، فكان التجاوب عكس ما اشتهته الحكومة وعبأت له أغلبيتها وأحزابها ومناصروها.
ويتمنى الرأي العام الوطني ألا تفشل في استخلاص دروس مسيرة فعلت كل شيء من أجل تقزيمها، غير أنها لم تنجح.
أول درس يجب على الحكومة أن تتأمله هو أن عقلية المنع، والتي وصلت حدا غير مسبوق ومحاولة القمع من المنبع، أثبتت محدوديتها، بفضل العزم الذي أبان عنه الأساتذة المتدربون وعائلاتهم وعموم الشعب المغربي الذي حج بمئات الآلآف للتعبير عن هذه المساندة.
والفنون التي جربتها الحكومة، لم تكن ذات نتيجة لأنها لم تدرك أن اختياراتها في المنع أصبحت متجاوزة وأن القانون أصبح جزءا من تفكير الناس في التعبير عن أفكارهم.
ثانيا ، على الحكومة أن تعي جيدا أن الشارع العام لن يعود إلى حضن الخطاب الرسمي والحاضن الرسمي له بالطريقة التي تسعى إليها مكوناتها، فقد تحرر الفضاء العمومي ولم يعد مستساغا أن تعمل على احتكاره ، ولو كان ذلك باسم القانون.
ثالثا، هناك معضلة اسمها قرار الحكومة أو المرسومان الاثنان اللذان تسببا في هذه الدرجة العليا من الاحتقان، ومن الممكن أن يبقى تعنت الحكومة وتصلبها سببا في التصعيد إلى ما لا تحمد عقباه ، وسط جو اجتماعي تميز ويتميز بالاحتقان ووضع اقتصادي مؤشراته حمراء ولا تبعث على الأمل..
من المحقق أن الرأي العام ينتظر من الحكومة تعاملا ناضجا وعقلانيا مع المعضلة التي وضعت نفسها فيها، ولن تثبت ذلك إلا بايجاد حل متوافق حوله ، بمشاركة المعنيين ، ونزع فتيل الأزمة التي تتزايد شراراتها مع تفاقم الوضع وابتعاد الحل، وسيادة منطق شد الحبل ورهان القوة الذي تلجأ إليه الحكومة ..
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الثلاثاء 26 يناير 2016