هي عبارة خرجت من فم بنكيران رئيس الحكومة المغربية ، وهو يوجه خطابه لأعضاء حزبه مزهوا بانجازاته التي عددها بضمير مفرد المتكلم كالتالي :” … حيدت لكم الاضرابات من المدارس .. ولاو أولادكم كيقراو .. حيدت لكم الاضراب من المستشفيات .. وليتو كتلقاو الطبيب .. حيدت لكم الاضرابات من الجماعات المحلية .. ” وهنا قاطعه المريدون والأتباع بالتصفيق والهتاف بالنصر وطول العمر ..
هب عزيزي القارئ ، لو أتيحت الفرصة لأحد ساكنة المريخ ، وسمع رئيس حكومت”نا” يفتخر بكونه قضى على الاضرابات ، في التعليم والصحة والجماعات المحلية .. أفلا يغبطنا على هذه الرحمة المهداة ، مجسدة في بنكيران ؟؟ أفلا يذهب الظن بساكن المريخ ، الى الاعتقاد بأن السي عبد الاله بنكيران ، ما كان له ليقضي على الاضرابات في هذه القطاعات الحيوية ، لولا أنه قد أبدع في تلبية المطالب المادية والمعنوية لشغيلتها ؟؟ وقد لا يقف الأمر عند هذا الغريب باغباطنا فقط ، ولكن قد يغويه الشيطان الرجيم بحسدنا على رئيس حكومتنا ، وهو يطوع بلاغة الضاد ، فيكني عن الموظف بالكراد ، الذي يلصق بجلد الكلب ؟؟؟ .. والأتباع دائما يصفقون ويهللون ..
يا سلام على القاموس النقي الذي يمتح منه رئيس حكومت “نا” ..
اذا كان هذا انطباع ورأي مخلوق غريب عن كوكبنا ، فيما قاله بنكيران لأتباعه .. فماذا سيكون انطباعنا نحن الذين نعايش بنكيران وكتائبه ، نؤاكلهم ونشاربهم ونتداحس معهم في الشوارع والطرقات ؟؟
سأتحمل وزر مخاطبة السيد رئيس الحكومة المزهو بقضائه على الحركات الاحتجاجية السلمية ، فأقول :
سيادة الرئيس ، لو أنك كنت رضعت قطرة لبن واحدة من الديمقراطية ، ما كنت اعتبرت هذا الفعل الذي يخجل الديمقراطيون من نسبه اليهم ، مصدر فخر بالنسبة لشخصك ؟؟ لأن الذي تفتخر به من أنك قضيت على الاضرابات والاحتجاجات ، هو قمة القمع والمساس بحقوق الأفراد والجماعات .. وهو في نفس الآن ، القمة في التجرؤ على دستور البلاد ، فكيف غاب عن ذهنك ، وأنت تتغنى بتصديك لحق الاضراب أنك تتجرؤ على حقوق يكفلها الدستور ؟؟
فالاضراب حق دستوري ، ناضل من أجل ارسائه المناضلون الحقيقيون الذين أفرزتهم المحن ، في السنوات اللواتي كنت فيها ” تخبر ” ادريس البصري ، عن كل شاذة وفاذة ، تخص الأوضاع المالية والتظيمية ، وآفاق عمل الجماعات الإسلامية ، ومع ذلك فان هؤلاء المناضلون ، لم يلجأوا الى استعمال هذا الحق ، الا عندما كانت تغلق في وجوههم كل أبواب الحوار، فالاضراب في عرفهم وقناعتهم ، وسيلة وليس هدفا .. وسيلة لإيجاد أرضية للتوافق ، ونزع كل أسباب الاحتقان الاجتماعي ، ووسيلة نضالية أيضا ، لتحقيق المكاسب والدفاع عن الحقوق .. وأنت يا سيادة الرئيس ، أي المطالب حققت للشغيلة ؟؟ حتى تقول بأنك قضيت على الاضرابات ؟؟ هل فتحت صدر حكومتك للحوار التفاوضي مع النقابات ، حول ملفاتها المطلبية العالقة ؟؟ وهل بددت غيوم التوتر الاجتماعي والاقتصادي ، الذي ينيخ بكلكله على صدر البلاد ويخنق أنفاسها ؟؟ هل الاجير ، يا رييس ، يعمل وهو مطمئن على مستقبله ومستقبل أسرته ؟؟ .. وهل حققت الشغيلة في عهدك حقوقا وصانت مكتسبات ؟؟ بل هل حافظت حتى على وضعها الاجتماعي ، وقدرتها الشرائية ، قبل أن تأتي بك رياح الربيع الديمقراطي المجهض على يديك ؟؟ ..
اذن بأية وسيلة قضيت على الاضرابات يا رييس ؟؟ غير العصا وألة القمع البوليسي ؟؟ عن طريق التدخلات القمعية من جهة ، ومحاربة الشغيلة في قوتها اليومي عن طريق الاقتطاعات من الأجور من جهة ثانية .. ؟؟ فأنت يا بنكيران عندما تخاطب أتباعك مزهوا كالطاووس ، وتفتخر بأنك حيدتي الاضرابات من التعليم والصحة والعدل ، فقد كنت تضمر رسالة مفادها أنك خليتي ضاربو شغيلة هذه القطاعات ، وأرهبتها في سلامة أبدانها ، وهددتها في قوت عيالها، وبالتالي فهي لم تعد بقادرة على أن تخوض اضرابا ..؟؟ هل اقتنعت يا رئيس كم كنت تسيئ لنفسك ، من حيث كنت تروم الافتخار والعجب (بضم العين ) ؟؟ .. ولو أنك قلت : لقد حققت في قطاع كذا ، المكسب الفلاني أو الحق العلاني ، لكان أحسن في الوقع ، من أن تقول حيدت الاضراب في كذا وكذا .. وأنا لن أحملك ما لا تطيق ، ففاقد الشيء لا يعطيه ؟؟ … ولكن هل تتذكر بأن نقابة حزبك هي من ميع مفهوم الاضرابات ، وخرج بها عن مقاصدها النضالية في الدفاع عن المطالب والحقوق ، الى منزلق الدعاية لحزبك العدالة والتنمية .. طيلة العشرية الأولى من هذا القرن ؟؟ هل تتذكر أن نقابة زميلك “يتيم” ، كانت تبحث عن أوهى الأسباب وأضعفها ، لتظهر بمظهر النقابة “المناضلة “، في الزمان الخطأ والمكان الخطأ ؟؟ هل تعتقد أننا نسينا كيف نسجت نقابة حزبك العلاقات ، مع بعض الحركات الاحتجاجية المدمرة ؟؟ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ، تلك النقابة التي كانت تشل المؤسسات الاعدادية ، أربعة أيام في الأسبوع ؟؟ أين كانت غيرتك على أبناء المغاربة يومها ؟؟ أم تراك يومها كنت تجمع الأصوات ؟؟ وما دامت الأصوات هي المبتدأ والخبر ، بالنسبة اليك والى حزبك ونقابتك .. فلا بأس من الكذب على المواطنين وإيهامهم ، بأنك ما وجدت إلا لمحاربة الفساد .. والدفاع عن المواطن الضعيف .. وأنك متى وضعت في وجه ” اصلاحاتك” العراقيل، بادرت الى مصارحة ناخبيك ، ووضعت المفاتيح (حطيتي السوارت )…
بهذا الصرح من الأوهام ، وقصور الرمال من الوعود ، منحك الناخبون أصواتهم ، حتى اذا استتب لك الأمر ، انقلبت عليهم ، وعلى طموحات الآلاف من فلذات أكبادهم.. فتنصلت وحكومتك الملتحية ، بطريقة لا أخلاقية ، من محضر 20 يوليوز 2011 الموقع من طرف الحكومة السابقة ، ضاربا مبدأ استمرارية الادارة عرض الحائط .. فخلقت الأزمات والمعاناة للآلاف من الشباب حاملي الشهادات العليا ، كما انقلبت على المواطنين الضعفاء ، بإيهامهم بأنه متى قبلوا منك الزيادة الصاروخية في أسعار المحروقات ، التي افتتحت بها انجازاتك ، فانك لن تمس صندوق المقاصة الذي يدعم المواد الأساسية لعيشهم .. حتى اذا مررت ما مررت من الزيادات ، عرجت على المواد المعيشية للمواطن الضعيف ، ترفع الدعم عنها تدريجيا .. في عملية الغاء ماكرة لصندوق المقاصة ؟؟ فلم يكفك هذا الانقلاب ، بل تماديت في سياستك الهجومية على فقراء الوطن ، بما ادعيته ” إصلاحا ” لصندوق التقاعد ، ودونما اجتهاد أو ابداع في ابتكار الحلول ، نزلت حكومتك على الموظف تقلص معاشه ، وتزيد في سنوات عمله وحصيص الاقتطاع من أجره ؟؟ وهل اكتفيت بهذا الاستقواء على المواطن الضعيف ؟؟ كلا .. بل أخذتك العزة ب.. فزدت من محنته في الرفع من ثمن الماء والكهرباء .. بل وفي تحطيم أمال الشباب ثانية ، وهذه المرة مع الأساتذة المتدربين الذين ، بمرسوميك المشؤومين ، تم التنكيل بهم في الشوارع ، وأرسلت بعضهم للمستشفيات ، وعرضته لعاهات مستديمة ؟؟
لن نتحدث عما يقابل كل هذا التجبر والعجب ، الذي تواجه به المواطن الضعيف ، من جبن صراح وأنت تقابل الحوت الكبير ، من المفسدين واللصوص .. وإنما نثيرانتباهك الى أن المسؤول مهما علا شأنه ، لا يتحدث وهو في موقع المسؤولية ، بضمير مفرد المتكلم “فعلت..تركت.. ” فحتى مرجعيتنا الاسلامية تحثنا الاستعاذة بالله ، كلما تلفظنا بقول ” أنا ” فنشفعها على التو بالقول “أعوذ بالله من قولة ّأناّ ” .. فكيف يستقيم في كلامك القول ، حيدت أنا الاضرابات من كذا .. وغادي ندير أنا كذا .. اللهم ان كنت لا تؤمن بالديمقراطية ، لا قولا ولا فعلا .. فأنت والله كذلك ، وزيادة .. فاللهم لا حسد