المجلس الأعلى للقضاء الموقر هيئة الدفاع
الأستاذ النقيب عبد الرحمان بن عمرو المحامي بهيئة الرباط
الأستاذ النقيب عبد السلام البقيوي المحامي بهيئة طنجة رئيس سابق لجمعيات هيئات المحامين بالمغرب
النقيب عبد الله درميش المحامي بهيئة البيضاء
النقيب أقديم محمد المحامي بهيئة الرباط
الأستاد الحسن ملكي المحامي بهيئة الرباط
الأستاذة المستشارة أحفوظ رشيدة رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء
الأستاذ المستشار عبد الله الكرجي المستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط
الأستاذ الشنتوف عبد اللطيف القاضي بالمحكمة التجارية بالرباط
الأستاذ بنمسعود سهام القاضية بالمحكمة الابتدائية
الأستاذ سعيد الناوي القاضي بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان
باسم الله الرحمن الرحيم
مذكرة المرافعة
إلى السيد وزير العدل والحريات
بصفته نائبا لرئيس المجلس الأعلى للقضاء
وإلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء
المحترمين
في ملف : السيد محمد الهيني
المستشار بالمحكمة الإدارية بالرباط
المحال تأديبيا على المجلس الأعلى للقضاء
من أجل ما نسب إليه من إخلال بالوقار والكرامة
التي يتعين أن يتقيد بها القاضي في جميع الأحوال
رقم الملف: 16/2014
يتشرف السادة المؤازرين بأن يعرضون أمامكم ما يلي:
إنها قضية عائلة ويجب أن تناقش في إطار عائلي؛
“C est une affaire de famille qui se régle en famille”
باسم الله الرحمان الرحيم
يقول الله تعالى في كتابه العزيز “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ،فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”.
حيث تعتبر المساءلة والمحاسبة الدستورية الجوهر الحقيقي لأي نظام قانوني؛ لأن التأديب هو نظام قانوني يستهدف تخليق الممارسة القضائية بهدف صون قواعد سير العدالة وحماية حقوق المتقاضين دون إغفال حماية الأمن القانوني للقاضي الذي يعد شرطا لازما لرد أي تأثير على استقلاليته عبر بوابة المتابعات التأديبية غير المؤسسة والباطلة .
وحيث إن خضوع النظام التأديبي القضائي لحكم القواعد الدستورية ولضمانات حقوق المتقاضين، بصفة عامة ، كفيل بإقرار محاكمة تأديبية عادلة.
وهكذا جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 21-3-2013 في الملف رقم 534-5-2012 “إن الضمانات القضائية الدستورية الواردة في الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة القضائية قابلة للتطبيق على مسائل الزجر الإداري – بمختلف أنواعه سواء التي تصدره الهيئات الإدارية العادية أو الهيئات الإدارية المستقلة المعبر عنها بالهيئات الناظمة، المعتبرة هيئات شبه قضائية ، سيرا على ما أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرارها رقم 58188-00 الصادر بتاريخ 27-8-2002 ومجلس الدولة الفرنسي بموجب “قرار ديديي” الصادر بتاريخ 3-12-1999 – ولاسيما قرينة البراءة وقواعد المحاكمة العادلة .
أولا: ملخص الوقائع “كيفية إنتاج المخالفة المدعاة موضوع التأديب أو المساءلة”
كتب الدكتور محمد الهيني بتاريخ 23/03/ 2014 بصفته مواطنا غيورا ومحبا لوطنه وملكه على صفحته على الفايسبوك خاطرة أدبية عنونها”لا نريد أسدا وهي عبارة عن رسالة لوزير العدل والحريات حول مواصفات مدير الشؤون المنتظر جاء فيها ما يلي :
“لا نريد أسدا”
مواصفات مدير الشؤون المدنية المنتظر” لا نريد أسدا ولا نمرا”
رسالة إلى زميلي الوزير:
سيدي الوزير؛ ننتظر منكم تعيين مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل والحريات في انتظار تكريس استقلالية الإدارة القضائية عن وزارتكم من خيرة قضاة المملكة الذين راكموا تجربة واسعة في إدارة المحاكم فكرا وتنظيما وتدبيرا وحكمة وتبصر، وتميزوا بجرأة وغيرة على استقلال القضاة والدفاع عن حقوق القضاة، وحملوا مشعل العلم وتميزوا بكتاباتهم وأحكامهم، وأشاعوا جو الثقة في المحيط القضائي وسطروا معالم إدارة مواطنة وقضاء قريب روحا وممارسة من المواطنين .
لكن اعذرني فما سمعته عن قرب تعيين مسؤول قضائي في محكمة درجة ثانية متخصصة استفزني للحديث لكم ، لأن معايشتنا له كقضاة جعلتني أتحمس للتنفير منه ، فيكفي أن يكون خروجه غير المشرف من هذه المحكمة للحكم عليه،فلا خبرة قضائية راكمها ، ولا تجربة أغناها،كان ديدانه الإدارة وكان صديقه الكتابة والتجني على القضاة، وإطلاق التهم المجردة عنهم ، يفرح ببت روح الفرقة بين القضاة ، وتحرير استفسارات ضدهم،يكره روح الإبداع والاجتهاد،يعادي نشر المعلومة القانونية والقضائية، باب المحكمة موصدة في وجه المرتفقين والمواطنين،حطم جدار ثقة القضاة في أنفسهم ،الاستقلالية عنده أضغات أحلام وأماني ،والعدالة عدالة السماء لا الأرض، الاجتهاد نقمة والكسل نعمة،والمحبة والثقة بين القضاة وقود نار، وفرق تسد شعاره،القضاء يحسبه إدارة ،والإدارة قضاء،والمواطن يحتاج إلى قضاء آخر، لأن القضاء بطبعه إداري،القضاء ليس منطق ربح وخسارة ، القضاء لا يسير بفكر تجارة واستثمار
سيدي الوزير ؛
لا نريد أسدا ولا نمرا، نريد قاضيا مقتدرا تستفيد منه الإدارة ولا يستفيد منها ،نريد قاضيا يحصن المنصب ولا يحصنه المنصب ، نريدا باحثا ومفكرا مجتهدا ،زاهدا في جمع المال،حاضا على العلم ،مخلصا للمواطنين، نريد قاضيا نزيها يقتات من قوت يومه ومن عرق جبينه،يقدر المسؤولية حق قدرها “.
وحيث إن الخاطرة موضوع المتابعة عبارة عن تأملات تضمنت العديد من المواصفات التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه في إطار مبادئ الشفافية والحكامة طبقا للفصل 154 وما يليه من الدستور غير موجهة إطلاقا ونهائيا لأي شخص بعينه وأنه تم استعمال أساليب لغوية مجازية تعبر عن حالة يعاني منها مشكل التعيين في المناصب العليا على مستوى المديريات المركزية .
وحيث إن الفصل 156 من الدستور ينص صراحة على ما يلي: “تتلقى المرافق العمومية ملاحظات مرتفقيها واقتراحاتهم وتظلماتهم وتؤمن تتبعها ” وقد تم تأكيد ذات المبدأ في الخطب والرسائل الملكية ذات الصلة بالموضوع؛
وحيث إن الوقائع المشكلة للمخالفة التأديبية تبقى فارغة ؛ إذ سندها الظن والتخمين وتبتعد كليا عن الجزم واليقين ، وغير آبهة بكون “الحق في التغيير” أهم مظنة لـ “حرية التعبير” ، وغير قادرة على التمييز بين قواعد الحكامة الجيدة للمرافق القضائية والإدارية وبين تقديس الأشخاص وتحصينهم من النقد بالمخالفة للدستور؟ وغير معتبرة لما استقر عليه القضاء المقارن بكون من لا تتسع نفسيته للنقد أن يلزم بيته وألا يقبل بأن يكون مسؤولا، وما خلص إليه قرار شهير لمحكمة النقض الفرنسية بأنه ﻻ يمكن لمن يتولى المناصب و المسؤولية في تسير الشأن العام أن يحصن سياساته من النقد حتى لو تضمن عبارات تقدح في كفاءته و قدرته على حسن اﻻدارة؛ أم أنه “فعلا قضاؤنا نحن أفضل من القضاء الفرنسي ؟؟؟” ؟؟؟
تلكم الظروف والملابسات المحيطة بالنازلة .
تــقـديــم:
أننا نصنع اليوم لحظة تاريخية فارقة نأمل أن تمسح الخطايا الموشومة على الجبين ، وأننا ينبغي أن نعلم أن قضيتنا ليست كباقي القضايا، ليست حكما مشبوها بسوء النوايا، ولا حرمة منتهكة في ليل الخطايا، قضيتنا اليوم ليست خطيئة نكراء لندفنها في الزوايا ، وأننا نعلنها منذ البداية إن كتب علينا القدر أن نعبر صراط التأديب في غفلة من الدستور فسنجتازه بصبر المؤمنين، ويقين الصالحين، عسانا نظيء العتمة للتائهين، ونرسم المسار للحيارى.
وأننا لا نعول بعد الله في السماء، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، سوى على الضمير اليقظ الذي إن غاب كان الأحياء أشبه بمن في القبور، وأن لنا اليقين أن الحاضرين قضاة تجملهم الفضيلة، وتزينهم أعمالهم الجليلة، وان قضيتنا بسيطة لا تحتاج سوى لتهدئة النفوس الشريفة، وصفاء السريرة العفيفة، لتعلن أننا قضاة، وإن كان فينا بعض من قدسية العدل الذي نمارسه في الأرض، فقد ترتكب ضدنا خطايا الإنسان، وأننا على ما يقال من أن رجل الإدارة عدو القاضي جريا على قول هوبز بكون الإنسان عدو لأخيه الإنسان، فقد اكتشفنا صحة المقولة، عندما بادر خيرة قضاة هذا الوطن، واحتضنوا الخلاف العابر بين الزملاء، واعتذر من اعتذر، وحمدنا الله أنه ما زال في القضاء خير، لنفاجئ بمتابعة تأديبية ظالمة ومشوبة بالتعسف والشطط في استعمال السلطة ،إن لم يكن قمة الانحراف فيها .
إننا نفاجأ اليوم بمنحى تنقيبي و تفتيشي يطارد الكلمة ويهب صاحبها قربانا للتأديب بمتابعات مطاطة تستفيد من فراغ مهول في الأسانيد القانونية، والتمظهرات الواقعية لواجب الوقار والكرامة.
لقد بتنا نخاف من أن نتحول جميعا إلى وليمة لواجب الوقار والكرامة، مثلما بتنا نخشى أن تكون الوليمة مطبوخة على نار الانتقام. إذ لم يسبق أن عرف القضاء المغربي إحالات على خلفية الأفكار والمعتقدات كما هو الحال اليوم
قد تستطع جهة المتابعة متابعتنا جميعا لكن مجلسكم الموقر لن يسمح لها بإجهاض الحلم باستقلال السلطة القضائية من قلوبنا وأفئدتنا وأعمالنا ومقرراتنا، لأنه خيار دولة وملك وشعب ، والله شهيد على ما نقول.
حيث إن المجلس كمحكمة تأديبية هو بطبيعته جهة قضائية ملزمة بالبت في الطلبات الأولية، والدفوع الشكلية المثارة بكيفية نظامية قبل كل دفع أو دفاع في جوهر القضية، تحت طائلة البطلان المستمد إما من عدم الجواب عن دفوع أثيرت في شكل مستنتجات كتابية أو نقصان التعليل الموازي لانعدامه؛
وحيث إن للعارض الصفة والمصلحة في التقدم بالآتي بيانه:
أولا: الطلبات الأولية والدفوع الشكلية
- طلب علنية المحاكمة:
توفرعلانية المحاكمة للإعلام خصوصا والجمهور عموما فرصة لمعرفة كيفية تطبيق القانون من قبل السلطة القضائية، إذ الأصل هو علانية المحاكمة ، فقد جاء في الفقرة (1) من المادة 11 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948″ كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان يثبت ارتكابه لها قانونا، في محاكمة علنية تكون قد توفرت فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عنه”، وجاء في الفقرة (1) من المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، “الناس سواسية امام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجة اليه او في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، ان تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة وحيادية”.
وبناء على ما تقدم فان الأصل في المحاكمات هو العلنية وان الاستثناء هو جعلها سرية، أي عدم السماح للجمهور بحضورها؛ وقد جاء في الفقرة (1) من المادة (14) من العهد الدولي الخاص المذكور اعلاه ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمات كلها أو بعضها لدواعي الاداب العامة أو النظام العام أوالامن القومي في مجتمع ديمقراطي او لمقتضيات حرمة الحياة، او في ادنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية؛ وبالتالي فإن تغطية وسائل الإعلام للمحاكمة، بغض النظر عن نوعيتها، سواء أكانت مكتوبة أم مسموعة أم مرئية ينسجم ومبدأ علنية المحاكمة التي تشكل إحدى ضمانات المحاكمة العادلة اعتبارا لكونها سلطة رابعة ، على الا يؤدّي تواجدها داخل قاعات المحاكم إلى التشويش على سير إجراءاتها .
وإليكم نظرة القانون المقارن عن الموضوع:
فاذا كان النظام الأساسي للقضاة لم يتناول موضوع علنية المحاكمة التأديبية العادلة بشكل مطلق كما سبق ذكره، فان القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للقضاء بفرنسا الصادر بتاريخ 22 دجنبر 1958 كان في بداية الأمر ينص في فصله 57 على أن اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء تكون سرية، وترجمة لهذا الفصل فقد أصدر المجلس المذكور بتاريخ 7-2-1981 و هو ينظر في طلب جعل جلسات المجلس التأديبي علنية مقررا جاء في تعليلاته “ان المجلس قرر رفض الطلب بعلة ان الفصل 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان لا تطبق أمام المجالس التأديبية ، كما أن الفصل 57 من القانون 22 دجنبر 1958 المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة كان ينص على جلسات المجلس الأعلى للقضاء تكون سرية.
و انطلاقا من هذا المقرر يبدو أن المجلس الأعلى للقضاء في فرنسا كان يميز بين قواعد المحاكمة التأديبية وبين قواعد المحاكمات الزجرية و المدنية و الادارية بشكل عام، واعتبر أن الفصل السادس من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان لا ينطبق على المحاكمات التأديبية وبالتالي فانه لم ينتصر لعلنية المحاكمة التأديبية الخاصة بالقضاء .
ونظرا للانتقادات التي تعرض لها هذا التوجه من طرف بعض الفقه فقد عمد المشرع الفرنسي بتاريخ 25 يونيو 2001 الى تعديل الفصل 57 من قانون 22 دجنبر 1958 بمقتضى الفصل 19 منه والذي جاء فيه : أن جلسات المجلس التأديبي تكون علنية ، غير أنه كلما كان حماية الأمن العام أو الحياة الخاصة ، أو نظرا لوجود ظروف خاصة من شأنها أن تشكل تهديدا على العدالة ، فانه يمكن منع الولوج الى قاعة الاجتماعات خلال مدة الجلسة كلها أو جزء منها “و أن مداولات المجلس التأديبية تكون سرية ، مع ضرورة اصدار القرار الذي يجب ان يكون معللا بشكل علني.
وبعد استعراض التصورات المفصلية للمشرع الفرنسي لقواعد المحاكمة التأديبية العادلة وخاصة ما يتعلق بعلنية جلسات المجلس الأعلى للقضاء ، يمكننا استنتاج نفس المبدأ من خلال ما تناوله النظام الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء بالمغرب -بغض النظر عن الخوض في قيمته الدستورية و الأسئلة التي طرحها من طرف بعض الحقوقيين و فقهاء القانون الدستوري – والذي نص في المادة 9 منه على أنه يمكن لنائب رئيس المجلس أن يستعين بالكاتب العام للوزارة الذي يحضر اجتماعات المجلس دون أن يشارك في المناقشات والتصويت ، ذلك أن السماح للكاتب العام للوزارة بالحضور لاجتماعات المجلس دون المشاركة في المناقشات و التصويت لا يعتبر هو الاخر دليلا على سرية الاجتماعات و لا يمكن ان يستشف منه المنع بالنسبة لغيره .
لهذا يبقى في نظرنا مبدأ علنية مناقشات المجلس الأعلى للقضاء يعد أهم مقومات المحاكمة التأديبية العادلة خصوصا في الحالة التي يتمسك فيها القاضي المتابع بذلك، وهي الإمكانية التي يمكن تصورها بالسماح لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها بالحضور ومتابعة كل أطوارها، لأنها تشكل لا محالة ضمانة إضافية تعكس الشفافية و الرقابة المجتمعية على المحاكمات التأديبية للقضاة ، وما يدعم هذا التوجه أيضا ما انتهت اليه توصيات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة بنشر المقررات التأديبية ، وعدم وجود أي مقتضى قانوني يفرض السرية على اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء، سيرا على التوجه الذي اعتمدته أفضل التجارب الدولية في العديد من الدول الأوروبية .
وبالرجوع الى مسودتي مشروعي القانونيين التنظيميين المتعلقين بالنظام الأساسي للقضاة و المجلس الأعلى للسلطة القضائية يتضح أنه لم يتم ملامسة هذا الشق من ضمانات المحاكمة التأديبية العادلة ولم يتعرض واضعو المشروعين لعلنية اجتماعات المجلس الأعلى للسلطة القضائية و كأنه اتجاه الى ابقاء الواقع السابق في المستقبل.
- الدفع بعدم قانونية تشكيل الهيئة لكون المنتدب للقيام بمهام أمين سر المجلس لم يحصل على ظهير التعيين بعد من طرف
- الدفع بتجريح الوزير وبعدم صلاحيته لترأس جلسة التأديب لانعدام مقومات الحياد والعدالة وانتهاك قرينة البراءة وخرق واجب التحفظ و والمس باختصاصات المجلس والمؤسسة الملكية وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم تحريك متابعة المشتكى به في الشكاية المقابلة والشطط في استعمال السلطة “ .
إن انتهاك قرينة البراءة من قبل جهة المتابعة؛ من خلال جواب وزير العدل على سؤال شفوي أمام مجلس المستشارين يمس بشكل خطير باختصاص المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية، ويطرح جدوى المحاكمة التأديبية؛ والمصادقة الملكية ؟؟؟ كما نتساءل عما إذا كان التأديب ملكية خاصة لجهة المتابعة ؟؟؟ أم هو نظام قانوني يروم تخليق الممارسة والفعل القضائيين ؟؟؟
“المجلس الأعلى للقضاء “، وعلى اختصاص المؤسسة الملكية باعتبار أن مولانا أمير المؤمنين هو رئيس السلطة القضائية وهو الجهة الوحيدة المخول لها النظر في إضفاء الصبغة التنفيذية على مقترحات المجلس،مما يكون معه التصريح المذكور يشكل خروجا من جهة المتابعة عن واجب التحفظ و الذي يستلزم عدم الإدلاء بتصريحات علنية تبرز بوضوح موقفها من قضايا معروضة على المجلس الأعلى للقضاء ،كما يشكل من ناحية أخرى إفشاء قبلي لسرية المداولات و خرق للمبادئ المنظمة لسير عمل المجالس العليا للقضاء في أفضل التجارب الدولية ، وهو ما يبرر التخوف من مسار المحاكمة التأديبية سواء بعد الخروقات القانونية المسجلة على المرحلة السابقة على المتابعة أو بعد اعلان وزارة العدل لموقفنا الصريح و تأكيدها لثبوت الأفعال موضوع المتابعة ، والتماس تخفيف العقوبة وتقديم الاعتذار العلني، حتى قبل مصادقة جلالة الملك على مشروع جدول أعمال الدورة طبقا للمادة الثامنة من النظام الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء.
- إيقاف البت في المتابعة التأديببة لعدم دستورية إحالة د الهيني على المجلس الأعلى للقضاء:
حيث استقر الفقه والقضاء على أنه رغم خلو التشريع من أي نص يخول المجالس التأديبية سلطة رقابة دستورية القوانين فإن من واجبها التصدى لذلك إذا دفع أمامها بعدم دستورية قانون أو أى تشريع فرعى أدنى مرتبة يطلب أحد الخصوم تطبيقه فى الدعوى المطروحة عليها، سندها فى تقرير اختصاصها هذا إلى أنه يعتبر من صميم وظيفتها القضائية القائمة على تطبيق القانون فيما يعرض عليها من منازعات، فإذا تعارض القانون المطلوب تطبيقه فى الدعوى مع الدستور وجب عليها أن تطبق حكمه وتغفل حكم القانون وذلك إعمالاً لمبدأ سيادة الدستور وسموه على التشريعات الأخرى.
وحيث إنه في نازلة الحال تكتسي رقابة دستورية قانون المتابعة التأديبية وسند انعقاد المحاكمة أهمية قصوى مستمدة من واجب صون دستور 2011 وحمايته من الخروج على أحكامه باعتباره القانون الأسمى الذي يرسى الأصول والقواعد التى يقوم عليها نظام الحكم، وأن هذا الهدف لا يتحقق على الوجه الذى يعنيه المشرع الدستوري إلا إذا انبسطت رقابة المجلس الموقر على فحص مدى انسجام المقتضيات المنظمة للتأديب ( الباب الخامس من ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء ) مع الضمانات المكرسة دستوريا في باب السلطة القضائية ولاسيما المادة 112.
ذلك أن الطاعن وغيره من القضاة اكتسب حقا دستوريا بموجب المادة المادة 114 من الدستور التي تنص على أن المقررات المتعلق بالوضعيات الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية تكون قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة، أمام أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة .
(القـــرار رقم 63 صادر في 2 مـارس 1979 ملف إداري عدد 60862).
هذا وتعتبر إحالة زميلنا على المجلس الأعلى للقضاء غير دستورية، على أساس أن دستور 2011 قد نص في الفصل 114 منه على كون المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية ادارية بالمملكة.
لأنه ولئن كان الفصل 178 من الدستور ينص على أن المجلس الأعلى للقضاء يستمر في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، فان اعتماد التأويل الديمقراطي والحقوقي للدستور فقد كان المأمول من مجلسكم الموقر تأخير البت في الملف إلى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ضمانا لحقه في ممارسة الطعون المتاحة له قانونا، وأن يستفيد من مزايا التشكيلة الجديدة للمجلس المذكور.
و في نفس المنحى تنص المبادئ التوجيهية التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة 8 لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في هافانا من 27 أغسطس الى 7 أيلول سبتمر 1990 بخصوص الاجراءات التأديبية.
كما يتعين أن تعالج الشكاوى التي تقدم ضدهم و تدعي أنهم تجاوزوا بوضوح نطاق المعايير المهنية، معالجة سريعة و منصفة و في اطار اجراءات ملائمة، ويكون لهم الحق في الحصول على محاكمة عادلة ، و يخضع القرار لمراجعة مستقلة.
و قد سبق لمجلسكم المحترم، في عهد وزير العدل السابق المرحوم محمد الطيب الناصري، أن قرر تأخير البت في الملفات التأديبية الى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل ضمان حق القضاة في الطعن في مقرراته .
لقد بتنا نخاف من أن نتحول جميعا إلى وليمة لواجب الوقار والكرامة، مثلما بتنا نخشى أن تكون الوليمة مطبوخة على نار الانتقام؛ إذ لم يسبق أن عرف القضاء المغربي إحالات على خلفية الأفكار والمعتقدات كما هو الحال اليوم .
- إيقاف البت في المتابعة إلى حين النظر في شكاية الهيني للارتباط والضم :
وحيث تقدم الدكتور الهيني بشكاية لجهة المتابعة ترمي إلى متابعة القاضي مدير الشؤون المدنية محمد نميري من أجل الإخلال بالوقار والكرامة التي يتعين أن يتقيد بها القاضي في جميع الأحوال.
– ونفت السموم “كناية للأفعى” التي تنفت وحدها السموم،وليس غيرها من بني البشر؛
– والترهات هي الأباطيل والهذيان والثرثرة والكلام الفارغ بل الخرافة واللغو والكلام الجاهل الذي لا يصدر إلا عن غير عاقل وأحمق في غير أتمه ؛
فتكون بذلك العبارات المذكورة “مستعارة” من قاموس الألفاظ البديئة الجارحة والمخلة بالآداب والأخلاق العامة؛ التي لا يستعملها عامة الناس ولا خاصتهم، والتي لا يمكن أن تصدر عن شخص واع ومثقف بالأحرى قاض ومسؤول عن نفسه وعن غيره وعن مرفق إداري ، ومؤتمن على حقوق ومصالح المرافق العدلية والمهن القانونية والقضائية، وعلى حسن سلامة المساطر التشريعية والتنظيمية التي تعتمد مبادئ الأخلاق وحسن النية والحكامة والمسؤولية والمحاسبة.
ويستمد الطلب وجاهته من كون الفصل في دعوى د الهيني وثيقة الصلة بالبت في شكايته؛ إذ ثمة ارتباط عضوي قائم على وحدة مضمون التأديب وهو اللغة/الكلام، فإذا كانت خاطرة الهيني قد اعتبرت على لفظها العام، وعدم تكلمها عن اسم معين، والتزامها بحد أدنى من عبارات النقد الذي قيده الدكتور عند استهلال رسالته بالرغبة في النصح لغاية الإصلاح، ومع ذلك اعتبر خارقا للوقار، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه بحدة أخلاقية لا يمكن القفز عليها هو ما إذا كان يُتصور ممن حرك المتابعة، وهو يزن بميزان العدل، ويسوس بقسطاس الحياد، أن يُسقط منهجه في قراءة الخاطرة تأديبيا على شكاية الدكتور؟
6- إيقاف البت في المتابعة إلى حين البت في ملف محضر 20 يوليوز في مرحلة الاستئناف لما يشكله ذلك من تأثير على استقلال القضاء: وحيث إن الهيئة التي يترأسها الدكتور الهيني ومقررها هي التي بتت في ما يعرف بملفات محضر 20 يوليوز والتي صدر فيها أحكام وصلت لأكثر من 1800 حكم قضت جميعها بالحكم على الدولة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمعطلين .
وحيث إن وزير العدل صرح بمجرد صدور هذه الأحكام كما هو ثابت بشكل لا جدال فيها أن التوظيف المباشر هو عين الفساد ،ولم يكتف بذلك بل اعتبر القاضي الدكتور الهيني يقوم ببطولات وهمية كررها ضمنيا على مسامع القضاة الملحقين في حفل التنصيب وأكد عليها في جوابه على سؤال شفوي بمجلس المستشارين .
وحيث إن المتابعة الحالية هدفها فقط استهداف القاضي المتابع والتأثير على استقلاليته من خلال بوابة المتابعات التأديبية المغلفة تحت ستار القانون ،وبصفة أساسية أيضا ترهيب وتخويف قضاة الاستئناف المعروضة عليهم قضايا المعطلين ،مما يوجب إيقاف المتابعة التأديبية إلى حين البت في استئناف هذه القضايا.
7-الدفع ببطلان المتابعة لصدورها عن جهة غير مختصة وهو الوزير في غيبة أعضاء المجلس المعينون بقوة القانون:
إن الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا طبقا للمادة 61 من النظام الأساسي لرجال القضاء هي لجنة المتابعة المكونة من الأعضاء المعنيين بقوة القانون والتي تمثل المجلس الأعلى للقضاء برئاسة نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء وزير العدل ، بحيث لا يملك وزير العدل تسطير المتابعة لوحده، مما يجعل المتابعة الحالية باطلة .
ينهى وزير العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء الأفعال المنسوبـة للقاضي، ويعين بعد استشارة الأعضاء المعينين بقوة القانون مقررا يجب أن تكون درجته أعلى من درجـة القاضي المتابع.
يحق لهذا الأخير الإطلاع على الملف وعلى جميع مستندات البحث باستثناء نظرية المقرر.
يشعر القاضي علاوة على ذلك قبل ثمانية أيام على الأقل بتاريخ اجتماع المجلس الأعلى للقضاء للنظر فـي قضيته.
يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يأمر بإجراء بحث تكميـلي قبـل البت في القضية.
يمكن للقاضي المحال على المجلس الأعلى للقضاء أن يؤازر بأحد زملائه أو أحد المحامين، ويحـق للمساعد المعين الإطلاع على المستندات كما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية.
يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يوقف النظر عند وجود متابعـة جنائية إلى أن يقع البت فيها بصفة غير قابلة للطعن” ونصت المادة 60 من نفس القانون على أنه:« تصدر العقوبات بعـد استشارة المجلس الأعلى للقضاء بقرار لوزير العدل بالنسبة لعقوبات الدرجة الأولى وبظهير بالنسبة لعقوبات الدرجة الثانية ” – الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا:
أول ما ينبغي ملاحظته أن رجال القانون ، وحتى بعض القضاة ، يعتقدون أن وزير العدل هو الذي يقرر إحالة القضاة إلى المجلس الأعلى للقضاء ومتابعتهم تأديبيا ، وسبب ذلك يعود إلى قراءة ظاهرية للفقرة الأولى من المادة 61 من النظام الأساسي لرجال القضاء .لكن بقراءة تحليلية للمادة المذكورة يتضح أن متابعة القضاة تأديبيا تمر عبر مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى:
ينهي وزير العدل إلى علم المجلس الأعلى للقضاة الأفعال المنسوبة إلى القاضي و المستخلصة من البحث الذي تجريه المتفشية العامة التابعة لوزارة العدل ،وبما أن المجلس الأعلى للقضاء لا يكون منعقدا بصورة دائمة ، إذ يعقد دورتين في السنة ، فإن الأعضاء المعينين بقوة القانون وهم: الرئيس الأول لمحكمة النقض ، والوكيل العام للملك لديها ، ورئيس الغرفة الأولى ، يشكلون بقوة القانون لجنة دائمة برئاسة وزير العدل تمثل المجلس المذكور.
المرحلة الثانية :
تقوم اللجنة المذكورة – بهذه الصفة – بدراسة الأفعال المنسوبة للقاضي من خلال ما يحيله عليها وزير العدل من أبحاث وتقارير فتقرر :
إما حفظ ملف القضية إذا تبين لها عدم جدية الشكوى المقدمة ضد القاضي أو أن الفعل لا يشكل مخالفة تأديبية ، أو عدم وجود وسائل مادية تنبث هذه الأفعال في حق القاضي، أو أن الفعل المنسوب إليه يشكل جريمة ولم يصدر بعد قرار بمتابعته جنائيا .
و إما متابعة القاضي بالأفعال المنسوبة إليه ، وإحالته إلى المجلس الأعلى للقضاء لينظر في قضيته .
المرحلة الثالثة:
- تعيين مقرر تكون درجته أعلى من درجة القاضي المتابع . يقوم بإجراء بحث بخصوص الأفعال المنسوبة إليه .
- إشعار القاضي بإحالته للمحاكمة التأديبية ، وتعريفيه باسم وصفة القاضي المقرر في قضيته .
- توقيف القاضي عن مزاولة مهامه إذا توبع جنائيا أو ارتكب خطأ خطيرا.
وإذا كنا قد أنكرنا على وزير العدل الحق في متابعة القاضي تأديبيا، فإن سندنا في ذلك يعود إلى أن المادة 61 من النظام الأساسي للقضاة حصرت مهمة وزير العدل في إخبار المجلس الأعلى للقضاء بالأفعال المنسوبة إلى القاضي، وإذا كانت المادة المذكورة قد أعطت لوزير العدل حق تعيين المقرر ” الذي يعتبر مفتاح المتابعة التأديبية ” فإنها علقت صلاحية الوزير على استشارة أعضاء المجلس المعينين بقوة القانون، وهذه الاستشارة لا تنصب على تعيين المقرر ، وإنما تنصب على الأفعال المنسوبة إلى القاضي و التي يرفعها وزير العدل إلى المجلس ، والاستشارة هنا كمصطلح قانوني لا تعني مجرد إبداء وجهة النظر وإنما تعني النظر و التداول ، وحتى التصويت إن اقتضى الأمر ذلك ، وبصورة أوضح فإنها تعني : دراسة الأفعال المنسوبة للقاضي من قبل اللجنة المكونة من الأعضاء الدائمين بالمجلس واتخاذ قرار بشأنها. وبهذا المعنى وردت عبارة “بعد الاستشارة “في عدد من نصوص النظام الأساسي لرجال لقضاء منها :
– المادة 60 التي تنص على أنه: « تصدر العقوبات بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء بقرار لوزير العدل بالنسبة لعقوبات الدرجة الأولى .
المادة 63 -الفقرة الثالثة- التي تنص على أنه: « يمكن أن تصدر ضد المعني بالأمر ………….عقوبة العزل ……. بظهير بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء». و لا أحد يجادل في أن المقصود من إستشارة المجلس الأعلى للقضاء هو تداول المجلس المجلس المذكور في المسألة.
وبذلك يمكن القول أن الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا طبقا للمادة61 من النظام الأساسي لرجال القضاء هي لجنة المتابعة المكونة من الأعضاء المعنيين بقوة القانون والتي تمثل المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل طبعا .
7– الدفع ببطلان المتابعة لعدم تسجيل الشكاية أساس المتابعة بالطرق القانونية:
وحيث إنه بالاطلاع على الشكاية المحررة بتاريخ 2-3-2014 فإنها لم توجه لوزارة العدل بالطرق القانونية بحيث لا يظهر منها تاريخ تسجيلها وتقديمها للوزارة، مما يوضح أنها سلمت للوزير مباشرة، ومن صنع الوزارة وابتكارها الخالص ،ولم تعطى فيها التعليمات إلا بتاريخ 5-3-2014 وسجلت بالمفتشية بتاريخ 11-3-2014 ،فهل يعقل أن تنزل الشكاية من الطابق الثالث للطابق الأول في مدة ستة أيام كاملة؟؟؟.
8- الدفع بسقوط المتابعة لوقوع الصلح وتنازل المشتكي:
يتضح من الإشهادات المتواجدة بالملف أنه ثمت صلح أجري حفاظا على وحدة الجسم القضائي من قبل لجنة تضم كلا من القيدومة دة احفوظ رئيسة الجمعية المغربية للقضاة والسيد رئيس نادي بقضاة المغرب ذ ياسين مخلي والعضو المؤسس للنادي ذ عبد الله الكرجي؛ إلا أننا فوجئنا بمتابعة المستشار الهيني من قبل السيد وزير العدل والحريات متذرعا بعدم توصله بأي صلح؟؟؟ رغم نفاذه أمام ثلاث قضاة وتداول الأمر إعلاميا وقضائيا؛ ورغم ما هو مستقر عليه في كافة التشريعات من كون الصلح لا يجوز الرجوع فيه، ولو باتفاق الطرفين، مما جعل القضية تبدوا مشخصنة وتطرح اكثر من علامات استفهام؟؟؟ بل وتجعل النظام التأديبي وغاياته في الميزان ؟؟؟
كما نص الفصل 1107 منه على أنه لا يجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق الطرفين .
” عقد الصلح يعتبر التزاما بإرادة الطرفين ، لا يجوز الرجوع فيه وأن المحكمة لما ذهبت عكس هذا الاتجاه تكون قد خرقت مقتضيات الفصل 230 من ق.ل.ع.
( قرار المجلس الأعلى عدد : 724 المؤرخ في : 27/02/2002 ملف مــدنــي عدد : 114/1/2/99 )
وفي نفس الاتجاه أقرت محكمة النقض المصرية ما يلي:
” اذا كان انتهاء الخصومة بغير حكم فى الدعوى يرجع الى أسباب مختلفة نظم قانون المرافعات المصرى بعضها كما فى أحوال السقوط والانقضاء بمضى المدة والترك ، ولم ينظم البعض الآخر كما فى حالة الصلح بين طرفى الخصومة وحالة وفاة الخصم أو غيره اذا كان النزاع مما ينتهى بالوفاة كما فى دعاوى التطليق والطاعة والحضانة والضم ، وكان اغفال هذا التنظيم يعد نقصا تشريعيا يوجب على القاضى تكملته بالالتجاء الى المصادر التى نصت عليها المادة الأولى من القانون المدنى ومنها قواعد العدالة ، فان الحل العادل فى حالة حسم المنازعة صلحا أن يقضى فيها بانتهاء الخصومة المادة 553 من القانون المدنى- الطعن رقم 483 لسنة 42 ق جلسة 1981/11/30 س 32 ص 2169 – .
9-الدفع بعدم اختصاص المجلس للنظر في الوقائع موضوع المتابعة والاعتداء على اختصاص مطلق للقضاء في الموضوع، لأن السب والقذف مجاله القانون الجنائي وليس القانون التأديبي : نص الفصل 58 من النظام الأساسي للقضاة على أنه ” يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو بالوقار أو الكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل متابعة تأديبية”.
وحيث إن الخطأ المهني القضائي هو الخطأ الذي يقع من القاضي أثناء ممارسة عمله أو بمناسبته،وبهذا التعريف يخرج عن ماهية الخطأ المهني التصرفات والالتزامات والعقود الصادرة عن القاضي في المجال الأسري والعقاري والمدني كالبيع والشراء والكراء والرهن ونحوه ،لأنه يبرمها بصفته كمواطن له نفس الحقوق وعليه من الالتزامات،وهكذا فإن وقوع خلاف أو منازعة قانوينة أو قضائية بشأنها يخول للطرف المتضرر اللجوء للقضاء ،ولا يمكنه التشكي أمام المجلس الأعلى للقضاء لأنه مجلس تأديبي مهني يحاكم تصرفات مهنية وليس محكمة ،ومن ثم لا يملك الفصل في المنازعات القانونية والقضائية المثارة سواء بين القضاة أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم من المواطنين،لأن تخويله النظر في مثل هذه القضايا فيه مصادرة لاختصاص القضاء الأصيل والطبيعي للفصل فيها ،لان اختصاص القضاء متصل بالنظام العام ،وهو اختصاص مطلق لا يمكن أن تشاركه فيه أي جهة إدارية آخرى تحت طائلة اعتبار البت فيه قرار إداري مشوب بالشطط في استعمال السلطة لخرق قواعد الاختصاص ؛ على أن هذه القاعدة البديهية يحدها قيدين استثنائيين مهمين أولاهما أن ارتكاب أفعال أو تصرفات غير أخلاقية ولو كانت خارج ممارسة المهنة تندرج في إطار الخطأ التأديبي ما لم يشكل الأمر جرما جنائيا ،نفس الأمر ينطبق على الجرائم القصدية المرتكبة من طرف القاضي التي تعد في جميع الأحوال خطأ تأديبيا ،وهنا يتعين إيقاف البت في المتابعة التأديبية إلى حين الانتهاء المسطرة الزجرية تحت طائلة عدم المشروعية.
قرار محكمة النقض عدد 1643/10 صادر بتاريخ 25 نونبر 2009” كما جاء في قرار قيم للمحكمة الدستورية المصرية ما مؤداه أن “الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة باعتبار أن هذه الأعمال من الشؤون العامة التي لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها والالتزام بضوابطها ومتطلبتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل، ولأن الوظيفة العامة وما يتصل بها من الشئون العامة لا تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها. والتزامهم الأصلي في شأنها مقصور على النهوض بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون .
وهكذا فإن نقد الأشخاص المكلفون بمهام إدارة عمومية أو مرفق إداري بشأن أعمالهم لا يقع تحت طائلة التأثيم طبقا لما استقر عليه القضاء المقارن بكون من لا تتسع نفسيته للنقد أن يلزم بيته وألا يقبل بأن يكون مسؤولا، وما خلص إليه قرار شهير لمحكمة النقض الفرنسية بأنه ﻻ يمكن لمن يتولى المناصب و المسؤولية في تسير الشأن العام أن يحصن سياساته من النقد حتى لو تضمن عبارات تقدح في كفاءته و قدرته على حسن اﻻدارة.
ومن المهم الإشارة في الأخير أن التأديب ليس ملكية خاصة لجهة المتابعة تستعمله متى تشاء وبدون ضوابط قانونية وإنما نظام قانوني يستهدف تخليق الممارسة القضائية بهدف حماية حقوق وحريات المتقاضين وصيانة قواعد سير العدالة. لكن يبدو أن الانقلاب على مسلسل إصلاح منظومة العدالة قد تطور ، ما دام أن وزارة العدل قد جعلت رؤوس القضاة المحركين لدينامية هذا الإصلاح هدفا للمتابعات التأديبية والاستدعاءات الترهيبية من طرف المفتشية العامة التابعة لها،وهكذا أصبح التأديب مدخلا للتأثير على استقلالية القضاء كمؤسسة والقضاة كأفراد لكبح جماح الجرأة والشجاعة الأدبية للقاضي وجعله آلية صماء لقضاء التعليمات.
10- الدفع ببطلان المتابعة لخرق حقوق الدفاع :
هذا وقد تجسد على مستوى كافة المراحل:
ـــ عدم انصراف الأجل المعقول بين تاريخ الاشعار و تاريخ أول جلسة للاستماع ؛
ـــ رفض المفتشية العامة لطلب المؤازرة المقدم من طرف المحامين و القضاة و ممثل نادي قضاة المغرب ؛
ـــ عدم تمكين مؤازرنا من الاطلاع على وثائق ؛
-الدفع بعدم بيان موضوع الاستدعاء ووسائل الإثبات المؤيدة له وبما يفيد قرار الوزير باتخاذ إجراء الاستماع ،خرق حقوق الدفاع –الفصل 120 من الدستور -والحق في المعلومة-الفصل 27 – للمستمع إليه وللجمعية المهنية التي ينتمي إليها ،المس بالأمن القانوني للقاضي والمتقاضون “السلامة المعنوية”.
-الدفع برفض مؤازرة المحامين والقضاة :
– الدفع بخرق قاعدة علنية إجراءات الاستماع ؛
– الدفع بعدم التمكين من دليل الاستماع وحقوق المستمع إليه”الميثاق”
-الدفع بعقد جلسة الاستماع في وقت انعقاد الجلسة القضائية التي يترأسها المؤازر؛ مع عدم وجود سنذ قانوني يعتبر هذ التغيب مبررا .
-الدفع بعدم التمكين من نسخة الشكاية :
-الدفع بالتعسف في استعمال حق الاستماع في غياب قرائن على ارتكاب المخالفة:
-الدفع بخرق قاعدة المساواة أمام القانون وأمام هيئة التفتيش ،وخرق واجب الحياد بعدم الاستماع للمشتكي استغلالا لمنصبه الوظيفي:
-الدفع بإتلاف محضر الاستماع أمام المفتشية العامة، وعدم تمكيننا من نسخة منه:
– بطلان تقرير المفتشية للموضوعية والحياد من خلال العبارات المستعملة في التقرير -ب- على مستوى مرحلة التقرير:
– بطلان تقريرالمقرر:
-تعيين مقرر من مؤسسة النيابة العامة التي تتبع مباشرة وزير العدل وهو رئيسها حاليا مما يؤكد شبهة عدم الحياد
-المقرر حرر تقريره بوصفه وكيلا عاما للملك وليس مقررا وهذا واضحا من مراسلته للوزير مما يجعل الملف خاليا من أي تقرير يذكر من الوجهة القانونية
-تضمن التقرير تزويرا للتصريحات على مستوى المستنتجات بتحريفه الوقائع حين أشار بأن الاستاذ الهيني صرح بأنه لم يعايش أي رئيس محكمة متخصصة ما عدا نميري؟؟؟؟؟؟
– خرق واجب الحياد والعدالة بعدم الاستماع للمشتكي لاستغلال منصبه الوظيفي .
– وتجاوزه حدود المتابعة المعين للبحث فيها تبعا للمهمة الموكلة إليه والمتعلقة بالشكاية بشأن الخاطرة إلى بحث في تصريح بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع دون تبيان مصدر هذا التصريح والذي أوحى إليه بالبحث فيه مما يبين أن التقرير موجه ومتحيز .
– الدفع برفض مؤازرة المحامين والقضاة
– الدفع بخرق قاعدة المساواة أمام القانون وأمام المقرر ،وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم الاستماع للمشتكي لاستغلال منصبه الوظيفي
– الدفع بعدم التمكين من الاطلاع على تقرير المفتشية ومحضر الاستماع
– عدم التمكين من نسخة من الشكاية أساس المتابعة
– الدفع بعدم التمكين من نسخة التقرير
– خرق المقرر لواجب الحياد من خلال :
– عدم استدعاء المشتكي المدير لتأكيد الشكاية أو نفيها لاعتقاده أنه فوق القانون سيمس وقاره وكرامته بالاستماع إليه
– عدم توثيق محضر الجلسة الثانية للتقرير المنعقدة بمكتبه ببني ملال يوم الاثنين ماي 2014
– تحريف الوقائع بالإشارة أن الاستاذ الهيني صرح بأنه لم يعايش أي رئيس محكمة متخصصة ما عدا نميري؟؟؟؟؟؟
-عدم استدعاء أطراف الصلح للاستماع إليهم
-عدم الاستماع لرئيس المحكمة والرئيس الأول رغم تقديم الطلب بذلك فيما يخص وقار وأخلاق القاضي الهيني
– تجاوز المقرر لحدود اختصاصه تبعا للمهمة الموكلة إليه والمتعلقة بالشكاية بشأن الخاطرة إلى بحث في تصريح بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع دون تبيان مصدر هذا التصريح .
– عدم بحث المقرر أو إعداده تقرير بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع
– عدم تضمين التقرير مضمن محاضر لجنة الصلح ومضمون انتهاك الوزير لقرينة البراءة .
-عدم تضمين التقرير مضمن تقرير الخبرة الاستشارية النقدية للخاطرة.
– عدم القيام بإي إجراء تحقيق في النازلة ومنها إجراء خبرة قضائية نقدية أدبية بشأن الخاطرة .
ج-على مستوى مرحلة العرض على المجلس :
-عدم التمكين من تصوير ونسخ وثائق الملف التأديبي:
11- الدفع بزورية تقريري المفتشية العامة والمقرر :
أ – بالنسبة لتقرير المفتشية العامة :
حيث بالرجوع إلى تقرير المفتشية العامة يتبين أنه طاله تزوير وذلك في صورة تحريف تصريحات المؤازر من خلال عدم الإشارة إلى تصريحه بكونه الخاطرة غير موجهة إطلاقا إلى أي شخص بعينه ، مضمنا بدلها عبارة كون “المؤازر أصر على عدم الجواب” ، فضلا عن الإشارة إلى إطلاع المؤازر على مضمون الشكاية في حين أن رفض إطلاعه عليها كانت أهم أسباب انسحابه من جلسة الاستماع وفق ما تناقلته وسائل الإعلام في بلاغ للرأي العام .
واعتبارا لكون التزوير جريمة عمدية ، وبالنظر لكون الركن المعنوي يستشف من وقائع الحال سيما سوء النية ، فإن ما يؤكد تعمد التزوير هو إتلاف محضر الاستماع لعدم وجوده ضمن وثائق الملف ، فضلا عن التحامل الذي يظهر واضحا في التقرير المرفوع للوزير من خلال العبارات المستعملة به والتي تخلو من أية مهنية أو علمية تذكر من قبيل استعمال مصطلح “تصفية الحسابات” .
وقد تضمن التقرير أنه بعد تقديم ملتمس المؤازرة ، تم اقناعنا بعدم وجود نص يسمح بهذه المؤازرة ، و اننا اقتنعنا بذلك ، علما أننا لم يسبق لنا أن أبديت أي موقف يمكن أن يستشف منه اقتناعنا بوجهة نظركم لا صراحة ولاضمنا ، ذلك أنني تمسكنا أمامكم بما تضمنه الفصل 30 من قانون المحاماة و الذي ينص على حق المحامين في المؤازرة و تمثيل الأطراف أمام الادارات العمومية ، فضلا على تمسكي بأفضل التجارب الدولية و التي اقرت على ضرورة احترام حقوق الدفع و التواجهية حتى أمام المفتشية العامة بحسب مقرر المجلس الاعلى للقضاء الفرنسي الصادر خلال شهر يوليوز 2013
فيعتبر بذلك ما ضمنتموه تزويرا للحقائق سيما وأن العديد من المؤازرين نددوا بعد ذلك في منابر إعلامية بالحرمان من الحق في الدفاع – يراجع التصريح المنشور بجريدة الأخبار ليومه الخميس 8 ماي 2014 و كذا التصريح المنشور يوم الثلاثاء 8 أبريل 2014 بنفس الجريدة . للسيد رئيس النادي- .
ب – بالنسبة لتقرير المقرر:
ويتجلى التحريف في القول بكون المشتكي أكد شكايته، دون ذكر مصدر هذا التأكيد وهو الامر غير الثابت وثائق الملف، لأنه لم يسبق للمقرر بتاتا أن استمع للمشتكي رغم مطالبة المؤازر بذلك ، وامام ما ادلي له به (المقرر من إشهادات صادرة عن رئيسي جمعيتين مهنيتين وقاض آخر تؤكد وقوع صلح بين الطرفين .
كما يتجلى التحريف كذلك في ما تضمنه تقرير المقرر من أن المؤازر لم يعايش إلا ثلاث مسؤولين في حين أن محضر الإستماع الموقع عليه لا يتضمن ذلك، فضلا عن أنه لم يبين من أين استقى تصريح المؤازر بكون جلسة الاستماع بالمفتشية العامة كانت عبارة عن مشهد هزلي وعلى الرغم من خروج ذلك عن حدود مهمته ، مما يوضح مدى تحامل المقرر وفق ما سنفصله في حينه .
هذا ويبلغ التحريف والتزوير مبلغه من خلال عدم تسجيل ما راج خلال الجلسة الثانية للاستماع بمكتب المقرر بمدينة بني ملال؛ مما يشكل إتلافا معنويا لوثيقة رسمية سيرا على نهج سلفه “المفتش العام” .
ثانيا: الدفوع الموضوعية :
يحسبون كل صيحة عليهم – صدق الله العظيم –
-الدفع بعدم شرعية المتابعة لعدم تعلقها بالوقائع
–حول انعدام الإثبات:
- حول عمومية الوقائع موضوع المتابعة:
وحيث إن الملف خال من أي وسيلة إثبات تعزز المتابعة التأديبية،وأن ما تضمنه لا يعدو أن يكون مجرد خلق لاتهامات وهمية عامة وتصريحات متناقضة لا تقوم على أساس صحيح من الواقع أو القانون .
وهكذا اعتبرت محكمة النقض في العديد من قراراتها منها القرار الصادر بتاريخ 5 فبراير 1962 “إن الادعاءات العارية من كل برهان لا يسوغ أن تعتبر حجة”.
كما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بمراكش صادر بتاريخ 11 دجنبر 1996وحيث إن القرار التأديبي مبني على مجرد شكوك حول تصرفات الطاعن، وما نسب إليه من اتهامات خطيرة دون بيان لمدى ثبوت هذه الاتهامات يكون مفتقدا لركن السبب وبالتالي عرضة للإلغاء حكم عدد وحيث قضى المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 2 شتنبر 2009 “يتوجب على غرفة المشورة أن تكيف الوقائع المنسوبة إلى المتابع ،وهل يعتبر تصرفه إخلالا من جانبه بمبادئ المهنة أم لا” نشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة الغرفة الإدارية الجزء السادس ص 151 .
جاء في قرار محكمة النقض المصرية” يشترط في الدليل أن يكون صريحا ،ودالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ،فلا يكفي أن يكون ثبوتا عن طريق الاستنتاج ،مما تكشف من الظروف والقرائن العامة وغير المتناسقة والسائغة تصح لترتيب النتائج على المقدمات ”
جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 5 يناير 1995وحيث إن الإدارة ذكرت أسباب لتبرير قرارها دون أن تدلي بما يثبت صحة هذه الأسباب من الناحية الواقعية ،الشيء الذي يجعل قرارها مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة مما يتعين معه الحكم بإلغائه.حكم عدد 7 ملف 82-94
كما جاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 10 غشت 1984″إذا كانت للمجلس التأديبي صلاحية تقدير الحجج لتكوين قناعاته فإنه يجب أن يبني مقرره التأديبي على وقائع ثابتة ومعينة ومحددة فلا تكفي مجرد عموميات” مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 39 ص 162.
ب- حول عدم سلامة الوصف القانوني للمصرح المشتكي :
عدم التمييز بين المشتكي والشاهد والمصرح:
وحيث إن كلا من تقرير التفتيش وتقرير المقرر لم يقيما لم يقم أي تمييز للفروق القانونية بين المشتكي والشاهد والمصرح والضحية،لكونه اعتمد على شكاية المشتكي للتحقق من المخالفة التأديبية دون إبراز الطبيعة القانونية والوصف القانوني للتصريح المعتمد في نظره لتبرير استنتاجاته .
وهكذا اعتبرت محكمة النقض قرار صادر بتاريخ 19 نونبر 1982 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31 ص 164أن تصريح المشتكي لا تعتبر شهادة ولا تقوم كعنصر في الإثبات ولا تكفي للإدانة .
كما اعتبر في قرار آخر صادر بتاريخ 14-4-1961 عدد 483″المشتكي لا يعتبر شاهدا إلا بعد أدائه اليمين القانونية،وبذلك يجب تحليفه إياها وإلا كان الحكم باطلا،مجموعة قرارات المجلس الأعلى في المادة الجنائية 1957-1961 ص 191 .
وهكذا اعتبر المجلس الدستوري في قراره الصادر بتاريخ 24 أبريل 1998″إن التشكي وحده لا يعتبر حجة على الادعاء”القرارات الكبرى للمجلس الدستوري المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 30-2012.
وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 15-10-2008″للقضاة كامل الصلاحية في تقدير مختلف وسائل الإثبات المعروضة عليهم ومن جملتها القرائن القضائية متى كانت القرائن قوية وخالية من اللبس ومستمدة من وقائع ثابتة بيقين ولا تقبل إثبات العكس”،الحسن هوداية وسائل الإثبات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى ،ص 39.
وحيث إن العيوب التي امتدت إلى تقريرالمفتشية تعكس حجم الخلل الذي يشوب صناعة التقارير الإدارية القضائية من غياب التحري وإبراز الحقيقة والذود عنها لإنصاف المظلوم وإرجاع الحقوق_ والتي يترتب عنها البطلان لكون حيادية التقرير جزء من المحاكمة التأديبية العادلة .
وقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكم لها بتاريخ 20 يونيو 2011 “أن الضمانات المقررة في المحاكمات الجنائية تسري قواعدها بالنسبة لباقي أنواع المحاكمات التي تستدعي إجراء مداولات واتخاذ مقررات تأديبية أو زجرية المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 54 -55 ص 223.
حيث إن المجلس الأعلى للقضاء وهو في سبيل التحقق من صحة قيام الوقائع التي تشكل سبب القرار يتصدى لها من زاويتين فمن ناحية يبحث في وجودها المادي ومن ناحية يتحقق من صحتها القانونية بالبحث فيما إذا كانت الوقائع محل المتابعة هي نفسها الوقائع التي يشترط القانون قيامها لإضفاء المشروعية على المقرر المتخذ .
وحيث إن الأجدى والأنفع أن لا يتم إحالة جميع المخالفات على مجلسكم هذا بدون حصر و تحديد مواطن العثرات و مكامن الزلل بدون تساهل مما يسقطنا في خطر الجمود والتعميم وضررها على القاضي والعدالة أكثر من نفعها ، بأن ينصب روح عمل المجلس على ما يستحق ويصلح كأساس للعقاب بالنظر للاعتبارات العامة والغائية المستهدفة من تحقيق المصلحة القضائية وليس الردع بنوعيه العام و الخاص.
وفي هذا الصدد قال منتسكيو ” إن القوانين غير المفيدة تضعف قيمة القوانين الضرورية ونقول في هذا المجال أن المتابعات غير الملائمة تضعف بل و تطرد المتابعات الضرورية” لأن ما يهمنا هو ضمان فاعلية الجزاء التأديبي وضمان عدم إسراف السلطة التأديبية.
وحيث إن ذلك يستلزم تقييم الوقائع والتصرفات ذات الطبيعة المبررة لفتح المتابعات حتى لا نقول مثل ما قال به بعض الفقه الفرنسي أن القاضي يرتكب خطأ عندما يرتكب خطأ.
Le juge commet une faute lorsq’il commet une faute
وحيث إن العنصر الأساسي من عناصر التطوير التي لا غنى عنها في تطوير نظم حديثة لتقويم العمل القضائي، أن هذه النظم لا يجب أن تقتصر على تقويم العنصر البشري، بل تمتد إلى منظومة العمل القضائي بكاملها وبحيث يكون دور المجلس الأعلى دافعاً للتوجيه والبحث عن أفضل الممارسات، فالأمر لا يدور دوماً بين الخطأ والصواب بل قد يتصل بالسلطة التقديرية للقاضي، وكيف يمكن إعمالها بشكل يتناسب مع احتياجات المجتمع وتوقعاته ومتطلبات تطوره .
وحيث إن المجلس الأعلى للقضاء يمثل سياجاً يحفظ للنظام للقضائي أهم مقوماته من الاستقلال والحيدة والنزاهة، بما يؤكد مسؤولية النظام القضائي عن الحفاظ على المجتمع ومقوماته وقيمه ويلائم احتياجاته المتجددة ويدفع تطوره .
وحيث أن السوابق القضائية لمجلسكم الموقر ستكون ذات أهمية كبرى في إرشاد القضاة إلى ما يجب أن يكون عليه سلوك القاضي.
نهيب بمجلسكم الموقر أن يتجه عندما تسمح مناسبة أي تعديل تشريعي نحو تطبيق مبدأ الشرعية المعمول بها في القانون الجنائي والقانون المقارن على المخالفات التأديبية للقضاة وذلك بحصر جميع أنواع المخالفات حصرا مناسبا وتحديد جزاء لكل مخالفة وذلك لتوفير أحد الضمانات التأديبية للقضاة و أعضاء النيابة العامة وهي عدم إساءة استعمال السلطة التأديبية في النيل من استقلال القضاء . 2- الدفع بعدم تحقق عناصر المخالفة الركن المادي والمعنوي:
وحيث إن تحريك المتابعة ضد القاضي الهيني بعد إبرام صلح لا يمكن الرجوع فيه طالما أن أطراف الخصومة يملكون ناصيتها ؛ يشكل إشارات واضحة ودالة على استهدافه بسبب أحكامه ومواقفه المتعلقة باستقلال السلطة القضائية ومجلس الدولة
وحيث إن القضاء رسالة سامية ويجب على كل قاض كما درسنا شيوخنا في المعهد العالي للقضاء أن يقتات من قوت يومه ومن عرق جبينه كما ورد بالخاطرة ، إذ هذه العبارة ذاتها وردت في العديد من الخطب والرسائل الملكية السامية المتعلقة بتخليق المرفق العام ،الذي يعد التصريح الإجباري بالممتلكات أحد أهم مظاهره .
وحيث إن المقصود بعبارة “معايشتنا له كقضاة الواردة بالخاطرة تعني المخالطة أو المجاورة أو الاطلاع على الأحول ، وأنه شخصيا ــ الدكتور الهيني ــ يعايش قضاء مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة النقض الفرنسية والمحكمة الإدارية العليا المصرية ومحكمة النقض المصرية، مما يجعل المعايشة المقصودة في الخاطرة لا يقصد بها الأشخاص وإنما المؤسسات وفضاءات العمل.
وحيث إن عبارة محكمة درجة ثانية متخصصة لا تعني محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ، طالما أن هناك محكمة أخرى بمراكش وثلاث محاكم استئناف تجارية وأقسام الجرائم المالية ، وغرف الجنايات الابتدائية والاستئنافية ، وغرف الأحداث المتعلقة بها وأقسام قضاء الأسرة إلخ ، ناهيك كون عبارة الخروج غير المشرف عن هذه المحكمة تشكل بحق دلالة رمزية لخروج أي فكر أو تصور افتراضي عن طبيعة الأشياء، مؤكدا بصفة قاطعة أن العبارات جميعها لا تخص شخصا بعينه وإنما تناقش حالات مرضية قد تصيب إدارتنا القضائية أو المركزية وقد تكون حاضرة فعلا جميعها أو بعضها في زمن معين ومكان معين .
محاكمة النوايا وتجريم الإبداع والخيال :
وقد قال االعرب قديما “أعذب لشعر أكذبه” في إشارة إلى كون الإبداع الجيد وليد وصنو الخيال الجيد .
وحيث إن الخاطرة موجهة للسيد الوزير لاستحضار مواصفات المنصب ، وأنه لا يقصد منها مطلقا وبصفة نهائية وقطعية السيد محمد النميري مدير الشؤون المدنية ، المعين بعد خمسة عشر يوما من كتابة الخاطرة الأدبية، وليس هناك أي إيحاءات مباشرة أو غير مباشرة تخصه في الموضوع ،لأن علاقة القاضي الهيني معه كمسؤول قضائي تميزت دوما بالاحترام والتقدير المتبادل ،ولقد صرح له شخصيا بأنه كان دوما يرغب أن يعمل برفقته بمحكمة الاسئتناف ،كما لم تسجل أي خصومة أو حتى مجرد سوء تفاهم بينهما طيلة مدة رئاسته لمحكمة الاستئناف.
- المتابعة محاكمة للإبداع الأدبي:
وحيث إن الخاطرة هي مجرد نص إبداعي أدبي ينتمي إلى الأجناس الأدبية ويتضمن تعبيرات مجازية ، لأن الإبداع هو إنتاج الخيال ، ولا يمكن قراءته بالقانون الجنائي ولا القانون التأديبي ، إذ الأدب هو موضوع اللذة والقراءة النقدية ، وهو خيال حر وجمال لا يحاكم عليه الأديب . محاكمة لحرية التعبير:
– خرق حرية التعبير
حق القضاة في التعبير بين الحريات المكرسة وقيود الممارسة:
جاء دستور 2011 ليفتح صفحة جديدة في تاريخ المملكة المغربية من خلال المقتضيات السباقة التي عمل على تكريسها خاصة في الشق المتعلق بضمانات استقلال السلطة القضائية، ويعتبر الحق في التعبير من أهم الحقوق التي كرسها الدستور الجديد للقضاة حيث نص في الفصل 111 منه على أنه:
“للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية”، ومن الواضح أن هذا الحق مكفول للقضاة سواء من خلال نصوص وطنية أو دولية.
بداية يمكن تعريف حرية الرأي والتعبير بأنها الحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو العمل الفني بدون رقابة أو قيود حكومية، بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة، أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير. وغالبا ما ترتبط حرية الرأي والتعبير بحقوق وحريات أخرى مثل حق حرية العبادة وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية.
ويمكن التمييز بين حرية الرأي وحرية التعبير.
فحرية الرأي هي عملية فكرية يتولاها العقل، تعتمد على عدد من المقدمات والفرضيات لاستخلاص النتائج، أو الربط بين حوادث موضوعية أو زائفة، أو بيان الكل بالجزء أو الجزء بالكل، سواء كانت المحاولة صائبة أو خاطئة، أو جاء الرأي لإيضاح أو تفسير رأي آخر ، و بالتالي فإنه لا عبرة بالأفكار التي تبقى قيد الذهن، وللرأي ركنين: مرسل ومرسل إليه، وتشترط وجود هدف أو غاية من إبداء الرأي، و مرونة في ابدائه، بمعنى أنه يعرض ولا يفرض .
أما حرية التعبير، فتعني إخراج هذا الرأي الي الناس عبر وسائل التعبير المختلفة، من كتابة وفن وكلام وحتي عبر لغة الجسد ، وتندرج حرية التعبير ضمن منظومة حقوق الإنسان السياسية.
وحرية الرأي والتعبير مكفولة بمقتضى المواثيق الدولية العامة أو الخاصة وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تطرقت إليه المادة (19) ونصت على أنه” لكل شخص الحق في التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة دونما اعتبار للحدود”.
كما نصت على هذا الحق المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي جاء فيه:
ب-لكل شخص الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواءً على شكل مكتوب أو مطبوع، أو في قالب فني بأية وسيلة يختارها.
ج-تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون ، وأن تكون ضرورية:
لحماية الأمن القومي ، أو النظام العام ، أو الصحة العامة ، أو الآداب العامة”.
“وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية، شأنهم في ذلك شأن المواطنين الآخرين، التمتع بحرية التعبير والاعتقاد والانتساب والتجمع، شريطة أن يتصرف القضاة دائماً في ممارستهم هذه الحقوق على نحو يحافظ على هيبة ووقار مناصبهم وعلى نزاهة واستقلال السلطة القضائية”
وبمقتضى هذا النص كما هو واضح ، يتمتع أفراد الجهاز القضائي ، نتيجة لهويتهم المهنية واستقلالهم الوظيفي ، بحرية المعتقد والفكر والكلام والتعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع والتنقل ، وهذه الحريات هي ضمانات لحقوق الإنسان الأساسية . ومن حق القضاة التمتع بهذه الحريات ليس كأفراد فحسب ولكن بصفتهم قضاة أيضا ، لأن هذه الحريات أساسية ومفيدة في مهمة القضاء.
وقد تم التنصيص على ذلك أيضا لقضاة النيابة العامة من خلال وثيقة مبادئ هافانا التي نصت في مبدئها الثامن على ما يلي:
“لأعضاء النيابة العامة شأنهم شأن غيرهم من المواطنين الحق في حرية التعبير والعقيدة وتشكيل الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات ويحق لهم بصفة خاصة المشاركة في المناقشات العامة للأمور المتصلة بالقانون والنظام القضائي وتعزيز حقوق الانسان وحمايتها وكذلك الانضمام إلى منظمات محلية أو وطنية أو دولية أو تشكيلها وحضور اجتماعاتها دون أن يلحق بهم أي أدى من الوجهة المهنية بسبب عملهم المشروع أو عضويتهم في منظمة مشروعة وعليهم أن يتصرفوا دائما في ممارسة هذه الحقوق طبقا للقانون والمعايير والآداب المعترف بها لمهمتهم”.
وقد ورد في هذا السياق في شرعة الأخلاقيات القضائية العالمية، المعروفة بشرعة بنغالور ما مفاده: “إن للقاضي الحق مثله مثل أي مواطن آخر في التعبير والتجمع شرط أن يحافظ على حياده واستقلاله وعلى كرامة الوظيفة القضائية”:
وبالمغرب فإن الدستور السابق وإن لم ينص صراحة على حق القضاة في التعبير فإن هذا الحق كان مكفولا على المستوى النظري والأكاديمي من خلال الفصل التاسع من دستور 1996 الذي ضمن لجميع المواطنين التمتع بـ”حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع”. بمن فيهم القضاة طالما لم يكن ينص على أي استثناء بهذا الخصوص، فإلى أي حد تمتع القضاة فعلا بحقهم في التعبير الحر في ظل الدستور السابق؟
لا شك أن التضييق الممارس على حرية القضاة في التعبير في ظل الدستور السابق كان يبرز من خلال العديد من المستويات فبالرغم من أنه من الناحية المبدئية كانت للقضاة الحرية في الاعتقاد والتعبير حسبما يفهم من ظاهر الفصل 22 من النظام الأساسي لرجال القضاء الذي منع إدراج أي إشارة تتعلق بالأفكار السياسية أو العقائدية في ملف القاضي، غير أنه من الناحية العملية لم يكن يخول للقضاة الحق في الإطلاع على المعلومات المدرجة في ملفهم حتى يتم التأكد من احترام هذه المقتضيات ، بل ويلاحظ أن وزارة العدل كانت ولا زالت المالكة لزمام مراقبة حرية القضاة في التعبير من خلال إخضاع إشارة القضاة إلى صفتهم القضائية في مؤلفاتهم سواء العلمية أو الأدبية أو الفنية لإذن مسبق لوزير العدل مما يعني أن هذا الأخير يمارس رقابة قبلية على ممارسة القضاة لحريتهم في التعبير.
أما في ظل الدستور الجديد ورغم أن المادة 111 منه صريحة في الاشارة إلى أنه: “للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية” .
فإن التنزيل الواقعي لهذا النص من خلال الممارسة كان يصطدم في كثير من الأحيال بالاعمال المفرط لسلاح واجب التحفظ ويمكن في هذا الصدد أن نشير لعدة مؤشرات لا تزال تبعث على كثير من القلق.
المؤشر الثاني في ظل الفترة الانتقالية التي تعرف تنزيل الدستور الجديد بدأت تظهر بعض المؤشرات التي تؤكد أن بعض الجهات تحاول استباق القوانين التنظيمية المتعلقة باستقلالية السلطة القضائية وإفراغ واجب التحفظ من محتواه ودلالاته. وهنا لا بد من التذكير بالتصريحات الصادرة عن وزير العدل والحريات التي أشهر من خلالها لأول مرة سلاح واجب التحفظ الوارد في المادة 111 من الدستور الجديد، حيث اعتبر أن طريقة حديث واشتغال نادي قضاة المغرب كجمعية مهنية مؤسسة في إطار الدستور الجديد تشكل خروجا عن واجب التحفظ،
ويمكن في هذا الصدد أن نبدي ملاحظتين أساسيتين بخصوص هذه التصريحات من حيث طبيعة الجهة الصادرة عنها، ومن حيث مضمونها.
فمن جهة أولى صدور مثل هذه التصريحات التي تحاول فرض مفهوم معين لواجب التحفظ عن وزير العدل والحريات يبقى مثارا لإشكاليات عديدة أهمها كون مهمة تحديد التعاريف والمفاهيم ليست من مهمة السلطة التنفيذية عموما، ويكتسي هذا الأمر حساسية كبيرة خاصة إذا تعلق بتفسير مادة دستورية شديدة الحساسية كحق القضاة في التعبير لمساسها باستقلالية سلطة أساسية من السلطات المكونة للدولة وهي السلطة القضائية.
من جهة ثانية وبالوقوف عند مضمون هذه التصريحات يمكن تسجيل ملاحظة أساسية تتمثل في أن الوزير لم يكن موفقا في محاولته لتحديد مفهوم واجب التحفظ المتعلق بحرية التعبير لدى القضاة، حيث اعتمد تعريفا موسعا غير دقيق محاولا في ذلك الاجهاز على مكتسبات القضاة بهذا الخصوص، محاولا تمديد نطاق مفهوم واجب التحفظ الوارد في المادة 111 من الدستور في الشق المتعلق بحرية التعبير، على حق آخر يتعلق بحق القضاة في التجمع وتأسيس جمعيات مهنية رغم أن الدستور لم يقيد حق القضاة بهذا الخصوص إلا بمراعاة واجبات التجرد واستقلال القضاء، والشروط المحددة في القانون، وليس من بينها واجب التحفظ، الشيء الذي يفهم منه أن السلطة التنفيذية تحاول اضافة شرط جديد على ممارسة القضاة لحقهم في التجمع والاشتغال من خلال جمعيات مهنية، وهو ما يبدو من خلال مسودة مشاريع القوانين التنظيمية الجديدة التي حاولت فرض واجب التحفظ على القضاة عند ممارسة العمل الجمعوي في تنزيل غير سليم لمقتضيات الدستور الجديد.
من جهة ثالثة وإن سلمنا جدلا بإمكانية وزير العدل بوصفه وزيرا للحريات أيضا و من موقعه كحقوقي في ابداء رأيه بخصوص مفهوم واجب التحفظ، فإنه لا مناص من الاعتراف بأنه من غير المستساغ إعطاء واجب التحفظ مفهوما واسعا، لأن في ذلك نسف لنطاق حرية التعبير المخولة للقضاة، إذ يعتبر واجب التحفظ من أكثر الواجبات المفروضة على القضاة إثارة للجدل، وهو أول ما يواجه به القضاة عند ممارستهم لحقهم في التعبير أو عند دفاعهم عن حقوقهم المهنية، لذا ينبغي حصر هذا المفهوم ليشمل فقط :
مجال ممارسة المهام القضائية: فمن المعلوم أنه لا يقبل من القضاة إبداء آرائهم بخصوص القضايا الرائجة المعروضة عليهم لأن في ذلك مساس بحقوق المتقاضين وتأثير على السير العادي للعدالة، كما لا يقبل منهم إفشاء السر المهني عموما أو أسرار المداولة على وجه الخصوص.
ولا يمكن أن نقيس على ذلك الممارسة الجمعوية للقضاة لأن إلزامهم بالتحفظ بهذا الخصوص مساس خطير بحريتهم في التجمع، وهي الحرية المكفولة دستوريا، وعلى صعيد المواثيق والاتفاقيات الدولية، ومن شأن التسليم بهذا التأويل غير الديمقراطي للنص الدستوري تحويل جمعيات القضاة إلى جمعيات صامتة عاجزة عن القيام بأي أدوار حقيقية للدفاع عن ضمانات استقلال السلطة القضائية بالشكل الذي تقره افضل التجارب الدولية في هذا الصدد.
بل وحتى بالرجوع إلى بعض الوثائق الدولية التي تطرقت لواجب التحفظ المفروض على حرية القضاة في التعبير يلاحظ أنه غالبا ما يتم ربطه بممارسة القضاة لمهامهم القضائية أو بمناسبة ذلك، وهكذا تؤكد مبادئ الأمم المتحدة لاستقلال السلطة القضائية في مادتها الخامسة عشر على أن القضاة ملزمون بالمحافظة على سر المهنة فيما يتعلق بمداولاتهم وبالمعلومات السرية التي يحصلون عليها أثناء أداء واجباتهم الأخرى خلاف الإجراءات العامة. ويشير تعريف الاتحاد العالمي للقضاة لواجب التحفظ بأنه يعني ممارسة القضاة لواجباتهم باعتدال وكرامة وباحترام لمهامهم ولأي شخص معني. وفي هذا الإطار اعتبر المجلس الأعلى للقضاء بفرنسا من صور إخلال القاضي بواجب التحفظ قيامه بإفشاء سرية التحقيق الجنائي في قضية ما.
الشيء الذي يؤكد أن التعريف الديمقراطي لواجب التحفظ يقتضي حصر نطاقه على مجال ممارسة القضاة لمهامهم القضائية دون توسيعه ليشمل نشاطهم خارج إطار عملهم أو أي أنشطة جمعوية أخرى.
لقد أكدت التجارب الدولية أن واجب التحفظ كان ولا يزال هو ذلك السلاح أو القيد الذي تمارسه السلطة التنفيذية لمواجهة أي محاولة من السلطة القضائية لفرض استقلاليتها خاصة في الأنظمة الاستبدادية، إذ يمكن بالمناسبة أن نستحضر موقف أحد القضاة الشجعان بتونس عندما أرسل رسالة إلى رئيس الجمهورية السابق يؤكد فيها أن السلطة التنفيذية في البلاد لا تتوانى على التدخل في شؤون السلطة القضائية من خلال عملها المتواصل على التأثير على استقلالية القضاة في إصدارهم للأحكام، فما كان من وزير العدل إلا أن عمل على التعجيل بعزل هذا القاضي بحجة أنه أخل بواجب التحفظ المفروض على القضاة، وفي سوريا فاجئ وزير العدل القضاة بإصدار مرسوم يحظر عليهم فيه التحدث إلى وسائل الاعلام دون الحصول على إذن خاص منه، وهو ما اعتبر من طرف جهات حقوقية انتهاكاً خطيراً لحق القضاة في التعبير عن آرائهم أسوة بكل المواطنين، ومخالفة صريحة لمبادئ الأمم المتحدة حول استقلال القضاء ، وخرقاً لأحكام القانون السوري التي لم تمنع القضاة من الإدلاء بآرائهم الشخصية حول مختلف شؤون الحياة العامة باستثناء إبداء الآراء السياسية و إفشاء سر المداولات.
- المتابعة تجريم لحق نقد الموظف العمومي:
وحيث إن حرية النقد صورة من صور حرية الرأي والتعبير ، تتيح للإفراد بطريقة غير مباشرة المشاركة في الحياة العامة والإسهام في مواجهة المشكلات وإدارة شؤون الوطنجاء في قرار صادر عن محكمة النقض :
“القذف لا يتحقق الا بنسبة واقعة معينة مشينة إلى الشخص المقذوف على سبيل التأكيد, أما مجرد انتقاد شخص دون توجيه اتهام له بما يشينه وذلك بالتساؤل عن طبيعة التسيير المالي للنادي محل النزاع فلا يعتبر قذفا حتى لو تضمن اسمه, اذ هو مجرد ممارسة لحرية التعبير”. قرار عدد 1643/10 صادر بتاريخ 25 نونبر 2009 .
” نقد الموظف العام في أعماله وليس في شخصه- حول تجريم الرأي الواقع في القرون الوسطى :النقد المباح لأعمال الموظف العام الموظف” الذي لا يريذ النقد فليجلس في بيته“
“الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة باعتبار أن هذه الأعمال من الشئون العامة التي لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها والالتزام بضوابطها ومتطلبتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل، ولأن الوظيفة العامة وما يتصل بها من الشئون العامة لا تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها. والتزامهم الأصلي في شأنها مقصور على النهوض بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون -تقديس الأشخاص المكلفين بخدمة عامة بخلاف الدستور
-الفايسبوك لا يحقق شرط العلنية لكونه مجال خاص ومحدود لا يكتسي الصبغة العمومية
نقضت محكمة النقض بفرنسا قرارا قضائيا سابقا، يدين مواطنة فرنسية نشرت ألفاظ قدحية بحق مشغلتها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ومطالبتها بالتعويض المادي والمعنوي.
واعتبرت المحكمة أن هذه الحجة والسب الذي بنيت عليه الدعوى لا يمكن أن يعتبر علنيا لكونه وضع على صفحة شخصية محدودة المتابعة وان المطلعين عليها هم اشخاص لا تجمعهم سوى روابط اجتماعية بسيطة.
كما أن الحيز الذي وضعت عليه هذه الاتهامات كان شخصيا وخاصا، بعكس المنابر المؤسساتية والجمعوية التي تضم عددا كبيرا من المتابعين والذي يحقق شرط العلنية.
ولأن المنشور اعتبر غير علني لكون الاصدقاء المقربين فقط هم الوحيدون الذين بإمكانهم الاطلاع عليه، رفضت المحكمة متابعة التظلم كما رفضت التماس المشغلة بتغريم الموظفة التي صدر عنها هذا السلوك Arrêt n° 344 du 10 avril 2013 (11-19.530) – Cour de cassation – Première chambre civile – ECLI:FR:CCASS:2013:C100344
محاكمة للقضاة المطالبين بالإصلاح:
يبدو أن الانقلاب على مسلسل إصلاح منظومة العدالة قد بدأ، ما دام أن وزارة العدل قد جعلت رؤوس القضاة المحركين لدينامية هذا الإصلاح هدفا للمتابعات التأديبية والاستدعاءات الترهيبية من طرف المفتشية العامة التابعة لها. فالقضاة المحالين على المجلس الأعلى أو المستمع إليهم من طرف المفتشية العامة أخيرا يلاحظ أن ما يجمع بينهم هو انتماؤهم لنادي قضاة المغرب الذي يجسد روح هذا الإصلاح أولا، وتحملهم المسؤولية في الدفاع عن استقلالهم والتنبيه إلى اختلالات الواقع القضائي ثانيا، مما يعني أن تحركهم هذا نابع من استيعابهم لدورهم الجديد المستمد من أجواء التغيير الذي ينبغي أن يخضع له جسم القضاء العليل، ومُـؤَطَّرا بالسعي لممارسة الضمانات التي يتيحها الدستور ويفرضها سياق الإصلاح، وهذا ما يفسر الطابع التحاملي للمساطر المفتوحة في حقهم من قبل وزارة العدل التي لم تستطع التعايش مع نموذج القاضي الجديد الذي كشفت عنه دينامية نادي القضاة ولا تريد لذلك إلا إصلاحا ناقصا محاكا على مقاس التصور الحكومي العام المتعلق بتنزيل الدستور والذي يسير في اتجاه التخفيف من شحنته الحقوقية وتقليص المسافة بين واقع ما بعد الدستور الجديد وما قبله.
إن ما يُظهر الخلفية الممنهجة لهذا الهجوم هو توقيته الذي جاء بعد المنع غير الدستوري الذي طال الوقفة المشروعة للقضاة يوم الثامن من شهر فبراير الفارط فيكون بذلك استكمالا لمسلسل القطيعة الذي دشنته وزارة العدل مع أهم فاعل جمعوي في وسط القضاء، لذلك أصبحت الوزارة تترصد تحركات القضاة النزهاء المطالبين بالإصلاح وتتعسف في تكييف ما تعتبره أخطاء صادرة عنهم، وهكذا استغلت وزارة العدل الشكاية التي تقدم بها أحد القضاة للوزارة من أجل الانقضاض على الدكتور محمد الهيني، المزعج بأحكامه الجريئة ومواقفه القوية، وإحالته على المجلس للتأديبي رغم طي الملف بالتنازل عن الشكاية ووقوع الصلح بين الزميلين..
ويتأكد هذا التوجه بالنظر للطابع التحاملي للمساطر المفتوحة في حق هؤلاء القضاة والتي لم تحترم أبسط الضمانات المعترف بها تنزيلا للمبادئ والمعايير الحقوقية المعمول بها في هذا الصدد، وذلك عبر الحرمان مثلا من الحق في الدفاع والمنع من الاطلاع على محضر الاستماع المحرر في حق القاضي المستمع إليه وعدم الإخبار بموضوع الاستدعاء إلى المفتشية. ثم إن مواصلة بت المجلس الأعلى في ملفات التأديب يشكل تراجعا عن الاتجاه الإيجابي الذي نحاه وزير العدل السابق المرحوم الأستاذ الطيب الناصري عندما علق مساطر تأديب القضاة إلى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي أقره الدستور. فيكون بذلك ما تحركه وزارة العدل حاليا من مساطر تأديبية واقعا خارج ضمانات دستور 2011.
إن الهدف من هذه الهجومات هي جز رأس النادي بالتحديد، فالنادي ليس مجرد مجموعة أشخاص شكلت جمعية في سياق معزول، بل هو انبثاق موضوعي نابع من عمق الواقع القضائي الجديد الذي يجد غطاءه في الدستور الجديد، فالنادي هو المعبر الطبيعي والموضوعي عن حاجة القضاة إلى تجاوز سلبيات الماضي الذي كانوا فيه منتهكي الحقوق في صمت، وهو المعبر الطبيعي كذلك عن حاجة المجتمع لسلطة قضائية مستقلة وقضاة نزهاء وأقوياء، وهو التعبير الأبرز عن المرحلة الدستورية الجديدة التي ارتقاها المغرب في شقها المتعلق بالسلطة القضائية. لذلك فإن وزارة العدل تسعى إلى الإجهاز على هذه الروح التي تشكل مضمون النادي باعتباره حركة متجددة تعكس مستوى تطور وعي القضاة وتطور واقعهم، لـتُحَوله إلى مجرد مجموعة ضعيفة غير قادرة على القيام بأدوارها في الدفاع عن استقلال السلطة القضائية ونشر ثقافة التخليق ونبذ الفساد، وذلك لدفعه في مرحلة ثانية، بعد اختراقه، إلى الانخراط في مسلسل التمييع والتضبيع التي ظل القضاء المغربي ضحية لها منذ عقود.
إن ربط التحليل أعلاه بما يواجه به قضاة النادي من هجومات يقتضي بسط مستويات الإضعاف ومحاولات التدجين التي يتعرض لها نادي قضاة المغرب والتي يمكن التمثيل لها كما يلي:
* أولا: إن الرغبة في إبقاء ما كان على ما كان وتقليص هوامش الإصلاح المفتوحة دفع مهندسي المرحلة المقبلة للقضاء المغربي إلى الرهان على إضعاف نادي قضاة المغرب في مرحلة حساسة متسمة بدنو توقيت إغلاق النقاش القبلي حول مسودتي مشروعي القانونين المتعلقين بالسلطة القضائية قبل إحالتها على البرلمان قصد المناقشة والمصادقة، وذلك لتفادي الأشكال الاحتجاجية المحتمل خوضها من قبل النادي. فكانت إحدى مداخل الإضعاف في تصورهم هي الهجوم على بعض أعضائه بما يزرع الشك في نفوس باقي الأعضاء ويزعزع الثقة في قدرة إطارهم التنظيمي على توفير الحماية لهم ويعيد جو الإحساس بالخوف، مما يضعف بالتبعية مستوى تجاوب القضاة مع الخطوات النضالية التي تعلنها الأجهزة التقريرية، بشكل يدفعها في وقت لاحق إلى التردد في إعلان أشكال نضالية جديدة ويفرض عليها القبول بمستويات أدنى في تصورها لمضامين القوانين التنظيمية المرتقبة، لتختم الوزارة معركتها منتصرة ومكرٍّسة لفهمها المتدني لإصلاح منظومة العدالة في تناغم مع التصور الحكومي الذي لا يريد للدستور الجديد أن يمشي على قدمية.
لكن فشل هذا الأسلوب محقق لأنه يعبر عن تصور مغلق وَضع بسببه وزير العدل نادي قضاة المغرب الذي يعد شريكا في الإصلاح موضع العدو، بما لا يليق بمؤسسات الدولة التي ينبغي أن تقف على نفس المسافة مع الفاعلين بعيدا عن الحزازات النفسية التي يفترض ألا يقع رجال الدولة ضحية لها في تدبير مهامهم، وهذه المعادلة ستجعل مصداقية النادي تتوطد بما يجعل الفاتورة السياسية والأخلاقية لمواجهته باهضة. ثم إنه إذا نظرنا للنادي باعتباره تنظيما خلقته معطيات واقعية صارت الهجومات التي يتعرض لها في هذه الظرفية عامل قوة، لأن ما تخلقه من صدى يشكل أداة ضغط إضافي لصالحه وهو نفس ما تسعى إليه الأشكال النضالية التي تحاول الوزارة إعدامها.
*ثانيا: إن الدينامية التي حركها نادي قضاة المغرب كشفت عن نموذج جديد للقاضي المغربي، وهو النموذج الذي قطع مع ثقافة السلبية والصمت والخوف، وأصبح مُبَادرا إلى إعلان موقفه في كل ما يتعلق بممارسة مهامه القضائية والجمعوية والدفاع عن هذا الموقف، ومتملكا لرؤية مُؤسَّسَّة حول الدور الذي ينبغي أن يقوم به داخل المجتمع باعتباره حاميا لحقوق وحريات المواطنين مُستندا في ذلك إلى الاقتناع برفض التدخل غير المشروع في مهامه والدفاع عن استقلاله باعتباره واجبا دستوريا مع يفرضه هذا الموقف من تشبع بثقافة تخليق القضاء ونبذ الفساد فيه. لذلك يبدو أن الإحالات الأخيرة على المفتشية العامة أو على المجلس التأديبي التي تعرض لها كل محمد الهيني ورشيد العبدلاوي وعصام بنعلال وزينب بنعمر وقضاة آخرين تأتي في سياق الحرب على هذا النموذج الجديد بغرض محاصرته ومحاربته من أجل دفع القضاة إلى العودة مرة أخرى إلى مخابئ الصمت والسلبية وإعادة إنتاج زمن الانقياد والخضوع يوم كان يُداس على حقوق القضاة في الظلام بلا رقيب. إنها حرب على كل قاضٍ شجاع ذي رأي وفكر وموقف تهدف لأن يصبح القضاة من جديد مجرد أدوات هامدة تصلح للاستعمال عند الطلب.
وهكذا يرمي هذا التوجه إلى تخويف كل القضاة الحاملين لهذه الثقافة الجديدة المستندة إلى تفعيل الحقوق الدستورية المعترف بها للقضاة ودفعهم للتراجع حتى تتباطـأ دينامية النادي.
يبدو أن وزارة العدل وهي تحصي آخر لحظات تحكمها في السلطة القضائية قبل إقرار القوانين التنظيمية قد تحولت عن تنزيل شعاراتها المرفوعة بمحاربة الفساد في القضاء وتخليقه إلى محاربة ثقافة الاستقلالية والشجاعة والنزاهة وسط القضاة، عبر الهجوم على حقهم في التعبير بغاية محاصرة دور الجمعيات المهنية في الدفاع عن استقلال السلطة القضائية وحقوق القضاة.
إن وزير العدل يعلم أكثر من غيره أن إضعاف نادي قضاة المغرب هو إضعاف لفرص إصلاح منظومة العدالة وتقليص لهوامش التغيير التي يجب أن يتحقق داخله، بما يزيد من إرباك مسار التطور الديمقراطي الذي تحقق الإجماع حول ضرورة تحقيقه خدمة للوطن، وفي ذلك خروج عن الإرادة الملكية السامية المعبر عنها من قبل جلالته في العديد المناسبات. فلمصلحة من تشرع الأبواب من أجل العودة من جديد إلى الخلف؟
إن الوطن بحاجة أكثر من أي وقت مضى لنادي قضاة المغرب باعتباره أداة للتأسيس لثقافة جديدة وواقع جديد للسلطة القضائية قائم على نبذ الفساد في القضاء والتشبث باستقلاله تحصينا لحقوق للمواطن وتعزيزا لثقته في العدالة، وهو بذلك يخدم التطلعات المشتركة في تحديث الدولة وتعزيز استقرارها واستمرارها، لذلك فإن القنوات المؤسساتية ينبغي أن تكون دائما قابلة للاتساع من أجل استيعاب التصورات المتجددة للقضاة المعبر عنها من طرف النادي وباقي الفاعلين، وينبغي أن تكون هذه القنوات أكثر قابلية للاتساع من أجل حوار مستمر ومثمر، تفاديا لمنطق التحدي والصدام ثم القطيعة التي لن تُـنْـتِجَ غير الخراب
فالقاضي المثقف ليس إنسان ” القوقعة”، بل هو للآخرين والمستقبل معا بمقدار ما هو لنفسه، إنه كالمصباح ينير ذاته وينير محيطه فيهتدي بنوره هو والآخرين معه في مسيرة يحتل مكان الطليعة فيها. إنها مسؤولية عظيمة ضخمة،هل يطلب من القاضي أن يكون ميتا في حياته تكريسا لثقافة الصمت.
1-عدم تضمن الخاطرة أي عبارات سب وشتم وقذف :
2-تجريم مبادئ الحكامة الجيدة للمرفق العمومي /المحاسبة والمسؤولية والشفافية :
3- سوء النية في التفسير لانعدام أي علاقة بين النمر كحيوان والنميري كإنسان
4-عنوان الخاطرة الرئيسي لم يرد فيه النمر وإنما “لا نريد أسدا”
5-الخاطرة نشرت قبل 15 يوما من تعيين المشتكي
6- لم يسبق للوزارة أن نشرت أسماء المرشحين للمنصب،وكإني بالهيني يعاقب على انعدام الشفافية وعلى العلم بالغيب
7- الخاطرة نشرت يوم 24 وليس يوم 25 كما جاء في تقرير المقرر
-8لم يصرح أي معلق على الخاطرة بأنها تعني شخصا بعينه وإنما تعني فقط الرجل المناسب في المكان المناسب.
9- شهود الصلح يؤكدون انعدام علاقة الإسناد بين الخاطرة ونميري بإقرار المشتكي نفسه:
10-الخبرة النقدية للخاطرة المنجزة من طرف خبير في المجال الأدب والنقد والشعر تؤكد استحالة وجود أي رابط بين النمر ونميري، مما يطرح التساؤل عما إذا كانت المفتش العام والمقرر خبراء في النقد الأدبي للإفتاء في مجال لا يعنيهما في شيء، فإن نفس الأمر ينسحب على مجلسكم الموقر طالما أن المستقر عليه قضاء أن الأمور الفنية تخرج عن اختصاص القاضي .
11- طلب الاستماع للجنة الصلح ؛
12- طلب إجراء خبرة جديدة أو بحث أو تقرير مضاد؛
13- استدعاء الخبير، وعند الاقتضاء الأمر بتعيين خبير:
حيث إنه احتراما للمستقر عليه قانونا وفقها وقضاء من كون استيضاح أهل الخبرة في شأن استظهار بعض جوانب الوقائع المادية التي يستعصى على قاضي الموضوع إدراكها بنفسه من مجرد مطالعة الأوراق والتي لايجوز للقاضي أن يقضي في شأنها إستنادا لمعلوماته الشخصية وليس في أوراق الدعوى وأدلتها ما يعين القاضي على فهمها ، والتي يكون إستيضاحها جوهريا في تكوين قناعته في شأن موضوع النزاع، يقتضي الأمر بإجراء خبرة،
وحيث إن الخاطرة موضوع المتابعة التأديبية باعتبار أسلوب كتابتها، والأساليب المجازية المستعملة فيها، وعدم إمكانية تفسير معانيها بكيفية موضوعية من غير المختصين بالدراسات الأدبية فقد أجرى الطاعن خبرة ودية عليها أسندت للدكتور /محمد الكامل، اديب وناقد وشاعر، أنجز في شأنها تقريرا ( رفقته نسخة منه ) خلص إلى أنه لا مجال للقول بأن المقصود بما جاء في الخاطرة هو السيد مدير الشؤون المدنية الأستاذ النميري،
وحيث إن الخبرة المنجزة مستوفية لعناصرها المتطلبة قانونا، من حيث صدورها من مختص، وأنه ولئن كان غير مسجل في جدول الخبراء، فلا يعيب خبرته في شيء متى استدعاه المجلس للاستماع إلى إفادته وتأكيد خبرته بعد أدائه اليمين القانونية،
وحيث إنه لا يجوز للمجلس أن يستبعد خبرة غلا بمسوغ، متلما لا يمكنه الفصل في مسألة فنية دون الاستعانة براي أهل الاختصاص،
وحيث متى ارتأى المجلس الموقر أن يستبعد الخبرة المرفقة، فإن عليه أن يامر بخبرة مضادة، يعين للقيام بها أستاذا في كلية الآداب بالرباط للقول مما إذا كانت الخاطرة تعني شخصا بعينه، أو تشكل مساسا بالوقار أو إخلالا بالكرامة،
وحيث إن من شأن رفض هذا الطلب أن يحرم المجلس من الاستئناس برأي فني متخصص ومحايد، فضلا عن كونه سيعد انتصارا لقراءة متعسفة للخاطرة الأدبية موضوع المتابعة،
و حيث من ناتج ما ذكر يلتمس العارض انتداب استاذ متخصص في الدراسات الأدبية لأداء اليمين القانونية أمام المجلس بهدف إجراء خبرة بشروطها الشكلية على الخاطرة موضوع المتابعة ، بعد الاستماع إلى تصريحات الأطراف
14- سرعة بل التسرع في إجراءات المحاكمة التأديبية :
15- تعليمات المتابعة تمت بخط يد مدير الشؤون المدنية؟؟
و أول ما نلاحظه أن المشرع في المادة 58 جعل صفة الكرامة مرادفة للوقار، و الحال أن الكرامة هي صفة مرادفة للشرف و ملازمة له فقد ذكر ابن قتيبة في كتابه ” الأشباه و النظائر في القران الكريم” أن جميع ألفاظ الكرامة و مشتقاتها ترجع الى معنى واحد و هو الشرف”. و بذلك فإن الشرف و الكرامة ما هما إلا وجهان لخاصية واحدة، وهما صفتان لازمتان لعمل القاضي.
* ثالثا: الإخلال بالوقار:
الوقار لغة هو السكون والحلم و الرزانة و الوقار اصطلاحا هو سكون النفس و التأني في التوجه نحو المطالب ؛ وهو الإمساك عن فضول الكلام و العبث، و كثرة الإشارة و الحركة فيما يستغنى عن التحرك فيه، و قلة الغضب و الإصغاء عند الاستفهام، و التحفظ من التسرع. و قد وردت صفات الوقار في قوله تعالى ” و عباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” .
وانطلاقا من هذه الآية الكريمة فصل علماء الإسلام صفات الوقار في القيم التالية:
السكينة: قال ابن القيم: إذا نزلت السكينة على القلب اطمأن لها و سكنت إليها الجوارح،و خشعت و اكتسبت الوقار.
الحلم: قال ذو النون: ثلاثة من أعلام الوقار : تعظيم الكبير،و الترحم على الصغير، و التحلم على الوضيع.
الاحتمال و الصبر: و ضده الغضب قال أهل العلم: اتقوا الغضب فانه يؤثر على البدن حتى يعمي البصر، و يصم الأذان و يخرس اللسان، و يعجز الإنسان فيفقده الوقار.
النطق بالحكمة: قال ابن مفلح من تكلم بالحكمة لاحظته العيون بالوقار
التواضع. الصدق في الكلام والحياء.
وهي الصفات التي لخصها الإمام الغزالي في قوله: آداب العالم:الاحتمال و لزوم الحلم، و الجلوس بالهيبة على سمت الوقار مع إطراق الرأس، و ترك التكبر على جميع العباد إلا على الظلمة زجرا لهم عن الظلم، و التواضع في المحافل والمجالس، و ترك الهزل و الدعابة.
و بعد التطرق لمفهوم الوقار، نتساءل هل إخلال القاضي بصفات الوقار هاته يشكل خطأ مهنيا يستوجب عقوبة تأديبية؟ تم هل القاضي ملزم بالتحلي بصفات الوقار أثناء قيامه بعمله داخل مقر عمله، أم أن صفات الوقار تلازمه حتى خارج مقر و اوقات العمل؟
إن الجواب على هذين السؤالين نجده في المادة 13 من القانون المكون للنظام الأساسي لرجال القضاء التي تنص:
” يحافظ القضاة في جميع الأحوال على صفات الوقار أو الكرامة التي تتطلبها مهامهم”
و يفهم من هذه المادة أن القاضي ملزم بالتحلي بصفات الوقار أو الكرامة التي توجبها عليه طبيعة المهام الموكولة إليه و خلال أدائه لعمله.
أما خارج العمل فان القاضي يعتبر مواطنا يخضع للقواعد القانونية التي تنظم سلوك المواطنين فيما بينهم، فإذا ما صدر عنه فعل يسيء إلى الغير، فانه يخضع للعقوبات التي يخضع لها باقي المواطنين، و لا يمكن اعتبار صفته القضائية ملازمة له حتى خارج مقر عمله، و دليلنا في ذلك:
أن القاضي إذا استعمل العنف ضد الأشخاص بمقر عمله يعاقب طبقا للفصل 231 من ق ج .
في حين إذا استعمل العنف ضد شخص خارج مقر عمله فانه يخضع للعقوبة المقررة في حق سائر المواطنين المنصوص عليها في الفصلين 400 أو 401 من ق ج حسب الأحوال.
* خاتمة..
يستطيع الرجل الحصيف المنطوية سريرته على حسن النوايا أن يستشعر حجم الحرج المحيق بكل من جرته الأقدار للإسهام في خاطرة الدكتور الهيني.
حرج نابع لا محالة من تأنيب ضمير حي يقظ لا يمكنه أن يستسيغ تبريرا لسؤال لم يجب عن تقرير المقرر : كيف للكلمة الصادقة ، والصورة الصاعقة أن تستحيل خرقا لواجب التحفظ ومساسا بالوقار والكرامة.
إن أكثر الرجال إغراقا في التشاؤم لم يكن ليتصور متابعة قضاة على خلفية ممارسة حقهم في القول الراشد المسؤول من طرف وزير بتاريخ حقوقي مفترض والذي لا يمكن التنكر له لمجرد اعتلاء كرسي قصر المامونية، مثلما لا يمكن أن ندعي الوفاء له أمام حملة اصطياد الخواطر وتفتيش الضمائر.
وإذا كانت إكراهات الممارسة في الوزارة بملفاتها الضاغطة على الأعصاب قد تفقد المرء أحيانا القدرة على ضبط إيقاع عقارب التسيير الرسمي على منبه القيم الخالدة الثاوية في دواخله، فإن الأكيد أن معدن الرجال النفيس سرعان ما يلمع بريقه بمجرد ما تصهره نيران الحقيقة، لذلك أملنا وطيد أن نستعيد شخص المناضل الحقوقي الذي لا يمكن أن تطمسها جبة الوزير. في قضية الزميل نترقب الأستاذ الرميد رجل المواقف المبدئية الذي كان نفسه ضحية رسالة زمن المحاضن والكهوف، والذي أكد في حواره مع بلال التليدي ( كان شعاري ولا يزال ” رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) / ( بلال التليدي : ذاكرة الحركة الإسلامية المغربية، الجزء الرابع، ص 108)
إن لعنة الحرج الملازمة للقضية، لا ترخي بظلالها فقط على من حركها، ولا من صاغ تقاريرها، ولكنها تأبى إلا أن تختبر زملاءنا القضاة في المجلس الأعلى للقضاء، ممثلينا الذين كان الله في عونهم، وهم ينظرون قضية غريبة عن قضاء التأديب، بدون أسانيد قوية، ولا حجج دامغة، قضية بدون سوابق يمكن استلهامها عند البت، اللهم إذا استعنا بالزملاء في فرنسا حيث رفضوا غير ما مرة تزكية قرار حارس الأختام بمتابعة قضاة من أجل المس بواجب التحفظ على خلفية أقوال أو آراء صادرة عنهم في مناسبات مختلفة.
ولعل صعوبة البت في قضية الزميل أنها سترسم حدود ممارستنا لحقنا الدستوري في التعبير، وأنها تتزامن مع مرحلة انتقالية في أفق انتخاب أعضاء جدد للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأن القرار الصادر في شأنها إما أنه سينتصر لأصل البراءة القضائية الجريئة بنزاهتها، وحرقتها على القضاء والقضاة، والتي تجلت رسالة موعظة في حالة الدكتور الهيني، وإما أنها ستحفر أخدودا عميقا في دواخلنا، وستكرهنا على الصمت المطبق، مادام أن كلمة الحق وصورة الحق أصبحت مسا بالوقار وخدشا للكرامة.فضلا عن آثارها العميقة على مستقبل العلاقة بين القضاة الكبار والصغار، حيث ستتحول لا قدر الله إلى علاقة بغض، وتوجس، وحقد لن تمحوه الأيام.
إننا لا نعول على القانون وحده للإنصاف، لأنه إذا كانت الإحالة التأديبية بناء على استشارة من الأعضاء الدائمين، وكان تقرير المقرر يسير في اتجاه تشفير الكلمات المبثوثة في الخاطرة بما يجعلها على مقاس المشتكي، وكان المشتكي من كبار القضاة، فانتظر الإدانة.
ولكننا نعول على شخص الوزير الحقوقي، وحكمة القضاة الشيوخ، وتمثيلية زملائنا المنتخبين، وأساسا تجاوز السيد مدير الشؤون المدنية، وترفعه عن أن ينسب إليه أنه كان سببا في تأديب زميل له في الوقت الذي كان بإمكانه أن يصفح وقد فعل. عسانا نخرج من هذه الورطة بأقل الخسائر الممكنة، حيث لا غالب و لا مغلوب، مادام أن إنقاذ وجه القضاء في حد ذاته انتصار.
هناك بواعث جمة على الشعور بالإحباط، والاكتئاب، ولكنه تشاؤم الفكر الذي لا يقمع تفاؤل الإرادة.
وعلى الجميع أن يعلم بأن المكتوين بلظى الانتماء لنادي قضاة المغرب يصدق عليهم اليوم ما خطه جبران خليل جبران في كتابه الأخاذ عرائس المروج، ( …ولكن الأجيال التي تمر وتسحق أعمال الإنسان لا تفني أحلامه، ولا تضعف عواطفه.
فالأحلام والعواطف، تبقى ببقاء الروح الكلي الخالد، وقد تتوارى حينا وتهجع آونة متشبهة بالشمس عند مجيء الليل وبالقمر عند مجيء الصباح)
إن هناك أسئلة محرجة لا يقوم للركن المادي للخطأ قائمة بدون الجواب عنها : من ذكر اسم المشتكي في الخاطرة؟ من قرأها أصلا من القضاة ؟ من فهمها؟ من فسرها وأولها ؟ من توصل إلى أن المشتكي هو المعني بها؟ ألم نسيء إليه بهذا الملف؟ ألم نحشره حشرا في ثنايا السطور؟
وحيث شكلت القراءة وإشكالية التأويل أحد المباحث الأساسية في الدراسات النقدية، وافترقت في معالجتها إلى مدارس واتجاهات، فالنص الأدبي خاصة حمال أوجه، والكاتب الجيد هو الذي يجعله مشرعا على تخوم المعنى.
هل سيكون الدكتور الهيني ضحية النص الملتبس؟ هل سنتعسف في القراءة،؟ هل سندشن مبحثا جديدا في الدرس الأدبي هو القراءة التأديبية للنص ؟
وينبغي أن نعترف أن المجال الطبيعي لموضوع المتابعة هو تخصص قائم الذات أسس مثنه نقاد محنكون هم رواد الدرس الأدبي المغربي: أمثال اليابوري والحجمري، ومفتاح، وكيليطو، وغيرهم ممن يملكون أدوات قراءة النصوص لاستنطاقها، وإبراز جماليتها، وأبعادها الدلالية. من أمثال رولان بارث، جاك دريدا، باختين،
….إننا أيها السادة رجال قانون، لا محترفي نقد، وأنه حين نحاكم الابداع فينبغي أن نمتلك أدواته، وأن رجلا اسمه محمد نور كتب اسمه بمداد من نور حينما حقق وهو نائب عام مع الدكتور طه حسين في شأن الشكايات التي انهالت عليه بازدراء الدين الاسلامي في كتابه ” في الشعر الجاهلي ” فقرر حفظها بتعليل ماتع ختمه بالقول: ” مما تقدم يتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدي على الدين بل ان العبارات الماسة بالدين التي أوردها في بعض المواضع من كتابه إنما قد أوردها في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده ان بحثه يقتضيها، وحيث أنه من ذلك يكون القصد الجنائي غير متوفر، فلذلك تحفظ الأوراق اداريا“.
وحيث إن مؤلف سيرة حمار يعكس هذا الوجه المشرق للتأويل المتنور
“نظرت في مرآة،فإذا أنا حمار كامل الأوصاف لا أختلف عن الحمير إلا في شيء
أضحى مصدر معاناتي هو قدرتي على التفكير ،فإذا كان الأمر سيهون لو حرمت من التفكير وعشت حياة الحمير لا أختلف عنها في شيء ،والحال أني سوف أعيش وسط الحمير حمارا يأتي ما تأتي ويحمل من الأثقال ما تحمل ،ويختلف عنها في شيء ،قدرته على التفكير ،ويؤلمه ألا يحسن التعبير عما يجيش به صدره من أحاسيس ويمتلئ به من رؤى .وها هنا تبدأ مغامراتي التي أريد أن أبثك إياها أيها القارئ فلا تنأ عني.غلاف المؤلف..وفي موضع آخر من المؤلف ص 51يقول “أنه إذا انكشف أمري فلن يغفروا لي ذلك ،لأنهم في حاجة لمعبود يعبدونه وفق مواصفات وضعوها ،فإذا تبينوا اني لا أستجيب لتلك المواصفات ثاروا علي،واقتصوا مني ،وأخبرني أنهم شداد في المغالبة ،غلاظ عند المغضبة ،وحدثني عن حياته ،وجعلوه سادنا لنعبدهم ،قيما على معبودهم ،وقد أدرك ما يبتغون ،فجاراهم ما يريدون ،وقد وعدني أن يعلمني بعضا من لسان الحمير ،وإليه الفضل في ما تعلمت من لسانها وطرائقها..”سيرة حمار للأستاذ حسن أوريد،منشورات دار الأمان الرباط ،مطبعة النجاج الجديدة الدار البيضاء الطبعة الأولى 2014.
وحيث إن لغة ابن المقفع واستعمال الحيوانات كرموز أدبية وكأبطال لرواية تفي بالغرض وباللغة المجازية المستعملة للوصول للهدف المنشود وهو تحريك الضمائر الحية وبعث الاصلاح .
وحيث ورد في مؤلف د أحمد طحان :الحمار على رأس القافلة دار المعرفة بيروت لبنان الطبعة الأولى 2008 في مقدمة الكتاب ص 7 ورد “في التاريخ العربي أن جملا معتدا بنفسه خرج من القافلة وشرد في الصحراء بعيدا عن أصحابه ورفاقه ..عندما لحق به صاحبه ساله مستغربا :لماذا فعلت ذلك؟قال الجمل وهو يهم بإكمال رحيله:أنا لا أقبل المسير في قافلة الحمار على رأسها .ورغم المحاولات والجهود بقي الجمل شاردا ،وكأنه يقول لصاحبه المفجوع بأن الذاكرة لا تكذب.هذا الكتاب عن الحمار ذاته ،ثم عن ذاكرته وعن سبب هروبه،فهو تاريخ لواقع يعيشه المؤلف في عالم ملي بالغرائب والصراعات والكذب ،التي وإن سجلتها الذاكرة ،لا يقبلها العقل إلا على طريقة “الحمار على رأس القافلة”والكتاب هو المحاولة الأولى في الأدب العربي الحديث للتوأمة بين الرواية والمقال في فن واحد هو “الرقال”والحاجة أم الاختراع كما عرف ذلك ابن المقفع وكتب فيه..1-الحروب القذرة “.
لكن ولسبب ما نفاجأ بملف تأديبي فتح خندقا عميقا في دواخلنا جميعا، هزم حيادنا، وبعثر أوراقنا، وزعزع ثقتنا في بعضنا البعض، إذ كيف لكلام عابر، منثور بعفوية على البساط الأزرق، يمتح من المخيلة الغيورة على الوطن، التواقة للتغيير بعبق الربيع المغربي الزاهر دستورا من صنع أمير المؤمنين، كلام لا يخدش كرامة، ولا يهتك ستار الشرف، ولا يسقط تاج الوقار، كلام هو اليوم دستورنا جميعا : الكفاءة لمن يستحق، والرقابة على الجميع، والمسؤولية صنو المحاسبة.
من يقول اليوم بعكس ما اجترحه الدكتور الهيني،؟؟؟ لماذا سن مرسوم التعيين في المناصب العليا؟؟؟ لماذا نفتخر اليوم بأن تكافأ الفرص وإسناد المسؤولية على سند من الاستحقاق لم يعد مطلبا بل غدا ممارسة متوجة بالشفافية.
وأنه إن كان الأمر كذلك فلأننا في دولة لا في غابة، فطبيعي أن لا يتولى أمر المسؤولية نمر أو أسد ، فلان أو علان، إلا إذا كان أسدا في غيرته على المرفق، نمرا في اقتناص أفضل السبل نجاعة للرقي بنا لما يصبوا له عاهل البلاد، وشعب البلاد في رؤية قضاء قوي يرسي دعائم دولة الحق بضمان سيادة القانون.
والدكتور الهيني، الذي يرسي بممارسته المهنية الراشدة، وتكوينه القانوني الرصين، معالم قضاء شاب، صاعد، هو مستقبل غدنا المشرق، لا يمكنه أن يقذف زميلا، أو يسب قاضيا، فبالأحرى أن يقفز في الفراغ لينال من رئيسه السابق،
إن المشكل اليوم أن خاطرة لم يلق لها أحد بال إلا ممن ابتلوا بلعنة الفايس، تحولت إلى قضية رأي عام، قضية لم يتصور أطرافها أن تستحيل إلى كرة ثلج كبرت بسرعة الفعل ورد الفعل، ونتمنى أن تتوقف حتى لا تأخذ أكثر ما أخذته من أبعاد.
وأن القضاة اليوم، والمؤمنون بدستور 2011، وكل الغيورين على مصلحة الوطن يتطلعون إلى غلق هذا الملف الذي استنزفنا مجانا وبدون سابق إنذار، وأن الخاسر الأكبر سيكون هو وجه القضاء، الذي جبل أعضاؤه على التسامح فيما بينهم، ولم يسجل لهم التاريخ أن كانوا أطرافا في شكاية، فبالأحرى شهودا على التأديب.
وأن المجلس الموقر بما لأعضائه من حنكة مشهودة، وتجربة معهودة، سوف لن يقبل أن يسجل عليه التاريخ أنه جعل من قراره في هذا القضية ختما على أقلام القضاة، و لجاما لألسنتهم التي إن أخرست عن قول الحق سقطت عنهم الولاية،
السيد الرئيس السادة الأعضاء المحترمون
لأجله:
يلتمس العارض من المجلس الموقر بعد الإشهاد له على الإدلاء بهذه المذكرة الكتابية ما يلي:
أولا: القول بكون المحاكمة التأديبية للدكتور الهيني المستندة على نصوص ( المادة 58 وما يليها من قانون ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء ) مخالفة لدستور المملكة ( لاسيما المادة 114 ) ، الحكم أساسا ببطلانها، واحتياطيا: بعدم قبولها، واحتياطيا جدا بإيقافها.
ثانيا : التصريح بكون الإجراءات السابقة عن الإحالة مشوبة بخرق جوهري لحقوق الدفاع وهدرا للضمانات السابقة للمحاكمة التأديبية والحكم تبعا لذلك ببطلان المتابعة والإحالة المستندة عليها.
ثالثا : الحكم بإيقاف سير المتابعة التأديبية إلى حين الإفادة بمآل شكاية الدكتور الهيني
رابعا : الاستماع لشهود اللائحة والحكم تبعا لذلك بعدم قبول الدعوى لسبقية التنازل عن موضوعها بالصلح.
خامسا: أساسا الاستماع إلى الخبير الدكتور محمد الكامل، ( أديب وناقد وشاعر ) في شأن تقرير الخبرة المنجز من طرفه حول الخاطرة موضوع المتابعة التأديبية، ودعوته لأداء اليمين القانونية تدعيما لما جاء فيها، واحتياطيا: انتداب استاذ متخصص في الدراسات الأدبية لأداء اليمين القانونية أمام المجلس بهدف إجراء خبرة بشروطها الشكلية على الخاطرة موضوع المتابعة ، بعد الاستماع إلى تصريحات الأطراف.
سادسا
أساسا :تصريح المجلس بعدم قبول إحالة الأفعال عليه
احتياطيا: التصريح بعدم قبول المتابعة
*التصريح بالبراءة ولاشيء غير البراءة
وكما بدأنا بّآيات بينات من الذكر الحكيم نختم بها مصداقا لقوله تعالى “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها،وإذا حكمتهم بين الناس أن تحكموا بالعدل،إن الله نعما يعظكم به ،إن الله كان سميعا بصيرا”سورة النساء الآية 56-57”.
مع كامل التقدير والاحترام
ولمجلسكم الموقر واسع النظر
التوقيع
هيئة الدفاع عن الدكتور محمد الهيني
المرفقات :
-محضر مفوض قضائي
-خاطرة أدبية
-تقرير خبرة أدبية نقدية بشأن الخاطرة
– رسائل مختلفة للوزير بخصوص المتابعة
– رسالة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان
– بيان المكتب التنفيدي لنادي قضاة المغرب
– بيان جمعية عدالة
– بيان جمعية حقوق وعدالة
هيئة الدفاع عن الأستاذ الدكتور محمد الهيني المستشار
بالمحكمة الإدارية بالرباط
الأستاذ النقيب عبد الرحمان بن عمرو المحامي بهيئة الرباط
الأستاذ النقيب عبد السلام البقيوي المحامي بهيئة طنجة رئيس سابق لجمعيات هيئات المحامين بالمغرب
النقيب عبد الله درميش المحامي بهيئة البيضاء
النقيب أقديم محمد المحامي بهيئة الرباط
الأستاد الحسن ملكي المحامي بهيئة الرباط
الأستاذة المستشارة أحفوظ رشيدة رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء
الأستاذ المستشار عبد الله الكرجي المستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط
الأستاذ الشنتوف عبد اللطيف القاضي بالمحكمة التجارية بالرباط
الأستاذ بنمسعود سهام القاضية بالمحكمة الابتدائية
الأستاذ سعيد الناوي القاضي بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان
* عن موقع العلوم القانونية