أثار قرار منع وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، لعدد من مجلة «علوم ومستقبل»، نقاشا واسعا حول حدود سلطة الرقابة، التي تتدخل بموجبها الحكومة، في كل مرة، لمنع توزيع الجرائد والمجلات والكتب، وعرض الأفلام، حيث توالت هذه القرارات، في السنوات الأربع الأخيرة، لتصل إلى رقم قياسي، في إجراءات المنع.
العدد الذي منع من مجلة «علوم ومستقبل»، يتضمن مقالات وأبحاثا تعرف بالأديان السماوية، وفي هذا الإطار نشرت رسمين للرسول، محمد، عبارة عن منمنمات، مأخوذة عن الخطاط لطفي عبد الله، الذي توفي سنة 1607، باسطنبول، وقد رسمها بطلب من السلطان العثماني مراد الثالث، وهي معروضة إلى حد الآن، في قصر «طوبكابي»، الشهير، الذي يمثل أحد أكبر المعالم السياحية في تركيا، كما توجد نظائرها في متاحف ومكتبات أخرى.
الرسم الأول، يمثل تصورا للرسول عند ولادته، وهو يٌقَدمٌ لسكان مكة، أما الثاني، فهو تحت عنوان «النبي محمد يتلقى أول آية من القرآن، في غار حراء، من الملك جبريل»، حيث لا تبدو أي ملامح نهائيا على الصورة، التي تعرض الجسد، لكنها تضع على الوجه بياضا. اعتبر وزير الاتصال أن توزيع هذه المجلة المتخصصة، في المغرب، والتي لا يتجاوز عدد مبيعاتها، 500 نسخة، في أحسن الأحوال، ستخلق «القلقلة» لدى الرأي العام، وستخلق «زوابع» و»تزعزع» المغاربة.
كما استند الوزير إلى الفصل 29 من قانون الصحافة، الذي ينص على أنه «يمكن أن يمنع وزير الاتصال بموجب مقرر معلل أن تدخل إلى المغرب الجرائد أو النشرات الدورية أو غير الدورية المطبوعة خارج المغرب التي تتضمن مسا بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو الوحدة الترابية أو تتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك أو بالنظام العام».
من المعروف أن هناك فئات واسعة من المجتمع المغربي، ناهضت ما سمي ب»الخطوط الحمراء» في قانون الصحافة، أي ثلاثية «الدين الإسلامي والنظام الملكي والوحدة الترابية»، باعتبار أنها تفتح المجال واسعا للتأويل ضد حرية التعبير. لكن السؤال الذي لابد من طرحه هو: هل يشكل رسمان في مجلة متخصصة، مأْخوذان من بلد مسلم، مسا بالدين الإسلامي؟
لقد تصرفت وزارة الاتصال، في هذه المرة أيضا، كمؤسسة كهنوتية، تقوم بالوصاية على ما ينبغي أن يشاهده أو يقرأه المغاربة، بناءً على رؤيتها الثقافية والإيديولوجية الخاصة، وتعاملت مع الرأي العام، كقاصر، لا يميز بين الإساءة للإسلام، وبين الرسوم المنتشرة في عدد من بلدان العالم الإسلامي.

  •       عمود بالفصيــح
  • عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
  •   السبت 16 يناير 2016

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…