كشف استطلاع للرأي، قامت به مؤسسة دولية، عن المنحنى البياني للتطرف في أوساط الشباب المغربي، ضمن الشباب العربي عموما.
ويتضح ، بشكل جلي لا غبار عليه أن 80 بالمئة من المستجوبين، والمعبرين عن توجه داخل الشباب، هم ضد التطرف وثقافته وممارساته ونزوعاته..
وقد يكون من المنطقي أن نرتاح لهذا المعطى ونعتبره نوعا من الدليل على حصانة الشباب في المجتمع ضد دروس الدمار والحريب التي تسعى كيانات أقلية ومحدودة لتعميمها .
غير أن هذه الطمأنينة قد تكون خادعة لاعتبارات آتية:
أولها أن البقية الباقية، وهي نسبة 20 بالمئة كم غير مهمل، وإذا أضفنا إليها نتيجة سابقة أبانت عن وجود 8 بالمئة من المغاربة يساندون تنظيم دولة الخلافة المعروف ب»داعش»، فإن هذا يعني أن النسبة المتطرفة، ثلثها داعشي، والثلث الآخر، لا يقل عنه داعشية.
ثانيها، أن المجموعة القليلة، بنسبة خُمُس المستجوبين على كل حال، هي التي تخلق المناخ والصورة التي يظهر عليها شباب المسلمين، ومنهم شباب المغاربة ويقابله ، في الوقت ذاته، أن الأغلبية الساحقة لم تعبر، بشكل مؤسساتي وبشكل قوي عن الرفض، من خلال الانخراط في ثقافة التسامح والتعايش والفعالية السياسية ، لخلق صورة أخرى هي الصورة الحقيقية فعلا للمجتمع وللأمة..
إن القراءة التي ستكون ولا شك مجدية هي التي تذهب الى أبعد، أي الى الأسباب التي تكون وراء هذه الهيمنة من لدن ثقافة التطرف رغم محدوديتها؟
كيف يمكن أن نعتبر هذا المحيط الواسع الرافض للأفكار التخريبية والهوية القتلة والحلول العنيفة، التي تصل إلى حدود الفاشستية التيوقراطية، عبر الإعدام والقتل الأعمى للأبرياء وضرب المجتمع، يمكن اعتباره احتياطيا مجتمعيا، في أوساط القوة المستقبلية لانتصار قيم الحداثة والديموقراطية والتعددية والكونية؟.
وإذا كان، الثابت أن وجود هذا القطاع الواسع ضمانة على إرادة مجتمعية للابتعاء عن التطرف، فإن التواكل والتاسل ، من لدن كيانات المجتمع، من المدرسة الي الدولة، مرورا بالمفكرين والثفين والاحزاب والإطارات المدنية يمكن أن يغير من وظيفة هذه القطاعات، من الرضف الي اللامبالاة.
إن معركة الوضوح والثقافة المناهضة للخلط والتضليل ، هي الكفيلة بالنسبة للاتحاد من تحصين شبابنا ، ومن ثمة مجتمعنا المغربي على درب التحديث والتعددية والديموقراطية..وقيم تراثنا الروحي المشرق.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الجمعة 15 يناير 2016