أكدت الحكومة مرة أخرى أنها فشلت في إقرار حكامة أمنية في مواجهة المواطنين والمواطنات تجاه حركات احتجاجية سلمية ذات مطالب موضوعية واضحة.
أشهرت الحكومة عصاها الغليظة وأحالت شوارع وأزقة برك دماء . ورسمت على أجساد شباب خرائط عنف وتعذيب. وأشهر رئيس الحكومة لسانه يهوي بتصريحات مساندة لحملات القمع الذي يتسع مداه يوما عن يوم، ويطال بالخصوص مستقبل البلاد، وكأن هناك إرادة لدى قُوى سياسية لجر المغرب إلى الماضي أو على الأقل إلى سنوات الرصاص.
وبموازاة مع الأحداث الأليمة التي عرفتها أكثر من مدينة الأسبوع الماضي، أطلقت هذه القُوى كتائبها في مواقع التواصل الاجتماعي، لتبرر لغة العصا، وتساند الحكومة في ممارساتها وتهاجم المحتجين . ودعما لهذه الكتائب، أطلق رئيس الحكومة سيلا من التصريحات، تشير إلى أنه لن يتراجع عن مرسوميْن كانا من بين أسباب اندلاع موجات الاحتجاجات. فبدل أن يتسع صدر المسؤولين للحوار والبحث عن بدائلَ أو تصحيحِ اختلالات أو توضيحِ قرارات، هاهي أوجه العملة التي يعتمدها رئيس الحكومة وحزبه وأغلبيته، يتم تداولها من جديد : العصا الغليظة تقمع في الشارع . التصريحات العنيدة، تطلَق في كل المناسبات الرسمية والحزبية . جيش الكتائب، يشن حروبه ضد الحركات المطلبية….
التحكم الأمني الذي وقع الأسبوع الماضي، يعد انتهاكا للدستور، وخاصة لفصله ال 22 الذي ينص على أنه لايجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قِبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة.كما لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية. …
والمثير أن ما أقدمت عليه الحكومة، يأتي مباشرة بعد أن قدّم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرته المتعلقة بالتجمعات العمومية والتي شدد فيها على ضرورة حماية هذه التجمعات وعدم التعامل معها بمنطق قمعها . وكأن الحكومة في ما قامت به ضد الأساتذة المتدربين تريد أن تعطي جوابا عمليا عن مذكرة المجلس.
ونحن حينما نعود إلى الحديث عن موضوع الطريقة القمعية التي انتهجتها الحكومة، فمن أجل أن لا تمر العملية هكذا بدون حساب ولامحاسبة .
إن المسؤولية تقتضي، فتح تحقيق بشأن ماوقع، كي يعرف المغاربة الجهة أو الجهات التي حولت الشارع إلى برك دماء، أن يتم تقصي الحقائق بكل موضوعية، وأن تتحمل المؤسسات التي لها صلاحيات هذا التقصي مسؤولياتها الدستورية والقانونية والأخلاقية.
إن ماوقع، يندرج ضمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان.وقد تم رفع شعار من أجل أن لا تتكرر هذه الانتهاكات . لكن هاهي الحكومة تهدد المكتسبات التي حققتها بلادنا وتجهز على مستقبل المغرب : أبناؤه الذين سيتحملون مسؤولية تدريس الأجيال المقبلة.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الاربعاء 13 يناير 2016