يحضر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في المحطات الوطنية، وفي فضاءات النقاش العمومي، ولحظات اتخاذ القرار الاستراتيجي، كحزب متميز، له هوية تحضن انتماءه السياسي، وامتداد وظيفي في التاريخ، يمتح من حركات التحرر الشعبية والمقاومة والكفاح المسلح لأجل الوطن ، وانحياز اجتماعي واضح بعقيدة إنسانية وحقوقية وروحية أثبت جدارتها وتميزها عبر كل المحطات التي عرفتها البلاد.
ولهذا كان الاتحاد عنصر قوة، بيد المجتمع وفي صلبه، من أجل التقدم على جبهات الدمقرطة العميقة للدولة المغربية، وتأميمها لفائدة القوى الشعبية، التي كانت قوى الاقصاء، كيفما كانت ذرائعها ومسمياتها ـ الاستبداد، التحكم، والحكم المطلق أو التزييف الإرادوي للإرادة الشعبية، تريد حرمانها من ممارسة سيادتها في وضع السياسات العمومية.
وفي كل منعطف، كان الاتحاد قوة بناء، سواء في تجربة القيادة الوطنية، مع الحكومة اليسارية الأولى، أو في الدفاع عن الربط الديناميكي والفاعل بين الوحدة الوطنية والديموقراطية في منتصف السبعينيات أو في تقوية المعسكر الإصلاحي الوطني، مع تجربة الكتلة الديموقراطية ، وقيادة التناوب التوافقي الذي فتح أفقا واسعا للتربية السياسية للمواطنين والربط بين الثقة والفعل العمومي وتطوير الترسانة الدستورية لبلادنا وتقوية درعها المؤسساتي.
ولعل اللحظة التي دخلها المغرب، منذ 2011، مع التغييرات السياسية، أشَّرتْ ،مجددا، على أسبقية الوعي الاتحادي في التقاط التحولات القادمة والحاجة إلى تعميق الإصلاح ، بعد أن تم استنبات ثقافته في تربتنا، واتضح أن الاتحاد، الذي تقدم بمشروع إصلاح دستوري عميق، قبل الحراك الديموقراطي بقرابة سنتين،كان بوصلة إصلاحية ضرورية في التوجه نحو المستقبل.
وإذا كانت البلاد قد نجحت في تحريك الإصلاحات، فإن التطورات الأخرى لم تكن دوما تساير إرادة الاتحاديات والاتحاديين وعموم القوى المتعاطفين مع حزب القوات الشعبية، وما زال مطروحا على الاتحاد أن يلعب دوره في تجميع العناصر ، الذاتية والموضوعية لاتمام رسالته الاصلاحية وتعميق الديموقراطية وترسيخ قيمها وثقافتها وخلق الدورة السياسية الناجعة لتحصين الوطن وارادة المواطنين.
أمامنا منعطف جديد، متراكب،ومفتوح على احتمالات عديدة، تهم مصير التعددية والمؤسسات والقواعد المتفق عليها في تدبير التنافس السياسي، ودور كل فاعل من الفاعلين في النسيج الوطني، وهو ما يضع على عاتق الاتحاد العظيم أدوارا متجددة بقيم ثابتة وتوجهات أبان التاريخ أنها كانت على صواب..هذا الاتحاد المتميز الذي صنعه أبناؤه جميعهم هو الذي سيواصل المسيرة،من أجل الوطن والإصلاح.

  • عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
  •    الاثنين 11 يناير 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…