تتميز منهجية حكومة بنكيران، بمفارقة كبيرة بين الخطاب والواقع، وهي منهجية سبق لحكومات متعاقبة في المغرب، أن مارستها، حيث كانت تصور الواقع وكـأنه جنة، بينما كانت الحقيقة مخالفة لذلك بالمطلق.
وكان هذا النوع من الخطاب الديماغوجي، يبرّر الواقع المزري، عبر أرقام وإحصائيات، خاصة عبر بعض الوزارات مثل وزارة التخطيط، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، التي كانت تمطر المواطنين بمعدلات ومؤشرات رقمية، متفائلة جدا، إلى درجة أنها تحولت إلى نوع من «الإيديولوجيا الإحصائية»، لكنها تكسرت على صخرة الواقع، واعترف النظام نفسه بأن الأمور ليست على أحسن مايرام.
نفس المنهجية تقوم بها الحكومة الحالية، حيث صرح وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، في منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء، بأن ميزانية 2016، اجتماعية بامتياز، رغم أن الواقع يكذب ذلك، سواء في توجهها نحو تحرير أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات، أو الزيادة في الضرائب التي تمس الطبقات الفقيرة والمتوسطة، أو في تجميد الزيادة في الأجور، أو في محدودية خلق مناصب شغل جديدة، بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى التي تهم التقاعد…
هناك مفارقة كبيرة بين الخطاب الاقتصادي «المتخصص»، الذي يقدم أرقاما حول التوازنات المالية والتوجهات الماكرو اقتصادية، وغيرها من المعطيات العامة، التي يمكن لأي متخصص أن يناقشها ويقدم لها قراءة أخرى، وبين مرارة الواقع الذي تعاني منه الجماهير الشعبية.
بل أكثر من ذلك، هناك مفارقة بين خطاب أعضاء الحكومة نفسها، حيث اعترف وزير التعليم العالي، لحسن الداودي، أن حزب العدالة والتنمية «يحترق»، بسبب إجراءات لاشعبية يتخذها وهو على رأس الحكومة، بل إن رئيس الحكومة نفسه، عبد الإله بنكيران، اعتبر أنه من الضروري اللجوء إلى سياسة لاشعبية، ومواجهة مطالب النقابات، في إطار خطة «واقعية»
وربما يكون هذا هو الوصف الملائم لسياسة الحكومة الحالية، كما قال بوسعيد عن ميزانية 2016، أي أنها «واقعية»، وفي التأويل المتعارف عليه لهذا المصطلح في السياسة الاقتصادية، فهو يعني «لاشعبية».

*بالفصيــح * واقعية لاشعبية * بقلم : يونس مجاهد

       *عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

            الخميس 7 يناير 2016

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…