ما الذي يجمع بين تأثيث الفضاء العمومي بنقاشات تشكيكية ومتعالية، بخصوص الاحتفالات الدينية، التي تعودت عليها الشعوب، من كافة أنحاء العالم وبين سياقات الإرهاب الحالي؟
ما يستوجب طرح هذا السؤال هو الواقع الأمني المعيش الذي أصبحنا نعيشه، هنا والآن، أو في الهناك وفي غير هذه السنة من تزايد التخوفات الأمنية من الضربات التي تصاحب الاحتفالات، سواء بأعياد الميلاد أو بأعياد دينية أخرى في مشارق الأرض ومغاربها.
فقد صار من بين التوقعات الأمنية الحارقة تزامن الضربات الإرهابية، الانتحارية منها والقتالية، مع ما يرافق ذلك من ضحايا وأضرار مادية ونفسية، مع الأجواء الاحتفالية، بذكريات أقطاب التدين في هذا البلد أو ذاك أو بأعياد ميلاد الأنبياء.
فقد تابعنا الضربات التي استهدفت الطائفة الشيعية في الشرق ، بمناسبة ذكرى عاشوراءوغيرها، كما تابعنا الضربات التي تلقتها العديد من الفضاءات الاحتفالية في آسيا وفي غير آسيا بمناسبة عيد الميلاد، والتي صارت جزءا من اليومي الإنساني الذي يشارك فيه الملايين من أبناء العقيدة المحمدية احتراما لنبي الله عيسى وانسجاما مع اللحظة الإنسانية الكبرى.. ونحن نعيش في الآونة الآخرة، موعدا محتملا بين اقتراب هذه الذكرى وبين الإرهاب.
ولنا أن نسأل بوضوح وجلاء وبكل مسؤولية: كيف يمكن أن نفهم النقاش الجدي الراديكالي من هذه الاحتفالات، بدون أن نثير المناخ الذي تخلقه الفتاوي و»الاجتهادات» القديمة الجديدة حول هذا الوضوع ، وهو مناخ لا يساير بتاتا الروح السمحة والاعتدالية والمتسامحة، بقدر ما يثبت، ضمنا أو صراحة الماء في طاحونة الذين يختارون هذه المناسبات لتوجيه الضربات المؤلمة للأمة وللمسلمين الأبرياء .
لقد تابعنا درجات متفاوتة من تحريم الاحتفال أو تحريم حتى الجلسات الروحية، المشفوعة بالذكر والأجواء الروحية ، وأحيانا تكفير أصحابها، مما يجعل النقاش بعيدا كل البعد عن اجتهادات دينية روحية تسعى إلى مقاصد الشريعة ومقاصد التعايش الجميل والقديم بين كل أشكال التعبيرعن الهوية الروحية للأمة، وينقلها إلى مناطق الخطر والمزايدة والمواجهة.
ويكون تتويج ذلك، هوخلق التربة الخصبة للتكفير والمناخ المناسب لزعزعة الأمن .
ومن هنا، فإن جزءا من الأمن والوقاية الأمنية يبدأ حقا في النقاشات التي تملأ الفضاء العمومي أو الشبكات الاجتماعية والتي يتدخل فيها أقطاب الدعوة والحركات السياسية الدينية.
هناك ترابط لا يمكن إنكاره أونفيه ما بين الأمن ، والإرهاب .. السجالات غير المسؤولة! والتي تغذي الفكر التكفيري، وهي تعتبر بأنها تنطلق من منطلقات العقيدة ، والأخطر عندما يكون ذلك مؤطرا بوجود قانوني لمن يتحركون في دائرة صعبة وملتهبة بين الفتاوي والقنبلة.

  • عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
  •    الاربعاء 30 دجنبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…