هذا السؤال يطرح نفسه بقوة عندما يتعلق الأمر بعلاقة الأمة العربية والإسلامية بقضية فلسطين، والعلاقة بين فلسطين والمغرب العربي خصوصا.
هل نحن متضامنون مع فلسطين؟ وهل هذا هو المطلوب فعلا؟، كما تضامنا مع جنوب إفريقيا أو الفيتنام أو غيرهما، أم أن معركة فلسطين هي معركتنا، وتحريرها يقع على كاهلنا كما على كاهل أبنائنا وبناتنا في فلسطين؟.
إذا اعتبرنا أن فلسطين جزء منا ونحن جزء منها وأنها قضية وطنية، وأن المشروع الصهيوني يستهدفنا كما يستهدف فلسطين، بل أن الكيان الصهيوني ولد ولادته غير الطبيعية من أجل استهداف أمتنا. وإذا كانت المقدسات في فلسطين مقدساتنا كما هي مقدسات الفلسطينيين، واعتبرنا أن القدس قدسنا وأن الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وأن كنيسة القيامة وكافة المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين تعنينا كما تعني الفلسطينيين، فإن كل ذلك، وغيره كثير، يفرض علينا الإنخراط في معركة تحرير فلسطين، أرضا وشعبا ومقدسات، كما يفرض علينا التصدي بكل ما نملك للمشروع الصهيوني العنصري والإرهابي. بكل ما يعنيه الانخراط في معركة تحرير فلسطين وما يتطلبه وما يترتب عليه من مسؤوليات، كل حسب إمكانياته.
أما إذا اعتبرنا أن قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين، وأن المقدسات الإسلامية والمسيحية يعود للفلسطينيين وحدهم أمر تحريرها والتصدي للعمل المخطط والممنهج من أجل تهويدها، آنذاك يمكن أن نكتفي بالتضامن أي بإعلان المواقف، كل وما ملكت يداه، مدينة أو مستنكرة أو متأسفة على الجرائم البشعة التي ارتكبها ويرتكبها الصهاينة ضد فلسطين، أرضا وشعبا ومقدسات، وصولا إلى ما يذهب إليه بعض أشباه المثقفين لتبرير انخراطهم، المعلن أو الخفي، في المشروع الصهيوني من أن قضية فلسطين هي قضية تضامن ليس إلا، ودعونا من “وجع الرأس الذي تسمونه فلسطين” وهو ما يستخدمونه مدخلا للتطبيع مع الصهاينة، ومحاولة للتميز بين الصهيوني الجيد والصهيوني السيء، ويفتحون آلاف النوافذ للتطبيع مع الصهاينة مما لا يخدم إلا المشروع الصهيوني.
وأعتقد جازما أن فلسطين كانت دائما، وستبقى، قضية وطنية بالنسبة للمغاربة الذين كانوا ولا يزالون يعتبرونها أم القضايا، وأنهم معنيون بها كما الأمر بالنسبة للفلسطينيين ولكل عربي ومسلم، وسوف نشير في هذا العرض الوجيز إلى ما يؤكد ذلك.
إذن، هذا الموضوع يجب حسمه بشكل نهائي، لأنه يتوقف على حسمه تحديد واجباتنا تجاه فلسطين وعلاقتنا بها والإطار الذي يحدد كيفية تعاطينا مع تحرير فلسطين.
نحن أصحاب قضية إسمها قضية فلسطين، وعلينا أن نتحمل مسؤولياتنا الكاملة في معركة تحريرها، وأن نعمل على اتساع دائرة التضامن معها من طرف المجتمع الدولي وأحرار العالم.
وهكذا تعامل المغاربة دائما مع القضية الفلسطينية، ومع قضية القدس والأقصى، وسيطول الحديث إن أردنا استعراض كافة المحطات ومبادرات التفاعل التي تؤكد هذه القناعة الراسخة لديهم.
ونظرا لوجود أبحاث ستتعرض خلال هذه الندوة للارتباط التاريخي المتين بين المغرب وفلسطين منذ القدم، فإنني لن أتحدث عن العرى الوثيقة التي ربطت المغاربة بفلسطين، وبالقدس على الخصوص قبل صلاح الدين، وكيف كانوا دائما يعتبرون أن الحج لا يكتمل إلا بزيارة القدس والأقصى، والأعداد الغفيرة منهم التي رابطت في الأقصى بمن فيهم علماء وفقهاء وزعماء. كما لن أتعرض لقصة العون الذي قدمه يعقوب المنصورالموحدي لصلاح الدين الأيوبي بمده بمائة وثمانين سفينة حربية لمساعدته في تحرير الثغور الساحلية، ولا عن قصة حارة المغاربة التي أوقفها الملك الأفضل بن صلاح الدين الأيوبي على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في معركة تحرير القدس، والتي تعرضت لتدمير شامل، وعلى رؤوس أصحابها وقاطنيها فور احتلال الجزء الشرقي من القدس عام 1967 نظرا لما ترمز إليه ونظرا لموقعها ولما اشتهرت به، ولا عن باب حارة المغاربة الذي منه دخل النبي (صلعم) حين أسري به إلى المسجد الأقصى، ولا عن باب المغاربة المؤدي إلى الأقصى. كما لن أتحدث عن أوقاف المغاربة (المغاربيون) في القدس وفي محيطها والتي تشمل مساحات شاسعة وأبنية تاريخية، والتي صادرها الصهاينة بعد حرب 67 واحتلالهم للجزء الشرقي من القدس. كما لن أتحدث عن جحافل الشهداء المغاربة (المغاربيون) الذين امتزجت دماؤهم بدماء شهداء فلسطين والأمة، عبر العصور، ومن بينهم في العصر الحديث والمعاصر الشهداء المغاربيين خلال “ثورة البوراق”، ثم كتيبة المغرب العربي التي أسسها الأمير محمد عبد الكريم الخطابي، ثم قافلة الشهداء الذين انخرطوا في فصائل المقاومة الفلسطينية، وخاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفتح والصاعقة وجبهة التحرير العربية، ثم من انخرطوا في باقي فصائل المقاومة الفلسطينية. كما لن أتحدث عن الروابط الثقافية والعلمية بين فلسطين والمغاربيين.
وسأكتفي، في عجالة بالحديث عن جوانب من علاقة المغاربة بفلسطين في الفترة المعاصرة وخاصة بداية من قرار التقسيم سنة 1947 حيث كان رد الفعل الرافض قويا لدى القصر والشعب على السواء وما أعقبه سنة 48 من التحاق عدد كبير من المغاربة بالمشرق للجهاد في فلسطين، ثم تفاعل القوى الوطنية المغربية مع انطلاق الثورة الفلسطينية من طرف حركة فتح سنة 1965، والتي انطلقت من أجل تحرير كامل التراب الفلسطيني.
وعلى إثر هزيمة 1967، وما أحدثته من رجة أدت إلى بروز اليسار الجديد في المغرب، والذي كان مرتبطا عضويا بفلسطين، بل وبفصائل فلسطينية بذاتها، كانت تمثل اليسار الفلسطيني تداعت كافة الأحزاب الوطنية الموجودة آنذاك والإطار الذي كان يمثل الطبقة العاملة المغربية (ا. م. ش) إلى تأسيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني سنة 1968. وواكب هذا التأسيس مبادرة الشهيد عمر بنجلون النوعية والفريدة بإصدار جريدة “فلسطين” التي ساهمت بشكل كبير في تعميق الوعي بالقضية وفي تعميق التواصل والترابط معها.
وقد لعبت الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني دورا كبيرا في دعم الشعب الفلسطيني سياسيا وماديا وعلى كافة المستويات، كما ساهمت عربيا في تأسيس “الجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية” ببيروت بقيادة الزعيم كمال جنبلاط سنة 1973، كما ساهمت الجمعية وشاركت في العديد من المؤتمرات والفعاليات الداعمة لقضية فلسطين على المستوى العربي والدولي، وحافظت على توازنات فرضتها بعض الظروف التاريخية التي مر بها المغرب.
ويجب التذكير بأنه على أرض المغرب التأم مؤتمر القمة الإسلامي على إثر محاولة إحراق الأقصى من طرف الصهاينة. وعلى أرضه تأسست “لجنة القدس” ثم “صندوق بيت مال القدس” المنبثقين عن “منظمة المؤتمر الإسلامي” بمناسبة ضم الجزء الشرقي من القدس إلى جزئها الغربي وإعلان الصهاينة اعتبار القدس عاصمة لهم، ومقرهما بالرباط تحت رئاسة ملك المغرب. كما بادر المغرب إلى إرسال تجريدة عسكرية إلى مصر لم تصل إليها، لأن الحرب كانت قد انتهت قبل وصولها، كما أرسل تجريدتين عسكريتين إلى سوريا، والجولان على الخصوص، والإخوة السوريون وحدهم يقدرون الدور الذي لعبته هاتان التجريدتان.
بعد 1968، تاريخ تأسيس ” الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني “سوف تتأسس أحزاب وتنظيمات ساسية ونقابية وحقوقية، يسارية وإسلامية وليبرالية، وستبقى الجمعية عاملة على تجميع كلمة المغاربة حول قضية فلسطين، لكن التنظيمات التي تأسست بعد 68 لم تكن عضوة في الجمعية، وكانت تتفاعل مع مبادراتها وتنخرط فيها في انتظار عقد مؤتمر لها يقع بمناسبته انخراط الجميع في الجمعية، ومشاركة الجميع في اتخاذ القرار والعمل على تنفيذه، وفي هذا الإطار تأسست “الهيئة الوطنية لمناهضة التطبيع” تحت لواء الجمعية، ضمت مختلف التنظيمات والتوجهات، وتركز نشاطها على مناهضة كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ومع الصهاينة. وكانت فلسطين حاضرة بقوة كقضية وطنية وليس كقضية تتضامن مع أصحابها.
وفي نهاية التسعينات، بداية الألفين اتسعت دائرة التنظيمات، لكن مكونات الجمعية أصرت على عقد مؤتمرها دون السماح بأي انخراط جديد في العضوية، منتصف سنة 2002، مما نتج عنه تحويل “مجموعة العمل الوطنية من أجل العراق” التي كانت تضم شخصيات وازنة من مختلف التنظيمات، إلى “مجموعة العمل الوطنية من أجل العراق وفلسطين” ثم إلى “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، في تجربة فريدة، تعتبر في جوهرها أن فلسطين هي قضية كل المغاربة، وأنه ليس لأحد الحق في الإنفراد في الإنخراط في معركة تحريرها، وهو ما أعطى الزخم الكبير لكافة الفعاليات التي نظمت في إطار هذه المعركة، سواء المسيرات المليونية أو المهرجان أو الوقفات الضخمة أو الوفود أو انخراط كل الفاعلين… الخ، لدرجة أننا نقول دائما بأن في إمكاننا أن ننظم مسيرات بالملايين من أجل فلسطين، لكننا لا نستطيع تنظيم مثلها حول موضوع الخبز أو الدستور أو غيرهما.
في ظل هذه الأجواء، وهذا التلاحم، ومن أجل إحداث ثغرة فيه، قرر الصهاينة ومخابراتهم أن يجعلوا من المغرب بوابة للتطبيع معهم، وذلك عن طريق استعمال بعض النخب العميلة أو المستسلمة أو المتواطنة أو الوصولية في الترويج للتطبيع أو التشكيك في جدوى المقاطعة أو البحث عن ذرائع، مثل المساعدة في الحلول السلمية عن طريق المساهمة في فتح قنوات الحوار، أو استعمال منطق الصقور والحمائم والترويج لفكرة الحوار مع حزب العمل أو مع اليسار الصهيونيين.
– وقد استخدم الغرب الآليات التي أوجدها لتغلغله ولخدمة التغلغل الصهيوني، مثل المؤتمر الشرق أوسطي والمؤتمر المتوسطي الذي انعقد في برشلونة… والتي انخرطت فيها بعض النخب المغربية.
لكن العمق القومي لدى المغاربة بشكل عام، وبمختلف تنظيماتهم ومشاربهم الوطنية والإسلامية، اليسارية واليمينية، الحزبية والنقابية والحقوقية والجمعوية، وانخراطهم شبه الجماعي في معركة مقاومة المشروع الصهيوني وتفاعلهم مع النضال الفلسطيني ومع انتفاضته ضد الاحتلال ومقاومته له، كل ذلك جعل مهمة المطبعين والموالين لأمريكا أصعب مما كانوا يتصورون، وسهل مهمة الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين وفعاليات المجتمع المدني، في مقاومة التطبيع ومواجهة المشروع الصهيوني، وفي تعميق القناعة لدى أبناء المغرب باعتبار أمريكا عدوا حقيقيا يتعين اتخاذ كل المبادرات المناهضة له بما في ذلك مقاطعة بضائعها ومنتوجاتها ومؤسساتها.
وهكذا، فقد نجحت مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، في إبطال أغلب مبادرات التطبيع معه ومع الصهاينة، سواء منه السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو الفني أو الإعلامي، ولعبت الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ثم مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، لعبت دورا محوريا في قيادة المعركة الشرسة ضد التطبيع والمطبعين، وفي تنسيق عمل مختلف مكونات المجتمع المدني والسياسي والنقابي والحقوقي في هذا المجال، علما بأن مقاومة كل أشكال التطبيع كان جزءا أساسيا في مهام الجمعية ثم المجموعة.
ومن خلال هذه المقاومة انتهى الأمر إلى حصول قناعة جماعية باعتبار التطبيع، كل أشكال التطبيع، ومع أي كان من الصهاينة، خيانة وطنية وقومية ودينية وإنسانية.
موضوع التطبيع شكل ويشكل موضوعا لمعركة شرسة مع المطبعين في المغرب، مما أدى إلى قيام “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين” بتأسيس “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع” سنة 2013، والذي ضم بدوره كافة المكونات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية والفنية والأدبية، والذي عمل منذ تأسيسه على رصد كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ومع الصهاينة، مما أعطى للمجموعة ولكل مكوناتها فرصة أكبر لمناهضة التطبيع، ثم لإعداد مقترح قانون تجريم التطبيع ولتقديمه إلى الفرق البرلمانية من أجل تبنيه، حيث تبنته أربع فرق برلمانية، اثنان منها من الأغلبية الحكومية واثنان من المعارضة، أي أغلبية ساحقة من أعضاء مجلس النواب المغربي، حيث تم تقديمه إلى مجلس النواب، مما خلق رجة كبرى لدى الصهاينة وداعميهم في أمريكا وأوروبا ولدى عملائهم المتصهنين، الأمر الذي يفرض معركة كبرى لإقراره وإخراجه إلى الوجود، رغم أنه أصبح ملكا لكافة التنظيمات والهيئات والجمعيات الحقوقية والمجتمع المدني، ومطلبا جوهريا من مطالبها.
ونظرا لكون الصهاينة حاولوا أن يستعملوا بعض الأشخاص الذين يقدمون أنفسهم على أنهم نشطاء أمازيغ في اختراق الجسم المغربي، فقد عملت المجموعة على تأسيس “رابطة إيمازيغن من أجل فلسطين” التي تمثل الأمازيغ الأحرار، كما تأسست جمعيات أخرى في منطقتي الريف وسوس في ذات الاتجاه. علما بأن رئيس “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع” وكاتبه العام أمازيغيين من قلب جبال الأطلس.
كما أنه، ومنذ سنة 2003، تأسست اللجنة الصحية المغربية لدعم العراق وفلسطين من طرف صيادلة وأطباء وممرضين بتنسيق مع مجموعة العمل بل وبقيادة أعضاء من السكرتارية الوطنية للمجموعة، والتي شكلت إضافة نوعية للإنخراط في المعركة من أجل فلسطين، حيث أنجزت مهاما غير مسبوقة في الإغاثة الطبية وتوفير مختلف أنواع الأدوية والآليات الطبية، بتنسيق مع المعنيين، وفرقا للإسعاف الطبي من مختلف الإختصاصات سواء بالنسبة للعراق وهو تحت القصف، أو بالنسبة لجنوب لبنان إبان عدوان 2006 أو بالنسبة لغزة في مناسبات متعددة، أو بالمشاركة في قوافل طبية عربية ودولية إلى غزة، وكان من أكبر ما ميز هذه اللجنة هو إصرار أعضائها، من أطباء وصيادلة وممرضين، على البقاء في غزة، مثلا، رغم القصف، مما دفع بالإخوة في غزة إلى إطلاق إسم المغرب على أحد أكبر شوارع القطاع، كما خصصوا قطعة أرضية كبيرة لبناء مستشفى المغاربة في غزة، والذي هو مشروع شعبي أنجزت الدراسات الأولية حوله، ويقع العمل الآن على توفير الإمكانات المالية للشروع في بنائه.
علما بأن المغرب سبق له على المستوى الرسمي أن عمل على إنجاز مطار غزة في عهد الراحل الشهيد ياسر عرفات، والذي عمل الصهاينة على تدميره إبان العدوان على غزة، هذا بالإضافة إلى مبادرات أخرى في نفس الإطار، أنجزتها بعض التنظيمات المغربية.
كما بعثت المجموعة بفريق من المهندسين الشباب، على إثر النداء الذي وجهه سماحة السيد حسن نصر الله في الموضوع بعد الإنتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية سنة 2006، وهو الفريق الذي قضى مدة بجنوب لبنان مع الفريق المكلف بتهييء الدراسات المتعلقة بإعادة الإعمار.
وفي إطار الملاحقة القانونية للمجرمين الصهاينة شكلت مجموعة العمل فريقا مميزا من المحامين المغاربة الذين قدموا عدة شكاوى ضد المجرمين الصهاينة أمام القضاء المغربي، في إطار القانون الوطني المغربي نظرا لكون بعض المشتكى بهم يحملون الجنسية المغربية أو لكون بعض ضحايا الإرهاب الصهيوني مغاربة.
كما قدم هذا الفريق ملتمسات إلى النيابة العامة باعتقال قياديين صهاينة إن هم حلوا بالمغرب، مما حال دون زيارتهم للمغرب آخرهم الإرهابي شيمون بيريز في ماي 2015 الذي كان مدعوا من طرف مؤسسة كلينتون إلى اجتماعها بمراكش حيث تم إلغاء هذه الزيارة المشؤومة. ولازالت الشكايات قيد التتبع من طرف فريق المحامين المذكورين.
وفي نفس الإطار كانت مساهمة المغاربة أساسية في تأسيس الائتلاف العالمي لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، كما في تشكيل فريق عمل دولي من المحامين لنفس الغاية، بل وفي تأسيس اللجنة القانونية الدولية لنصرة فلسطين، والتي نجحت في تجميع أغلب المبادرات الهادفة لنفس الغاية.
ولم يقتصر انخراط المغاربة في هذه المعركة على السياسيين والنقابيين والحقوقيين، بل إنه شمل، وبشكل رائع، الفنانين والرياضيين والإعلاميين وغيرهم من فئات الشعب المغربي، حيث كثيرا ما تداعى فنانون مميزون مغاربة إلى تنظيم سهرات فنية يخصص ريعها لفائدة فلسطين، وكثيرة هي مقابلات كرة القدم، بين فرق رائدة، التي أجريت من أجل تخصيص مدخولها لفائدة فلسطين.
ولا يسع المجال للحديث عن دور الإعلام في هذه المعركة الطويلة، سواء منه المكتوب أو المرئي أو المسموع، رغم بعض المؤاخذات التي تؤخذ على بعض القنوات في موضوع التطبيع مع الصهاينة.
والشعب المغربي منخرط أيضا في العمل على مقاطعة العديد من البضائع الصهيونية أو الأمريكية، وبعض الشركات والمؤسسات الداعمة للكيان الصهيوني، سواء في إطار الحملة العالمية للمقاطعة (BDS) والتي يرأس فرعها في المغرب مناضل يساري يهودي الديانة، أو عبر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أو مجموعة العمل من أجل فلسطين أو باقي الهيئات الحقوقية أو الجمعوية أو السياسية.
كل ما أشير إليه أعلاه لا يشكل إلا عناوين لمعركة شرسة يخوضها المغاربة من أجل فلسطين وضد المشروع الصهيوني والصهاينة والمتصهنيين، يتطلب الحديث عن تفاصيلها مجلدات، قد نعمل على إعدادها. لكن الغاية من استعراضها تبقى هي التأكيد على أننا نعتبر أن فلسطين جزء منا وأننا جزء منها، وأنها قضيتنا كما هي قضية كل العرب والمسلمين، وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، كما للتأكيد على أن المشروع الصهيوني يستهدف الأمة بأكملها وليس فلسطين وحدها، وأننا إذا طالبنا بقطع كافة العلاقات مع الصهاينة وبسحب السفراء وإغلاق الممثليات وإلغاء العقود والاتفاقيات المبرمة مع الصهاينة، وبرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، وخاصة في غزة، وبتقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي والديبلوماسي والعسكري للفلسطينيين، وبإعلان الكيان الصهيوني كيانا عنصريا إرهابيا، وعبارة عن عصابات إجرامية، وإذا طالبنا بفك الارتباط مع الصهاينة وبدعم اتساع دائرة المقاطعة العالمية ومعركة طرد الكيان الصهيوني من كافة المنظمات والمنتديات الدولية، وإذا طالبنا بتوسيع معركة الملاحقة القانونية والقضائية لكل القيادات الصهيونية، العسكرية منها والسياسية، وإذا طالبنا بأن تعود فلسطين إلى مكانتها في اهتماماتنا اليومية ولأن نعود إلى اعتبارها بوصلتنا الأساسية، فلأن معركة تحرير فلسطين هي معركتنا نحن جميعا، ولأن الواجب الوطني والقومي والديني الإنساني يفرض علينا أن ننخرط في هذه المعركة بكل ما نملك، وأن نكف عن اعتبار كون واجبنا تجاه فلسطين هو إعلان التضامن مع الفلسطينيين.
أقول هذا وأنا تحت سقف الجامعة العربية التي عليها عبء كبير في تحويل التضامن إلى انخراط كامل للأمة في معركة تحرير فلسطين.
* مداخلة قُدِمت بمناسبة الندوة التي نضٌمها مركز جامعة الدول العربية بتونس يومي 30 نوفمبر و1 ديسمبر 2015 في موضوع نضال المغاربيين لتحرير فلسطين.
- عن موقع التجديد العربي