ولد الإرهاب في المغرب من تقاطع استعمال الدين وتبرم الاستبداد من الديمقراطيين، فكان اغتيال الشهيد عمر بنجلون، منذ 40 سنة خلت، أول جريمة إرهابية باسم الدين الاسلامي الحنيف.
لكن كان واضحا أن صكوك الاتهام لا تتحدث عن المنفذين المتلفعين بالدين والعقيدة بل تتجاوز ذلك إلى القرار السياسي بتصفية قائد اتحادي كان من بين القادة والمناضلين الذين صنعوا التحول العميق في التربية السياسية للمغرب الناهض ضد الحكم اللاديمقراطي.
وربطوا جدليا بين الوطنية وبين الديموقراطية، وبين التفكير العميق في تركيبة المجتمع وطبيعة نشوء الدولة المغربية.
لقد ارتبطت لدى عمر دينامية التفكير بالفعل الميداني، وارتبط لديه الفكر بالواقع بعيدا عن القوالب الجاهزة،ومن هنا انحاز إلى التحليل الملموس للواقع الملموس، وانحاز إلى العقلانية والديمقراطية، وقيم الحداثة الفاعلة والقادرة على تثوير الذهنيات..
لقد ارتبط اسم عمر بن جلون بشعار المؤتمر، الاستثنائي في كل شيء، «تحرير ديمقراطية اشتراكية«، ومازالت مكوناته لم تفقد كل راهنيتها، من حيث استكمال وتحصين الوحدة الترابية، وتقوية الديمقراطية، ببعدها الإصلاحي القانوني وبعدها السياسي العملي، والبحث عن تجديد الفكرالاشتراكي بناء على قيم العالم الحديثة وما تطرحه إعادة تعريف الاشتراكية اليوم من تجديد آليات التصور والجهاز المفاهيمي الذي يخصب النقاشات، لأن ذلك أصبح جزءا من تحصين المجتمع ضد الردات ، أيا كان نوعها وشعارها، التقنوي أو الدعوي.
إن عمر لم يوجد في تاريخ الاتحاد من أجل التقديس، فهو لم يكن يدافع عن قداسة حيا أو ميتا، بل وجد عمر لأن التاريخ المغربي، جعل الاتحاد الاستمرار الوظيفي لحركة التحرير الشعبية، والطريق لتحرير العمل بالعقل الحرالمتفتح المتعايش والمتسامح. وهي القيم التي تبقى راهنة ، مهما فعل القتلة ، بالأمس أو اليوم، بعد أن بدأ استهداف البلاد باسم الشعارات نفسها وباسم الأقنعة نفسها.
والاتحاديات والاتحاديون سيظلون أوفياء لعمر أكثر من أي وقت مضى، بعد أن تبنى أن قدره النضالي تحينه القوى الظلامية مجددا بتجريب تعميمه على الوطن.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الجمعة 18 دجنبر 2015