تؤكد المؤشرات المتعلقة بالتنمية البشرية، أن مرتبة المغرب مازالت متخلفة جدا، في الترتيب العالمي، مما يدفع إلى التساؤل عن مدى نجاعة و فعالية كل المؤشرات الأخرى التي تقدم حول الأوضاع الاقتصادية والمالية، في تطوير حياة الأغلبية الساحقة من الشعب.
مؤشرات التنمية البشرية تعتمد أساسا على مقاييس اجتماعية واقتصادية، في حياة الناس، وخاصة التعليم والصحة والدخل الفردي، أي في الجوانب الحيوية في مصير الأجيال وفي صناعة الإنسان.
والمعنى الحقيقي لتخلف هذه المؤشرات في المغرب، هو أن التعليم الذي يعتبر من أهم مقومات التنمية، مازال غير قادر على القيام بالدور الحضاري، الذي ينبغي أن يلعبه، لتربية أجيال قادرة على مواجهة تحديات المنافسة الثقافية والعلمية والتقنية القوية، التي تتطور قي عالم اليوم.
مازال التعليم في المغرب، يخضع لمؤشرات التخلف، بضغوطات بيروقراطية وثقافية وإيديولوجية ولغوية، وتعكس بنيته العامة كل مؤشرات الهدر والعبثية والفساد والضياع… مما ينذر بتفاقم الأزمة وباستمرار التأخر المغربي.
ونفس الأمر يمكن أن يقال عن الصحة العمومية، التي فشلت كل السياسات التي اعتمدت فيها، والتي سادها الارتجال وسوء التدبير، مما جعل مؤشراتها متأخرة، ويعني هذا أن المواطن المغربي، بصفة عامة، لا يعالج بالكيفية اللائقة، وأن التغطية الصحية لفئات واسعة من الشعب تظل ضعيفة جدا.
ما تترجمه هذه المؤشرات هو ضعف قطبين أساسيين في حياة الناس، التربية والتكوين والصحة الجيدة، بالإضافة إلى مؤشر آخر في معايير التنمية البشرية، وهو معدل الدخل الفردي، الذي يظل بدوره متأخرا، ويعكس حالة الفقر و الضيق الذي ترزح تحته عائلات وفئات اجتماعية كثيرة.
لذلك، فإن تقارير برنامج الأمم المتحدة للتنمية، تكشف حقائق الأمور، وتعري حقيقة الأرقام والإحصائيات العامة والمتخصصة، التي تقدمها الحكومات والأبناك والمؤسسات الاقتصادية ومكاتب الدراسات، والتي تعمم تحاليل ومعطيات متفائلة حول التطورات الاقتصادية والمالية، غير أنه لا يمكنها أن تعوض النظر في مؤشرات انعكاس هذه الأرقام في الحياة الفعلية للجماهير الشعبية.
لذلك، فإن إعادة النظر في النموذج التنموي، تفرض نفسها، من أجل جعل التطور الاقتصادي، والسياسات العمومية، في خدمة تحسين حياة أغلبية الناس، و ليس لصالح أقلية غنية تزيد مؤشرات ثرائها واستفادتها من اقتصاد الريع والزبونية، ارتفاعا.

* بالفصيــح * مؤشرات لاتخطئ * بقلم : يونس مجاهد

   عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

    الخميس 17 دجنبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…