ما عرفته جامعة سيدي محمد بن عبد الله من أحداث عنف بين الطلبة ورجال الأمن يسائل الجميع، من الطبقة السياسية إلى أصحاب القرار الأمني مرورا غير حصري بالسلطات الوصية وهيئة التعليم العالي في كل البلاد.
فالعنف، كممارسة هو بطبيعته وطبيعة وسائله وأهدافه مضاد للمعرفة والعلم ، اللذين يفترض أنهما غاية وجود الفضاء الجامعي بحرمه وأطره ورأسماله البشري، بل إن العلم والمعرفة، درجة النضج الاساسية في تطوير قدرات البشر نحو الأحسن ونحو الحلول السلمية.
فلا يعقل أن تكون الساحة الجامعية ساحة حرب وانفلاتات، ولا يعقل أن تظل معادلات شد الحبل وتوازن الرعب دوما هي التي تحكم فضاءات الجامعة المغربية.
إن هذه الأخيرة، قد فقدت الكثير من سلطة المعرفة وسلطة العلم، كما فقدت الكثير من رمزيتها الاجتماعية، بعد أن تبين انفصالها الصعب والقاسي عن فضاءات إنتاج الثروة، سواء في قطاع التشغيل أو في قطاع البحث العلمي أو في ميادين تطوير القدرات الطبية والاقتصادية والثقافية للأمة.
واستمرار العنف بين أسوارها أو في محيطها لا يزيد إلا من تراجع وتردي صورتها في المجتمع.وعندما يصبح الطالب الجامعي بين مطرقة العنف وسنديان التراجع في مكانة الجامعة داخل النسيج الوطني، فليس له آنذاك سوى الخيار الصعب بالبحث عن آفاق أخرى قد تكون مكلفة اجتماعيا وثقافيا وعلميا.
لقد فتحت قرارات الحكومة الباب أمام شرعنة العسكرة والتدخل، في الوقت الذي فشلت في تعويض الدور التثقيفي والعلمي والتربوي للإطار الوطني، وأفرغت الجامعة من آفاقها العصرية والتحديثية، بقرارات أضعفت إشعاعها وقدرتها على التأطير، وشجعت القرارات العليا لمراكز السلطة في البلاد الفكر الخرافي وثقافة الانغلاق والحلقية التعسفية ، مما حول الجامعة موضوعيا إلى فضاء شبه عقيم، لا يبدو إصلاحه ناجعا رغم كل التجريبية التي تلقاها عبر مشارع الاصلاح المتتالية.
هناك ما هو أعمق من القرارات الإدارية أو المقاربة الأمنية المحضة، فكرة الجامعة ذاتها تستوجب نقاشا وطنيا شفافا وصريحا ، للخروج من دوامة الانغلاق والحلول العنيفة والتربية على الاقصاء والتهميش والنزاعات اللاعملية واللاديموقراطية.

  • عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
  •   السبت 5 دجنبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…