يتواصل الهجوم على النقابات التي نظمت المسيرة العمالية، ليوم الأحد 29 نوفمبر الأخير، من طرف حزب العدالة والتنمية، وذلك عبر مقالات منشورة في موقعه الرسمي، بالإضافة إلى مواقع أخرى قريبة منه.
وتتهجم هذه الكتابات والتعليقات على المركزيات النقابية، التي تقدمت بعدة مطالب اجتماعية لصالح الشغيلة، ونظمت لأجلها مسيرة، في إطار برنامج نضالي، يهدف إلى الضغط على الحكومة، للتفاوض الجدي حول مطالبها، كما هو الشأن في كل البلدان، التي تعيش حركية نقابية وسياسية.
غير أن الذي يثير الاستغراب هو هذا الهجوم العنيف، الذي يشنه حزب العدالة والتنمية، وأنصاره، على الحركة النقابية، والتي يعيبون عليها معارضة السياسة الاجتماعية للحكومة، فماذا يريدون أن تفعله المركزيات النقابية؟
هل يريدون أن تصفق للزيادات المتتالية للأسعار، وتجميد الأجور، وتقليص تعويضات التقاعد، واستفحال الهجوم على الحق النقابي؟ هل يريدون أن تتنصل من مسؤوليتها، ومن التزاماتها مع الشغيلة؟ هل يتصورون عملا نقابيا بدون احتجاجات على السياسات الحكومية، ومظاهرات وإضرابات؟
في إطار هذا التهجم، أعتبر هؤلاء، النقابات المغربية ضعيفة، قياداتها مهترئة، وغير قادرة على التأطير، وأنها، عمليا، جسم شبه ميت، يستحق القتل الرحيم.
ومن بين المبررات التي قدّموها، في إطار تهجمهم على العمل النقابي، هي أن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران “حريص على مصالح الشغيلة أكثر من النقابات”. ومعنى هذا المنطق، أن على المركزيات النقابية أن تخلد إلى الراحة، وتسلم المفاتيح لرئيس الحكومة، لينوب عنها في تلبية مطالب العمال ومختلف الفئات الشعبية الأخرى.
إن المطالبة بتعطيل العمل النقابي، لأن هناك “حكومة شعبية”، أقرب إلى الشغيلة من النقابات، وأرحم على الجماهير من غيرها، وستعالج كل مشاكلها دون احتجاجات ونضالات، لأنها “منها وإليها”، ليس جديدا في المجال السياسي.
فمنطق الوصاية الحكومية على الشعب، سبق أن جربته العديد من الأنظمة الديكتاتورية والشعبوية، ولم ينتج غير الفاشية، لأنها تعتبر أن لها وحدها شرعية تمثيل الشعب، وأنها الأقدر على فهم وتلبية حاجياته، ولا تقبل من أي طرف آخر، سواء كان أحزابا أو نقابات أو منظمات مدنية، أن ينافسها على هذه “الشرعية”، المُتَخيّلة.
- عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
- بالفصيــح * القَتلُ الرحيم؟! * بقلم : يونس مجاهد