من القضايا التي أصبحت تثير استغراب الرأي العام، ما يتردد من طرف الإدارة الأمريكية، بخصوص التعبير عن «مفاجأتها» من بعض التطورات، التي جرت في العراق وسوريا، رغم أن لهذه الإدارة جيشا من المخبرين، والخبراء العسكريين، و ترسانة من الوكالات الاستخباراتية، تصرف عليها ملايير الدولارات سنويا.
فقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، يوم 23 شتنبر 2015، أن القيادة المركزية الأمريكية، تضم 1.500 خبير محلل، لوحدها، لمتابعة التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط والخليج وجنوب آسيا. ويقوم هؤلاء بتحليل المعطيات الواردة من مختلف وكالات الاستخبارات الأمريكية، وعددها 17 وكالة ومنظمة، تكلف الخزينة 70 مليار دولار سنويا.
بالإضافة إلى كل هذا، هناك المعطيات التي تجمعها طائرات التجسس، والصور التي ترسلها الأقمار الاصطناعية، والمتابعة الدقيقة لما ينشر في الصحافة وفي المنشورات الجامعية وعلى الانترنيت. وتستفيد هذه القيادة من خدمات 500 ألف متعاقد من القطاع الخاص، مرتبطين بهذه المنظومة الاستخباراتية، ومليون و 400 ألف شخص، يتوصلون إلى معلومات «سرية جدا»، وخمسة ملايين شخص آخرين، يتوصلون إلى معلومات «سرية وخاصة».
إلى جانب هذا الجيش الاستخباراتي، هناك النظام الذي تمت إقامته في السنوات الأخيرة، والذي يتم عبره رصد مكالمات هاتفية لمجموع 35 رئيس دولة، والأمين العام الأممي، بان كي مون، وأعضاء الكونغرس الأمريكي، وآلاف الأشخاص، في مختلف بقاع العالم.
هذه المنظومة، التي وصفها الكاتب الأمريكي، توم إنجيلهاردت، في مقال له بالجريدة الرقمية «أوريون 12»، بأنها تفوقت على كل الأنظمة الشمولية في العالم، و كلفت في السنوات الأخيرة ميزانية تصل إلى 750 مليار دولار، غير أنها لم تنتج غير «الضباب»، في إشارة إلى ما تردده الإدارة الأمريكية حول «مفاجأتها»، من التطورات التي حصلت في العراق وسوريا، خاصة التقدم العسكري الذي حققه التنظيم الإرهابي، «داعش».
هناك العديد من الصحف الأمريكية، نشرت تصريحات لمسؤولين سياسيين وعسكريين، أمريكان، يدعون فيها أنهم «فوجئوا» باستيلاء «داعش» على الموصل، في العراق، وبما حققته التنظيمات الإرهابية، في سوريا، من تقدم عسكري، مما يثير التساؤل حول جدوى هذه المنظومة الاستخباراتية، التي لم يشهد العالم مثيلا لها من قبل!
أم أن الأمر يتعلق “بضبابية” مقصودة، ما دامت المؤامرة ناجحة لتدمير العراق وسوريا، وزرع الفتنة والتقسيم في الجسد العربي المنهك؟

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

بالفصيــح * ضبابية ناجحة * بقلم : يونس مجاهذ

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…