وضعت الندوة التي نظمها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حول الحكم الذاتي، أسئلة الوضع في الصحراء في سياق جديد، يتميز بأعمال التحليل والعقل السياسي المتوثب، في إعادة صياغة الأسئلة على ضوء التاريخ الكمي والنوعي لتجارب عديدة سبقتنا، و على قاعدة التراكمات الوطنية التي تحققت مؤسساتيا وسياسيا واجتماعيا وسياديا.
وتبين من خلال التأطير الاستراتيجي لهذه القضية ومستجداتها أن المغرب في حاجة الى تثبيت حقيقتين اثنتين في أي مقاربة تعمل بهذا المنظور.
الحقيقة الأولى هي أن المنهجية التي تعتمد التدبير وفق الطرق والقنوات التقليدية لا توصل ، كما ورد في كلمة الكاتب الأول للاتحاد، إلى إقناع ساكنة الأقاليم الجنوبية بجدوى المقترح الذاتي.
وهو ما يقتضي التجديد في وسائل الدفاع عن حقوقنا والتأطير الشعبي والربط بين المقترحات الجريئة لبلادنا، وتطوير أدوات الإقناع بها.
أما الحقيقة الثانية ، والتي تظل محكومة بطبيعة المعركة وطبيعة تقدمنا في تغيير طبيعة الدولة المغربية نفسها فهي تمس حاجة إلى أحزاب فيدرالية تتمتع بكل الصلاحيات وتتفاعل مع الجهوية ومنطقة الحكم الذاتي كمعطى جديد«.
إننا بهذا المعنى نرتقي بالجهوية إلى مرتبة الاسلوب الفدرالي في تدبير الشؤون الوطنية في الصحراء ، ثم نعمل على تفعيل الحكم الذاتي في المجال الوطني مما يعطيه ملموسية وقوة إقناع ميدانية، وبلغة أخرى يعطيه قوة النتيجة الملموسة ميدانيا.
إن الخلاصة الجوهرية تقتضي التغيير، في الأسلوب المتعلق بتدبير الملف، كما في فلسفة الحكم والحكم الذاتي، في ارتباطهما بمعنى جديد للسيادة السياسية، على قاعدة المشاركة الشعبية الواسعة، والتي تبين أنها تمأسست من خلال المشاركة الواسعة في الاستحقاقات الانتخابية.
هاتان الحقيقتان ستشكلان لامحالة قاعدة مقاربة جديدة قوامها التفكير الجديد في تدبري المجال وتدبير ساكنته لشؤونها.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الثلاثاء 24 نونبر 2015