*عن التحرير بريس – محمد الشاوي
إن المصطلح لفظ يطلق على مفهوم معين للدلالة عليه ، وهو رمز لغوي لمفهوم معين ، ويتطلب وجوب علاقة منطقية بين المصطلح ومفهومه و هاته المفردات والعبارات نستعملها باستمرار وتصادفنا في حياتنا اليومية وبطبيعة الحال نقصد بها ما نقصد، وحين يطرح بالضبط سؤال: ما القصد ؟ نفقد بوصلة التعبير ويتم البحث في ثنايا القاموس ويتوارى المبحوث عنه وما بسط بعض من هذه المفاهيم والمفردات الأكثر تداولا الآتية من اصطلاح المدرسة الاتحادية في عالم يتغير ويتبدل وفي تطور دائم ومستمر إلا للتذكير بها واستشراف المستقبل فقط.
1- الديمقراطية
المصطلح الأكثر تداولا، فلا يخلو بلاغ أو بيان أو رسالة أو مذكرة أو انتفاضة أو مطلب أو تجمع أو مؤتمر منذ تأسيس الاتحاد من مفردة الديمقراطية بحمولتها. فالديمقراطية في مدلولها السياسي تتوخى تحقيق العدل السياسي وليس بالضرورة العدل الاجتماعي لأن المسألة الاجتماعية إطار حلها العدالة الاجتماعية عن طريق التوزيع العادل لما ينتجه النمو الاقتصادي من ثروات ولن يوفر هذا إلا الاختيار الاشتراكي. لذا يرى الحزب أن الديمقراطية في منظوره كما جاء في المؤتمر الوطني الثامن 13-14-15 يونيو 2008 ” الأرضية السياسية والمؤسسية” ص 15 ، هي عملية سياسية ومجتمعية وثقافية وحضارية تتشكل بالأساس من ضرورة توفر عدة شروط : -المساواة – الحريات الأساسية للمواطنات والمواطنين – تعددية سياسية حقيقية – إعمال مبادئ حقوق الإنسان – العدالة الاجتماعية – تكافؤ الفرص – التنوع الثقافي.
2- المركزية الديمقراطية
مبدأها ضروري و يستلزمها النضال من أجل أهداف تحدد بطريقة جماعية ، وفي مختلف مستويات الحزب مما يعطي للأداة الحزبية وظيفتها الحقيقية.مبدأ ينظم العلاقات بين المناضلات والمناضلين داخل الحزب وضرورة تطبيقه في النضال من أجل النضال . مما يفرض لإنجاز المهام تحديد الإستراتيجية أو التكتيك دون مزالق و هاته المهام تستوحي المبادرات المحلية و الإقليمي و الجهوية مما يعطي للمركزية الديمقراطية مضمونها الديمقراطي لضمان نقل مواقف وقرارات القيادة بأمان.
3- الحكم الفردي المطلق
مفردات وازنة ( ثقيلة ونارية)، إن الحكم الفردي في الواقع حكم تأسس لمعارضة الفكر و الديمقراطية وكل برنامج يرمي إلى إرجاع السيادة إلى الشعب ومراقبة نواب الأمة على الحاكمين ، دون ريب فهو شكل ملكي، يمارس فيها الملك (رئيس الدولة) السلطة بشكل مطلق وسلطات الحكم محصورة في شخص واحد حيث يتسلط على مقومات (خيرات) الدولة من ارض وثروة وشعب وحكم و السيادة بيد فرد واحد وعديدة، يحيط نفسه بهالة من حصانة وله صلة روحية أي يعتمد الحق الإلهي للملوك. ولقد تم ذكر صاحب الجلالة في قرارات المؤتمرات الجهوية الاستثنائية يوم 25 يناير 1959 وكما جاء في ميثاق المؤتمر التأسيسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية الأحد 6 شتنبر 1959 المطالبة ب: إقامة ديمقراطية واقعية تضمن لجميع المواطنين تسيير شؤونهم بأنفسهم سواء على الصعيد الوطني أو المحلي في دائرة ملكية دستورية تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد الخامس.كما تمت الإشارة إلى جلالة الملك في فقرة التطهير والدستور من ملتمس المجلس الوطني لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (ا و ق ش ) المنعقد بالدار البيضاء يوم 3 ابريل 1960 دون أن ننسى بلاغ الكتابة العامة بعد وفاة جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه في 2 مارس 1961.وحين تولى ولي العهد رئاسة الحكومة نيابة عن والده محمد الخامس رحمه الله,استمرت هاته الحكومة برئاسة جلالة الملك الحسن الثاني ونظرا لتناقض مهمة الوزير الأول ومهمة الملك،عين هذا الأخير السيد احمد رضا كديرة فأسند إليه مهمة توقيع المراسيم باسم رئيس الحكومة الملك وأصبح احمد رضا كديرة يجمع بين العديد من المهمات :رئيس الحكومة القانوني،مدير ديوان رئيس الحكومة الملك،وزير الفلاحة،وزير الدفاع،وزير الداخلية، وزير الخارجية بالنيابة فأضحى يشخص “الحكم الفردي” و بهذا يكون الملك الحسن الثاني اختار الحكم الفردي على الحكم الديمقراطي. و صار الاتحاد يستعمل في بياناته وفي جريدة التحرير عبارة “الحكم الفردي “وعبارة “الحكم المطلق”. ومن خلال استعراض قرار المؤتمر الوطني الثاني ل: ا و ق ش 25-27 ماي 1962 تغيرت اللهجة ،إذ يثير في باب القرار السياسي بعد دراسة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلاصة أن تجربة الحكم في السنتين الأخيرتين تجلت في : حكم مشخص تشخيصا فرديا من نوع مطلق قديم .كما أن اللجنة المركزية للحزب في قرار لها حول مقاطعة الاستفتاء في 14 نونبر 1962 بالدار البيضاء أكدت : أن الحكم المطلق الذي استحوذ منذ ماي 1960 على الشؤون المالية والاقتصادية وسيطر على الجيش والشرطة وإدارة الشؤون الخارجية والداخلية جاد في تجنيد كل هذه الوسائل للضغط على الشعب المغربي.غيران بعد الانقلابين تم توظيف الجهاز الحاكم أو الحاكمون : في مسألة الحكم ( اللجنة المركزية المجتمعة سواء في دورة الدار البيضاء يوم الأحد 8 أكتوبر 1972 أو دورة يناير 1973 بفاس)
4- رئيس الدولة
دون الخوض في الإشكالية القانونية يظل رئيس الدولة في قاموس (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية – ا و ق ش -):( الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – ا ش ق ش-) عاهل وراثي ، ملكا ، مجرد حكم،ممثل رمزي أمام السلطات أو قد يكون مستحوذا على كافة السلطات ولقد تم نشر جملة رئيس الدولة في عدة بيانات وبلاغات في سياقات عديدة وحسب النبش والبحث اقرن صاحب ركن ” صباح النور” بجريدة التحرير الدكتورالفقيد محمد عابد الجابري تحت الاسم المستعار : عصام ، رئيس الدولة بصاحب الجلالة وذلك يوم 4 نونبر 1959 حين كتب :…. ففي المغرب اليوم حكومة شعبية تبني وتشيد في انسجام تام مع رئيس الدولة صاحب الجلالة ، وفي المغرب اليوم إدارات ومصالح حكومية تهدم ما تبني الحكومة وتتصرف بأمرها تصرف الحاكم المطلق .كما برزت عبارة رئيس الدولة في أدبيات ا و ق ش في أول ظهور لها في فقرة الاستشارات الرسمية بالنشرة الوطنية الصادرة حول الموقف السياسي للاتحاد بعد حوادث مارس 1965، خطتنا : الوفاء للشعب وللمبادئ الديمقراطية والاشتراكية.
5- الاختيار الثوري = النقد الذاتي
تقدم المهدي بن بركة بتقرير بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية أيام 25-26-27 ماي 1962 تحت عنوان “النقد الذاتي ” ولم يوزع على المؤتمرين ليتم طبعه تحت عنوان الاختيار الثوري في يوليوز 1965 ، هذا التقرير الذي أبدى من خلاله المهدي بن بركة ملاحظات حول المهام الآنية والبعيدة المدى المنتظرة والوسائل الكفيلة لتحقيق هذه المهام . تقرير يروم توضيح محتوى النظام القائم وتحديد دوره واستعراض الظروف التي تعيشها البلاد داخليا ودوليا،و ظروف انعقاد المؤتمر الوطني الثاني للحزب ، واستخلاص مميزات المجتمع المغربي ، وتقديم نقد ذاتي (ثلاثة أخطاء قاتلة) ومشكلة الديمقراطية ورسم معالم الأفق الثوري والمهام المستعجلة وتبني الاشتراكية العلمية والتضامن ضد مظاهر الاستعمار على الصعيد الدولي . كما أثار التقرير تحديد الأداة الممكن القيام بهذه المهام ( الحزب والأطر والأمة ) وذلك عبر تقوية الحزب في ميدان التنظيم والتعميق الإيديولوجي لأطره ومناضليه بغية تلاءم الأداة مع الأهداف الثورية.
6- الأخطاء الثلاثة القاتلة
تم ذكرها بتقرير النقد الذاتي ” الاختيار الثوري” ولا يزال مفعولها ساري فحددها المهدي بن بركة في :
1- سوء التقدير لأنصاف الحلول المضطرين للأخذ بها “أنصاف الحلول”
2- خوض المعارك في إطار مغلق بمعزل عن مشاركة الجماهير الشعبية “صراع في نطاق مغلق”
3- عدم الوضوح في المواقف الإيديولوجية وعدم تحديد هوية الحركة، من نحن ؟ ( الحزب) أي عدم تحديد الأفاق البعيدة وعدم تبيان واضح لمعالم المجتمع الجديد الذي نسعى لبنائه في الميادين الاقتصادية والاجتماعية و السياسية.
7- الاشتراكية العلمية
من خلال البحث والاطلاع على العديد من أدبيات الاتحاد يبدو أن تقرير” النقد الذاتي” للمهدي بن بركة المقدم للمؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ماي 1962 والذي تم سحبه ولم يعرض على المؤتمرين جاء ولأول مرة في تعريفه أن الاشتراكية العلمية ،تقتضي:
– حلا صحيحا لمشكلة الحكم، بإقامة مؤسسات سياسية، تمكن الجماهير الشعبية من رقابة ديموقراطية على أجهزة الدولة، وعلى توزيع ثرواتها وإنتاجها الوطني.
– أسسا اقتصادية لا تترك أي مظهر من مظاهر سيطرة الاستعمار ولا لسيطرة حليفيه الإقطاع والبرجوازية الكبرى الطفيلية.
– تنظيما سياسيا واجتماعيا للسهر على تأطير الجماهير الشعبية وتربيتها، من أجل التعبئة الشاملة لسائر الموارد الوطنية الضرورية لتراكم وسائل الاستثمار.
أن الاشتراكية العلمية كمنهجية للتحليل والدرس لا تتنافى مع التقاليد والقيم التقدمية و الثورية لحضارتنا العربية ، بل بل بينهما تكاملا مثمرا ،لان التراث الحقيقي والقيم الإسلامية الحقة هي التي تحملها الجماهير الشعبية الطامحة إلى تغيير جذري والى بناء الاشتراكية. ص90 التقرير الإيديولوجي. أما الفقيد السي عبد الرحيم بوعبيد في الكلمة الختامية للمؤتمر الاستثنائي يناير 1975 يقول : لا منافاة بين مفهوم الاشتراكية العلمية والقيم الأصيلة لحضارتنا العربية الإسلامية التي نحن متشبثون بها .يقولون: أن الإسلام لم يأت بالاشتراكية . ونحن نقول:أن الإسلام لم يأت بالرأسمالية . ص281 التقرير الإيديولوجي. انظر( ص 342و326و327 )، وكما أوضح التقرير الإيديولوجي وتأكيد تبني الاشتراكية العلمية في عنوان بالصفحة 19 أن ” اقتناء الاشتراكية العلمية كمنهجية للتحليل والنضال، دون مركب،ومع رفض النماذج المجردة وتقليد التجارب الأجنبية”.
8- عريس الشهداء
شكلت السنوات الأولى للاستقلال رغم الفرحة العارمة نوع من الضياع في معارك هامشية ومؤثرة من تصفيات للمقاومين وجيش التحرير وانقلاب سياسي على الحركة الوطنية، كما عرف عقد السبعينات قمة الاحتقان الاجتماعي والسياسي في البلاد. حيث ساد التوتر، نتيجة القمع الممارس والتسلط الاستبدادي. فساد الرعب وعدم الاطمئنان إلى درجة أن المواطن فقد الثقة فيما يدور حوله ، ولم يعد قادرا على الاحتجاج على الوضع المعيش آنذاك نتيجة الترهيب والاعتقالات العشوائية وتلفيق التهم والاختطافات والتصفية و..و لا داعي التذكير بظروف الاختفاء القسري للمهدي بن بركة وتضارب الروايات وتعدد الفاعلين في يوم 29 أكتوبر 1965 ليتخذ هذا التاريخ من كل سنة يوم وفاء لكل الشهداء وفي مقدمتهم المهدي بن بركة الملقب ب:عريس الشهداء. و الملف لا يزال مفتوحا وصفحة اختفائه لا يمكن طيها إلا عندما تنجلي الحقيقة وتقول العدالة كلمتها.
9- الجهاز البورصوي (بورصة الدار البيضاء )
في البدء، عادة، كان الفضاء وكالة التوظيف وملتقى النقابات المهنية المختلفة تهتم بالأنشطة النقابية وتقدم خدمات وتعمل على نشر ثقافة العمل وتبادل العمالة أو تنظيم وتوجيه الباحثين عن العمل:(بورصة الشغل) . ولقد خصص المناضلون مجهوداتهم بالأسبقية لحماية النقابة :الاتحاد المغربي للشغل وعيا منهم بالمخططات ضد النقابة . وبالرغم من تصرفات الجهاز المتسلط على النقابة ، ووحشية الأساليب من تنكيل جسدي وبث اليأس في صفوف الأطر النقابية والتهديد المستمر بالطرد من العمل وقمع التفكير. وما رفع شعار:” الاستقلال النقابي” وبعده شعار: “الخبز” إلا للحد من مبادرات المناضلين واعتبار الجهاز المركزي الناهي والآمر وبالتالي أضحى فعلا الجهاز النقابي مستقلا عن الأحزاب غير انه ارتمى في أحضان الحكم. كما حارب الجهاز النقابي البورصوي كل مجهود تنظيمي حزبي في صفوف العمال ولتبيان تصرفات الجهاز النقابي.( راجع كتيب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية – انطلاقة 30 يوليوز 1972 ، تجاوز لمخطط التجميد – نشرة داخلية-)
كما أن المشكل ليس ناتجا فقط عن إرادة ونوايا أشخاص بل كذلك من طبيعة الجهاز النقابي كما تكون قبل تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. إن حرص المقاومين والتقدميين على أن تفلت من المنظمة العمالية من تأثيرات القيادة البورجوازية لحزب الاستقلال سنة 1956 جعلهم يعملون على تعويض الكاتب العام السابق. ومن جهة أخرى وضعت جميع إمكانيات الدولة المادية رهن إشارات النقابات من بيانات ومساعدات مادية ، كما أن أجرة مئات المداومين تتحملها الدولة عن طريق الانقطاعات وهكذا تكون الجهاز النقابي في جو حماية التقدميين ورعاية الدولة نفسها، بالإضافة إلى أن قلة الأطر المدربة على مقتضيات الكفاح جعلت الجهاز يتكون من عناصر لم تعرف المسؤولية النقابية إلا كامتياز.( الأحداث والوقائع هي الفصل . ص 21 من كتيب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية – انطلاقة 30 يوليوز 1972 ، تجاوز لمخطط التجميد – نشرة داخلية-)
وكما أوضح التقرير الإيديولوجي في الصفحة 174 : ولقد قدم ” الاختيار الثوري” الذي قدمه رفيقنا الغائب المناضل المهدي بن بركة كتقرير إلى الكتابة العامة قبل انعقاد المؤتمر الثاني لمنظمتنا(ا و ق ش 1962) ، ما يكفي من الشروح والبيانات والانتقادات البناءة عن تلك الفترة .لكن هذا التقرير قد ” علق” هو الآخر ، تحت تأثير الجو الحالك الذي خيم على ذلك المؤتمر بفعل العناصر الانتهازية في الجهاز النقابي ، “هذا الجهاز الذي أضحى “زاوية” بفعل تصرفاته ، و انحرافاته وأساليب عمله ، وخطته الانتظارية الانتهازية ، يمارس سلطته على أرباب المعامل ،يوظف يطرد،يأخذ “الإتاوات” ، يحصل على الهبات والمساعدات بل فرض برنامجا إذاعيا يوميا كل صباح يحمل اسم” صوت الاتحاد” ويستشار في المجال السياسي( التمثيلية داخل المجلس الاستشاري أسوة بحزب الاستقلال ) و يمثل في البعثات الرسمية إلى الخارج .هكذا أصبحت لها وجاهة وصيت ونفوذ وممتلكات وزعامة ، جهاز نقابي مسيطر ومهيمن “.مواقف الكتاب رقم 5 ص 19 وص 20 د محمد عابد الجابري.
10- الإرهاب لا يرهبنا والقتل لا يفنينا .وقافلة التحرير تشق طريقها بإصرار
جمع هذا العنوان وقائع ثلاثة :”الإرهاب لا يرهبنا “عن تلك الرسائل الملغومة التي استهدفت الكاتب الأول السابق محمد اليازغي وشهيد الصحافة عمر بن جلون والسيد محمد الدويري من حزب الاستقلال. حيث انفجرت في يد محمد اليازغي بينما تمكن عمر بن جلون من إبطال مفعولها . أما رسالة محمد الدويري فلم تنفجر.وذلك يوم 13 يناير 1973. والقتل لا يفنينا: إعدام الضباط المتهمين بالمشاركة في محاولة انقلاب غشت 1972.وقافلة التحرير تشق طريقها بإصرار:إضراب عمال السكك الحديدية. فاكتملت الصورة وتم الربط بين العناصر الثلاثة المذكورة, بإصرار .صدر هذا بجريدة المحرر وجاء كعنوان في كالتالي:الإرهاب لا يرهبنا والقتل لا يفنينا وقافلة التحرير تشق في الصفحة الأولى ليوم 17 يناير 1973،العدد 161 وللإشارة لقد تم حجز هذا العدد بطبيعة الحال.وشاع خبر حجز الصفحة الأولى للجريدة التي أبرزت الوقائع الثلاثة، أما وقع العنوان فكان له اثر كبير حتى صار الشباب الاتحادي يردده في كل مناسبة احتجاجية. كما اتخذ كشعار للمؤتمر التأسيسي للشبيبة الاتحادية (المجلس الوطني الأول 22-23-24-25 دجنبر 1975 بالرباط) و رغم ما وقع طيلة المسيرة النضالية للحزب، فقافلة التحرير تشق طريقها بإصرار وثبات،ولن يتوقف مهما تعددت أنواع الاعتداءات ضد المناضلات و المناضلين ،انه قطار الشعب.
11- التقرير الإيديولوجي (المؤتمر الاستثنائي يناير 1975)
يظل المؤتمر الاستثنائي محطة محورية، في تاريخ الحزب و البلد، والتقرير الإيديولوجي تركيب إبداعي ،حيث أعاد التدقيق في الهوية الاشتراكية كمنظومة فكرية وسياسية. وتبني الاشتراكية العلمية كمنهج في تحليل المجتمع وفق خصوصياته( الانحياز لفكرة الخصوصية) وبوأ النهج الديمقراطي مركزا محوريا في عملية النضال السياسي بجانب التحرير والاشتراكية في إطار المعادلة الجدلية: التحرير– الديمقراطية– الاشتراكية.
“ولاشك أن الذي يعيد قراءة “التقرير الإيديولوجي” الذي كان بحق أهم انجاز فكري حققه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، بل ربما أي حزب في العالم الثالث ، أقول أن من يعيد قراءته على ضوء ما تقدم سيلاحظ أن ابن خلدون كان هو “المساهم الرابع فيه””. د محمد عابد الجابري الكتاب رقم 12 – مواقف ط 1 ص الأخيرة للغلاف فبراير 2003.
و جاء في ص 88 من نفس المصدر أعلاه أن ما يميز أدبيات الاتحاد الاشتراكي ليس مجرد انتماءها للاتحاد الاشتراكي بل صدورها عن رؤية واحدة ومنطلقات واحدة. هي تلك التي حددها التقرير الإيديولوجي(المؤتمر الاستثنائي يناير 1975) ورغم تعدد الاختصاصات واختلاف ميادين البحث سواء تعلق بالجانب الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو التعليمي أو الحياة السياسية ، فما صدر من أدبيات نجده مطبوعا بطابع النهج القائم على التحليل الملموس للواقع الملموس ويجمعه قاسم مشترك واحد ينتظم في سلسلة الدراسات والأبحاث الصادرة عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو : اعتماد المعطيات الواقعية في استخلاص النتائج النظرية.
12- التحليل الملموس للواقع الملموس
تميزت فترة إرساء أدبيات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بطابع المنهج القائم على ” التحليل الملموس للواقع الملموس” ولقد تم تداول هذه العبارة على نطاق واسع بين الاتحاديات والاتحاديين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و…والقاسم المشترك هو اعتماد المعطيات الواقعية في استخلاص النتائج النظرية أي استنطاق الواقع بمجهود تحليلي نظري.
وجاء في التقرير الإيديولوجي من وثائق المؤتمر الاستثنائي يناير 1975 ،ص 45: ” نعم،هناك نظرية اشتراكية عالمية نستوحيها ونستفيد منها ،ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا دوما ، أن النظرية ،أية نظرية ، مهما كانت أصيلة وثورية ، ستبقى مجرد قوالب جوفاء، مجرد ركام من المفاهيم والشعارات، تعرقل النضال ، وتشوش الأذهان ، وتشتت الصفوف ، ما لم تنسجم في تحليل ملموس، ما لم تكتسب مضمونها من النضال الفعلي والممارسة اليومية الواعية.إن النظريات العامة التي تختزل الواقع الموضوعي، الغني الخصب ، ستظل مجرد وصفات جاهزة صورية مجردة، ما لم تخضع هي نفسها للواقع الحي، ما لم يكن مضمونها نابعا من تحليل علمي لخصوصية المجتمع الذي يراد تطبيقها فيه.
وفي الصفحة 105 من وثائق المؤتمر الاستثنائي يناير 1975 يبين لنا:” أن التحليل الملموس للواقع الملموس، وهو عماد المنهجية الاشتراكية العلمية كمنهج في التفكير والممارسة، هو وحده القادر على تجاوز أساليب التفكير الميكانيكي التي يعتمد المقايسة بين الأشياء والربط بين الظواهر ربطا آليا”.
13- شهيد الصحافة
كيف يهنأ البال وينام قرير العين ، الآمر والمنفذ والمخطط للعملية التي طالت روح السياسي والنقابي والمفكر والمحامي والصحافي المحكوم بالإعدام والمعتقل عدة مرات ،عمر بنجلون شهيد الصحافة حين طالته الأيادي القذرة واغتالته بعد ترصد وسبق إصرار حين أشارت الساعة حوالي الثانية بعد الزوال من يوم الخميس 18 دجنبر 1975 ،فعلا حوكم بعض ممن شاركوا في عملية الاغتيال وأطلق سراحهم وبعضهم ظل حرا طليقا والملف لا يزال مفتوحا وان الاغتيال سياسي والمطالبة بالحقيقة كلها في هذه النازلة لا يزال ساريا.
14- المنهجية الديمقراطية
والاتحاد الوطني للقوات الشعبية شعورا منه بفداحة النتائج التي ستنجم حتما عن استمرار الأوضاع الراهنة يرى أن الخروج من المأزق الحالي الذي يتخبط فيه المغرب مشروط أولا وقبل كل شيء باختيار وسلوك نهج الديمقراطية الحقة بدون مراوغة ولا تزييف حتى تتمكن البلاد من الدخول في مرحلة البناء المطابق للاختيار التحرري المستجيب لمطامح الجماهير الشعبية ( من البيان السياسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية المصادق عليه من اللجنة المركزية يوم الأحد 13 أكتوبر 1968).كما يمكن اعتبارها نزلت في كلمة الكاتب الأول أثناء انعقاد اللجنة المركزية للحزب في 29 غشت 1992 حين قال : “إن بلادنا اليوم في مفترق الطرق ومطروح عليها اختيار النهج الصحيح المؤدي إلى دمقرطة المؤسسات والإصلاح السياسي الشامل حتى تتمكن من مواجهة التحديات المصيرية المطروحة عليها “.ليتوارى هذا المصطلح إلى حين إعلان تعيين الوزير الأول التقنوقراطي مكلفا بتشكيل الحكومة عوض وزير أول ينتمي إلى الحزب المتصدر لانتخابات 2002 مما أجج النقاش داخل الحزب الذي لم يستسغ هذا التعيين رغم تدشين مسلسل الانتقال الديمقراطي بتعيين الوزير الأول ولقد جرت آنذاك داخل الحزب نقاشات صاخبة أفضت إلى إصدار البيان الشهير حول : المنهجية الديمقراطية، متوخيا احترام نتائج صناديق الاقتراع على الرغم أن النص في دستور “نعم ” 1996 يحرر ملك البلاد من تعيين الوزير الأول من الحزب الأول.
15- المصالحة الوطنية
“إن حزبنا الذي تجنب ويتجنب دائما الحقد على الأشخاص ويتجه بنضاله وتضحياته ضد الفساد وعوامله الحقيقية.يعلن استعداده الكامل لتحمل مسؤولية تنفيذ هذا البرنامج مع أية قوة وطنية حقيقية توافق عليه وتلتزم ، مخلصة بانجازه واغنائه ، متجاوزا في سبيل إنقاذ الوطن وإعادة بنائه على أساس ديمقراطي شعبي، كل الجروح والآلام المادية والمعنوية التي لحقته في الماضي القريب والبعيد من هذه الجهة أو تلك، مؤكدا عزمه على الاستمرار دائما في وضع المصلحة العليا للوطن وحق الشعب المغربي في الحياة الحرة الكريمة فوق كل اعتبار. الفقرة الأخيرة من البيان السياسي العام الصادر عن المؤتمر الوطني الثالث للحزب 8-9-10 دجنبر 1978 بالدار البيضاء. ما هو جدير بالانتباه في سياق المصالحة الوطنية هو أن ضحايا سنوات الرصاص لا تحركهم نوازع الانتقام، وأن العائلات وذوي الحقوق يتطلعون إلى معرفة الحقيقة أكثر من أي شيء آخر، وأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اختار بوعي و مسؤولية سبيل المصالحة الوطنية، وبما أن هذه المصالحة لا يكتمل معناها بدون إجلاء الحقيقة عن الملفات العالقة، وذلك بما يتيح تفعيل التجاوز الإيجابي للماضي و كسب رهان المستقبل.
16- الدولة الوطنية الديمقراطية
إن طرح شعار الدولة الوطنية الديمقراطية على طريق استمرار حركة التحرير الشعبية في المغرب كبديل وطني تقدمي لإدارة المخزن التي انبعثت من جديد بعد الاستقلال.هذا الشعار لا علاقة له إطلاقا بمفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية كما طرحت في الثورة الروسية فبراير 1917 في تحالف مرحلي بين الطبقة العاملة والبورجوازية الوطنية هدفها الإسراع بعجلة الثورة وإقامة “ديكتاتورية البروليتاريا ” وهذا الوضع لا علاقة له بالوضع القائم في بلد متخلف كالمغرب. لذا أصر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في بيانه السياسي للمؤتمر الوطني الثالث تجنب أنواع الخلط والالتباس الذي قد تسببه ” القرابة اللغوية ” بين الدولة الوطنية الديمقراطية و الثورة الوطنية الديمقراطية ومختلفة في الشروط الموضوعية والذاتية ( الخصوصية المغربية )وهذا الشعار يستمد افقه الاستراتيجي من الاختيار المبدئي الذي يربط ربطا جدليا بين التحرير والديمقراطية والاشتراكية وكما أوضح البيان السياسي العام للمؤتمر الوطني الثالث للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنعقد بالدار البيضاء 8-9-10 دجنبر 1978 أن بناء الدولة الوطنية الديمقراطية يستمد فعاليته كأداة عمل سياسي ونضالي ” برنامج إنقاذ وطني ” برنامج سياسي مرحلي ” ويطرح مهاما مستعجلة كخطوات أولى ضرورية منها:
– مراجعة الدستور واستهداف بلوغ ملكية برلمانية دستورية ديمقراطية،
– تأسيس حكومة قوية،
– إيقاف مسلسل التفقير بإنشاء قاعدة صناعية وإصلاح زراعي وعدالة اجتماعية وتعليم وطني ومحافظة على الهوية الدينية والقومية ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،
– انتخابات حقيقية،
– تطهير الإدارة من العناصر الفاسدة،
– سلوك سياسة خارجية وطنية ، تقدمية منفتحة ثابتة مع مراعاة البعد العربي والإفريقي والدولي وعدم الانحياز،
– الوحدة الترابية،
– المغرب العربي الموحد،
– العفو الشامل،
– المصالحة الوطنية،
ولتنفيذ هذا البرنامج الاستعجالي ورد في الفقرة الأخيرة من البيان السياسي ما يلي : “يعلن استعداده الكامل لتحمل مسؤولية تنفيذ هذا البرنامج مع أية قوة وطنية حقيقية توافق عليه وتلتزم ، مخلصة بانجازه و اغناءه ، متجاوزا في سبيل إنقاذ الوطن وإعادة بنائه على أساس ديمقراطي شعبي واضعة المصلحة العليا للوطن وحق الشعب المغربي في الحياة الحرة الكريمة فوق كل اعتبار.
ولابد من الإشارة أن دراسة ومناقشة مفهوم الدولة الوطنية الديمقراطية أثناء اجتماعات القطاع ألتلاميذي والطلابي يرنو إلى نتيجة واحدة أن د محمد عابد الجابري( مجلة المشروع العدد رقم 1 ) وحده يعرف عمق وتيار وطبيعة ومسالك الطريق إلى الدولة الوطنية الديمقراطية.
17- التحرير – الديمقراطية – الاشتراكية
فمسيرة الحزب النضالية تتوخى أن تجسد التطلع المجتمعي إلى التحرير والديمقراطية والاشتراكية، هذه المعادلة التي وضعها على شكل منظومة متراصة ، الشهيد عمر بنجلون والتي استقاها من ممارسته وممارسة المناضلين الذين سبقوه ، أمثال الشهيد المهدي بن بركة ،معادلة ثلاثية تعبر في مضمونها عن جدلية التحول والبناء المجتمعي ، عن جدلية المعارضة والبناء.
هي ثلاثة عناصر لمعادلة، يتعلق الأمر إذن بثلاثة أهداف متداخلة مترابطة يتوقف كل منها على الباقي وتشكل جميعا هدفا واحدا لا تقبل التجزئة ولا أسبقية احد عناصره على العناصر الأخرى.
” لقد الححنا في الصفحات الماضية على ضرورة الربط بين الاشتراكية والديمقراطية والتحرير ربطا جدليا: الديمقراطية من اجل الاشتراكية والاشتراكية من اجل التحرير والتحرير من اجل الديمقراطية والاشتراكية معا”. ص 154 ط IIسنة 1984
وباقتباس من البيان السياسي للمؤتمر الوطني الثالث دجنبر 1978 حول بناء الدولة الوطنية الديمقراطية وفق شروط ضرورية للشروع في تحقيق مضامينه وأهدافه بطرح المهام المستعجلة (انظر 17 أعلاه – الدولة الوطنية الديمقراطية) والتي تستمد افقها الاستراتيجي من الاختيار المبدئي الذي ربط ربطا جدليا بين التحرير و الديمقراطية و الاشتراكية:
– التحرير الذي يعنى بتصفية الاستعمار وبقاياه التي مازالت حدودنا وأراضينا واقتصادنا وثقافتنا تعاني منها.
– الديمقراطية أي إلغاء جميع أساليب المخزنة في دولتنا وتحويلها إلى دولة وطنية و ديمقراطية تعتبر الشعب مصدر السلطات وتبنى مجتمعها بمساهمة الجماهير الشعبية في التقرير والتنفيذ ومراقبتها مراقبة فعالة لكافة مستويات المسؤولية.
– الاشتراكية يعني في المرحلة الراهنة تصفية الهياكل الإقطاعية والبنيات الرأسمالية التي غرسها المستعمر في بلادنا وعملت سنوات الاستقلال على مغربتها وتنميتها على حساب القوت اليومي لجماهير شعبنا على حساب تقدمه وازدهاره، وتشييد صرح اقتصاد وطني متوازن ومتحرر يخضع للتوجيه والمراقبة هدفها خلق قاعدة صناعية وزراعية وتكنولوجية متينة صلبة ، والعمل على توزيع الدخل القومي وفائض الإنتاج الوطني توزيعا عادلا يضع حدا لمسلسل الفقر وبالتالي فتح الطريق أمام القضاء على الفوارق الطبقية.
18- إستراتيجية النضال الديمقراطي
الإستراتيجية مصطلح حربي وهو عملية تخطيط و تنظيم وتنفيذ على المدى البعيد، بينما النضال ببلدنا المغربيتطلب من اجل الديمقراطية نضالا مريرا وعسيرا لأن أعداءها ومناهضوها سلاحهم التعتيم والتضليل والتزييف والتزوير والغش والتعسف والتسلط والفساد.والإيمان والاشتغال في كنف النضال من اجل الديمقراطية موقف غير الذي يرفض الدخول في أية تجربة ديمقراطية في ظل أوضاع خاصة ويرى تغيير الأوضاع مقدمة ضرورية لإقامة تجربة ديمقراطية حقيقية .
وسيشكل “المسلسل الديمقراطي” التعبير السياسي. وبدءا من سنة 1976 شرع التأسيس والتكريس دستوريا ومؤسساتيا، من خلال مسلسل سياسي يسمح بإضفاء شرعية ديمقراطية على تحكم في السلطة السياسية، ومساهمة المعارضة السياسية ضمن حدود “هامش ديمقراطي” أو ” بصيص ديمقراطي”.
وعلى قاعدة هذا التوازن المختل، برز تيار سياسي “معتدل” يدعو إلى “سياسة واقعية” تقوم على المشاركة في مؤسسات “المسلسل الديمقراطي” من اجل توسيع الهامش الديمقراطي و مراكمة إصلاحات سياسية تسمح بدمقرطة المؤسسات من الداخل وبتوازن السلط . إن الهدف السياسي لهذه الإستراتيجية كان بالنسبة للبعض هو إقامة نظام ديمقراطي تسود فيه الملكية دون أن تكون القوة السياسية الحاكمة، بينما كان بالنسبة للبعض هو تحسين شروط إقامة “تعاقد جديد” بين الملكية والحركة الوطنية ممثلة في المعارضة البرلمانية.
فإستراتيجية النضال الديمقراطي تعني تحقيق الأهداف والبرامج داخل المؤسسات مما يعني الحاجة إلى تعبئة الفئات الشعبية للحصول على عدد اكبر من الأصوات مما يستلزم:
1- الانخراط في الحركات الاجتماعية ( مجالات القرب) .
2- الدفع وفتح منافذ الانخراط في وجه المثقفين و الإعلاميين وفتح المجالات أمامهم للقيام بدورهم الحق.
3- جلب الأصوات باعتماد المتوفرين على قاعدة انتخابية.
19- الخصوصية
الخصوصية المغربية مفهوم واسع الانتشار، يتم ترديده دون طرح سؤال: ما المقصود بالخصوصية المغربية؟
نسرد بعض ما يمكن أن يميز بلدنا المغرب من دونه لإبراز هذه الخصوصية منها على سبيل المثال:
– الإفلات من الامتداد العثماني.
– الصمود في وجه الامتداد الصليبي.
– الاستعمار المتعدد ( الحماية): الفرنسي والاسباني والعالمي.
– نظام المخزن.
– احترام الأديان السماوية وتغليب روح التسامح والتعايش.
– إمارة المؤمنين.
– المذهب المالكي المرتبط بالعقيدة الأشعرية.
– عدم الارتهان بتجارب المشرق العربي ( الناصرية و البعثية والقومية).
– استحالة إقامة ديكتاتورية البروليتاريا ببلد متخلف
– تنوع وتعدد الثقافات .
– المسلسل و الانتقال الديمقراطي.
– سنوات الرصاص والمصالحة الوطنية .
– الإفلات من ” شتاء “الربيع العربي.
20- الحزب السري
لاستكمال البناء المؤسساتي السليم للديمقراطية، وضعت نزاهة الانتخابات مقياسا لأي تقدم ديمقراطي يقطع مع حلقات مسلسل التزوير سواء المباشر منه والعنيف أو الناعم والموجه من طرف الأجهزة المعلومة ( الحياد السلبي) أو ( الانحياز العلني ) بغية تشكيل الخارطة السياسية وفق مقاس يخدم مصالح وأجندة الحزب السري (لوبي من نوع خاص) وإقصاء وتهميشا للقوى المناهضة لتوجهه وتبقى الكتلة الديمقراطية هي التي أطلقت اسم الحزب السري الذي ظل لعقود يسهر على صنع خارطة وخريطة المجالس الجماعية والبرلمانية المخدومة.
21- ملتمس الرقابة
على اثر بلورة التنسيق والتعاون بين فصائل المعارضة الوطنية تمكنت لأول مرة منذ سنة 1964 حين تقدم الفريق النيابي الاتحاد الوطني( المعارضة الاتحادية) آنذاك بملتمس الرقابة لتعيد الكرة هذه الفصائل بعد أن تغلبت على العائق الدستوري الذي يمنع أي فريق برلماني بمفرده من تقديم ملتمس الرقابة ( ملتمس لوم الحكومة أو سحب الثقة منها) وان تقوم بمحاكمة شاملة لسياسة الحكومة والاقتراع قصد إقالتها .وبذلك يمكن التلخيص أن تاريخ المغرب لم يعرف استعمال هذه الآلية إلا مرتين، الأولى خلال يونيو من سنة 1964 بعدما قدم الملتمس ضد حكومة الحاج محمد باحنيني، والثانية في ربيع 1990 عندما تقدمت المعارضة بالملتمس ضد حكومة عز الدين العراقي، ولم يؤد أي من الملتمسين إلى إسقاط الحكومة.
22- الأصالة والمعاصرة
المقصود بالأصالة حسب النص التراث أو الموروث جانب التقاليد والقيم والأعراف التي ورثها الشعب عن السلف.أما المعاصرة كمفهوم إيديولوجي يعبر عن الذات والشعور والطموح والمساهمة في صنع القرار .كما تعني باقتضاب شديد التحديث .ولا وجود لأي تناقض بين الأصالة والمعاصرة ولا داعي للدفع بالمواطن إلى أصالة مزعومة مبنية على رؤية سكونية متخلفة متحجرة تقدم تراثا محنطا ومعاصرة كاذبة تدعو إلى التخلي كليا عن مقومات شخصيتنا وحضارتنا.و”إن وضع الأصالة في مقابل المعاصرة، كضد لها أو نقيض ، إنما يعكس فهما غير سليم ، غير جدلي، للمشكلة المطروحة ، فهما يتجاهل أو يجهل قوانين تطور التاريخ وحركة الفكر ويسعى عن قصد أو غير قصد إلى نشر الغموض واللبس ، سياسيا وثقافيا وإيديولوجيا، الشيء الذي يؤدي حتما إلى شل حركة جماهيرنا ونشر الضباب في طريقها وإعتام رؤيتها”.ص 163 من وثائق المؤتمر الاستثنائي يناير 1975
“وبعبارة أخرى، إن الرهان الحقيقي الذي يخوضه الصراع الاجتماعي ، ليس هو ذاك القائم على الاختيار بين تقديس الماضي أو نبذه ، بل انه ذلك الصراع الحقيقي والفعلي، الصراع بين ذوي الامتيازات الذين يريدون استغلال تقاليدنا بعد تشويهها من اجل الاحتفاظ بالأمر الواقع بين القوات الشعبية المناضلة من اجل التحرير ، المتمسكة بأصالتنا الحقة المستلهمة لتراثنا الوطني الشعبي من اجل تعزيز سعيها الحثيث نحو التجديد والتحديث”. ص 165من وثائق المؤتمر الاستثنائي يناير 1975
23- أم الوزارات
تلاحمت أم الوزارات بوزارة الداخلية على رأسها وزير يود معرفة كل شيء فالمعلومة مجاله الحيوي،هديا على “من يمتلك المعلومة يمتلك السلطة “في بلد محكوم بلغة الشفوي،في غياب مسايرة الثورة الإعلامية والتقنيات الجديدة والإعلام الرقمي وزمن السرعة والمعرفة الافتراضية والشبكات التواصلية، وسخر كل الطاقات من اجل الاستفراد بالمعلومة من موارد بشرية ومالية ولوجيستيكية إلى درجة التحكم في مؤسسات ووزارات بالتهديد والوعيد.فأضحى وزيرا فوق العادة وفي لحظات عديدة تقمص الصدر الأعظم حين كان يزدري الوزراء والسفراء والولاة والعمال ويتبجح بمعرفة كل الحقائق وله الحق في التدخل في كل شيء فأضحت وزارة الداخلية بحق أم الوزارات.
24- الأحزاب الإدارية
إن بدعة خلق أحزاب إدارية ، ارتبطت بفترة الحماية إذ تم آنذاك خلق وتشكيل حزب الأعيان بفاس لتستعمله شريكا و بيدقا ضد الحزب الوطني. أما في المغرب المستقل ارتبطت الظاهرة بالانتخابات إذ يخلق الحزب قبيل الانتخابات بأشهر معدودة، مولود دون مقومات ، دون هياكل تنظيمية و لربما دون قانون أساسي ولا مقرات ،دون الحديث عن غياب التأثير في الرأي العام وانعدام تصور ومشروع مجتمعي ومع ذلك يتبوأ الصدارة في المؤسسات التمثيلية محليا و إقليميا و جهويا و وطنيا. ( من كتاب : نسق التواصل السياسي بالمغرب المعاصر ، ذ عبد الرحيم العماري ص 156 ط 1 2005 مطبعة القرويين- الدار البيضاء)
ورغبة في عقلنة المشهد السياسي المغربي وتأجيل الفعل الحزبي وإعادة الاعتبار إليه. ووضع حد لظاهرة تناسل الأحزاب “الإدارية” أو أحزاب ا”لكوكوت مينوت” هذه الأحزاب التي خضعت لفكر المنطق المخزني قصد تشتيت الطيف الحزبي وإضعاف أحزاب الحركة الوطنية و خلق أحزاب مصطنعة وطيعة، ارتأت الإدارة أن تنهج لهذا المبتغى كل الوسائل والسبل موهمة هذه المخلوقات بالامتداد الجماهيري. ولنا في ” الفديك” حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية أول مثال لهذه العينة حين لجأت الإدارة إلى صنع هذا المخلوق ولنا فيما تلا ذلك من تراجعات في قانون الحريات العامة ، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان،وأحداث دموية وإعلان الاستثناء والمحاولتين الانقلابيتين و…وتوالت المواليد مع كل استحقاق جديد.
25- التبخيس السياسي
ما فتئ خصوم الديمقراطية يشنون بشراسة ومنهجية حروبا ضد السياسة في شكل ممارسة مخزنية جديدة. وذلك محاولة منهم بتحييد المواطن وتجريده من إمكانية التنظيم والفعل السياسي وذلك عن طريق الترهيب والقمع والتخويف. أو عبر خلق كائنات فوقية ” إدارية” ،خلق إطارات كبديل للإطار السياسي والدفع بالمواطن الانخراط فيها عبر شتى الوسائل والسبل.كما تنهج غرس سلوكات منحطة كالزبونية والمحسوبية وتمييع الممارسة السياسية وانتهاج وسائل التزوير وممارسة كل أشكال الضغط وشراء الذمم ونشر الفساد والثراء الفاحش المشبوه .كما تعمل على عرقلة القوى الديمقراطية والتشويش عليها بالمضايقات والقمع والإشاعة مما يشيع العزوف السياسي وتستعير الشعارات وتنسخها وتمسخها بعد ذلك وبالتالي تهميش وتبخيس العمل السياسي والتنفير منه.كما اتسعت بشكل مضطرد النزعة التبخيسية للعمل السياسي ، والحزبي بشكل خاص مقابل توسيع كبير لجمعيات المجتمع المدني ذات الحساسية المفرطة تجاه العمل الحزبي.
26- المانغانطيس
فلعرقلة التطور النوعي الذي طرأ على العمل الوحدوي حيث ولدت الكتلة الديمقراطية، انتظروا حوار «إلباييس» ووجدوا كلمة “مانغانطيس MANGANTES“ومعناها شفار رديء – لص- ” من محضر الضابطة القضائية 21 مارس 1992 أي ناهب المال العام! فحوكم محمد نوبير الأموي بتبنيه هذه الكلمة «المانغانطيس» ..بغية عرقلة مسار الإصلاح السياسي بعد إثارة حفيظة المركب الإداري المصالحي الاستغلالي والجميع يدرك بأن الأمر لا يتعلق ب «المانغانطيس» ، بل .. بما يحيط الوضع بالمغرب آنذاك!
27- الجرائد الصفراء
فجأة هاجمت صحف ورقية الساحة الإعلامية دون سابق إنذار ، بوازع المنافسة أو التدمير أو التمييع ، عناوين بكم هائل ، فعلا تقدم خدمات متنوعة في غياب سياسة تحريرية واضحة تغيب عنها المسؤولية ناهيك عن عدم احترام القراء أو احترام شرف المهنة.
جرائد تجارية بالدرجة الأولى بدءا بجفاء محتوى ما يخط والقلم مبدأه المزاد، وتسير بأموال قذرة ومسارها يزيغ عن الحياد ومبدأها عدم الانحياز للمجتمع والقانون والحق مما يدفعها إلى الشعبوية واللامهنية وغالبا ما تنشر لمبتدئين هواة دون اكتراث لما تحمله كتاباتهم من مغالطات واتهامات وتشهير وعنف ومس ونبش في الأعراض وشتم وقذف وإثارة .اجل هذه هي الجرائد الصفراء عفوا (الضحكة الصفراء)
28- المخزن
والمخزن مصطلح مغربي قح ، يشمل النظام الملكي والأعيان والإقطاعيون وزعماء القبائل وكبار المسؤولين حاملي السلاح ويمارس المخزن الحكم عبر سلسة مؤسساتية الديوان والمستشارون وممثلو النظام الملكي وشبكة وزارة الداخلية من ولاة وعمال و.. وشيوخ ومقدمين دون إغفال المؤسسة الدينية كوزارة الثقافة والمجلس العلمي الأعلى وغيرها من المؤسسات.
ولقد جعلت سلطات الحماية من المخزن مجرد دولة صورية، استعمل كتغطية لعملية إقرار ” الأمن” لتستمد قوات الاحتلال مبرر وجودها، وبعد إرساء دواليب نظامها وأجهزتها القمعية حتى انكشفت حقيقة دولة “المخزن” فبدت للعيان كدولة صورية لا يبرر الحفاظ عليها سوى الالتزامات الدولية (عقد الجزيرة) من جهة ، وكونها تفيد من جهة أخرى في إطار سياسية احترام “التقليد” التي استعملتها سلطات الحماية ضد الحركة الوطنية وإعطاء مظهر المشروعية للسلطة التي تمارسها الأوليغارشية الإقطاعية والأعوان المحليون في المدن والبوادي . التقرير الإيديولوجي ” المؤتمر الاستثنائي ” يناير 1975 ص 75-76
وجاء في التقرير الإيديولوجي ” المؤتمر الاستثنائي ” يناير 1975 ص 100، الفقرة الثانية
-2- أما فيما يتعلق بجهاز الدولة ، فان الحملة المضادة التي قامت بها مصالح الاستعمار الجديد والسائرون في ركابه ، تتجلى في تركيز وتقوية البنيات الإدارية الموروثة عن الحماية وإعادة بناء أجهزتها لتؤدي نفس المهام التي أنشئت من اجلها . وبذلك أصبحت مغربة الجهاز الإداري الهدف الرسمي للدولة في شكل جعل في نفس الوقت هذه المغربة عبارة عن مخزنة هذا الجهاز ، إذ انه بدلا من سلم إداري مبني على مقاييس موضوعية : مقاييس الكفاءة والمقدرة والخبرة، وبدلا من القيم النابعة من خدمة المصلحة الوطنية الحقيقية…. بدلا من كل هذا ، أخضعت الإدارة إلى أساليب العمل والتسيير التي كان يتسم بها المخزن القديم تلك الأساليب التي لا تخضع لأية قواعد غير تلك التي تنتج عن التعسف واستغلال النفوذ والسلطة المبنية على الزبانية والتبعية.
29- تأميم الدولة
التأميم في معناه جعل الشيء في ملك الأمة أي الملكية الجماعية وليس التدويل أي في ملك الدولة، فتأميم الدولة يعني جعل ملكية هذه الدولة وبالتالي وسائل الإنتاج الكبرى في خدمة الأمة وليس في خدمة الطبقة / الدولة، مما يضع حدا نهائيا للامتيازات المالية والتجارية والاقتصادية التي يمنحها جهاز التسيير لأفراده وحاشيته.وتأميم الدولة يتطلب قيام سلطة سياسية ، تشريعية وتنفيذية ، مستقلة عن الطبقة المراد فصلها عن الدولة.
30- الحداثة
لا يجادل اثنان اليوم في إقرار الديمقراطية ، وكذلك فيما يتعلق بالحداثة فأضحى مصطلح الديمقراطي الحداثي مشاعا وأكثر تداولا مما حتم على الاتحاد توضيح العلاقة الجدلية بين الاختيار الاشتراكي الديمقراطي والحداثة حيث بين أن :
– الحداثة تمنح الاختيار الديمقراطي شروط القدرة على التجديد والإبداع وتعميق مضامين الديمقراطية وهي تقوم على مبدأ تحرير البشر بهدف امتلاك مصدر السلطة والولوج للحداثة السياسية ضرورة التوجه نحو المأسسة كبديل عن الشخصنة ،وترسيخ قيم الحداثة الفكرية والسياسية وفي مقدمتها بناء شروط المواطنة الفعالة الكاملة التي تحميهم من التمييز والتهميش والفقر والأمية وكل مظاهر الهشاشة الاجتماعية .وبالتالي فالمضامين التي يجب ان يحملها المجتمع الحداثي الديمقراطي مرتبطة بكل ما يضمن تجاوز ظاهرة الشخصنة والانخراط الكامل ضمن العلاقات المؤسسية التي تنتج علاقات موضوعية فيما بين مختلف السلط ومختلف مؤسسات الدولة وما بين كل هذه المؤسسات والمجتمع. (راجع الفقرة 3 في ضرورة توضيح المشروع الديمقراطي الحداثي ص 13 و14 من تقارير اللجن: المؤتمر الوطني الثامن 13-14-15 يونيو 2008).
31- الأعيان
الأعيان حسب توصيف ريمي لوفو يستحضر الرساميل الثلاثة وهي المال والأرض والعلاقات الزبونية . ويعتبرون المدخل الوحيد لمراقبة البادية وعملت السلطة على خلق أعيان الانتخابات مادام هؤلاء يسعون إلى القرب من السلطة.
و في كتاب طروحات حول المسألة الاجتماعية” منشورات الأحداث المغربية ” العدد6 ط 1 للدكتور الفقيد محمد جسوس جاء:”إن الأعيان في مغرب القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانوا من كبار ” ملاكي العقارات وأمناء بعض حرف الصناعة التقليدية وبعض كبار التجار في المدن ، وفئة تجار السلطان الذين كانوا يعملون باسمه في المجالات الاقتصادية التي كان يحتكرها خاصة منها ميدان المبادلات التجارية الخارجية”
ويستعمل هذا اللفظ عند حلول كل موعد انتخابي إذ أضحى الصراع والتهافت نحو السلطة في منحى متزايد فازداد الطلب السياسي كما أوضح ريمي لوفو : إن الملكية سعت إلى الدفع بالأعيان الحضور في النسق السياسي ولقد ترجمت ذلك فعليا في الانتخابات التشريعية 17 ماي 1963 مع ولادة ” الفديك” جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية .“الفلاح المغربي المدافع عن العرش ، منشورات وجهة نظر ط 1 ،2011 .فقبلا كانت السلطة تدفع بل وترغم الأعيان بالترشح في الأحزاب الإدارية خاصة. أما اليوم أصبح الطلب متزايدا في تكريس ترشيح نماذج من الأعيان لدى جل الأحزاب لأنها ببساطة تجيد سياسة القرب و التجذر الاجتماعي والمال”تغطية نفقات الانتخابات” (شراء التزكيات/ شراء الذمم و..) دون نسيان بزوغ أعيان وطنيون همهم الجاه إن صح التعبير.والأعيان ببساطة ذوو نفوذ، بيدهم الحل والعقد بسلطتهم وعلمهم ومالهم وشرفهم وينتمون إلى الإدارة ويؤدون مهاما دون راتب أو أجرة.
32- جيوب المقاومة
جيوب المقاومة توحي ببقايا قوات هنا وهناك تتوفر على العتاد ، مستعدة للدفاع عن مصالحها كلما توجست محاسبة أو هجوما على مصالحها وبالتالي تسلك كل السبل و تنشئ كل العراقيل للحفاظ على امتيازاتها وضمان كينونتها خوفا من الإفلاس والضياع ومستعدة للتحالف مع الكل من اجل حماية رساميلها .هي مراكز مقاومة للإصلاح، فئة استفادت ومازالت تستفيد من الأوضاع الراهنة. إذ تعتبر كل إصلاح حقيقي مضر بمصالحها. و هي مستعدة لمحاربة كل إصلاح وحلول إن تضررت مصالحها باستخدام كل الطرق.
33- الوافد الجديد
ليس حزب الأصالة والمعاصرة بمنأى عن الحزب الإداري أو الاغلبي ، لقد اغترف من نفس الضرع ،ونما فجأة، فابتلع أحزابا صغيرة وأربك حسابات الأحزاب التاريخية والكبيرة ،ودرءا لكل خطر محدق تشكلت تحالفات غير طبيعية لمجابهة نوايا مشروع هذا الحزب الوافد والذي اتضح من منهجية وطرق استقطاباته وتسارع وتدافع كل الجهات عبر جميع مناحي البلاد لإنجاح مشروع الوافد الجديد النهم دون هوادة. فخيل للمتتبع أن المغرب متجه إلى فرض نظام الحزب الوحيد . ، وإن هذا الوضع في بلد المغرب حيث يوجد حزب أغلبي يريد الهيمنة على الحياة السياسية، يشبه إلى حد بعيد الوضع في أي دولة أخرى تعتمد الحزب الوحيد والأوحد، حيث تغيب التعددية الحزبية و تكون مقيدة أو صورية ومشوهة.
ووسط هذا الغموض والالتباس اصدر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في بيان تاريخي 21 أكتوبر 2007 أطلق من خلاله اسم الوافد الجديد على حزب الأصالة والمعاصرة انتقد من خلاله (دون ذكر أي اسم)هذا الوافد. فرشق البيان، مهندسي “الوافد الجديد” باتهامات ب”السعي لجعله بديلا عن كافة الأحزاب السياسية الحقيقية، ويؤسس “الحزب الأغلبي” المعتمد على الزبونية السياسية وعلى قرصنة المنتخبين الجماعيين وتشجيع الترحال البرلماني، وتمييع الحياة السياسية والتحكم فيها بأدوات الدولة و بعلاقات شخصية-خاصة، لا علاقة لها بالعمل السياسي النظيف“.
حين أكد البيان على: “وجود خيط ناظم ومترابط بين النتائج التي أسفر عنها اقتراع 7 شتنبر 2007 وهندسة الحكومة – 15 أكتوبر 2007- وعملية تدبير الشأن النيابي الذي عرف وافدا جديدا – دون تعريف- يوحي بالعودة إلى أجواء مرحلة كنا نعتقد إن التوافق قد حصل من اجل تجاوزها”.
34- ارض الله واسعة
ما يعتمل به داخل الاتحاد الاشتراكي من تقاطبات واستهدافات متبادلة بلغت مستوى ما عاد يقبل به المنطق السياسي السليم، ولا تستفيد منه إلا القوى التي لها مصلحة في تفجير الحزب وإضعافه . نعم للاختلاف لكن داخل الوحدة ، للحيلولة دون ركوب مخاطر الانشقاق والانسياق وراء مقولة ” ارض الله واسعة” والتجربة أكدت أن الانشقاق غالبا ما يؤدي إلى أحزاب صغيرة هشة كما وكيفا حيث تزول أو تعود إلى الخيمة الأولى ومعلوم أن صاحب هذه المقولة في المشهد السياسي بالمغرب هو الفقيد عبد الرحيم بوعبيد حين وجهها إلى مجموعة احمد بنجلون و عبد الرحمان بنعمرو (رفاق الشهداء) ومرة ثانية أخرجها عبد الرحمان اليوسفي في وجه محمد الساسي ردا على انتقاداته اللاذعة.
35- المسلسل الديمقراطي
إن هدف العمل الحزبي تكتيل وتوعية فئات واسعة من حيث التنظيم وإمكانياته وأشكال النضال كواجهة الديمقراطية السياسية منها و الاجتماعية. فلا معنى للديمقراطية السياسية بدون ديمقراطية اجتماعية، فالشكل الأول تسلك طريق الدستور والبرلمان وحريات التعبير والتجمع وتأسيس الهيئات والأحزاب و … أي يقوم على الانتخابات مما يتيح الاتصال المباشر مع فئات الشعب وبالتالي تبليغ رسالة الحزب وبرنامجه بغية تعميق وعي الشعب. وفي إطار الديمقراطية السياسية وجب تمرير وطرح المضمون الاجتماعي للديمقراطية عبر ممثلين في المجالس المنتخبة محليا ومهنيا ووطنيا وذلك بتبسيط وإنزال قضايا الديمقراطية الاجتماعية أي الشكل الثاني باعتبارها ديمقراطية العيش أي العدالة الاجتماعية من تكافؤ في الفرص إلى تساو في الحقوق والواجبات ، في الإطار التنظيمي للديمقراطية السياسية نفسها وبالتالي التمرين على الديمقراطية ولتحقيق ذلك لزاما لمسلسل أي لعمليات نضالية واعية هادفة لان مسلسل النضال من اجل الديمقراطية من الممكن جدا أن يؤدي إلى البناء الديمقراطي الاشتراكي، خصوصا إذا كان مع الجماهير وفي صفوفها . جماهير العمال و الفلاحين والصناع المهنيين والتجار الصغار وكافة فئات الطبقة الكادحة.
ومن اجل بلوغ الهدف وبإيجاز،اكتست الانتخابات الجماعية و التشريعية (خاصة 1976و1977) أهمية خاصة بالنسبة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لأنها بوابة نضالية من اجل الاحتكاك المباشر والكثيف والواسع مع المواطنات والمواطنين بمختلف مشاربهم سواء في الحواضر أو البوادي من اجل تبليغ رسالته وهذا المسار أطلق عليه المناضلون تسمية “المسلسل الديمقراطي”بشروطه عبر عملية دمقرطة وتحديث متواصلة في أفق اكتمال مؤسسات الدولة الحديثة والوصول إلى النضج المجتمعي.
36- الملكية البرلمانية
ويندرج داخل الاختبار الديمقراطي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حرصه الثابت والمستمر على ضرورة توفر المغرب على دستور ديمقراطي، ينظم نظام الحكم بالبلاد،و ينقلها إلى نظام عصري متطور متفتح على مقتضيات ومستلزمات العصر الحديث و متجذر في الارتباط بمقوماتنا الحضارية والدينية والوطنية والقومية.
و في نفس الوقت لا يخفى عن الاتحاد أن الدستور إن كان ضروريا فهو وسيلة وأداة لابد منها من أجل توضيح قواعد تسيير الحكم بالبلاد. و لكن مع ذلك تبقى الممارسة والتطبيق أهم العوامل في إنجاح الاختيار والمسار الديمقراطي.
ومن خلال تتبع التطور التاريخي للاتحاد نجد المسألة الدستورية ضمن اهتماماته الأساسية بجانب باقي الاهتمامات الأخرى في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومنذ المؤتمر الوطني الاستثنائي للاتحاد في يناير 1975، ومطلب مراجعة دستور 10 مارس 1972 وارد في جميع مواقف الحزب الأساسية في كل مؤتمراته:
هكذا، طالب البيان السياسي للمؤتمر الوطني الثالث في دجنبر 1978 بمراجعة الدستور الحالي مراجعة شاملة، وإقرار “ملكية برلمانية دستورية ديمقراطية” حيث يؤكد :
1- مراجعة الدستور الحالي مراجعة شاملة تستهدف تحويل نظام الحكم في بلادنا من ملكية رئاسية مخزنية تستظل بظلها الطبقات المستغلة والفئات الانتفاعية الانتهازية للكسب والإثراء والتهرب من المراقبة الصارمة والمحاسبة الدقيقة من طرف السلطات المختصة التشريعية منها والقضائية والتنفيذية وتحويلها إلى ملكية برلمانية دستورية ديمقراطية تتحمل فيها الحكومة وكافة أجهزة التسيير والتنفيذ مسؤوليتها كاملة أمام ممثلي الشعب الحقيقيين ويتولى فيها الملك رئاسة الدولة كحكم فوق الأحزاب والطبقات. البيان السياسي العام ،ص252 من كتاب مواقف مبدئية وقرارات ظرفية . المؤتمر الوطني الثالث 1978 ط الثانية ابريل 1984
2- وبعد 30 سنة، جيل بكامله ،يذكر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمطلب إقرار الملكية البرلمانية وذلك من خلال المؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنعقد في شوطه الثاني بالصخيرات أيام 7-8-9 نونبر 2008 وبعد مناقشته للأوراق المقدمة للجنته السياسية وحوار مستفيض حول القضايا الأساسية المعروضة على المؤتمر فإنه عبر في مادته الرابعة:
رابعا:
“وبناءا عليه فإن المؤتمر الوطني الثامن يعتبر أن تجاوز اختناقات المشهد السياسي تقتضي القيام بإصلاح دستوري ومؤسسي كمدخل ضروري لتجاوز المعيقات التي تواجه مسار الانتقال الديمقراطي وذلك بالتوجه نحو إقرار ملكية برلمانية يحقق في إطارها مبدأ فصل وتوازن السلط، بما يحفظ للمؤسسات كلها أدوارها ومكانتها ويدقق صلاحياتها ويؤهلها للاضطلاع بمهامها في هيكلة الحقل السياسي وتأهيله” .
وتأتي حركة 20 فبراير 2011 إلى جانب كل القوى الديمقراطية لترفع شعار: الملكية البرلمانية كمطلب رئيسي.
37- الحكم الذاتي
يعرف الحكم الذاتي كآلية لتنظيم بعض المناطق أو الجهات، إداريا من خلال إحداث مؤسسات سياسية خاصة تحت سلطة الوصاية التي تحتفظ بها الدولة المركزية ( 1978، Dalloz)،أما حسب معجم «لاروس» فالحكم الذاتي لإقليم معين أو لمجموعة معينة يعني تدبير هذه الأخيرة لشؤونها بشكل مستقل وذلك باحتكامها لقوانين خاصة بها، داخل مجال تنظيمي اكبر، تعهد فيه سلطة التوجيه للسلطات المركزية حسب أنظمة خاصة .( ص 1990.134 Larousse. ).
وتصور الحزب للتسيير الذاتي يتسم بالمرونة المتجلية في إطار مستقبلي شامل لتطور الدولة المغربية نحو لامركزية متقدمة كعنوان للديمقراطية بهدف التنمية الشاملة والمحلية والمرونة المتمثلة في اللامركزية والتدبير الذاتي للشؤون المحلية وفق الخصوصيات والإمكانات والموارد بهدف بلوغ جهوية موسعة.
والاتحاد الاشتراكي في العرض الذي قدمه الكاتب الأول للحزب الفقيد السي عبد الرحيم بوعبيد في أشغال اللجنة المركزية المنعقدة يوم الأحد 4 ابريل 1976 ببني ملال في النقطة الثالثة المتعلقة ب: قضية الصحراء المغربية ،في الصفحة 15 من نشرة خاصة بالاتحاديين ، لجنة التوجيه والنشر جاء فيها :” وبطبيعة الحال يجب علينا أن نعطي لإخواننا الصحراويين صورة عن المغرب غير الصورة التي يعرفونها اليوم ، الصورة التي ستجعلهم يطمئنون على مستقبلهم ، إن على إخواننا في الصحراء أن يندمجوا في الشعب المغربي وفي كفاحاته، نعم ليس من السهل التغلب على الرواسب التي خلفتها ثمانون سنة من الفراق ولكن لامناص من هذا الطريق . ففي هذا الإطار نرى انه يجب التفكير منذ الآن في نوع من اللامركزية الواسعة التي يجب إقامتها في الصحراء تمكن الصحراويين من الاقتناع بأنهم يمارسون بكل اطمئنان صنع مستقبلهم كجزء لا يتجزأ من الشعب المغربي. إننا إذا فعلنا ذلك سنجعل حدا نهائيا للدعايات المغرضة التي تشوه نوايا الشعب المغربي. إن إقامة نظام لامركزي وديمقراطي في الصحراء شيء أساسي وضروري، لان الوضع الجغرافي والاقتصادي والبشري يفرض ذلك”.
وفي الصفحة 27 من نفس نشرة خاصة بالاتحاديين (4 ابريل 1976) تحت :
1- موقفنا المتميز في قضية الصحراء في الفقرة 2- وهنا ، وفي هذه الفترة بالذات ، كشفنا الغطاء عن حلقة أخرى من الحلقات التي تربط بين التحرير والديمقراطية ، فنادينا في اجتماع اللجنة المركزية بضرورة التفكير منذ الآن في إقامة نظام لامركزي ديمقراطي واسع في أقاليمنا الصحراوية ، نظام يستجيب لخصوصية المنطقة التاريخية والجغرافية والبشرية ويمكن مواطنينا في الصحراء من المساهمة مساهمة أوسع وأعمق في تسيير إقليمهم إداريا واقتصاديا واجتماعيا. إننا لا نتنكر للتاريخ والواقع الذي يفرض نفسه.
لقد كانت الصحراء(الساقية الحمراء ووادي الذهب)جزءا لا يتجزأ من المغرب، ولكنه كان في ذات الوقت جزءا متميزا بما تفرضه الطبيعة الجغرافية وطبيعة المواصلات وأسلوب العيش… الخ .ولذلك نرى من الضروري بلورة هذا الواقع التاريخي بأسلوب حديث، على أساس من اللامركزية الواسعة التي تمكن من تجاوز ما تراكم من أسباب الفراق الذي فرضته ثمانون سنة من الاستعمار على هذه المنطقة.
بعد الخطاب الملكي حول مبادرة مقترح الحكم الذاتي 6 نونبر 2005 ، فان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية استجابة لقرار جلالة الملك باستشارة الأحزاب السياسية ، تقدم بمذكرة يرى من خلالها تبني تصور للتسيير الذاتي المتسم بالشمولية من منظور مستقبلي شامل يروم لامركزية متقدمة والمرونة المتمثلة في قبول التدرج في اللامركزية والتدبير الذاتي للشؤون المحلية.تسيير يوفق بين متطلبات الحفاظ على الانسجام المؤسسي والسياسي للمملكة ، وبين الضرورات الدولية المرتبطة بإشكال الحل السياسي للنزاع في الصحراء المغربية في أفق تصور واقعي نحو جهوية موسعة.وكل تسيير ذاتي في الصحراء كما جاء وباقتضاب شديد في الصفحة 4 في المذكرة ضرورة مراعاة الخصوصية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لهذه المنطقة ويجب أن نفهم على انه:
– 1- نظام جهوي خاص ومتقدم بصيغتين:
– أ :جهوية موسعة يحتفظ فيها البرلمان المغربي بكل صلاحياته التشريعية.
– ب- جهوية سياسية تخول فيها للجهة سلطة تشريعية في مجالات محددة.
– 2- الحق في التدبير الحر والمستقل والديمقراطي يراعي التوازنات القبلية.
– 3- عدم المس بالسيادة الخارجية للدولة المغربية ولا سيادتها الداخلية على الأرض والأشخاص ولا بوحدتها الترابية والوطنية.
– 4- عدم المس بحرية الأفراد في التنقل والاستقرار والعمل أو حرية مرور المنقولات والأموال بين مناطق المغرب.
– 5- ضرورة مراعاة مبدأ المساواة الاقتصادية والاجتماعية ومبدأ التضامن بين باقي مناطق المغرب.
38- الحقيقة أولا.
إنها معركة الحقيقة و الحقيقة أولا.
لان الحقيقة ظلت مغيبة عن الجماهير بفعل انعدام الشفافية والنهج السلطوي في تدبير الشؤون العامة.
ولان الكذب على الجماهير هو الأداة الأولى للاستغلال والتفقير والتجهيل والتهميش ولان تزويد الجماهير بالحقيقة هو أداة التحرر و الانعتاق والتعبئة. ولأن الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن تكون إلا ديمقراطية الحقيقة والتي وحدها تعطي للجماهير إمكانية المراقبة والمحاسبة. و لأن الذين يخافون من الحقيقة لا يمكن أن يكونوا إلا خصوما عنيدين لكل إصلاح سياسي حقيقي ولكل ديمقراطية حقيقية. و لأن الذين يخافون من الحقيقة يريدون التهرب من المحاسبة على مسؤوليتهم في الانهيارات التي عرفتها البلاد .و لأن الذي يدافع عن الحقيقة إنما يدافع عن الجماهير من اجل تعبئتها في عملية البناء وتصحيح الحاضر وصنع المستقبل.
ففي انتخابات 16 أكتوبر 1992(الانتخابات الجماعية) رفع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية شعار: الحقيقة أولا ،بلونها الحجري واليد المفتوحة التي تدل على : كفى Basta صاحبتها شعارات عديدة منها حقوق الإنسان ممارسة وليس شعارا للاستهلاك ، من التدبير السلطوي إلى التدبير الديمقراطي، ومن أجل مكافحة التزوير .والديمقراطية المحلية أساس دولة الحق والقانون.
39- المفهوم الجديد للحكم
في آخر فقرة من النص الكامل لجواب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية على رسالة ملكية مؤرخة في 23 شتنبر 1972 الصادرة عن اللجنة الإدارية للحزب ممهورة باسم عبد الرحيم بوعبيد في 14 أكتوبر 1972 بعد استعراض وجهة نظر الحزب حول وضعية البلاد يشير: “وعلى أساس هذا المفهوم الجديد للحكم فان حزبنا مستعد لتحمل مسؤولياته لخدمة المصلحة العامة للبلاد”.
40- التناوب
عرف هذا المفهوم ولا يزال تداولا واسعا بين جميع الفاعلين السياسيين بيد أن هذا المفهوم لبس لبوسا مختلفا بين الفاعلين فمرة يستعمل : التناوب التعاقدي- التوافقي أي تناوب على أساس التوافق بين الأطراف السياسية الفاعلة وأخرى التناوب الديمقراطي الذي حسب السياق يتم بواسطة صناديق الاقتراع ولماما تم توظيف التناوب الممنوح أي الإرادي على أساس أن هذا المنح يعد حلا وسهل التحقيق (متاهات التناوب للدكتورة رقية مصدق ط 1 ،1996 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء) ويمكن اعتبار الأرضية المؤسسية للمؤتمر الوطني الثامن المنعقد أيام 13-14-15 يونيو 2008 ببوزنيقة حسم فيما يخص هذا المفهوم الشائك حين حدد في فقرة 2- تجربة التناوب التوافقي ورهان الانتقال الديمقراطي ص 17 تتمة 18 من كتاب :المؤتمر الوطني 8 حزب متجدد لمغرب جديد:” تثير تجربة التناوب عدة أسئلة منها ما هو متعلق بالمصطلح ذاته و…..فيما يخص المصطلح، إذا ما استثنينا كلمة التناوب التي هي مستوحاة من التداول على الحكم بين الأحزاب في الأنظمة الديمقراطية بناء على حصولها على الأغلبية البرلمانية، فإن كلمة توافق لها دلالتها، التي تعني في الشروط التي تم فيها ، فقط التوافق الذي حصل بين المؤسسة الملكية في شخص المغفور له الحسن الثاني والاتحاد الاشتراكي في شخص كاتبه الأول الأخ عبد الرحمان اليوسفي، وإنما أيضا مراعاة أن الانتقال الديمقراطي يقتضي التوافق السياسي كمرحلة لبلوغ النضج الديمقراطي الذي تحول فيه سلطة تدبير الشأن العام إلى الحكومة النابعة من صناديق الاقتراع”.
41- الحزب الأغلبي والحكومة الملتحية
كما اشرنا فيما يتعلق بالأحزاب الإدارية ،دأب المخزن في شخص الحزب السري على توفير ظروف المخاض وتسهيل طرق الولادة وتمكين الوافد والراغب فيه كل متطلبات الحياة، بدءا بسياق تشكيل هياكله وتمكينه من لعب دور العرائس بمراكز قرار معينة مع التحكم في المشهد السياسي من قبل متبنيه سالكا ومستغلا الإدارة وأموال الشعب ولنا في تجربة الفديك : جبهة الدفاع عن المؤسسة الدستورية ،والعديد من الأحزاب الإدارية التي خلقت لتتبوأ الصدارة وصولا إلى الوافد الجديد وبلوغا إلى الحزب الاغلبي الآن الذي يقود الحكومة الملتحية الذي يخال له بتصرفاته الدالة على ذلك أن له الأغلبية المطلقة فاختلطت عليه الأدوار فتذبذب بين ممارسة دور الأغلبية أو المعارضة.
42- الزبونية
و في هذا الإطار جاءت مساهمة الفقيد د محمد جسوس، الذي ربط دائما بين البحث العلمي و النضال السياسي في محاولة فهم طبيعة النظام و المجتمع في المغرب ، مساهمة حاسمة في العديد من الأحيان في توجيه الفكر السياسي المغربي، من خلال استعماله للنظريات حول الزبونية ، و اقتباس تسمية “الباتريمونيالية الجديدة“ هذه المفردة :الزبونية الأكثر استعمالا كحكم قيمة مصحوبة بالمحسوبية والرشوة والفساد وهي ممارسة قديمة وفق أشكال متعددة، كما أنها علاقة اجتماعية تتأس على تبادل المصالح ، رمزية ومادية، تتضمن علاقات بين قطبين السيد والزبون أي تنبني على التبعية بين مالك لوسائل الإنتاج وزبون تابع مجرد من الرأسمال الرمزي والمادي. و لم يكن مفهوم “الزبونية” منتشرا، قبل أن يدرسه الأستاذ محمد جسوس موضحا ذلك أن الزبونية عبارة عن شبكات مصلحية، مختلفة عن الأنظمة التقليدية، تربط وجهاء بزبائن، و المركز بالمحيط، و ترتكز على تبادل المصالح و الولاءات.
وكما أورد د عبد الرحيم العطري في كتابه سوسيولوجيا الأعيان ، آليات إنتاج الوجاهة السياسية ص 107 ط 2 تعريفا مقتضبا أن الحديث عن الزيونية هو حديث عن بناء و تجذير ، أي بناء العلاقة مع الأخر ، و تجذير الاعتراف بالوجود والفعل ، فمن خلال الزوج ” سيد/ تابع أو بالأحرى ” عين / زبون” يتم تأسيس علاقة اجتماعية بمضامين ثقافية وسياسية تسهم في إنشاء و تسويغ وضعيات أخرى تسمح بالاعتراف والتعريف. الاعتراف بالقوى الرمزية والنادية التي يمتلكها ويستعملها العين ، والتعريف بحدود الانتماء و التراتب الاجتماعي الذي يختزله الزوج المؤسس ” عين زبون”.
43- البورجوازية الطفيلية والهجينة
“البورجوازية هي طبقة أصحاب رؤوس الأموال والحرف والتي تمتلك القدرة على الإنتاج والسيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة للحفاظ على امتيازاتها ومكانتها ” كارل ماركس
والبورجوازية المغربية ليست إفرازا لصراع معين بل بورجوازية تمت صناعتها بتمكينها من امتيازات متعددة تدر أرباحا هائلة كرخص النقل والمقالع والتهريب بتجلياته واستغلال النفوذ السلطوي.
ولكن في بلدنا المغرب ، فمع مسلسل المغربة تم تعويض أشخاص بأشخاص والحفاظ على نفس البنيات ونفس العقلية والأسلوب الذي جرت قبل الحماية ممارسة السلطة في هذه البلاد، مما فتح تسرب عناصر انتهازية وبلغت مراكز توجيهية و تقريرية وتنفيذية وبالتالي نشوء طبقة بورجوازية بيروقراطية وطفيلية وهجينة وضعت يدها بالتدرج على خيرات الدولة مستعملة سلطة الدولة لاستغلال الدولة والشعب وخدمة الرأسمال وفق التقسيم العالمي للعمل.
وهذه الفئة تقف دائما و بالمطلق ضد الإصلاحات ، لأنها أساساً تشكل جيوبا للمقاومة، ووجودها رهن باستمرار الفوضوية ، لان من شأن هذه الإصلاحات أن تحد من دورها وتجردها من الامتيازات الممنوحة لها. فهي لقيطة ومتخلفة لا يمكن أن تقوم بدورها التاريخي الذي يوكل للبورجوازية الوطنية والديمقراطية والحاضنة لاحترام إرادة الشعب من اجل المساهمة في التقدم والتطور والرفاهية. ولقد تم تداول هذه العبارات بشكل كثيف بتقرير : النقد الذاتي ” الاختيار الثوري” المهدي بن بركة ومن بين إحدى مقتضيات الاشتراكية العلمية هي: – أسسا اقتصادية لا تترك أي مظهر من مظاهر سيطرة الاستعمار ولا لسيطرة حليفيه الإقطاع والبرجوازية الكبرى الطفيلية.
44- الأزمة المجتمعية
لأكثر من خمس سنوات الزمن بين المؤتمرين الرابع والخامس ، ظلت ولا تزال ” وثيقة الأزمة المجتمعية والبناء الديمقراطي”مرجعا أساسيا لمناضلات ومناضلي الحزب والى الآن . لسنا هنا بصدد سرد مظاهر الأزمة المجتمعية بقدر ما حاولنا التذكير بها نظرا لما أولاها من أهمية قصوى فرضها الإرث التاريخي التقويم الهيكلي آنذاك ومن خلال إطلالة خاطفة على الوثيقة يبين الحزب أن مهمة تشخيص الأزمة عمل سياسي أساسي يقوم بربط جدلي بين محددات الأزمة والوسائل المتوفرة وعملية التجاوز.
و أوضح ذلك من منظورين الأول: الاقتصار على المحددات الاقتصادية لتفسير المعوقات التي تحول دون تطور المجتمع المنشود.و الثاني: قضية السلطة السياسية.وكما أبرز الفقيد د محمد جسوس أن ما اسماه الازمتولوجية مرده عدم قدرة التاريخ وعدم القدرة على التفتح على المستقبل وعلى إبراز مشروع ثقافي وحضاري مستقبلي.
ولقد أوضحت الوثيقة أن الأزمة عامة وعميقة تكمن في شموليتها وارتباطها بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المواكبة لتطور المجتمع المغربي ، وإذ تكشف الوثيقة تعدد مواطن الأزمة:
– التحولات الحاصلة في البنيات الاجتماعية والاقتصادية و الديمغرافية
– التحولات الطارئة على التشكيلة الديمقراطية
– التحولات في أشكال التعبير الاجتماعي والسياسي والثقافي.
كل هذه التحولات تأثرت بعوامل تاريخية ( الإرث الاستعماري وتعامل الفئات الحاكمة مع هذا الإرث )مما احدث اختناقا وإفقاد المجتمع التوازن والحيوية وتعرض المؤسسات الاجتماعية لعملية تعقيم وتفكيك لوظائفها في التأطير والتوجيه في القيم والسلوك للأفراد والجماعات.
وكما عرف الفقيد د محمد جسوس أن الازمتولوجيا ظاهرة ثقافية واجتماعية تحتضن نظرة جامدة ” ستاتيكية” للتاريخ وتفرخ مختلف أشكال الوصولية والانتهازية والنفاق الاجتماعي والانهزامية و القزمية الفكرية والهروبية والثقافة الخبزية والعدمية واللامبالاة. ( من أزمة الثقافة إلى ثقافة الأزمة جريدة الاتحاد الاشتراكي ص 4 عدد 224).
ولم يفت الحزب من خلال هذه الوثيقة وضع سمات البديل بعد رصد أسباب أزمة المجتمع التي يمكن اختزالها في أولاها نمط التنمية و الاستهلاك الناتج عن التحولات البنيوية والتي تبلورت على شكل أزمة نموذج مجتمعي وثانيها التحولات الوظيفية وعلاقة الدولة بالمجتمع.ولقد قدمت هذه الورقة كمجهود فكري إلى مؤتمري المؤتمر الرابع 1984 قصد التصديق غير أن الرأي رسا على إعادة طرحها للنقاش على القواعد الحزبية عبر ربوع الوطن لكن العملية أرجئت إلى حين…
45- يوم الوفاء
إن المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنعقد بالدار البيضاء من 10 إلى 12 يناير 1975 ومما جاء في التقرير الإيديولوجي :”وفاء منه لروح شهدائنا الأبرار الذين سقطوا في ميدان الشرف من اجل تحرير البلاد وعلى رأسهم أخينا المهدي بنبركة “. وإن الوفاء لشهدائنا وقادتنا ومناضلينا واجب أخلاقي. ولأننا نعتبر أن حزبنا حزب الوفاء، لابد لنا من صون ذاكرتنا في اتجاه المستقبل. حتى لا تنسى أجبال اليوم وأجيال الغد كل ما قدمه الاتحاد من اجل الدفاع عن كرامة المواطن المغربي. إن العمل السياسي الهادف يبقى دائما مرتبطا بالذاكرة. من اجل استخلاص الدروس والعبر، وحتى يعلم الجميع أن المكتسبات التي حققناها والمغرب الذي نعيش فيه اليوم ليس هبة من السماء. لذلك وجب التفكير في الوسائل الضرورية الضامنة لاستمرار الذاكرة حية. وتفعيلا لقرار اللجنة الإدارية الوطنية للحزب في دورتها المنعقدة يومي 20 و 21 ابريل 2013 والمتعلق باتخاذ يوم 29 أكتوبر من كل سنة ” يوم الوفاء” لكل شهداء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وفعلا تم تفعيل هذا القرار من لدن الكاتب الأول ذ إدريس لشكر في 29 أكتوبر 2013 حيث أكد في مداخلته:” إننا اليوم ونحن نخلد الذكرى الثامنة والأربعين لاختطاف واغتيال فقيدنا العزيز، وزعيمنا الملهم الشهيد المهدي بن بركة، لابد وأن نستشعر جسامة المسؤولية في أن نكون أوفياء لذكرى جميع شهدائنا من خلال ذكرى الشهيد المهدي بن بركة، لأن الوفاء الحقيقي هو الوفاء التام لذاكرتنا التاريخية الشاملة، بما يعنيه ذلك من واجب استحضار رمزية وكفاحية جميع الشهداء الاتحاديين الذين سقوا بدمائهم الطاهرة أرض مغرب الحرية والكرامة(إن هيئة الإنصاف والمصالحة كانت ثمرة من ثمار نضالنا وصمودنا). ولقد استقر عزمنا على أن نجعل من ذكرى الشهيد المهدي ذكرى لكل الشهداء، وأن نجعل من اليوم الذي نخلد فيه ذكرى اختطافه يوما للوفاء لجميع شهدائنا بدون استثناء. فلابد أن نستعيد اليوم بمنتهى الوفاء ذكرى كل المقاومين البسطاء، وذكرى كل المناضلين الشرفاء، في خلايا الحركة الاتحادية بروافدها العمالية و الفلاحية والطلابية، وفي أوسع قواعدها الشعبية الجماهيرية، أولئك الشهداء الذين نستمد منهم اليوم نحن أبناؤهم وأحفادهم، أروع الدروس الأخلاقية والعبر النضالية، أولئك الشهداء الذين جسد كل واحد منهم في تجربة نضاله، وفي لحظة مصرعه، ملحمة من ملاحم الكفاح الاتحادي المنبثق من صلب حركة التحرير الشعبية والممتد عميقا في إستراتيجية النضال الديمقراطي “كما أكد أن شعار الوفاء من أجل المستقبل هو اختيار سياسي ونضالي هدفنا من اختياره إلى تأكيد أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وفي لكل القيم والمبادئ التي ناضل من أجلها شهداءه ومناضليه ومستمر في النضال ومستعد لتقديم التضحيات الغالية لو اقتضت الضرورة ذلك استجابة لنداء الوطن والجماهير الشعبية..وختم مداخلته احتفاء بهذا اليوم بالقول:
“وتبقى غايتنا الأسمى هي التوجه بخطوات ثابثة نحو المستقبل لما فيه الخير لبلادنا ولشعبنا، لكننا نريد أن نتجه نحو المستقبل بوعي تاريخي وذاكرة متصالحة ووفاء لشهدائنا”.
46- التفاؤل مبرر النضال
الذي يجمع بين هؤلاء (المجتمعون، المؤتمرون )، ليس مجرد اندفاع عاطفي، ولا مجرد وفاء لماضي قريب أو بعيد. إن الذي يجمع بينهم هو النضال الملموس الذي لا يتحقق بالكلام والشعارات، وإنما بالتعبئة مع قبول كل التضحيات التي يقتضيها النضال الفعلي الملموس.و بطبيعة الحال النضال وفق واقعية ثورية تعتمد على تحليل الواقع الحي والملموس من اجل تغييره لصالح الشعوب.
وجاء في الصفحة 30 من التقرير الإيديولوجي 1975 في كلمة الشهيد عمر بنجلون :”إن الفكر التقدمي منطلقه ومنتهاه التفاؤل ، وإلا فلن يبقى مبرر للنضال. ولن يبقى كذلك مبرر للنضال إذا ادعينا احتكار الحقيقة. لذلك فلزوما أن نعتبر مجهودنا هذا بداية في التوضيح، وان تبقى عقيدتنا منفتحة وقابلة للتغير والاستفادة من الدروس والتجارب”.
وفي الأخير يبقى علينا أن نؤكد على أن التحليل العلمي والمقاييس الموضوعية ليست وحدها الحافز للنضال ولقبول تضحيات النضال هناك الجانب الذاتي، الجانب الإنساني،جانب الوفاء والتشبع بالأخلاق الثورية،جانب الأخوة وعدم التخلي عن الإخوان مهما كانت الظروف، انه الجانب الذاتي. ولكنه الظاهرة التي يعتز بها ويختص بها الاتحاديون الأوفياء الأحياء منهم والشهداء، الحاضرون منهم والغائبون الاتحاديون الحاملون للتراث الحقيقي، تراث حركة التحرير الشعبية ببلادنا. ص 31 التقرير الإيديولوجي 1975 .