من غريب الصدف أن يحصل نوع من التشابه بين الذكرى الأربعينية، للمسيرة الخضراء، وبين الظروف الإقليمية للمسيرة نفسها، حيث نظمت سنة 1975، عندما كان الديكتاتور فرانكو، يحتضر، بينما تحيى ذكراها، اليوم بعد أربعين سنة، والرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، يحتضر أو يكاد.
نظمت المسيرة الخضراء، ضد الإستعمار الإسباني، في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ونظمت زيارة ملكية، في ذكراها الأربعين، وتم الإعلان عن مشاريع كبرى، لكن هذه المرة، ضد سياسة التفرقة والتجزئة، في المنطقة، بقيادة الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر، و التي ليست سوى الوجه الآخر من العملة الإستعمارية، التي سعت إلى تقسيم المغربـ، منذ بداية القرن العشرين، بعد أكثر من سبعين سنة على إحتلال الجزائر.
أعلنت الدولة المغربية، عن مخطط شامل، من مشاريع التنمية، على مختلف المستويات، وخصصت غلافا ماليا ضخما، لإخراج المنطقة من مؤامرة الوضع الإستثنائي، الذي ظلت تعيشه منذ أن إسترجعها المغرب، حيث تظافرت من أجل إنجاح المؤامرة، كل الجهود والقوى المناهضة للوحدة والتقدم.
على رأس هذه القوى، الأوليغارشية الحاكمة في الجزائر، التي تنهب ثروات شعبها، وتنهج سياسة تأزيم الوضع في المنطقة، لتصريف خطابها الديماغوجي، المغلف بشعارات ثورية، وإكتساب شرعية وهمية، بافتعال عدو خارجي، هو المغرب. أما الإنفصاليون فليسو سوى بيادق تحركهم الآلة الإستخباراتية الجزائرية، مقابل النفقات التي تؤديها لهم.
هناك جهات أخرى، من بينها إسبانيا، وغيرها من القوى الغربية، التي تعمل على إدامة الوضع الإستثنائي في الصحراء، حتى يظل شوكة في الرجل المغربية، يعوقها من السير بخطى حثيثة نحو الوحدة والتقدم، ويبقى ورقة في يد هذه القوى من أجل المساومة والإبتزاز، وعاملا من عوامل التفرقة والتجزئة.
لذلك جاءت الذكرى الأربعينية للمسيرة الخضراء، بالإعلان عن مشاريع إستثنائية، لتجاوز الإستثناء، لأنه بالرغم من كل المجهودات الكبرى التي تمت، والإنجازات الهامة، التي شهدتها المنطقة، إلا أن المؤامرة، ظلت واقفة، في وجه المشاريع الكبرى والضخمة، التي من شأنها التغيير الشامل لوجه الصحراء، وربطها أكثر بإفريقيا و بالمحيط الأطلسي… في إطار تصور يجعل منها قطبا إقصاديا مزدهرا، عل غرار باقي الأقطاب الأخرى.
هذا ما يتنظره الشباب الصحراوي وكل شباب المنطقة، الذين يتطلعون إلى المستقبل، و لايريدون أن يظلوا رهينة تصفية حسابات الماضي، ومخططات التقسيم، التي أنهكت المنطقة المغاربية. إنهم بكل بساطة، يريدون أن تنتهي حالة الإستثناء الذي طال إحتضاره.

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

بالفصيــح * الإستثناء يحتضر * بقلم : يونس مجاهد

الاثنين 9 نونبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

دراسات في مناهج النقد الأدبي – نظريّة أو منهج الانعكاس .* د . عدنان عويّد

مدخل:      مفهوم نظريّة الأدب: تُعرف نظريّة الأدب بأنّها “مجموعة…