هل يمكن الاكتفاء بمتابعة ما يجري في الحياة السياسية والنقابية والحقوقية في المغرب، من خلال وسائل الإعلام العمومية؟ هل تتيح للمواطن معرفة ما يحدث في المغرب، وخارجه، بشكل موضوعي ومهني وعميق، في إطار المهام الموكولة لها كمرفق عام؟
الجواب واضح، لأن وسائل الإعلام العمومية، مازالت خاضعة لتوجيه رسمي، يحكمه منطق آخر، غير المبادئ الواردة في الدستور، ومقتضيات القوانين المنظمة والمؤطرة لها، بل ظلت كما كانت دائما، ملحقة بالسلطة، رغم ما حصل من تطورات، في مجال تحرير القطاع السمعي البصري، وإنشاء الهيأة العليا لتقنين هذا القطاع، وغيرها من الإجراءات التي بقيت شكلية، ولم تغير من جوهر الممارسة السياسية والمهنية لهذه الوسائل.
والنتيجة الحتمية لهذا الواقع، هي أن من يكتفي بمتابعة ما يحدث في المغرب، من خلال القنوات والمحطات العمومية، أو من خلال وكالة المغرب العربي للأنباء، فلن يطلع إلا على ما تريد السلطة أن يطلع عليه، و في الحدود التي ترسمها، بل أكثر من ذلك، يمكنه أن يقيس ما ترغب السلطة في تمريره، من خلال إبرازه، وما تريد طمسه، من خلال التعتيم عليه.
وربما هنا تكمن أهمية متابعة وسائل الإعلام العمومية، حيث تتيح للملاحظ أن يتعرف بوضوح على التوجه السياسي والإعلامي، الذي ترغب فيه السلطة، من خلال تغطيتها مثلا لأحداث وتظاهرات، بالشكل الذي ترضى عنه، كما حصل مؤخرا مع مختلف الفعاليات المنظمة، بمناسبة الذكرى الخمسينية لاختطاف الشهيد المهدي بنبركة.
غير أن التساؤل الذي لابد من طرحه، هو كيف يمكن للمواطن أن يتابع فعليا ما يحدث في المغرب، بشكل أقرب إلى الموضوعية والمهنية؟
هناك المحطات الإذاعية الخاصة، التي منحت لها تراخيص «مدروسة»، وكذا الصحف الورقية والإلكترونية الخاصة، التي تهيمن اليوم على المشهد الصحافي والإعلامي، كما توجد إلى جانبها الجرائد الورقية الحزبية، وبعض مواقعها الرقمية، التي تظل محدودة الانتشار، لعدة أسباب، من أهمها الاحترازات التي يفرضها عليها انتماؤها الحزبي، بالإضافة إلى محدودية الموارد المالية التي تتوفر عليها.
و كما لا يخفى على أحد، فتمويل الصحافة الورقية والإلكترونية، يتطلب تمويلات ضخمة، لا تتوفر عليها الأحزاب، لكن تتوفر عليها الجهات واللوبيات الأخرى، والتي من المؤكد أنها تفرض وجهة نظرها وخطها التحريري.
من الطبيعي في البلدان الديمقراطية ألا تظل هناك صحافة حزبية، لأن وسائل الإعلام العمومية تلعب دورها بشكل أقرب إلى الموضوعية والنزاهة، كما تغلب المهنية على معظم الصحف ووسائل الإعلام الخاصة، غير أن الأمر يختلف في البلدان المتخلفة ديمقراطيا، حيث يفرض طوق إعلامي على المجتمع.

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

بالفصيــح * الطوق الإعلامي * بقلم : يونس مجاهد

* الاثنين 2 نونبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…