تتعدد فعاليات تخليد الذكرى الخمسينية لاختطاف الشهيد المهدي بنبركة، سواء تعلق الأمر بحزبه، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أو بزعامات عايشت الشهيد خلال مرحلة المقاومة ضد الاستعمار، وفي مواجهة النظام المخزني، مثل الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، بالإضافة إلى عدة توجهات أخرى، محسوبة على اليسار.
و من الطبيعي أن يكون للذكرى الخمسين أهمية خاصة، لأنها تعني مرور نصف قرن على ارتكاب جريمة ستظل من أخطر وأبشع عمليات الاختطاف والاغتيال، التي تعرضت لها شخصية سياسية من حجم الشهيد، في العالم، حيث لم يقف الأمر عند القتل، بل أيضا إعدام الجثة، وإخفاؤها، في محاولة يائسة، تكشف النزعة الجنونية للقتلة، وللذين وقفوا وراءهم.
هل كان المجرمون يعتقدون بأنهم، بارتكابهم لهذه الجريمة، وإعدام جثة هذا القائد المتميز، سيضعون حدا للنضال ضد الاستبداد؟ ربما، لأنهم كانوا مذعورين أمام حجم المواجهة، التي واجهتهم بها هذه القُوى المناضلة، في مختلف مواقعها، في المدن والبوادي، في الداخل والخارج، ولم تنفع لقمعها، لاعمليات الاختفاء القسري، و لا الاعتقالات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السرية، ولا المحاكمات الصورية والسجون والمنافى…
لذلك، يتخذ تخليد الذكرى الخمسينية لاختطاف الشهيد، بعدا خاصا، حيث يحق التساؤل عن مصير الديمقراطية، في بلد لم تتوقف فيه نضالات وكفاحات الجماهير الشعبية، رغم كل الضربات التي تلقاها مناضلوها. الآن، وبعد نصف قرن من اختفاء رمز النضال الديمقراطي، والاختيار الثوري، أين نحن مما ضحى هو من أجله، إلى جانب مئات الشهداء والمختطفين والمعتقلين والمنفيين؟…
المطالبة بالكشف عن الحقيقة، اليوم، لا تكتسي أهميتها، فقط، لأنه من الضروري معرفة ما حدث وتحديد المسؤوليات، بل إن المسألة أبعدُ من كل ذلك، لأنها تعني إعادة النظر في المنظومة السياسية والإيديولوجية، التي تم بناؤها، لإضفاء الشرعية على الاستبداد، ومختلف آلياته، السياسية والقانونية والإدارية، والتي لم يتمكن كل العمل الذي قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة، من النفاذ إلى عمقه.
هذا البعد في تخليد الذكرى الخمسينية لاختطاف الشهيد المهدي بنبركة، لا يمكن أن يتم التشويش عليه، من طرف الذين يروجون، لنظرية التنازع على الشرعية، مستغلين تنظيم احتفالات مختلفة. فقامة المهدي، وشموخ الحركة التي يمثلها، أعلى وأرفع، من تلك المحاولات، التي تسعى إلى إغراق رمزية النضال الديمقراطي ضد الاستبداد، في مستنقع الإثارة الرخيصة، وسياسة زرع بذور التفرقة والتناحرات الشخصية.
قامة الشهيد المهدي وهامة مناضلي القوات الشعبية، من ضحايا سنوات الرصاص، أكبر من قامة كل الأقزام، لأنهم كما يقول الشاعر مهيار الديلمي :

عـمَّـمــوا بـالـشـمسِ هــامــاتهمُ **و بـنـوا أبـيـاتـهـم بـالـشُـهُـبِ

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

بالفصيــح * عمَموا بالشمسِ هاماتهمُ * بقلم : يونس مجاهد

 الاربعاء 28 اكتوبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…