تُردد العديد من وسائل الإعلام، ومنها إذاعات مغربية خاصة، مصطلح «أعمال العنف»، لوصف ما يحدث هذه الأيام في فلسطين المحتلة، حيث تُعطي الانطباع وكأن الأمر يتعلق بمعركة عادية بين طائفتين، تتبادلان فيها الهجوم والهجوم المضاد، بينما الأمر يتعلق ببداية انتفاضة شعبية في فلسطين، كجواب على المحاولات الإسرائيلية لفرض مخططها في القدس، والمس بالمقدسات الإسلامية.
وللتذكير، فالانتفاضة الثانية، التي انفجرت سنة 2000، كانت ردا على ما قام به شارون، عندما كان رئيسا لوزراء إسرائيل، فانتهك حرمة المسجد الأقصى، رفقة الجنود الصهاينة، لذلك سميت ب»انتفاضة الأقصى».
وتَعتبر الأساطير المؤسسة للكيان الصهيوني، أن هيكل سليمان بنيت فوقه الأماكن الإسلامية المقدسة، غير أن المراجع التي تتحدث أصلا عن الهيكل، هي في أغلبيتها الساحقة، الكتبُ الدينية اليهودية، كما أن التنقيب الأثري، لم يثبت لحد الآن مكان الهيكل المزعوم.
وبصفة عامة، إن ما يهم إسرائيل هو استمرار تغذية الإيديولوجية الصهيونية، لتلحم الكيان المصطنع، الذي تمت إقامته بالإرهاب واغتصاب الأرض من أصحابها والتهجير الجماعي، والقتل والتعذيب والاعتقال… برعاية القُوى العظمى.
غير أن هناك حرباً أخرى تقودها إسرائيل، يمكن أن نسميها ب»حرب المصطلحات»، الذي استوحيناه من مؤلف قيِّم، لباحثين عرب، أشرف عليه المرحوم صلاح الدين حافظ، الأمين العام الأسبق لاتحاد الصحافيين العرب.
فإسرائيل، منذ ميلادها كدولة، عملت على محاولة تشكيل أمة، غير موجودة، لأن ما يجمعها هو الإيديولوجية الصهيونية، كتحريف للديانة اليهودية، وليس هناك أي رابط قومي بين الشتات الذي تجمع في هذا الكيان، من كل بقاع العالم، حيث لم يكن هناك في فلسطين سنة 1920، إلا 60 ألف يهودي، مقابل 600 ألف عربي.
ومن أهم ما استعملته إسرائيل في محاولتها لتشكيل «أمة»، هو تهويد الأسماء العربية، والخرائط، وأنشأت ما سمي ب»اللجنة الحكومية للأسماء»، سنة 1948، معتمدة على كتب العهد القديم، المليء بالخرافات والأساطير، لتكوين هذا التراث الصهيوني. كما تقدمت إلى المؤتمر الدولي، لتوحيد المصطلحات الجغرافية، المنعقد في جنيف سنة 1967، لإحلال الأسماء العبرية، بدل العربية، بالإضافة إلى استعمالها ترسانة من الوسائل الإعلامية والأكاديمية لهذا الغرض.
لذلك ينبغي على وسائل الإعلام، خاصة المغربية والعربية، أن تمتنع عن النقل الحرفي لما تنشره وكالات الأنباء العالمية، فالأمر يتعلق بمقاومة من جانب الشعب الفلسطيني، وبجرائم واعتداءات من طرف قوات الاحتلال، وليس «تبادلا لأعمال العنف».

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

 * بالفصيــح * حرب المصطلحات *بقلم : يونس مجاهد

           الثلاثاء 20 اكتوبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…