من الصعوبة أن يبرر مسؤولو القطب العمومي، في القطاع السمعي البصري، ما تم بثه في إحدى حلقات راديو 2م، من برنامج «الجورنال الاجتماعي»، والذي كان عبارة عن مونولوج من التهجم على الاشتراكيين المغاربة، و من تبرير كل ماعانوه في سنوات الرصاص في عهد الحسن الثاني، بالإضافة إلى التحامل على مواقف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من الانتخابات الأخيرة…
تناول البرنامج قضايا خطيرة في التاريخ الحديث للمغرب، حيث قدم المذيع وجهة نظره الخاصة، متهما الاشتراكيين بالتحالف مع أوفقير والانقلابيين، واصفا بعض الحركات الأمازيغية ب»الميكروسكوبية»، معتبرا معارضي الملكية بأنهم مجرد رواد البارات، و مدافعا عما اقترفه نظام الحسن الثاني من انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان، لأنها حسب المذيع، مجرد دفاع عن النفس، وهكذا دواليك، من المواقف، التي كان يرددها إدريس البصري، والأجهزة التي كان يسيرها.
وكان بيت قصيده من كل هذا، هو التهجم على ما ورد في الندوة الصحافية، التي نظمها الكاتب الأول الاتحادي، إدريس لشكر، بخصوص الغش والتزوير في الانتخابات الأخيرة، حيث لمح المذيع، إلى أن ذلك يعتبر خيانة وطنية، لأن هذا الموقف سيستغل من طرف السويد في قضية الوحدة الترابية للمغرب…
ما جاء في هذا البرنامج يثير عدة قضايا، أولها أن قراءة التاريخ المغربي، لا يمكن أن تتم في برنامج يغلب عليه طابع الشعبوية الرخيصة، بل إن وسائل الإعلام التي تحترم نفسها توكل ذلك إلى مؤرخين ومختصين، من توجهات مختلفة، حتى يحصل الجدل الخلاق، ثانيا إن توجيه اتهامات للاشتراكيين بالتحالف مع العسكر الانقلابيين، كان ينبغي أن تتاح فيه الفرصة لمن يمثلهم من شخصيات ومفكرين للرد على هذه التهمة، ثالثا، إن التهجم على ماجاء في الندوة الصحافية للإتحاد الاشتراكي حول الانتخابات الأخيرة، كان يستوجب دعوة ممثل عن هذا الحزب ليرد ويوضح موقفه، مقابل خصم سياسي وليس ضد مذيع في قناة عمومية، من واجبه أن يسلك منهج الحياد والموضوعية.
من الممكن تفهم مثل هذا التهجم من طرف صحافة خاصة، لديها خط تحريري فاشي، لكن أن تتحول وسيلة إعلام عمومية، إلى أداة للطعن في تاريخ حزب سياسي، بهذه الطريقة التي تذكر المغاربة بعهود القمع وسنوات الرصاص، فالمسألة تستدعي موقفا جماعيا، لحماية ذلك البصيص الذي خلقته القوانين و الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، التي يفرض عليها واجبها التدخل لإنصاف الضحايا ووضع حد لهذا الانحراف الخطير في وسائل الإعلام العمومية.

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

   بالفصيــح * مهـزلة * يونس مجاهد

*الاثنين 19 اكتوبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…