أصبح من الصعب المغامرة بتحليل «استراتيجي» حول أيًّا من المحطات السياسية في المغرب.
فقد يتمرن العقل على منطق ما.. ويحصن نفسه بمباديء السيد ارسطو الثلاثة:
مبدأ الهوية: ويقضي أن الشيء هو هو ولا يمكن أن يكون إلا هو، أي أن الشيء يكون مطابقا لذاته.
فـ «ألف» هي «ألف» ولا يمكنها أن تكون «باء».
فهل يمكن أن نتصور أن بنكيران هو نفس بنكيران في الحكومة الاولى
وفي الحكومة الثانية وفي الموقف من المعارضة وفي استقبالها بالأحضان؟
2 – مبدأ عدم التناقض: مضمونه أن النقيضين لا يجتمعان، فالشيء لا يمكن أن يكون ذاته وغير ذاته: أي لا يمكن أن نبدأ من التحليل بالقول أن «ألف» هي «ألف» ثم نصل في النهاية إلى أن «ألف» أصبحت «باء»..
وهو ما قد ينطبق على المعارضة والأغلبية.
فقد تبدأ الهوية بنفسها وتنتهي إلى عكسها، بدون أدنى شعور بالتناقض..
3 – مبدأ الثالث المرفوع: مضمونه أن لا وجود لحد وسط بين نقيضين، فالشيء إما أن يكون أو لايكون. ..
لكن في المغرب السياسي، هذا المبدأ غير مرفوع يمكن أن يكون الحزب في المعارضة والاغلبية في نفس الوقت..مثل الحزب الفائز.
ويمكن إن يكون الاغلبية والمعارضة في الان ذاته… مثل الحركة والاحرار!
ولا أحد يسمي مزوار مثلا بالثالث المرفوع (الثالث المفعفع ربما!).
نرى بأم أعين رأسنا بأن المنطق في بلادنا لا يحتاج الى منطق، والسياسة تسير بلا منطق كماعرفته البشرية منذ أرسطو، الفيلسوف اليوناني، الذي عاش منذ 24 قرنا بالتمام والكمال، تلميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر، واضع علم المنطق،
والذي غامر بأن حدد هذا المنطق بأنه آلة تحفظ العقل من الوقوع في الزلل، والخطأ..
ولم يحدد مجال استعماله، فيستثني مثلا السياسة في بلاد المغرب الاقصى (ما قبل الرومان..)… بعد ألفين واربعمائة عام بطبيعة الحال!
والمنطق بمجرد أن يتحرك ، يتدحرج، على العكس من القانون المنظم للحركة عند الدراجات!!
الهية تتغير، مثل مناخ خريفي..
وتتموقع حسب المواقع
والمواقف فيها خاضعة للتغير أكثر مما تتغير الحركية في المجتمع:
نكاد نجزم أم المجتمع يتغير ببطء، أو أنها محافظ حتى في اختياراته الكبرى..الدحاثية.
لكن سرعان ما نكتشف أن التحلللات لا تقوم على منطق بمجرد أن تظهر في الافق استحقاق أو امتحان أو سلطة.
وكل معضلة السياسة هي السلطة:
سلطة من يمثلنا
و،سلطة من يحكمنا
ويطلة من يدخل ى دائرة السلطة (برلمان أو جماعة.. زو موقعا في القيادة..)..
من يغامر بالقول أن ما افرزته انتخابات 4 شتنبر سيدوم؟
من يغامر بالقول أن ما افرزته انتخابات غرفة المستشراين سيدوم.. على الاقل حتي نهاية السنة؟
المخزن ثابت..
السلطة ثابتة…
المجتمع ثابت …
ولكن السياسة نزقة؟
فمن يفسر هذا الامر؟
ولماذا يقع هذا النزق؟
نغامر ونقول: لأن السياسة بتعريفها كتنظيم لسلطة الدولة وممارسة هذه السلطة، هي نشاط مؤسسة المخزن، بدون أية نزعة قدحية!
والسياسة باعتبارها ذات علاقة بتصور معين للحكم وبالسياسات العامة هي من السلط الخارجة عادة عن السياسة، بل أصبح من المهارة السياسة إقناع الذات والآخرين القول بإن السياسات العمومية موجودة والبرامج موجودة وحتى الرأي السياسي موجود في علب مصنوعة في البلاد، ما ينقص هو المنفذ الذي تأتي به التركيبة المتفق عليها..أي التدبير الاداري للارادة السياسية!
والسياسة كحقل من القيم والتوازنات الكبرى يمارسها المجتمع..
إذن تبقى السياسة كتدبير موضعي(مثل البنج) تطفو فوق السطح العام والفضاء العام، كشخوص اللوحات الرومانسية في أحسن الأحوال.. لهذا تبدو نزقة، غير قابلة للمنطق!
ولهذا عندما يحاول العقل السليم أن يفكر في الجسم السياسي السليم عليه أن يحاول أن يثبت بـ:أن أرسطو مغربي!
والحقيقة التي نعرف هي،من قال :إن أرسطو مغربي؟.
فالهوية، برمتها التي بنت عليها العقلانية الارسطية كيانها، لا تتحدد إلا بناء على الموقع. وحسب جون واتربوري، صاحب كتاب «أمير المؤمنين الملكية والنخبة السياسية المغربية»، فالهوية تتحدد تبعا للوضعية ضمن مجموعة ما، و من هنا يفسر «تبعية الهوية للوضعية» ونتيجة لذلك «لا صداقة ولا عداوة دائمة، وتتغير التحالفات حسب تغير الأوضاع ، فتصبح السياسة المغربية مهيأ لكل الاحتمالات».
وبالتالي فإنها سياسة مقيمة فوق الاحتمالات دائما.
ومن علوم الاحتمال أن الف شيء يمكن أن يقع ضد كل احتمال.. .. وسيييييييييييير الضِّيم!

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

*

كسر الخاطر * من قال إن أرسطو مغربي؟ *عبد الحميد جماهري

  • السبت 17 اكتوبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…