من المؤكد أن المشهد السياسي المغربي، في حاجة، بعد تشكيل مجلس المستشارين، وبعد انتخاب رئيسه، بالإضافة إلى ما سبقه من تحالفات على مختلف المستويات، إلى تحليل جديد لخارطته، وتكتلاته الممكنة، بعد كل التناقضات التي اخترقت الأغلبية والمعارضة.
غير أن السؤال الذي سيطرح بقوة الآن، هو على أي أساس ستعقد التحالفات، هل على التقارب الإيديولوجي، أم على التقارب السياسي؟ هل يمكن لقوى متنافرة إيديولوجيا، تجاهل خلافاتها الفكرية، والتفاهم فقط على مواقف وبرامج سياسية؟ ألا تظل مع ذلك الخلفية الإيديولوجية ثاوية و منتصبة، خلف الستار، قد تهدد هذا التحالف بالانفجار، في كل لحظة؟
ثم هل يمكن اختزال التحالفات السياسية، في المواقف الظرفية والبرامج الآنية، والمشاريع المحدودة المدى، دون أن يشكل التوجه الفكري، الإستراتيجي، لحمتها القوية؟
من خلال ما يحصل في الساحة السياسية المغربية، هناك حاجة إلى الوضوح السياسي والإيديولوجي، وإلى مجهودات تبذل من قبل الأحزاب، لتعميق النقاش حول توجهاتها الإيديولوجية، في منظورها لشكل الدولة وللمجتمع ولمنظومة القيم وللفكر الديني، وغيرها من القضايا الكبرى، التي لا يمكن تجاهل أبعادها الثقافية في صياغة المواقف السياسية.
لا بد من الفصل الواضح ورسم الحدود، على المستوى الفكري والثقافي، حتى يتبين الفرق بين اليمين واليسار وبين الليبرالي و الاشتراكي والديني والمدني، وما هي نقاط الالتقاء ونقاط الخلاف، وكيف يمكن التوفيق بينها، وعلى أي أساس؟
بالإضافة إلى ذلك، من اللازم الفصل الواضح في الموقف من الديمقراطية وشكل الدولة، والمشروع المجتمعي، وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، والحريات الجماعية والفردية… وكذلك الموقف من نظام الريع والفساد والزبونية والمحسوبية، والعلاقة بالسلطة وسيادة القانون واحترام استقلالية القضاء ونزاهة الانتخابات… هذه قضايا كبرى، ينبغي أن يتعمق النقاش فيها، لأنها تساعد على تشكيل تحالفات جدية، وعلى البحث عن إمكانات التوافق، لكن بكل الشفافية الضرورية.
غير هذا سيظل المشهد السياسي المغربي، غامضا على مستوى الوضوح السياسي والفكري، الرؤية فيه ضبابية، كمستنقع آسن، تطفو على سطحه الطحالب، ماؤه غير صاف، لا يمكن للمجتمع أن يرى ما في أعماقه ما هو أفضل من الطحالب.
*بالفصيــح * مستنقع وطحالب * يونس مجاهد
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الجمعة 16 اكتوبر 2015