من بين التبريرات التي يقدمها المدافعون عما حصل في الاستحقاقات الأخيرة من تفشي الغش والرشوة، أن جزءا هاما من الشعب، هو الذي يطلب ذلك، ويشجع عليه، وأن هناك ناخبين لايمكنهم التصويت دون مقابل. حسب هذا المنطق إذن، من الطبيعي استعمال المال لشراء الذمم، خاصة أن حزب العدالة والتنمية، يستعمل نفس المنهج، بوسائلَ أخرى.
وهم بذلك، يحاولون إضفاء الشرعية على كل الممارسات المخالفة للقانون، بحجة “فساد جزء من الشعب”. فهل هذا المنطق سليم؟ ومن يتحمل المسؤولية فعلا؟
في البداية، لابد من التأكيد أن الشعب بريء من التزوير والغش، وأن المسؤول الأولَ : السلطاتُ العمومية، التي من المفترض أن شرعية وجودها هي الحرص على تطبيق القانون، والتي كان عليها ردع هذه الممارسات، ووضع حد لها. كان هذا كفيلا بإيقاف الغش في المهد.
المسؤول الثاني، هي الأحزاب التي تعرض الأموال، في وضع شبيه بسوق النخاسة، حيث يرتفع ثمن الصوت، أو ينخفض، حسب درجة المقعد المتبارَى عليه، وحسب العرض والطلب، وحسب المناطق.
المسؤول الثالث، هو الذي يلتمس تبريرات شتى لهذه الممارسات المُهينة للشعب، والتي تتساوى فيها الرشوة “الحرام” بالرشوة “الحلال”: الأولى تقدم بشكل سافر، أيام الحملة الانتخابية، ويوم الاقتراع، بتواطُؤ فاضح من طرف السلطات، والثانية تقدَّم طيلة السنة، على شكل إعانات، سواء خلال الانتخابات أو خارجها.
النتيجة واحدة، هي الاستهانة بفئات واسعة من الشعب، الذي يعاني من الفقر والتهميش والبطالة، بسبب سياسة إغناء الغني وإفقار الفقير، في إطار دولة الزبونية والمحسوبية، التي لم تعمل إلا على تعميق الفوارق الطبقية، وتركيز الثروات في أيادي عائلات وفئات محدودة جدا.
هذه الفئات، التي تتعرض “للإهانة الانتخابية”، هي الضحية الأولى، لفساد الهيئات المنتخبة، وبحكم القهر الاجتماعي الذي تعيشه، والتسلط الذي يمارس عليها يوميا، تقف مكتوفة الأيدي، لكنها تحتقر في قرارة نفسها كل هؤلاء، لأنها تريد الكرامة، وليس الإذلال.
وفي جميع الأحوال، فإن استغلال حاجة الناس، لقضاء مآرب انتخابية، يظل وصمة عار في جبين ما يسمى في المغرب الانتقال أو البناء الديمقراطي، الذي يظل لحد الآن سرابا.
- عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
- بالفصيح * يونس مجاهد
- الثلاثاء 12 اكتوبر 2015