من الراجح أن رئاسة مجلس المستشارين، ستؤول إلى أحد أحزاب المعارضة، خاصة وأن هناك حزبين منها تصدرا النتائج، بالإضافة إلى أن الاجتماع الذي عقدته الأغلبية لتدارس هذا الموضوع، لم يؤد إلى أي نتيجة، وتم الاتفاق على تأجيل البتّ فيه، إلى أن «تتضح الأمور» ويصدر التوجيه.
يبدو أن الأمور اتضحت، أكثر من اللازم، فقد اتخذت الحكومة موقفها، وأصدرت توجيهها، عندما تم الإعلان عن أسماء متهمين باستعمال الأموال في انتخابات مجلس المستشارين، تضمنت عددا كبيرا من منتمين للحزب الذي فاز بالمرتبة الأولى، وجرى التشهير بها في وسائل الإعلام العمومية، في تناقض تام مع مبدأ قرينة البراءة، هي الأصل.
الأمر في يد القضاء، وهو الذي سيحسم في التهم، إذ لاحق لأحد أن يتدخل في اختصاصاته وصلاحياته، لأن من مقومات دولة الحق والقانون، احترام السلطة القضائية. غير أن هذا لا يمنع من مناقشة ملابسات الموضوع.
من حقنا أن نتساءل عن توقيت هذه المتابعة والإعلان عنها، وربطها بالانتخابات التي سيشهدها –قريبا- مجلس المستشارين لاختيار رئيسه، أليس هناك تأثير من خلال نشر اللائحة على موازين القُوى، لضرب جهة معينة، مقابل ترجيح كفة جهة أخرى؟
لقد كنا من أول المطالبين بإعمال القانون ضد كل المتاجرين في العمليات الانتخابية، خلال المسلسل برمته،والذي فتح فيه سوق السمسرة على مصراعيه، وعرف استعمال الأموال بشكل رهيب، بدءا من انتخابات الغرف المهنية، مرورا بالانتخابات الجماعية والجهوية، انتهاء بانتخابات مجلس المستشارين.
لكن أن يتم انتقاء بعض الأهداف، لخدمة أجندة سياسية معينة، فهذا يضرب في الصميم دولة الحق والقانون. و يكفي أن نقارن بين عدد المستشارين الجماعيين والجهويين، في بعض الأحزاب، مثلا، وما حصلوا عليه في مجلس المستشارين، حتى يتوضّح أن الأمر ليس عاديا، وأن الأرقام لاتطابق بعضها.
نخشى أن تكون آلة التحكم، قد عادت بقوة للمشهد السياسي المغربي، لتحرق الأخضر واليابس، ولتواصل إخراج نفس الكوابيس، التي عاشها المغاربة، في المسلسل الانتخابي الأخير، حيث كانت الأموال تتدفق بشكل لم يسبق له مثيل، فضلا عن أساليب الترهيب والترغيب، وعدم حياد السلطة، من أجل رسم خريطة سياسية مخدومة، كما كان يحصل الأمر في زمن سيادة أم الوزارات.
*
بالفصيــح * العدالة الانتقائية *يونس مجاهد عن جريدة الاتحاد الاشتراكي الجمعة 9 اكتوبر 2015 |