شعور واسع لدى اليسار والمنتسبين إليه، من ضياع الموعد الوطني مع الانتخابات الجماعية والجهوية لرابع شتنبر والتي وصلت نهاية حلقاتها إلى الانتخابات الخاصة بالغرفة الثانية.
وهو شعور، تقاطعت فيه مكوناته، من مختلف مواقعها السياسية، معارضة أو حكومة .. من الاشخاص إلى الهيآت، وتنوعت فيه الأشكال المختارة للتعبير عنه : من الندوة الى التصريح مرورا بالمقالات والمواقف الفردية.
هناك المواقف التي تم إعلانها منذ اليوم الموالي للانتخابات، و المواقف التي انتظرت استكمال النتائج، وبعض تلك المواقف ذهبت إلى أبعد في الاستيناد على مواقف الحكومة والحزب الذي يقودها ..
اليسار يعتبر في المحصلة، أن هناك فسادا انتخابيا من صميم العملية نفسها أو هو محصلة منطقية من صميم طبيعة الدولة.. أي أن التنافس الانتخابي ما هو إلا شكل من أشكال السلطوية التي تجدد نفسها بالاقتراعات، أو أنها في أحسن الاحوال حامض نووي adn سياسي مرتبط بالعملية نفسها..
ففي الندوة التي نظـمتها قيادة الاتحاد كان موقف الرد على الانتخابات هو »رفض كلي للنتائج المترتبة عن هذا المسلسل المغشوش«،و عدم الاعتراف بها، والعمل على » فضح هذه المهزلة«.
بل ذهبت قيادة الاتحاد الى ما هو أبعد في الإحالة على العهد السابق ووضع تواز بين الماضي والحاضر. و»التذكير بأن مثل هذه الممارسات ليست جديدة في المغرب، بل سبق أن عاشها الحزب، في سنوات الرصاص وماتلاها«… فيدرالية اليسار أصدرت بدورها بيانا في اليوم الموالي للرابع من شتنبر ، وقد جاء فيه ،بالحرف موقف يحيل على ثقافة التنديد المعروفة عند هذه القوى، بل وإحالة على أصل الموقف من التدبير السياسي للانتخابات … وفي ذلك »عممت الهيئة التنفيذية للفيدرالية ، المشكلة من أحزاب الاشتراكي الموحد والطليعة والمؤتمر الاتحادي، بيانا في شأن انتخابات 4 شتنبر 2015، اعتبرت فيه » أن ما شاب الانتخابات من فساد وخروقات هو تأكيد لاستمرار غياب أي رغبة رسمية في احترام إرادة الشعب المغربي، وحملت المسؤولية في ذلك للنظام السياسي وحكومته«.
وقد التقت تحليلات اليسار والاتحاد في وجود خروقات شملت كافة عمليات المسلسل الانتخابي، من التسجيل في اللوائح الى المشاركة في التصويت، مرورا باستعمال المال والعجز المتعمد في وضع حد لتلك الخروقات.
واعتبر أحد قادة الطليعة اليزيد البركة أن هناك »انتكاسة خطيرة للتطور الديموقراطي وظهور ملامح مجلس النواب المقبل من خلال ما جرى في انتخابات مجلس المستشارين وهي ملامح بعيدة حتى أن تكون ملامح طبقة بورجوازية..».
ونجد في تحليلات اليسار المتقاطعة وجود خيط ناظم يعتبر أن ما نحن بصدد التوجه إليه هو «الأزمة السياسية التي ستطل برأسها قريبا«.
وكان لافتا أن اليزيد البركة قد أشار في مدونته بالفايسبوك أن » عدم اعتراف الاتحاد الاشتراكي بنتائج الانتخابات الأخيرة هو موقف سياسي لا يجب الاستهانة به يحتاج إلى التطوير لكي يجيب على الأسئلة العملية ولكن هو موقف مهم ومن الضروري أن تناقش كل القوى اليسارية وكل الديمقراطيين كيفية الخروج من المأزق السياسي الذي أدت إليه السياسة الفجة للدولة ورجعت بالتطور الديمقراطي خطوات إلى الوراء..«.
ومن المهم أن اليسار الموجود في التحالف الحكومي، التقدم والاشتراكية كان سندا قويا في مرافعة المعارضة ، من خارج الدائرة الحكومية.، بما قدمه من توصيف بلغ حد التجريح في النتائج الانتخابية.
فقد صرح الامين العام للحزب والوزير في الحكومة نبيل بن عبد الله ما يفيد بأن أزيد من 70 % من المستشارين المنتخبين استعملوا المال الحرام، وهو ما يعني أن المؤسسة مشكوك في مصداقيتها ولا يمكن أن تعتبر مؤسسة ذات مردودية ديموقراطية…
ما الذي يمكن أن يعنيه كل ما سبق؟.
هناك تحولات،لا يمكن أن تضيع وسط الحماس الانتخابي وتفاصيل الاقتراعات، وهي تمس رؤية الجزء الاكبر من اليسارللعملية برمتها وتقديمه لقراءة بديلة، حتى عن ما كان يقدمه هو نفسه لمسلسل» الايجاب« الانتخابي وما تولد عنه من مضامين إديولوجية وسياسية، عابرة أو بنيوية!
ويعني ذلك أننا نغير الافكار والعقول التي تنتجها لكي نقوى على قراءة جديدة.. ولنا أن نبدأ من تحديد أننا أمام مسلسل قَوَّى اليمين،
بكل أنواعه.. البري والبحري والجوي!
ومن مبدأ الياري، أنه كلما رفعنا سقف المطالب ، رفعنا معها سقف النقاش، وأن تقوية الذات تفرض، مقابلا موضوعيا لمواجهة القوى المستقوية بالاقتراع، ولهذا لا يعفي اليسار نفسه من قوة موقفه الذاتي لكي يسير نحو الرد، يعني توجيه نفس النظرة النقدية الفارزة إلى الشرط الذاتي ..
وهذه نقطة أخرى في جدول الأعمال.
- عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
- الجمعة 9 اكتوبر 2015