هناك محطات أساسية، من الضروري، أن نقف عندها لتقييم الحصيلة السياسية الشاملة لما بعد الإصلاح الدستوري، وخاصة للخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011، والذي تم الإعلان فيه عن حزمة من الإصلاحات، هدفها، حسب منطوق الخطاب نفسه، تقويم الاختلالات وإعطاء دفعة قوية لدينامية الإصلاح العميق، جوهرها منظومة دستورية ديمقراطية.
من أهم هذه المحطات، المسلسل الذي أدى في نهاية المطاف إلى «انتخاب» مجلس المستشارين، والذي من الممكن أن يتم إخضاعه للتقييم، على ضوء ما حدث فيه، على مختلف المستويات.
المستوى الأول، هو حول المنظومة الديمقراطية. فهل نحن أمام انتخابات نزيهة، يمكن أن تؤدي إلى تشكيل هذه المنظومة؟ كل المعطيات والمؤشرات تؤكد أن الأمر يتعلق بانتخابات مغشوشة ومزورة، لذلك فكل ما ينتج عنها، فهو فاسد.
المستوى الثاني، يتعلق بما جاء في الخطاب المذكور، من الالتزام ببرلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، فهل نحن في حالة نتائج مجلس المستشارين، أمام نجاح هذا الالتزام؟ الجواب قدمته شهادات من المعارضة والأغلبية، والتي اعتبرت أن المسلسل عرف عمليات بيع وشراء فاضحة. إذ أن الغرفة الثانية في البرلمان، فاقدة للمصداقية، لأن ما بني على باطل فهو باطل.
لقد ظهر بشكل واضح، من خلال نتائج المسلسل الانتخابي، الذي عرفه المغرب، في الشهور الأخيرة، أن تراجعا كبيرا حصل في هذه الالتزامات، التي كان من المفترض للحكومة أن تحرص عليها، مما يضع مشروع الإصلاح الدستوري، برمته أمام مختبر الإصلاح السياسي.
من السهولة بمكان أن نعلن ونعتمد إصلاحات دستورية، في خضم التوترات التي عرفتها الأوضاع، كما حصل في المغرب، مع ما سمي بالربيع العربي، الذي شهدته المنطقة، غير أن تكريس الإصلاحات في أرض الواقع، يتطلب برنامجا سياسيا للبناء الديمقراطي، من أجل إنتاج المؤسسات التي تلقى على عاتقها مهمة إنجاز هذه الإصلاحات.
التطورات التي رافقت المسلسل الانتخابي، لإعادة هيكلة وانتخاب مجلس المستشارين، أثبت بما لايدع مجالا للشك، أن الإصلاح الدستوري، يتعرض لعملية إفراغ من المحتوى، وأن المغرب، عاد إلى ما قبل 2011، بل إلى ماقبل حكومة التناوب.
*
بالفصيــح * ما بني على باطل* بقلم يونس مجاهد
|