على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعت الولايات المتحدة الأمريكية، إلى قمة دولية لمحاربة الإرهاب، في محاولة جديدة لاستمرار هيمنتها على هذا الملف، وإدارته بالشكل الذي يمكنها من خدمة مخططاتها، خاصة بعد أن أعلنت روسيا عن قرارها بالتدخل العسكري ضد تنظيم «داعش»، في سوريا، ودعوتها لتحالف أوسع ضد الإرهاب، يضم دولا أخرى مثل إيران.
فكيف توظف الولايات المتحدة هذا الملف، وما هو مفهومها للإرهاب؟
بعد أحداث 11 شتنبر 2001، أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، الحرب على العراق، متهما هذا البلد بتحريك خيوط الإرهاب، رغم أن الجميع يعرف أن نظام البعث، بريء من هذه التهمة، وأن هذا البلد كان مستهدفا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، قبل هذه الأحداث، بحجة تصنيعه لأسلحة الدمار الشامل.
و بينت المعطيات بعد ذلك، كذب الدعاية الأمريكية، حيث لاوجود لأية تنظيمات إرهابية ولا لأسلحة الدمار الشامل، في العراق، باعتراف مسؤولين أمريكيين، سابقين. بل إن من زرع الإرهاب هو الاحتلال الأمريكي، بعدة وسائل، في مؤامرة شاملة بدأت بتفكيك أجهزة الدولة والجيش، لتفتح الباب للميليشيات والعصابات، وصولا إلى «داعش». ونفس العملية تكررت بشكل آخر في سوريا وليبيا…
بالإضافة إلى توظيف مكافحة الإرهاب، من طرف الإدارة الأمريكية، لخدمة مخططاتها، هناك مسألة أكثر أهمية، وتتمثل في التصنيفات التي تضعها هذه الإدارة لمن هو «الإرهابي». فحزب العمال الكردستاني، الذي يناضل من أجل وطن للأكراد، يعتبر تنظيما إرهابيا، لدى هذه الإدارة، لأن تركيا حليف كبير في المنطقة.
وفي الوقت الذي يلاحق الرئيس السوداني، عمر البشير، دوليا بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، يستقبل رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين ناتانياهو في البيت الأبيض، المجرم الذي أشرف على قتل المدنيين، في فلسطين، من بينهم مئات الأطفال. ورغم ذلك يضاعف أوباما الدعم المالي والعسكري لإسرائيل.
لذلك فمفهوم «الإرهاب»، يظل متحركا في تعريف الإدارة الأمريكية، إذ يوظف حسب المنفعة، حيث يمكن لحزب لله، أن ينتقل بسهولة، من خانة المنظمات الإرهابية، إلى تصنيف آخر، بمجرد ما يحصل تطبيع في العلاقات الأمريكية-الإيرانية.
ولا يخرج الاجتماع الدولي، المنظم في نيويورك، عن هذا التوظيف. أما المحاربة الحقيقية للإرهاب، فتبدأ بالقضاء على أسبابه العميقة، ومن أهمها رفع يد الولايات المتحدة عن المنطقة، وتغيير سياستها التي لم ينتج عنها، لحد الآن، إلا تقدم المنظمات الإرهابية، فحيثما هناك تدخل أمريكي، مباشر أو غير مباشر، إلا ويزرع الإرهاب.

  • عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
  • الخميس 1 شتنبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…