*بقلم ..عبد اللطيف بن الشيخ
الماء والخضرة والوجه الحسن.ادار وامان .جمعت بين الجبل الصخري الصلب والغابة الوديعة والمغارات المستوحشة والماء المتدفق منها يتغنى بالسواقي الصغيرة،المحادية لضفاف الواد.
على بعد من 30 كلمتر فقط من تارودانت في الاتجاه الجنوبي طريق اصادص مرورا باضوار ،تقبع البلدة الصغيرة ادارومان ،كتلة من الصخور الوعرة، تتنوع وتأخذ أشكالا وألوانا في كل جزء وشبر.وعلى أعتاب الجبل امتداد اخضر يكمل استوحاش هذه الصخور بشكل متناقض.تدفع بانطباع الهدوء والسكينة ،الأفق الاخضر القابع تحت الجبل الصخري يغمر الزائر بشعور ساحر.خلف هذا الهدوء يتأصل هدوء اكبر على مستوى النشاط الاقتصادي الراكض،والبطالة القاتلة التي دفعت بأبناء المنطقة للهجرة إلى المدن الكبرى بالإضافة إلى مدينة هوارة وتارودانت بحثا عن عمل يضمن القليل من الكرامة .
فرغم وجود معدن الرخام بوفرة في هذه الجبال والتي تم استغلالها لبناء مسجد الحسن الثاني بالبيضاء .لم يستطع هذا المعطى الهام كثروة طبيعية أن يقوم بإقلاع اقتصادي محلي .حيث ما تبقى من هذا العمل هو تلة صخرية بيضاء تقبع على سطحها بعض بنايات غير متناسقة ومتهدمة في أجزاء منها.كانت سابقا مقلع رخام.
في ظل هذه الظروف توصلت التنسيقية الإقليمية لإقرار المواطنة الحقيقة بدعوة من جمعية العهد الجديد .زارت على أثرها التنسيقية قرية ادار ومان الجميلة.وعلى وقع الترحاب المعهود على ساكنة المنطقة، انبنى نقاش موسع تطرق إلى الخصاص المهول في البنى التحتية خاصة غياب تام لشبكة الطرق المعبدة .وغياب المرافق الضرورية كالمستوصف الصحي اللهم مدرسة ادار ومان تفتقر للماء الصالح للشرب . ولا تستوعب اطفال الدواوير الثلاث،مما يعكس بشكل واضح ان أخر شيء يمكن للمسؤولين التفكير فيه هي الطفولة ،مادام الآباء انفسهم مهمشون ومقصيون من استغلال خيرات البلاد.فالمدرسة نفسها تحتوي على قسمين فقط وغرفة مطعم لم يدق خبزه الأطفال قط.مطعم بلا مأكل.
لأجل تمدرس شباب المستقبل من الأطفال قامت جمعية العهد الجديد بشراكة مع الجمعية البلجيكية بجلب سيارة النقل المدرسي لتمكين الأطفال من الدراسة بمدرسة باضوار.وبدعم من التنسيقية قبل اعتقال رئيسها ،وبتنسيق مع المصالح بالعمالة تمكنت الجمعية من الحصول على إعفاء جمركي خاص بالسيارة.إلا أن السيارة بقيت رهينة البطالة وأبت إلا أن تشارك شباب المنطقة محنة الجمود.حيث لازالت الجمعية تجوب مكاتب الإدارات لاستكمال إجراءات الاستغلال خاصة وان الدخول المدرسي قد بدأ منذ مدة وأطفال ثلاث دواوير 48 تلميذا لازالوا قابعين بمنازلهم يترقبون حلا لاستغلال السيارة .
فمسؤولي القرية لم يرقوا بعد لإدراك حجم مؤهلات ادار ومان الاقتصادية والسياحية.لأجل إقلاع اقتصادي واجتماعي معا.فازدياد معدل البطالة يجب أن يكون رهانا سياسيا في فكر المسؤولين .والتعليم يجب أن يكون حاجة ضرورية كالفرض في الدين.فمحدودية الإجراءات لمواجهة المعضلة وهذه الاكراهات المحلية والتي لا تسعف أي تطوير على جميع المستويات،وتغييب معطى الإرادة لوحده قد يجعل البلاد تسقط في فخ اكبر مما هي عليه الآن من جمود ونكسة.قد نتفهم حجم الاكراهات وصعوفة الإقلاع ان لم يكن للبلاد مؤهلات اقتصادية.ولكن غياب عنصر الثقة في المستقبل وما تختزله هذه المنطقة من عناصر مساعدة هو الإشكال الثاني بعد غياب الإرادة.
إن الإرادة الحقيقية يجب أن تقوم على تثمين الرأسمال البشري المهم والتي يشكل اكبر استثمار بالمغرب.فالمنطقة تزخر بمناطق جدب سياحي يتبقى فقط العناية بها وتأهيلها لخلق منطقة سياحية تغوي الزوار من السياح الأجانب والمحليين.المغارات المائية الجميلة،الغابة الخضراء طيلة السنة،الجبال الوعرة،الصخور المتنوعة.وفي جواب على سؤالنا حول دور المجتمع المدني في فرض سياسة إنمائية تستطيع استغلال المؤهلات الطبيعية المحلية:””نحتاج فعلا ذلك،ولكن نجهل كيف نقوم بذلك.نحتاج لمن يقوم على تكويننا،نملك العنصر البشري والارادة معا””” هكذا اجاب سي الحسين رئيس الجمعية
لذلك اخذت التنسيقية الاقليمية على عاتقها منذ هذه اللحظة ،متابعة إجراءات استغلال سيارة النقل المدرسي البلجيكية،وخلق جسر تواصل مع الإدارات المعنية بالصناديق التنموية للاستفادة من اليد البشرية المؤهلة في المنطقة في مشاريع ذاتية سياحية كدور الإيواء السياحية والممرات المؤدية لمناطق الجدب السياحي.مما من شانه التعريف بادارومان كوجهة سياحية وانقاد الشباب العاطل والحد من الهجرة القروية التي تستنزف العنصر البشري بهذه البلاد وتغير ثقافته الاصيلية.فالبرامج الاجتماعية متنوعة تجمع الفلاحي بالسياحي ..الخ.(برنامج المخطط الأخضر.برنامج أخر يعنى بالسياحة..).
لذلك نوجه دعوة انقاد للجماعة المحلية وعمالة إقليم تارودانت والمجلس الإقليمي ومندوبية السياحة ومكتب الاستثمار الجهوي بعمالة تارودانت وجميع الجهات المعنية التدخل العاجل عن طريق مقاربة شمولية تشاركية الى جانب هيئات المجتمع المدني بادار وامان.لأجل النهوض بالعنصر البشري والمادي والاجتماعي والاقتصادي لما فيه مصلحة للوطن بشكل عام.