الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقف على العملية الانتخابية ليوم الرابع من شهر شتنبر الجاري، وتطالب كافة السلطات المعنية بإعمال القانون بشأن الإخلالات التي شابتها.
تماشيا مع العمل الذي تنهض به الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في مجال متابعة ومراقبة سير العمليات الانتخابية والاستشارات الوطنية ( استفتاءات، انتخابات تشريعية، انتخابات جماعية وجهوية، انتخابات مهنية…)، الذي يندرج في إطار قيامها بواجبها في حماية ممارسة المواطنين والمواطنات لحقوقهم المدنية والسياسية، المكفولة بموجب الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وأساسا منها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمنصوص عليها في مقتضيات الدستور المغربي، وفي مدونة الانتخابات؛ وسعيا منها إلى بلوغ النتائج المرجوة من هذه العملية، دأبت الجمعية على المزاوجة بين أسلوبين في عملية المتابعة والمراقبة:
الأول: الاشتغال المشترك مع مختلف المكونات الحقوقية والمدنية، من خلال النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات، الذي أصدر بتاريخ 07 شتنبر 2015، تقريرا أوليا ضمنه ملاحظاته حول المسلسل الانتخابي، للرابع من شتنبر 2015، وأهم توصياته، في انتظار إصدار التقرير النهائي حول مجريات الرصد الذي قام به ملاحظوه وملاحظاته.
الثاني: إصدار بيان أو تقرير عن حصيلة المتابعة، يتم الاعتماد فيه على ملاحظة الإطار العام الذي يجري فيه التحضير للانتخابات؛ كما يستقي معطياته من عمل فروع الجمعية في الرصد الميداني لأطوار العملية الانتخابية برمتها، مع الاستئناس بما تنشره الصحف والجرائد، ومختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية.
وعلى ضوء التقارير المتوصل بها من طرف فروع الجمعية ومسؤوليها، وما تداولته العديد من وسائل الإعلام، فقد وقفت الجمعية على ما يلي:
1- انفراد الحكومة بتمرير قوانين انتخابية، بعيدا عن أية مشاركة للمنظمات غير الحكومية، وأساسا منها تلك التي تشتغل في مجال حقوق الإنسان.
2- عدم مراجعة اللوائح الانتخابية، المعتمدة في الانتخابات الجماعية والجهوية للرابع من شتنبر 2015، رغم المطالبات الملحة للمنظمات غير الحكومية، والعديد من الهيئات السياسية بضرورة المراجعة الشاملة لها.
3- رفض إسناد مسألة الإشراف على الانتخابات إلى طرف هيئة مستقلة، عوض إشراف وزارة الداخلية، رغم أنه يعد مطلبا ملحا لا محيد عنه لتوفير الشروط الفعلية لنزاهة الانتخابات.
4- حصول جملة من الخروقات، سواء إبان التسجيل في اللوائح الانتخابية، أو عند تمديد أجل التسجيل، أو أثناء عملية التصويت؛ حيث حرم العديد من المسجلين والمسجلات من الترشح أو الإدلاء بأصواتهم.
5- إجماع جل المتتبعين لمجريات انتخابات الرابع من شتنبر 2015، من خلال ما عاينه المواطنون والمواطنات، وما نشرته مختلف وسائل الإعلام، على غياب الأجواء السليمة؛ سواء قبل، أو أثناء أو خلال يوم الاقتراع، وعلى شيوع مظاهر العنف والقذف والتخريب وتسخير البلطجية ، واللجوء لاستعمال المال ومختلف وسائل الإغراء، لاستمالة الناخبات والناخبين وشراء أصواتهم؛ وهو الأمر الذي تؤكده الاتهامات المتبادلة بين المترشحين من مختلف الهيئات السياسية المشاركة في الانتخابات، والشكايات والطعون، التي تقدموا بها أمام السلطات الأمنية أو المحلية أو القضائية.
6- استمرار الإفلات من العقاب في التصدي لكل مظاهر الفساد، التي رافقت العملية الانتخابية برمتها؛ عبر التغاضي عن تنامي البناء العشوائي، وانطلاق أشغال مشاريع مع بدء الحملة الانتخابية، وتمكين عدد من الجمعيات من منح الجماعات المحلية للدعاية لمرشحين معينين، واستغلال الفقر والحاجة لدى فئات هشة – من الشباب العاطل والنساء والأطفال- وتوظيفها مقابل أجر مادي للقيام بحملة انتخابية لبرامج يجهلون مضمونها ومحتواها؛ ومن خلال التساهل مع عدد من المظاهر المهددة لأمن وراحة وطمأنينة المواطنين والمواطنات(تهديد الذين ينتقدون الأشخاص أو البرامج من خلال أشخاص مستأجرين ذوي سوابق، إلصاق المنشورات بجدران المنازل والدكاكين، وعلى هياكل السيارات رغم وجود أمكنة معدة لذلك، استعمال منبهات السيارات وإحداث الضجيج حتى ساعات متأخرة من الليل، بعث رسالات نصية عبر الهاتف لبعض المواطنين…).
7- الإجهاز على حرية الرأي والتعبير، فيما يخص الرأي الداعي لمقاطعة الانتخابات، من خلال الاعتقالات والتعسفات التي مست أطر وأعضاء حزب النهج الديمقراطي، ونشطاء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين وحركة 20 فبراير، بعدد من مناطق المغرب، مع القيام بمصادرة منشوراتهم، وحرمانهم من استعمال وسائل الإعلام العمومية لشرح موقفهم للرأي العام.
8- عدم توفير الشروط الكفيلة بتسهيل مشاركة المواطنين والمواطنات ذوي الإعاقة في الانتخابات.
9- التدخل المفضوح لبعض رجالات وأعوان السلطة للدعاية لمرشحين معينين؛ وهو ما حرك السلطات لتوقيف بعضهم، دون وقف ذلك نهائيا.
10- الحياد السلبي للسلطات المعنية في التعاطي مع عدد من التجاوزات، المتمثلة في استغلال الدين واستخدام المساجد في الدعاية للمرشحين، وتوظيف بعض المرشحين لسيارات ومقرات وممتلكات الدولة في دعاياتهم، أثناء الحملة الانتخابية، في انتهاك سافر للقوانين المنظمة للانتخابات.
11- عدم فتح وزارة العدل والحريات لتحقيقات، في شأن الاتهامات المتبادلة باختلاس المال العام وتبذيره، والاتجار بالمخدرات، والمحسوبية والزبونية…
12- استخدام الأطفال والقاصرين في الحملة الانتخابية، دون أدنى وازع أخلاقي أو قانوني.
13- وقوف السلطات موقف المتفرج من الخروقات المرتكبة أثناء تشكيل مكاتب الجماعات والجهات؛ من اختطاف للمستشارين وشراء للذمم، وتدخلها لفرض بعض الأسماء.
إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبناء على ما تقدم، فإنه إذ يقف عند الإخلالات الواسعة التي شابت الانتخابات الجماعية والجهوية، ليوم 04 شتنبر2015، فإنه يوصي بالتالي:
أولا، ضرورة احترام الدولة المغربية لالتزاماتها الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان، حتى لا تظل طرفا يشارك في إفقاد الانتخابات لمعايير السلامة والنزاهة؛ وذلك بوضع الأسس الدستورية والقانونية اللازمة لتشييد دولة الحق والقانون.
ثانيا، القطع النهائي مع إشراف وزارة الداخلية على الانتخابات، وتكليف هيئة مستقلة للقيام بذلك.
ثالثا، المراجعة الشاملة للوائح الانتخابية، باعتماد البطاقة الوطنية في التسجيل والتصويت.
رابعا، ضرورة النص، بصريح العبارة، في القوانين المنظمة للانتخابات على حق جميع المكونات المجتمعية في استعمال وسائل الإعلام، وفي الاستفادة من الدعم العمومي دون أي تمييز.
خامسا، العمل على وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب، وفرض سيادة القانون على الجميع دون أي تمييز، حتى لا تتكرر المهازل التي تشهدها الانتخابات، لكونها تضرب في الصميم مصداقيتها وتمس بسلامتها.
المكتب المركزي
الرباط في :12 شتنبر 2015